سنجار بين الحانة و المانة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - #18-01-2015# - 17:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لا اريد اعادة قصة الرجل مع الحانة و المانة و كيف طارت لحاه بينهما، انها معروفة للجميع و كيف خسر الزوج شعره كاملا بين نظرة و اذواق زوجتيه و تعاملهما معه. اليوم و بعد المآسي التي مرت بها سنجار و لم تتحرر بعد لحد الان كاملة، برزت خلافات سياسية بين القوى و ليس لاهالي سنجار فيها لا ناقة و لا جمل ، في هذا الوقت بالذات . انها مدينة ضمن المناطق المتنازعة و تقرر مصيرها المادة 140 من الدستور العراقي، و لكن تتحارب عليها محافظة الموصل و الحكومة المركزية و اقليم كوردستان سياسيا بكل السبل، و هي حدودية و تحت سيطرة الحزب العمال الكوردستاني لحد كبير في هذه الظروف، عندما تم تحرير المناطق المحاذية لهذه المدينة و تم فتح الطرق لانقاذ المحصورين في جبل سنجار و تم اخلاء الكثير منهم، و فكان بامكان البيشمركة و بمساعدة الاتحاد الديموقراطي و الحزب العمال الكوردستاني تحرير المدينة لو كانوا يهدفون ذلك خلال ساعات، الا ان الخلاف السياسي و سحب البيشمركة افسح المجال فقط لقوات الاتحاد الديموقراطي والعمال الكوردستاني لوحدهم محاربة داعش و حرروا جزء منها لحد اليوم، و كما توضح فيما بعد ان انسحاب قوات البيشمركة وعدم تقدمها لتحرير المدينة كان خوفا من سيطرة الاخرين عليها على اساس نقمة الشعب من قوات البيشمركة لعدم مقاومتهم لداعش اثناء اجتياحه للمدينة، مما ادى الى ان تذهب ضحية تلك الانكسار الضحايا و التشريد و السبي و تعرض اهل المدينة لابشع جرائم ابادة على ايدي داعش، و لهم الحق ان يتذمروا و يحتقنوا من لم يقاوم من اجلهم في حينه . و بعد تحرير جبل سنجار و المناطق المحاذية لها انبرت القوات الكوردية الموجودة على الجبل تشكيل ادارة ذاتية للمدينة بعيدا عن السلطات في اقليم كوردستان و في محافظة الموصل على امل ان تتسلم هذه الادارة زمام ادارة المدينة بعد تحريرها .
لا يمكن ان نقيٌم الحال حياديا الا ان كنا نريد ان نتكلم من منظور الشعب الكوردستاني و اهالي المدينة و ما تتطلبه المصالح العليا بعيداعن التحزب و الاهداف السياسية الضيقة التي لازالت مسيطرة على توجهات كافة القوى المشاركة في الجبهات دون استثناء يجب ان نبعد الاحزاب كافة عن ما ينوون من الادارة المستقبلية. فان مثل هذه الخطوات الاستباقية لها سلبياتها على مصالح الاقليم و ان كانت لها ايجابيات لاهالي المدينة التي تريد ان تدير نفسها منذ الان من جهة و لكن سيطرة جهة واحدة فقط على زامام الامور تعقد الامور اكثر من جهة اخرى. اما ادارة توافقية من اهالي المنطقة و الايزيديين ذاتهم تزيد من ثقتهم بنفسهم و تقوي قاعدتهم كي لا تتعرض لمثل هكذا مآسي مستقبلا، و لكن الامور الرسمية التي هي مسالة الحدود و المواثيق الدولية و عدم التوصل الى حالة نهائية في اقليم كوردستان مع المركز العراقي سوف يزيد الطين بلة فيما يخص موضوع سنجار . انا على اعتقاد بانها خطوات متسرعة نسبيا لم تحت الوقت المناسب لها الان و لا يمكن ان نعتبرها مثالية و ملائمة مع الظروف السياسية الحالية للمنطقة بشكل عام و لاقليم كوردستان و لغرب كوردستان ايضا . فان الوضع الامني و حالة الحرب و عدم التوصل لنهاية المطاف في امور ساسية خاصة بوضع الكورد في جميع الاجزاء لا يمكن ان يسمح لنجاح اية خطوة تبدوا معقدة و لا يمكن نجاحها في الوقت الحالي، و يمكن حل مثل هذه الاشكاليات الكبيرة من خلال وجود مرجعية كوردية عليا التي اصبحت من الضرورة التاريخية لهذه المرحلة، و لكن المصالح الضيقة و التبعية لهذا و ذاك يمنع انبثاقها لحد اليوم، فنجد ان وضع العراقيل امام انعقاد المؤتمر القومي الكوردي يُعتبر اكبر العوائق امام الحلول الموضوعية للقضايا الداخلية و الخارجية لكوردستان بحيادية بشكل عام .
بعدما كنا ضحايا التاريخ و كيف اُستخدمنا بين اطراف و قوى كبرى ضد مصالحنا، اخشى ان نعيد الكرٌة من جديد من خلال اللعب على مصالح الاطراف السياسية و ان كانت من بني جلدتنا او من الكورد انفسهم من اجل مصالح حزبية ضيقة لا تنظر الى المسالة الا من نافذة حزبية و شخصية لحد هذه الساعة . و تعتبر هذه العملية اكبر فرصة وعيدا للاعداء، و سوف يتدخلون و يزيدون الوضع تعقيدا و يمكن ان يعيدوا الحال و ان كانت ناقصا في مكانها الى عهد الاحتلال و خطوات كبيرة الى الوراء، و تنتهي و تقع لافادة الاعداءو ضررا للكورد، لمكانتهم و قوتهم و امكانياتهم الكبيرة التي تمكنهم من الحكم على الامور في النهاية مقارنة بامكانية الكوردو كما يعلمنا التاريخ في الامور المشابهة لما يحصل اليوم في سنجار .
من الحق ان نقول يجب ان تدعو الجوانب كافة اهل سنجار ليتحرروا اولا و لا يضغطوا عليهم سياسيا و هم ادرى بمن يفيدهم و يهتم بهم و من يريدهم للاصوات فقط و من قام بنتف شعرهم في وقت كان لابد ان يحميهم بينما فرٌ امام داعش مخذولا( الغريب في الامر و في مناظرة تلفزيونية قال ممثل للحزب الديموقراطي الكوردستاني وجها لوجه معي، انهم ادخروا قوتهم و اثروا على عدم التفريط بها اثناء هجوم داعش، و سالته عن القوة و السلاح لاي وقت ضروري اكثر من وقت الدفاع عن شرف و عرض الامة، و ذكرته بمثل كوردي في استخدام الخنجر لا يليق ان اذكره هنا ) . اما الادارة و الاعلان عنها و من على الجبال بدلا من مركز الميدنة انه لامر غير واقعي و بعيد عن ما يهم اهل المدينة و ما مروا به، رغم اننا يمكن ان نعتبرها تخصيب او تجسيد لارضية الادارة الذاتية . فلنا ان نقول للجميع احذروا من الاخطاء و اعادة التاريخ، و لا تضيعوا الفرص المتاحة اماكم الان، لقد عانى الايزيديون كثيرا كفى تعذيبهم نفسيا و جسميا، انهم ضحية التاريخ و ليس مرحلة داعش فقط. دعوا لحى الشيوخ الايزيدية و هي جميلة بطبيعتها كما هي لا تضيعوها بين حانتكم و مانتكم ايها الاحزاب الكوردية المتصارعة، تصارعوا مع اعداكم المتربص و ليس بين انفسكم، و هؤلاء اناس مسالمون و لهم رجالهم و قدرتهم على ادارة انفسهم بالشكل و الكيفية التي تلائمهم.[1]