حيرة حكومة اقليم كوردستان بين انقرة و بغداد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4725 - #19-02-2015# - 18:42
المحور: القضية الكردية
بعد فشل المباحثات الاخيرة بين العبادي و البارزاني حول ارسال حصة اقليم كوردستان من ميزانية العراق، توجه السيد نيجيرفان البارزاني الى انقرة، عسى و لعل يجد ما يحل به و لو مؤقتا الازمة المالية التي تعصف بالاقليم و و النقص في السيولة التي وقف امام حتى توفير رواتب الموظفين، في الوقت الذي اعلن نيجيرفان في بغداد بعد اجتماعاته مع العبادي ان الحكومة العراقية مفلسة، على الرغم من انها و على العكس من الاقليم، انها توفر ليس رواتب موظفي العراق و انما حتى الذين يعيشون تحت سيطرة و امرة دولة الخلافة ايضا .
المشكلة التي يعاني منها الجميع سواء في بغداد ام اربيل، انها فقدان الثقة مهما كانت هناك نوايا صحية من قبل الطرفين، فبغداد ليست حريصة على موظفي اقليم كما تحرص على ابناءها، نتيجة الوضع الحالي و ما فيه الحكومة العراقية نتيجة انبثاقها من المحاصصة و الطائفية و العرقية لكونها انبثقت من قبل احزاب الاسلام السياسي المذهبي . انهم اثبتوا ليسوا حكومة العراق جميعا على قدر من احساسهم بالمسؤلية الكبرى تجاه مذهبهم و جماعاتهم و احزابهم على العكس مما يعلنون . و حكومة الاقليم من جانبها، حارت بين من تؤمن بانها توفر لها الامان و الضمان و من يغشها في وضح النهار، و كونها حكومة ليست لديها الخبرة و العمق المطلوب، فانها ربما تقع فريسة الثقل الذي يتمتع بها الدول في المنطقة و يسغتلونها لاغراض و اهداف خاصة بهم على حساب مصالح الشعب الكوردستاني المغبون .
المشكلة محصورة في تصدير النفط الخام من قبل الاقليم و حقوقه و احقيته في ذلك، و كيفية توفير الواردات المطلوبة لتسيير امور حكومته الفتية و الدستور و حكومة المركز غير المتفهم للامر . انها الحكومة التي لا سند لها و عمق، تتكيء على مصالح الاخرين، فالمركز العراقي ليس لديه ما يؤشر على انه يؤمن بالديموقراطية مسندا للسلطة و لا يمتلك النية للتفاهم مع من له الحق في تقرير مصيره . من جانبها حكومة الاقليم، تراكمت امامها الاخطاء الداخلية و المحسوبية و المنسوبية في الحكم و سيطرة مصالح الاحزاب على امور الحكومة، فانها هشة الاسس و متواضعة القوة و قليلة الامكانية من كافة النواحي . و انها حائرة اليوم بين جشع الجوانب التي تتعامل معها داخليا و خارجيا اي مع المركز العراقي و الجوار التركي و الايراني الذين لا ينظرون الى ما يهم اقليم و شعبه .
اليوم وصلت حكومة اقليم كوردستان الى مفترق طرق و فرض عليه الاختيار، اما التعاون التام و الخضوع للمركز العراقي بكل شروطه او التوجه نحو انقرة بشكل تام و التسليم بكل ما تمليه عليها من الشروط .
فان اختار حكومة الاقليم اي من الطريقين فان لهما مخاطرهما الجمة، العراق و مركزيته يعيد الاقليم الى المربع الاول . الانقرة و حكومتها المصلحية ستفرض ما تمهمها و ليس ما يهم الكورد، و ما يفرز هذا الكثير من السلبيات . الخارطة الجديدة للمنطقة يمكن ان تتاثر ايضا بما يتحرك اقليم كوردستان و يقر بما يسير عليه، فهناك خطوات كبيرة منتظرة حكومة الاقليم كي تخرج من حيرتها الحالية و تختار ما يهمها ايضا، فاما الانقطاع و عدم الاهتمام و الاعتماد على المركز و اختيار الادارة الذاتية او التنازل عن ما سارت عليه منذ عقدين من الخصوصية التامة .
اليوم و في الوقت هذا الذي نعيش و ما تتميز بها منطقتنا وهي مصابة بافآت كثيرة، يتطلب ان يتعمق المسؤلون في امر اقليم كوردستان لاتخاذ القرار الحاسم الاصح بين الاختيارات الموجودة بين ايديهم . و لكن الاهم هو اعادة النظر في مسيرة ما يسير عليه الاقليم داخليا و ما يتطلبه الواقع من اعادة النظر في الامور السياسية الذاتية و الاعتماد على الشعب و الديموقراطية الحقيقية و الشفافية و راي الشعب في تحديد المسار بين الطريقين الوحيدين الذي وصلنا اليهما اخيرا . كيف تُعاد الثقة بين حكومة اقليم كوردستان والشعب و بين الاحزاب ذاتها و كيف يتم التعاون بين الجميع للخروج من هذه الزمة و المحنة و الازمات التي نحن فيها كي نصل الى شاطيء الامان باقل ضرر متوقع، انه الامر الحاسم القاطع العقلاني الذي على السلطة في اقليم اتخاذه و به يمكن ان تخرج حكومة الاقليم و السلطة من الحيرة التي وقعت نفسها فيها نتيجة الظروف الموضوعية اضافة الى الاخطاء المتكررة الذاتية التي سارت عليها منذ عقدين من الزمن، فان وثقت بها الشعب فانه يضحي بما لديها من اجل نجاحه و تحقيق اهدافه مهما طال به الزمن، اما، ان توقع الشعب بان السلطة تفضل امور ثانوية ضيقة عل ى الاستراتيجية المهمة له فانه سيدير ظهره لها، و لا تخرج من المحنة الا بفشل ذريع.[1]