العلاقة العراقية التركية و ما يهم اقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - #19-01-2015# - 13:57
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
يبدو من الان، انه تتوضح الخطوات القريبة للمعادلات المستقبلية الدائرة في المنطقة الملتهبة في الشرق الاوسط . بدءا لو اختصرنا و تكلمنا من بوادر العلاقات التركية العراقية التي تظهر بواطنها من صراحة التصريحات التركية الجديدة حول اقليم كوردستان و نظرة تركيا الى قضايا المنطقة و مستقبلها السياسي بالذات، و هي اي تركيا بنفسها الان في مرحلة متنقلة داخليا و تريد الاستقرار على وجهة تفيدها، وتريد تكوين النظرة الى مستقبل المنطقة ومنها الاقليم الكوردستاني و التعامل معه مستقبلا و فق ما تقع عليه تركيا من تعاملها مع القضية الكوردية داخليا او ما تستقر عليه من سياساتها الخارجية . ان التغييرات التي اقدمت عليها تركيا بعد ياسها من الاتحاد الاوربي وما حثتها على اقدامها على الخطوات الانية هي التغييرات الجوهرية في المنطقة بشكل كامل و في العراق بشكل خاص بعد مجيء العبادي و محاولاته الحثيثة لاعادة التوازن في العلاقات الخارجية العراقية مع محيطه و مع تركيا كجزء مهم منها .
المعلوم ان المصالح الاقتصادية المغرية لتركيا هي التي دفعت الى توجهاتها في كوردستان و ان كانت متحفظة الى حدما في امور استراتيجية مستقبلية تهم الاقليم ايضا، مما حدا بها للغور في اقليم كوردستان منفردة و مقصرة شيئا ما على الامر الاقتصادي فقط، و هي التي استفادت من تلك العلاقات و لازالت رغم الازمة الاقتصادية التي تمر بها كوردستان في الوقت الحاضر، و ما سببتها الحكومة المركزية السابقة و بشخصها المالكي من الاضرار المحدقة بمصالح الاقليم من كافة الجوانب، من جانب، و تعنت حكومة الاقليم و الاحزاب المتسلطة و الشخصيات البليدة في حكم الاقليم و مواقفهم التي لم تدع خط للخروج من عنق القمقم عند الازمة و اعتمادهم على سلك طريق واحد معتمد دون بعد نظر مطلوب كما تفعله كافة الدول في علاقاتها الدبلوماسية من جانب اخر .
ان دولتين جارتين و اصحاب مصالح مشتركة تحتاجان لبعضهما اكثر من احتياج احدهما لجزء من الاخر، و خصوصا انهما لهما قضية مشتركة و هي كيفية التعامل مع كوردستان المنقسم بين الدول المنطقة، و رغم المعادلات المسيطرة من قبيل المحاور المتصارعة و ما تتغير منها باستمرار و تاثيرات تقارب امريكا و ايران على مضمون الصراع الدائر . و السؤال الذي يشغل الكورد قبل غيرهم هل تكوٌن طبيعة تلك العلاقات التي استهلها العراق مع تركيا تاثيرا على وقع الكورد و حسابهم و مصالحهم الاستراتيجية ام انها علاقات ثنائية طبيعية بين البلدين لهما مصالحهما الخاصة .
كل المؤشرات تدلنا على ان العلاقات الثنائية التي كانت في اوجها ابان النظام السابق كانت من اولى شروطها هي التعاون في صد طموح الكورد و منعهم من تحقيق اهدافهم العامة . و ربما النقطة الوحيدة التي تتفق عليها الدول الاربعة التي انقسمت عليها كوردستان هي ما يخص الكورد فقط .
اما لو قرانا واقع كوردستان اليوم و العلاقات المتفرعة و نظرة القوى الكبرى لها و دورها الهام في محاربة الارهاب و المتغيرات في موقع و قيمة و ثقل الكورد في المنطقة و العالم، لا يمكن تناسيه او تجاوزه في المباحثات الثنائية او الرباعية في المنطقة، و السؤال المحير هنا، لماذا يُطلب اعادة المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي بين العراق و تركيا الذي نفذ صلاحياته منذ سقوط الدكتاتورية في العراق و ما دور الكورد فيه و خصوصا ان وزير الخارجية العراقي ليس كورديا الان، و للكورد شانه الخارجي الذي اصبح امرا واقعا في جميع الدول، اضافة الى اهمية الطاقة التي لا يمكن ان يُغض الطرف في شانها عن اقليم كوردستان ذات الموقع الاستراتيجي و الفاصل بين البلدين و امكانية اقليم في تسهيل المهمة او عرقلتها ان تاكدت من اضرارها لانها سلطة قائمة و لها امكانياتها و قدرتها و دورها الواقعي على الارض، و لماذا لا تدور العلاقة التركية العراقية على مساند جديدة بعيدا عن اركان و بنود المجلس القديم . و لا يمكن المحافظة على سلم المنطقة و ان تحقق تركيا هدفها و ان تاخذ دورها المركزي في ان تكون مركزا اقليميا للطاقة المارة الى الغرب من العراق و اذربيجان و روسيا دون ان تشارك كوردستان فيه، فان اقليم كوردستان سيكون له دورا مؤثرا و محوريا وفق اهميته الاستراتيجية على ىالارض . و لكن، اليس تركيا ذاتها هي التي ضربت بعض المصالح الخارجية الصغيرة لها ايضا من اجل قمع الكورد فيها و كتم اصواتهم لمصالح داخلية اكبر، اليس باستطاعتها ان تفرض شروطا لغير صالح الكورد على العراق ايضا كما فعلت تاريخيا و في الاوقات الحرجة كما فعلت في المفاوضات المتعاقبة التي جرت بين الكورد و الحكومة المركزية العراقية طوال التاريخ و اخرها عامي 1984و 1991 . اننا من المنظور ذاته، اي من معرفتنا بالسياسة التي تتبعها تركيا، و ان تعمقنا في خصوصية سياساتها الاردوغانية الان، نعتقد انها تريد ان تلعب اللعبة ذاتها و تضرب عدة عصافير بحجر واحد من خلال تطوير علاقاتها مع العراق، منها؛ تقوية مكانتها ازاء الصراع مع المحور الاخر الاقليمي الموجود امامها، و اخفات صوت الكورد في الاقليم بمقدار امكانياتها و داخليا ايضا، و تبين لاوربا انها تلعب دورا اكبر مما يتصورونه ايضا . بعد ما يحدث من ازمة اقتصادية في العراق و الاقليم الكوردستاني و ما تلمسته تركيا من تاثير الازمة علي كوردستان و تداعياته علىها ايضا، انها تريد ان تفعل في العراق ما فعلته في اقليم كوردستان خلال المرحلة القادمة، و العراق هو دولة و لها اقتصادها و احتياطاتها و امكانية تعافيها اسرع من الاقليم الذي لم يفكر استراتيجيا في بناء اقتصاده و لم يهتم الا بالامور الاستهلاكية الداخلية، و افادت بما اتخذت من السياسات الداخلية تركيا سياسيا و اقتصاديا، بحيث ارغم اقليم كرودستان نفسه في زاوية محصورة و بقائه محتاجة الى تركيا، و ان تكون قدرة تركيا عالية و هي من لديها المفتاح لباب كوردستان الاقتصادي السياسي في كل وقت .
و عليه، يجب ان يتخذ اقليم كوردستان موقفا صريحا و واضحا ازاء ما يمكن ان يحصل و ياخذ احتياطاته منذ البداية و له الاوراق الكثيرة، و خصوصا ان المنطقة يسيطر عليها محوران و يمكنه اللعب و استغلال موقعه الجغرافي الاستراتيجي و التعامل مع القضايا الكثيرة برزمة واحدة و ايجاد اهميته و فرضه من خلالها في سياساته و تعامله مع اي مستجد يظهر في ثنايا العلاقت الثنائية التركية العراقية، و ما تفرضها من تداعيات و افرازات كثيرة . و على الكورد ان يعلموا ان لهم دورا مؤثرا في السياسة العراقية و عليهم تفعيله اكثر و ليس التقاطع معها كما اراد بعض الساسة بعد مجيء داعش الى العراق، و ان يزيدوا من الاوراق التي بحوزتهم اصلا لا ان ينقصوها بسياسات فردية غير مدروسة، و ان يبقي الاقليم ايضا على علاقاتها مع انقرة بالدرجة ذاتها و مع ايران بالمستوى ذاتها و اكثر و التعقل في ادارة هذه العلاقات بشكل يجب ان تقع لمصلحتها الاستراتيجية و الانية ايضا، و هذا ممكن في الوقت الحاضر لو كان على راس تلك العلاقات عقولا و دورا حكوميا مؤسساتيا بعيدا عن المصالح الحزبية الداخلية الضيقة، و الاهم ايجاد معايير جديدة تناسب مع المستجدات التي تحصل خلال تطور العلاقات التركية العراقية و السير وفقها . و الاهم هو ان لا يضع اقليم كوردستان جميع الكرات في سلة من السلات المتعددة الموجودة في المنطقة بسرعة، و عليه ان يدرس بل يتعمق في كيفية توزيع الكرات على الاقل في السلات الثلاث العراقية التركية الايرانية و برعاية من يدعمها و له مصلحة في ذلك . و اليوم امريكا و من خلال تعاملها مع مجمل قضايا المنطقة من مصلحتها ان تدعم الكورد ضمن دولهم، و على الكورد ان يقراوا و يستثمروا هذا في لعبة توزيع الكرات و التعامل مع دول المنطقة. ان الاقتراب العراقي التركي ربما يصعب عمل الكورد الا ان التعقل في اتخاذ القرارات اعتمادا على المصالح و اهداف الكورد ول يس فئة او جهة او حزب كفيل بنجاح الكورد في تحليل المعادلات و الغور في بيان دوره في مسيرتها و تفاعلها، و بالمتابعة و ااتخاذ المواقف الصحيحة المتتالية يمكن فرض الذات على الواقع و ان لم يكن لك دور مهم ايضا، فكيف باقليم كوردستان الذي لديه اوراق سياسية و اقتصادية شتى مهمة و خاصة بالمنطقة بشكل عام . و لكن يجب ان لا يظهر الكورد انفيهم على انهم المحتاجين الى غيرهم، و هذا ما يدفع بالاخرين الى التعالي، بل بيان الاوراق عند التعامل مع اية جهة مهما كان موقعها او امكانياتها.[1]