رأى السفير البريطاني في العراق ستيفن هيتشن أن الميليشيات الخارجة عن نطاق الدولة تعد مشكلة دولية وقد تورط العراق، مشيراً الى أن الشركات البريطانية تواجه مشكلة السلاح المنفلت والميليشيات.
وذكر السفير البريطاني خلال مشاركته في برنامج بيستون توك، الذي تم تسجيله في محافظة البصرة، جنوبي العراق، بحضور شبان وشابات من مختلف المحافظات العراقية، أن المسيحيين في العراق بحاجة إلى تطبيق القانون من قبل الدولة، منوهاً الى أن للعراقيين حنين للتواجد اليهودي في البلد.
وأدناه نص حلقة برنامج بيستون توك، الذي يقدمه بيستون عثمان:
الدكتور محمد، وهو طبيب أسنان من البصرة، يقول: سؤالي الأول للسفير هو أنه توجد لدينا في البصرة حالات لأمراض سرطانية، بسبب وجود الغاز المصاحب لاستخراج النفط، وهناك شركتان بريطانيتان تعملان في المحافظة، فهل هناك توجه من المملكة المتحدة فيما يخص تطوير القطاع الصحي ودعم مرضى السرطان من بينهم الأطفال في البصرة؟، أما سؤالي الثاني يتعلق بعملية استخراج النفط، إذ أن التغير المناخي أدى الى ارتفاع شديد في درجات الحرارة، لذا نود معرفة ماذا وصلنا من اجتماع باريس للمناخ؟
ستيفن هيتشن: أولاً، الشركتان Shell Global وBP خاصتان، وليستا تابعتين إلى الحكومة، فكل استثمارتهما وقراراتهما غير منوطة بالحكومة، لأننا لسنا كالصين، أي أن الشركات تابعة للحكومة، فكل شركاتنا في البصرة والعراق ككل، هي شركات خاصة. استخراج النفط والغاز مهم جداً لاقتصاد العراق، وهناك نسبة غير صحية من اعتماد الدولة العراقية في دخلها على النفط، ونتوقع خلال السنوات العشر أو ال 15 سنة القادمة، انخفاضاً في سعر النفط، ولذلك نريد العمل مع الدولة العراقية لإصلاح الاقتصاد وتنويعه، فكما تعلم أن التاريخ العراقي لآلاف السنين، فقد كان المورد الطبيعي الأكثر قيمة لديكم لآلاف السنين هو خصوبة التربة، ثم أصبح في القرن الأخير، النفط والغاز، وأعتقد أنه في القرون المقبلة سيكون مستوى التعليم وثقافة الشعب هو المورد الطبيعي الأكثر قيمة، وسيتحول الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي نفطي لاقتصاد معرفي. وآخر نقطة، فإننا كبريطانيا وكذلك الدول الأوروبية والغربية أيضاً، نريد توسعة علاقاتنا، ليس في مجال النفط والغاز والأمن فقط الذي أعتقد أنها كانت حجر الزاوية لعلاقاتنا خلال الأزمات المتعاقبة، ولكن الآن نريد التركيز على أعراض عدم الاستقرار في العراق فحسب بل على أسبابه، وهي تتمثل في المساعدة بمجال تغير المناخ، والأزمة الصحية، وتحسين محتوى التعليم، وهناك مدارس تابعة لشركات بريطانية في البصرة، لذا نرغب في توسعة العلاقات من المراكز التقليدية إلى عدة مجالات.
ليث محمد، وهو تقني تخدير من ميسان يسأل: ما هو موقفكم من دعم الحكومة البريطانية للكيان الإسرائيلي على الرغم من المجازر التي تحدث يومياً؟
ستيفن هيتشن: أود القول في البداية إننا كبريطانيين، متعاطفون مع الشعب الفلسطيني، ومع معاناتهم خلال القرن الماضي، ومن المؤكد لبريطانيا دور منذ بداية هذه القصة قبل قرن، لذا هناك نوع من المسؤولية لذا نجد أن اهتمامنا أكثر من بعض البلدان الأخرى، وأعتقد أن هناك سوء فهم في التفريق بين الموقف العراقي والموقف البريطاني فيما يتعلق فلسطين وإسرائيل وغزة، إذ أننا منذ زمن طويل، كنا مع حل الدولتين، هذا هو أساس السياسة البريطانية، لأننا لا نستطيع أن نرى أي تقدم، بدون حل الدولتين، كما موقفكم. في الوقت الحالي للحكومة البريطانية 3 نقاط بخصوص سياستنا تجاه فلسطين، أولاً، إزالة كافة القيود على إيصال المساعدات من الخارج إلى الشعب الفلسطيني، ثانياً، الإفراج عن الرهائن بدون شروط من غزة، ثالثاً والأهم، الوقف الفوري لإطلاق النار، هذه النقاط قريبة جداً من موقف العراق، فلو كان فؤاد حسين (وزير الخارجي العراقي) موجوداً هنا فإنه سيطرح ذات الشيء تقريباً، لكن من الممكن أن تختلف نبرة الصوت. أيضاً لا يمكن الإنكار أن لدينا علاقات ودية مع إسرائيل، ونستخدم هذه العلاقة في التأثير عليهم، لكن ليس التأثير كاملاً لأنه بلد مستقل. أعتقد أن هناك حاجة لإدانة عملياتهم، وقبل أيام، قال وزير الخارجية البريطاني إننا ندين بشدة، قصف إسرائيل بعض المدارس في غزة، وأعتقد أن لديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم بعد ما حدث في 7 تشرين الأول، وفي نفس الوقت ندين أي شيء مرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان علناً، لكن في المجالس الخاصة نحاول من خلال التباحث معهم التأثير على تصرفاتهم. وأخيراً، من المؤكد أننا لا نريد الحرب ولا نرغب أن تمتد إلى لبنان، وتوريط حزب الله في المعركة، فإننا نتوقع رد فعل داخل العراق أيضاً، لذا سنركز جهودنا خلال الأسابيع والأشهر القادمة على إيقاف انتشار الحرب.
رووداو: لكن في هذا الوقت وبينما أنتم تنتظرون الأشهر المقبلة لتشهدوا تغييراً فيها، الذين يفارقون الحياة في غزة هم أطفال، وكما ذكرتم تستهدف المدارس، وأعتقد أن الرأي العام في كل العالم ينتظر رد فعل أسرع بكثير من بريطانيا ومن بقية الدول الغربية. ألا تشعرون أنكم تأخرتم في إبداء رد فعل أكثر فاعلية؟ وألا تشعرون بمسؤولية وجدانية تجاه الناس التي تفقد الحياة يومياً؟
ستيفن هيتشن: بالعودة إلى بداية الأزمة و7 تشرين الأول، فضلاً عن أن هناك سياقاً تاريخياً وسياسياً خلال قرن، لكن ما حصل في 7 تشرين الأول كارثة إنسانية حيث قتل فيها أكبر عدد من الأشخاص متجاوزاً الألف شخص، لذلك نحن نقول إن لأي بلد الحق، سواء العراق أو إسرائيل أو الأردن، في الدفاع عن نفسه بعد عملية كهذه، وهذا ما يبرر كل شيء، إنه يبرر الحرب ضد حماس، وهذا ما يجعل هناك فرقاً بين موقفنا وموقفكم، لا نعتقد أن حماس لديها موقف سياسي إيجابي، إنهم يرفضون حل الدولتين، لذا لا نعتقد أن لدى حماس دوراً إيجابياً في المستقبل. انتهاكات حقوق الإنسان والخسائر الجانبية.
رووداو: هل تقارن الكارثة الحالية بما حدث في كارثة 7 تشرين الأول؟
ستيفن هيتشن: هناك اختلاف في السياق، لكنني أقول إن دماء الأبرياء، سواء الدم الفلسطيني أو الإسرائيلي أو العراقي أو البريطاني، هي كقيمة ذات الشيء.
رووداو: هل تسميها كارثة أيضاً؟
ستيفن هيتشن: نعم، وزير الخارجية البريطاني أعلن قبل أيام، استئناف تمويل وكالة غوث الفلسطينية للإغاثة، بعد توقف دام لأسابيع بسبب تقارير تتحدث عن تورط موظفيها ودروهم في 7 تشرين الأول، لكن بعد التحقيق الداخلي والإستنتاج من قبلنا رأينا أنه من الحق أن نعيد تمويلها مرة أخرى، وذكر وزير الخارجية أن تمويل الوكالات والعمل الإنساني هناك (في غزة) ضرورة أخلاقية أمام كارثة إنسانية، هذه كلمات وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي.
رووداو: إذن هذا يعني أننا ماضون باتجاه رؤية تغيير في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في الحكومة الجديدة؟
ستيفن هيتشن: أنا أتوقع أن تكون هناك تغييرات في السياسة الخارجية وأموراً ستمضي كما هي، وأعتقد أننا سنرى مع أوروبا نفس السياسة وربما مع بعض الاختلاف، مع الولايات المتحدة ستكون نفس السياسة، الأمور الكبيرة التي نتعامل بها ستكون على حالها، مع إسرائيل وغزة أعتقد أننا سنشهد تغييراً طفيفاً من خلال الطريقة التي جرى بها الحديث عنه، فقد تحدث عن وقف إطلاق نار فوري وهو تغيير طفيف وجدد تمويل الأونروا وهذا تغيير وأعتقد أن نبرة حديثنا مختلفة. بشأن العراق أعتقد أننا سنجد الكثير من الأمور كما هي.
دشني شمس الدين، وهي من منطقة كرميان، تسأل: لدي سؤال بصفتي كوردية، بعد أحداث 16 تشرين الأول، وأنتم أعلم بما حدث في المناطق الكوردستانية المتنازع عليها بعد 16 تشرين الأول حيث عملية التعريب مستمرة في هذه المناطق إلى الآن. أود أن أطرح عليك هذا السؤال: لو أنك كوردي وذهبت إلى مدينة مثل كركوك أو مدينة مثل خانقين فلا تجد في المدينة أي علم كوردستاني، لو أنك كنت مثلي كوردياً هل يمكن أن ترضى بالبقاء في هذه المدينة في ظل هذه السياسة أم أنك سترحل عن هذا البلد لتطلب اللجوء في بلد آخر؟
ستيفن هيتشن: إنه سؤال جيد جداً، أتوقع أن يكون جوابي الأول هو: أعتقد أن عليك البقاء وأعتقد أن عليك البقاء لأن هذا بلدك. ولديك مكان هنا. هذا لا يعني أن كل شيء كامل وعلى ما يرام، إطلاقاً. لكنني عادة متفائل بشأن مستقبل العراق، ليس لأني لا أرى المشاكل التي أمامي، ومن بينها المشاكل التي قمت بوصفها. أعتقد أن هذا جزء من الميراث الصعب الذي ورثتموه من عهد صدام حسين. أعتقد أن غياب الثقة بين المجتمعات أمر جاء من تلك الفترة وليس من السهل حل هذا. ليس من السهل حل هذا. مسألة كركوك هي في الأصل مسألة صعبة على الحل. في جميع المناطق المتنازع عليها في الموصل وديالى وكركوك هناك مسألة صعبة على الحل وأي بلد سيعاني منها، وأنتم تعانون منها وقد مررتم في أوقات معينة بتجارب صعبة لها آثار فظيعة. نتيجة لهذه الآثار الفظيعة من الصعب أن يثق بعضكم ببعض. مبدئياً يصعب أن تثق بمن هو خارج دائرتك وقد عانيت الكثير في مجتمعك. أنا لا اعتقد في مجتمعي. وجدت من الصعب أن أبين للناس في دياري ما مررتم به، وليس لي سوى العودة إلى الحرب العالمية الأولى وهي الفترة الأخيرة التي كان فيها بلدي يعلم بحق عن المعاناة التي عانيتموها. أعلم أن ذلك كان في سياق مختلف جداً، فقد خسرنا أكثر من مليون شخص في الحرب العالمية الأولى وانتصرنا فيها وكانت الحرب مع الخارج ولم تكن داخل وطننا، ولم نتعرض للقمع من جانب أحد. لكن ذلك هو المقارنة الوحيدة التي وجدتها لتوضيح الأمر. لهذا فإن الحلول لهذه الأوضاع صعبة للغاية، وليس لي أن أقرر، ليس لي كسفير بريطانيا أن أقول إن هذا هو الحل الأمثل الذي عليكم أن تتوصلوا إليه لمشكلة ديالى أو كركوك أو الكورد. كل ما أستطيع قوله إن هذا الأمر يمكن أن يتحسن مع مرور الوقت إذا تحسن الاقتصاد. تجاربنا بهذا الصدد، وما يمكن أن أجده قابلاً للمقارنة مع تجاربنا هو أن الصعوبات التي واجهناها في آيرلندا الشمالية، فلسنوات عديدة بل لعقود كان عندنا مجتمعان منقسمان بسبب الدين يهاجم أحدهما الآخر بسبب الرموز والهوية والرموز الدينية والطقوس وإحياء ذكريات تعود لأكثر من 300 سنة خلت ويتقاتلان. مات 3000 شخص في المملكة المتحدة خلال حياتي أنا. لم يتم حل ذلك، لكن حقيقة الاقتصاد وأنهم توصلوا إلى نوع من اتفاق لم يكن اتفاقاً ممتازاً ولم يكن اتفاقاً نهائياً، لكنه سمح للاقتصاد بأن يبدأ بالعمل من جديد، ولما بدأ الاقتصاد يعمل من جديد كانت هناك فرصة أمام الناس لكي لا يصبحوا جزءاً من الميليشيات ولا يكونوا جزءاً من فصائل إرهابية، بل ليبنوا لأنفسهم حياة داخل المجتمع. المشكلة لم تحل ومسألة الهوية لم يتم حلها. لكن إن تحريتم الصدق، بدأ الناس ينسونها، لأن لديهم شيئاً آخر في حياتهم، فبدلاً من أن يكون هناك رجل يبلغ 23 سنة ولا مستقبل له، أصبح هذا الرجل في السابعة والعشرين ولديه زوجة وأولاد ووظيفة ومجتمع يعتمد عليه، وهكذا عمل الاقتصاد عمله منطقياً في تلطيف هذه المشاكل، وأعود لأقول إن عليك البقاء لأن هذا بلدك.
رووداو: قارنت الوضع مع بريطانيا ومع التجربة التي ذكرتها. لكن لدينا تجربة أقرب في بريطانيا، عندما أجرت اسكتلندا الاستفتاء على الاستقلال، لم نر أي قوات من انكلترا تهاجم وتفرض سيطرتها على غلاسكو مثلاً، لكن ما مررنا به في العراق كان وضعاً مختلفاً جداً. كيف يمكن أن تجري هذه المقارنة، عندما تسأل (دشني) فإن الأمر هو كذلك بالضبط، وتوجد الآن تقارير كثيرة جداً عن إقصاء الناس عن أراضيهم ويمنع أهالي قرية بلكانة من زراعة أراضيهم في حين أن زراعتها من حقهم، وبنفس الصورة استؤنفت حملة التعريب في خانقين ووفقاً لكل التقارير التي تنشر وما يتحدث عنه السكان المحليون في المنطقة. ماذا تقول في هذا؟
ستيفن هيتشن: هذا صحيح وهذا ما حدث، نشأت المملكة المتحدة في 1707 على ما أظن، وقبلها كانت اسكتلندا مملكة مستقلة، كانت هناك مملكة اسكتلندا ومملكة انكلترا وكانتا تلتقيان وتتحاربان، وكان هناك دائماً احتمال أن يختاروا الخروج، لكنهم لم يختاروا الخروج، وهو ما يسعدني كثيراً كبريطاني. والاختلاف الثاني هو ظروف تاريخ 300 سنة من الشراكة وهي تجربة إيجابية خلت من أي ضغط على اسكتلندا خلال تلك الفترة، وفي كثير من الأحيان كان عندنا رؤساء وزراء ووزراء اسكتلنديون وأفادت اسكتلندا كثيراً من المملكة المتحدة ولم يكن هناك عنف بين المجتمعات ولم يكن هناك صدام لينقل الناس من هنا إلى هنا، ويسكن الانكليز في اسكتلندا. لم يحدث أي من هذا. هذه كانت فرصة لتبقى الشراكة سعيدة. لذا أعتقد أن هذا جزء من الميراث الذي ورثتموه من ذلك التاريخ، من تاريخ صدام الذي مارس الإبادة العرقية ضد الشعب الكوردي وحاول صهر هويتكم ومحوها، هذا لم يحدث قط في المملكة المتحدة، لهذا وحتى إن حدث انفصال، لكن لم يحدث، وحتى إن حدث كان ليكون انفصالاً ودياً بين صديقين، وما كان ليكون نزاعاً على الهوية والأرض.
رووداو: هل ستعلق على الانتهاكات التي ترتكب الآن في بعض المناطق وعودة عملية التعريب حسب ما تشير إليه التقارير؟
ستيفن هيتشن: هناك في العراق الكثير من الأمور التي هي جيدة، وهناك الكثير من الطرق التي نستطيع الجلوس لساعات لمناقشة مختلف قضايا حقوق الإنسان هنا. السؤال الذي يدور في ذهني وأنا أراقب هذه الأمور هو: إلى أي حد يتحسن هذا؟
رووداو: وهل الأمور تتحسن أم تسوء؟
ستيفن هيتشن: أعتقد أن هناك فرصة لكي تتحسن الأمور، لكنها لا تتحسن الآن. أعتقد أنكم لو قارنتم ما نحن عليه الآن مع 2016، فالحال أفضل، ولو قورن ب2012 فهو أفضل، ولو قورن ب2006 فهو أفضل، لهذا لدي سبب للتفاؤل.
زيد، وهو من محافظة كركوك، خريج جيولوجيا، يسأل: كما هو معروف فإن نسبة البطالة مرتفعة في كركوك رغم امتلاكها مخزوناً عالياً من النفط، لماذا لم تكمل شركة BP عملها مع شركة نفط الشمال، وهل لبريطانيا طموح استثمارية نفطية وغازية مع شركتي نورث أويل وغاز أويل؟، وسؤالي الآخر، الجميع يعلم الدور الأميركي والإيراني والتركي العلني في العراق، ولكن لا يعلمون الدور الإنكليزي المبطن، لذا أود السؤال أين موقع التركمان من السياسية الخارجية الإنكليزية؟
ستيفن هيتشن: شكراً لسؤالك، أنت تحاول توريطي بمشاكل في كركوك. فيما يخص بريتش بيرتوليوم، فهذه شركة خاصة وكما أسلفت ليس هناك قراراً بريطانياً حكومياً حول عدم إكمالهم المشروع، هذا قرارهم الخاص بالشركة، وبشكل عام الشركات البريطانية والغربية تزدهر في ظروف الأمن وسيادة القانون، وفي المقابل هناك شركات لبلدان أخرى قد تزدهر في ظروف الفوضى، في ظل الرشاوى والتهديدات والميليشيات، وهذه ليست بيئتنا الطبيعية. العراق يريد الاستثمار مع البلدان الغربية، وهذا يعتمد لدرجة كبيرة على حماية الإستثمار ورأس المال، وكل رجل أعمال حر في اختياراته، فبإمكانه الإستثمار في المغرب أو الكويت أو سوريا أو العراق، فإذا أراد اختيار العراق، فسيتحقق من الأمن والحماية، وأعتقد منذ خمس سنوات، كان رجال الأعمال يخشون من البيئة الأمنية لكنهم الآن باتوا يخافون من البيئة القانونية، وهذا ما أحدث فرقاً، لأن سيادة القانون ستأتي بموجة من الإستثمار الغربي إلى العراق. أما حول السياسة البريطانية المبطنة..
رووداو: نعم حول موقفكم من التركمان، ودوركم المبطن في العراق..
ستيفن هيتشن: التركمان عزيزون علينا، أهلاً وسهلاً بكم وأنتم أحسن أناس. أرغب في زيارة كركوك، لكن لم أزركم حتى الآن، أنا أريد زيارتكم للبحث عن الفرص الاستثمارية والتعليمية والتنموية، وأريد أن أزور كركوك بعد تحقيق استقرار سياسي قليلاً.
عبد الله الخالدي، وهو طالب بالمرحلة الرابعة في كلية القانون ومصاب بمرض الثلاسيميا ومؤسس فريق تطوعي، ورئيس لجنة الثقافة بجمعية الثلاسيميا في نينوى، يسأل: هناك مرضى في جميع العراق وتمثل قضية عراقية بحتة، وأنا أراجع بغداد شهرياً من أجل نقل الدم، وعلى الرغم من صعوبة علاج هذا المرض في العراق، فإن لدي خبراً ساراً، فإن بريطانيا تمنح ترخيصاً غير مسبق لأول علاج جيني باسم كاسغيفي Casgevy، تتضمن أداة تعديل الجينات المعروفة باسم كريسبر Crispr لاضطرابات الدم الموروثة، ومن بينها الثلاسيميا، لذا ما مدى إمكانية توفير هذا العلاج في العراق؟
ستيفن هيتشن: نحن مفتخرون بدور بعض شركات الأدوية في بريطانيا، منها شركة أسترازينيكا البريطانية، التي صنعت لقاح كورونا، هي شركة رصينة جداً ودخلت السوق العراقية منذ 20 عاماً، وأعتقد أن هناك مجالاً للشركات البريطانية لدخول الأسواق العراقية، لذا جزء من واجبي دون أن أجبرهم، لأن القرار تجاري وليس حكومياً، أن أشرح لتلك الشركات الفرق بين 2024 و2021 على سبيل المثال، بأن هناك تحسناً، إذ تلعب سمعة البلد دوراً في جلب الاستثمار، لذا من واجبي أن أشرح لهم أجهزة الاستثمار، وماهية التهديدات، وجزء من المشكلة أمام الشركات البريطانية، الدوائية وغيرها، هو السلاح المنفلت، وكذلك تواجد الميليشيات خارج إطار الدولة، خاصة الميليشيات التي تتحدث بشكل عدواني جداً تجاه الغرب، لذا يصعب على الشركات أن تستثمر أموالها في بلد ولديه مكاتب في مدن مختلفة، إذا كان هناك تهديداً لموظفيهم من قبل الميليشيات، وهذا جزء من المشكلة.
رووداو: لكن بريتيش بتروليوم موجودة هنا منذ 100 سنة وهي في أمان. الأمر ليس متعلقاً بهذا..
ستيفن هيتشن: بل هو متعلق بهذا. بريتيش بتروليوم لديها خبرة عمل في نيجيريا ولديها خبرة في العمل في أماكن صعبة عديدة.
رووداو: صحيح، لكن عندما يأتي الأمر إلى قطاعات فيها مكاسب اقتصادية نجدكم في كل مكان.
ستيفن هيتشن: هم لديهم القدرة على العمل مع شركات أمنية خاصة لأنهم شركة عملاقة. أما إن كنت شركة متوسطة الحجم وكان أمامك الخيار هل أنصب مصنعي في مصر أو في العراق، وأنت شركة متوسطة الحجم وليس شركة ضخمة، لن تريد إنفاق أموالك على الأمن. أعتقد أنك إن كنت شركة نفطية ربما تكون الأرباح كثيرة بحيث تمكنك من القيام بهذا، لكن كنت شركة متوسطة الحجم فلن تستطيع ذلك. لذا فهذا جزء من المشهد العام ونحن نحبذ..
مصطفى الجبوري، وهو محامي من بغداد، يسأل: كيف تنظر الحكومة البريطانية إلى دورها السابق في ثورة العشرين، وما مدى تأثيرها على العلاقات البريطانية العراقية اليوم.
ستيفن هيتشن: دعني في البداية أجيب على السؤال كمؤرخ، ثم كدبلوماسي. كمؤرخ، إنني أعتقد أن هذه الفترة للمملكة العراقية والانتداب البريطاني، توجد خلالها أشياء نحن فخورون بها، منها البنية التحتية والقوانين والمتحف والجسور، هنالك أشياء كانت استثمارية في البلد، لكن رد الفعل، فمن المؤكد أن الهيمنة البريطانية داخل بلد آخر، مثل العراق، سببت مشاعر الاستياء، وجيّشت المشاعر الوطنية، وأدت إلى ثورة، لذا أنا لست مفتخراً بسجل أجدادنا في هذا الصدد، لأن هذا من الناحية الأخلاقية، المتمثل بالهيمنة على بلد آخر هو أمر غير صحيح، لذلك ليس لدينا نفس القيم التي كانت لدى أسلافنا في هذا الموضوع، والآن ولله الحمد، دخلنا فترة جديدة في العلاقة الثنائية، شراكة متساوية وقائمة على الاحترام المتبادل، وكما قلت نريد توسيع العلاقات من حجر الزاوية، إلى التجارة ومكافحة تغير المناخ والمخدرات. أعتقد أن محمد شياع السوداني يرغب بذات الشيء، وإن شاء الله في الأشهر القادمة سيزور لندن، وسنوقع بعض الاتفاقيات.
عباس فاضل، وهو طالب طب عام في جامعة الكوفة، يسأل: هل هناك إمكانية لإلغاء تأشيرة السفر إلى بريطانيا لدعم التعليم والدور التنموي؟
ستيفن هيتشن: للأسف، الأمر ليس بيدي كي أختم على جواز سفرك، ألا ليت، لكن الأمر بيد وزارة الداخلية وليست الخارجية، كما أن عدد الفيز الممنوحة للعراقيين يزداد عاماً تلو آخر، وبنسبة 50% سنوياً. كذلك توجد منح للتعليم في بريطانيا، إما حكومية كما هو برنامج CHEVENING والذي يفتح أبواب التقديم لطلاب الماجستير في الشهر المقبل، ونحن نغطي كافة التكاليف الدراسية المترتبة، مع راتب شهري متواضع، وهذا يعكس بخل الدولة البريطانية، لكنه متوفر (يضحك). إضافة لذلك توجد منح من الجامعات الخاصة، وهناك قرابة 2000 منحة متاحة للعراقيين في الجامعات بشكل مباشر، لذا هناك عدة طرق ووسائل للوصول إلى بريطانيا قانونياً، فضلاً عن أن هناك أشخاصاً يحاولون الوصول إلى بريطانيا بشكل غير قانوني، وهذا سؤال آخر.
رووداو: لكن هل تعلم ما هي النتيجة؟ النتيجة هي أن بريطانيا في الواقع تمنح سنوياً حق اللجوء للذين يذهبون من العراق إلى بريطانيا عن طريق التهريب أكثر مما تمنح الفيزا للذين يطلبونها رسمياً..
ستيفن هيتشن: من الصعب جداً في الوقت الحالي، أن يحصل العراقيون على حق اللجوء في بريطانيا، هو أمر نادر جداً، وخلال الثمانينيات والتسعينيات، أي خلال فترة ظلم صدام، نحن فخورون بأننا وفرنا المأوى ومكان آمن للناس وسط مخاطر نظام صدام، والآن الوضع في العراق ليس مثالياً لكن لا يوجد ظلم، ولا يمكننا المقارنة بين الوضع الحالي، الوضع خلال فترة صدام مع الأكراد أو الشيعة في النجف أو حتى السنة.
رووداو: بالمناسبة ليس أكراد بل كورد، هذا التعبير يؤذينا، هل تعرف هذا؟
ستيفن هيتشن: لا أعتقد أنني على علم بذلك..
رووداو: نعم، كلمة أكراد كانت تستخدم لإظهار الكورد أصغر مما هم عليه، وأيضاً للتقليل من شأنهم.
ستيفن هيتشن: وما هو الجمع؟
رووداو: لا يوجد جمع، فهل يوجد جمع للعرب أو الإنكليز؟، لا يوجد..
ستيفن هيتشن: أعتذر إذاً، بلدكم جميل، لكنه حقل ألغام.
رشاد أحمد، وهو من مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار، يسأل: لقد برز عدة قادة خلال فترة حقبة ثورة العشرين، وفي أحد الأيام قتل على أيديهم القائد البريطاني المقدم ليجمن، هل تعتبرون هؤلاء القادة، قادة حقيقيين، مدافعين عن أوطانهم، وما هو رأيك في القادة المدافعين عن وطنهم وعن حريته؟
ستيفن هيتشن: هذه مشكلة أن تكون سفير بريطانيا وليس الدنمارك، وإذا كنت سفير السويد فليس لديك ذات التاريخ. في بعض الأحيان أفكر كشخص، جدي الذي توفي حينما كنت بعمر العاشرة أو ال 11 عاماً، كان عزيزاً عليّ جداً، لكنني الآن أفكر بآرائه بخصوص الإمبراطورية البريطانية خلال أيام شبابه، هل كان مفتخراً أم ضد الفكرة؟، ومن الصعب أن أتخيل الآن، الملتزم والواعظ المسيحي أن يبرر الهيمنة على بلد آخر، لذا بإمكاني القول إنه إذا كانت هناك هيمنة من الخارج، مثلاً، كالهيمنة التركية المتمثلة بالإمبراطورية العثمانية لبلدكم، هذا أيضاً سبب مشاعر الإستياء، لذا أقول إن ثورة العشرين، كانت شيئاً محتوماً. فهل البريطانيين في الفترة التي تلاها حكموا البلد بحكمة؟ هذا الأمر إجابته لديكم. لحظة استقلال العراق عام 1932 لم يكن استقلالاً حقيقياً، لأنه كانت هناك هيمنة داخلية وراء الكواليس، وبالفعل، لذا لحظة الاستقلال الحقيقية كانت في نهاية فترة الحكم الملكي، وكذلك الذي حدث خلال فترة الحكم الجمهوري، لا أعلم ما هو رأيكم بالحقبتين؟، الإجابة ليست سهلة، لكن لا يمكنني أن أبرر حكماً أجنبياً على بلد معين، لذلك أعتقد أن رد الفعل في ثورة العشرين، طبيعية.
داليا فتحي بارزاني، وهي معالجة فيزيائية من أربيل، تسأل: سأعود بك عبر التاريخ حيث تم اعتقال نحو 8000 رجل من عشيرة بارزاني واقتيدوا من ديارهم في الجبال إلى صحارى جنوب العراق بأوامر صادرة عن النظام البعثي، وقتلهم. لذا أرجو أن نقف دقيقة صمت تكريماً لهم.
في برنامج سفير شو الذي تقدمونه، في الحلقة السادسة، كنت جالساً في محل بالنجف كان محل عباءات عربية، وطلبت من صاحب المحل أن تلبس العباءة التي لبسها ميسي في كأس العالم، واخترت اللون البني بالمناسبة. في زيارة لك إلى مدينة حلبجة قلت إنك ستعود في الخريف من أجل الرمان، رمان حلبجة، في نفس البرنامج. فشد انتباهي مدى إعجابكم بالتراث والتقاليد العراقية والكوردستانية، وبهذه المناسبة قررت، ووجدتها فرصة كبيرة، أن أحمل معي من كوردستان هدية لكم إن قبلتموها، هديتي وسأقول لكم إن كان لكم في بريطانيا التاج الملكي الثمين فإننا في كوردستان عندنا الجمداني (العمامة) الكوردية، التي هي رمز نضال وكفاح وتضحيات آلاف من الشهداء والمؤنفلين. لذا اخترت من منطقة بارزاني الجمداني (الكوفية) الحمراء، ليس هذا من باب التمييز، بل للتزامن مع ذكرى ثمانية آلاف مؤنفل بارزاني إضافة إلى 182 ألف كوردي مؤنفل في كوردستان وتعرضوا للإبادة العرقية. إن سمحتم لي فسأهديكم هذه الجمداني التي أشكر والدي من هنا على قيامه بلفها وإعدادها لكم بنفسه.
ستيفن هيتشن: شكراً لك، لا أدري هل أبتسم أم أبكي بعد هذا. لكني أعلم، عندما ألتقي في أربيل مع أصدقائي، عندما ألتقي كاك مسعود أو كاك مسرور أو كاك نيجيرفان فربما سأعتمر هذه. عندما أذهب للقائهم. لكن الأحداث التي تحدثت عنها خاصة الأنفال وتغييب ثمانية آلاف بارزاني، أحداث مروعة، أحداث لا يمكن أن نتصورها، لكنها خلفت وراءها آثار جراح، وأنا كشخص من الخارج أستطيع رؤية هذه الآثار بوضوح شديد. إنه من الصعب أن تفقد 170 ألف شخص، ثم تثق بالشخص من الطرف الآخر من جديد، إنه مستحيل إلى حد ما. أنا لا أعرف كيف تحملون أنفسكم على القيام بذلك، وهذه هي المهمة التي تقع على عاتق هذا الجيل، وهي كيف يمكنكم تجاوز ذلك التاريخ وتثقوا ببعضكم البعض مرة أخرى بعد العديد من الأمور المروعة، فقد حلت أمور مروعة جداً على كل مجتمع، الكورد لديهم حصتهم من القصص المروعة، ولكل مجتمع قصصهم المروعة. كذلك هناك اعتدادكم العظيم بتراثكم وسآخذ هذا معي شاكراً.
مهيمن الموسوي، وهو من محافظة كربلاء حاصل على شهادة البكلوريوس في العلوم السياسية، يسأل: هل لديكم دور في صنع المرجعيات الدينية الشيعية في العراق، نظراً للعلاقات التاريخية بين المملكة المتحدة والعراق والمصالح المشتركة التي تجسدت في عدة مواقف وأحداث عبر التاريخ، وكيف تصفون علاقتكم مع المرجعية الدينية والمؤسسات المرتبطة بها في العراق وبريطانيا، وما هي أهدافكم المشتركة؟
ستيفن هيتشن: زرت كربلاء خلال العام الماضي، وكنت في النجف قبل أسابيع، وعبرت عن بعض الأفكار والاحترام، لسماحة السيد علي السيستاني، ودور المرجعية خلال الفترة ما بعد سقوط النظام، وأعتقد أن هناك ما يفوق الدور السياسي بالتأكيد، فدور السيد السيستاني وجميع المعممين والحوزة العلمية مهم جداً في حياة الناس الشيعة، عدا عن دور الدين في المجتمع، فأنا من بلد علماني ولكنني تربيت في بيت متدين، لذا أنا مرتاح في الأجواء الدينية وأرى في العراق الدور المهم للعب الدين كمصدر للسلوان والحب والأخلاق في الحياة اليومية للناس، وفي بعض الأحيان أسمع أصواتاً في الغرب، تقول إن الدين يمثل التخلف، وهذا ليس رأينا، ولكن المرجعية مؤسسة مستقلة وبعيدة عن الدور البريطاني. أعتقد أن هناك وكيلاً لسماحة السيد علي السيستاني في لندن، كما أن هناك ممثلين لأديان مختلفة هناك، وإذا كنت ترى تستنتج أن بريطانيا تؤيد المرجعية لمجرد وجود ممثلين للمرجعية في لندن، فهذا جزء صغير من الصورة، لأن بريطانيا بلد متنوع جداً، وإذا عدت إلى زمن أجدادي فقد كان بلداً مسيحياً بنسبة 99%، أما الآن يوجد 4 ملايين مسلم في بريطانيا، وكان لدينا رئيس وزراء من أصل هندي، وكان عمدة لندن ووزير للمالية ووزير للخارجية ورئيس وزراء اسكتلندا مسلمون، لذا نحن بلد متنوع الآن وتتوفر حرية التعبير والعبادة في بريطانيا بشكل كامل، وأحترم دور سماحة السيد علي السيستاني، وأيضاً نعتبر المرجعية مؤسسة مهمة جداً في مستقبل العراق، لكننا لسنا في أيام الإمبراطورية البريطانية ولا أيام نوري باشا السعيد، بأن يكون للسفير البريطاني دور في اختيار رئيس الوزراء، هذا ليس دوري، نحن نحترم لكن دون دعم.
كالي، وهي طالبة في كلية التجارة بجامعة حلبجة، تسأل: عندما تم أسر الشيخ محمود في دربند بازيان وهو مصاب، نفته الحكومة البريطانية إلى الهند، ثم أرادت الحكومة البريطانية تعيين بديل عن الشيخ محمود لكن لم يتم العثور على أي شخصية كاريزمية مثله، لهذا اضطرت لإعادته. سؤالي هو: هل كانت وفاته طبيعية بعد إعادته؟
رووداو: إنه سؤال تاريخي مهم..
ستيفن هيتشن: إنه سؤال تاريخي مهم لكن لا أملك الإجابة عليه.
رووداو: حفيد الملك محمود الحفيد..
بلند شيخ مصطفى الحفيد، وهو حفيد الشيخ محمود الحفيد ملك كوردستان، من مدينة السليمانية، يقول: قبل 100 عام من الآن أطلقت الحكومة البريطانية وعداً للشعب الكوردي بإنشاء دولة مستقلة مثلما فعلت مع العراق. لكني أستغرب لماذا تراجعت الحكومة البريطانية عن ذلك؟
رووداو: سؤال صعب.
ستيفن هيتشن: نعم، وأنا لم آت إلى هنا من أجل الأسئلة السهلة. أنا لا أعرف الإجابة على هذا السؤال. أنا أعرف قصة إرساله إلى الهند من قبل بريطانيا ثم إعادته، وأخشى أني لا أعرف كيف توفي، أما قصة الاستقلال الكوردي ودورنا فطويلة ومعقدة يمكن أن نقف عليها هنا لساعات عديدة. إن درست ما جرى فعلاً في 1919 إلى 1923 عندما كانت هناك مفاوضات، هؤلاء الأشخاص، وهم أربعة أشخاص: لويد جورج وويلسن وكليمانصو والإيطالي، كان عليهم أن يتخذوا قرارات بشأن كل إمبراطورية هابسبورغ المنهارة وكل الإمبراطورية الروسية المنهارة وكل الإمبراطورية العثمانية المنهارة، والطريقة التي أنجزوا بها ذلك كانت مدفوعة بوضوح من جانب ديناميكيات القوة بين هذه البلاد بدلاً عن الالتفات ببساطة إلى ما هو عليه الوضع في السليمانية أو في أربيل مثلاً. لم يكونوا خبراء بهذه الأمور وكان عليهم الكثير لإنجازه وهم يعملون بسرعة شديدة. أعتقد أن الجواب الحقيقي على هذا السؤال هو أن ظروف جيرانكم، جيران الشعب الكوردي، جعلت من الصعب جداً إنشاء دولة كوردية في ذلك الوقت، وأعتقد أن الجواب الثاني هو أنهم عندما طرحوا سؤال: هل أن الشعب الكوردي أمة؟ أو أن الشعب الكوردي عبارة عن مجموعة من القبائل المختلفة التي تتقاتل فيما بينها أكثر مما تقاتل أي شيء آخر؟ الجواب على هذا السؤال هو أجل. الجواب على السؤال كان إنهم ليسوا مجموعة متماسكة من الناس وأنهم يتحدثون لغات مختلفة ولديهم تقاليد مختلفة وأحد الأسباب هو أنهم يفتقرون إلى قائد أو زعيم واحد. في ذلك الوقت كان الملك المحمود يتولى قيادة الكورد والرسائل البريطانية، رسائل الدبلوماسيين البريطانيين نجد فيها وصف الكورد كأمة والملك محمود كملك مرتقب، قبل تراجع الحكومة البريطانية عن تأمين دولة للكورد. كان هناك البعض في النظام كانوا يرون أن الكورد شعب بينما كان آخرون لا يرون ذلك، لذا كان النقاش الأساس يدور حول هذا. أما عن الأمر الثاني، الذي لا شك فيه، فهو أن الكثير من القرارات التي صدرت بخصوص الحدود في الشرق الأوسط تعاملت مع القوى السياسية الأكبر والأوسع وليس مع الملفات الفردية. هذا ما جرى. آسف جداً، نحن نتحدث عن التاريخ، لكني آسف جداً لأن هناك العديد من الأمم التي صنعتها الإمبراطورية البريطانية حينها، لم تكن أمماً لكن الإمبراطورية البريطانية صنعت منها أمماً. هل تعتقد أن هذا هو الجواب الحقيقي لهذا التساؤل التاريخي؟ من أين تبدأ الحدود وأين تنتهي كان الموضوع الأساس للمفاوضات بين الفرنسيين والبريطانيين والأمريكيين، هذا ما كان يجري. أنا لن أذهب إلى الجلوس هنا والقول إن ذلك كان بلا عيوب. فمن الواضح أن تلك لم تكن طريقة خالية من العيوب لتصميم الأمور. ما أردت قوله من خلال توضيح هذه الأمور التاريخية والعودة إليها هو أن القرار الخاص بالكورد كان من بين 200 قرار كانوا يتخذونه، فهل كانت لديهم المعلومات الكافية لإنجاز ذلك؟ أعتقد أنه كان عليهم ذلك، هل استغرقوا عشر سنوات في ذلك. الوضع لم يكن قابلاً للسيطرة، إنني أعطف عليهم بعض الشيء للوضع الذي وجدوا أنفسهم متورطين فيه، ولكني لا أعتقد أنه من البساطة القول أنه كانت لدينا كل الحقائق والفهم الكامل لاتخاذ القرار، لم يكن الأمر مؤامرة بل كان نتيجة لقوى متباينة.
أحمد محمد صبري، وهو من محافظة بابل، تولد 2002، يقول: شاركت في أكبر مهرجان عراقي دولي للطهي بمشاركة أكثر من 20 دولة. منذ طفولتنا في 2003 عام التغيير توقعنا أن يزدهر العراق صناعياً واقتصادياً، لكن لغاية الآن لم نر ذلك وبعد مرور عقدين من الزمن على السقوط، لازالت الأوضاع الخدمية والاقتصادية في العراق في تراجع مستمر، وهناك تصريحات من سياسيين تتهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بأنهم يفتعلون ذلك من أجل إحكام سيطرتهم على السياسة العراقية، فما هو تعليقك على ذلك وهل أن لدولة أخرى علاقة بهذا التراجع العراقي؟
ستيفن هيتشن: كنت في الحلة مؤخراً، لأن لدينا مشروعاً اقتصادياً كبيراً فيها لنموله من أجل توفير الصرف الصحي والمياه العذبة لسكانه، ونتوقع أن يكلف قرابة مليار دولار وسيكون بتمويل من القرض البريطاني في الحلة. هناك سوء فهم بخصوص السؤال المرتبط بأننا وأميركا نريد الفوضى للسيطرة على العراق. أولوية بريطانيا والبلدان الأوروبية بشكل عام، هو الاستقرار في العراق، لذا نحن خائفون من حالة عدم الاستقرار في العراق لأنه يسبب مشاكل داخلية وأي انفلات أمني سيؤدي إلى تداعيات تزعزع المنطقة وحتى أوروبا، مثل ظهور داعش الذي كان ضحيته العراقيون والسوريون، لكن تداعيات أزمة التنظيم وصلت إلى بريطانيا، وتسبب أزمة لأمن الدولة البريطانية والفرنسية والبلجيكية وغيرها، وكانت نابعة من الموصل والرقة، وذلك نتيجة عدم الاستقرار في العراق، نحن نريد أن نرى دولة قوية، ليس كما في عهد صدام، بل دور الدولة في تحسين المستوى المعيشي للشعب العراقي، فالدولة الآن ليست قوية، ودولنا وشركاتنا تزدهر في ظروف الأمن والأمان، وتدخل السوق إذا توفرت الحماية لاستثمارهم وموظفيهم، لذلك نحن نريد ظروفاً مغايرة لظروف الفوضى في العراق، وهذا جيد من ناحية الصداقة والمصلحة، من مصلحتنا أن يكون هناك أمن وأمان في العراق والمنطقة. هناك بلدان أخرى تزدهر في ظروف الفوضى، فنحن ليست لدينا ميليشيات، فبعض البلدان تزدهر إذا كانت هناك فوضى وغياب سيادة القانون، بينما الدول الأوروبية تستثمر وتؤثر ومكاننا الدبلوماسي أقوى وأكبر في البلدان المستقرة، كما السعودية والإمارات، فهناك حماية وأمن وخالية من الميليشيات، لذلك نزدهر هناك، وهذا ما نريده للعراق، من باب الصداقة والتاريخ والإرث، وكذلك المصلحة، لأنها أول وآخر شيء يفكر به السياسيون، وهذا واجبي كسفير لبريطانيا من أجل تعزيز مصلحة البلاد، وأولويتنا استقرار العراق، لا الاستقرار الوهمي، فاستقرار الاستبداد يعد وهمياً وهشّاً، إذ أن الاستقرار الحقيقي نابع من الحكم الصالح ومؤسسات واقتصاد مزدهر.
عبد الله ميران، وهو طالب في قسم الإعلام بكلية الأداب، يسأل: كما نعلم أن كركوك تتعرض منذ الأزل للتغيير الديمغرافي، ففي عهد النظام البعثي البائد، تم تسجيل مئات الآلاف من الأخوة العرب من محافظات عراقية مختلفة على نفوس كركوك، ومنحهم الأموال والأملاك والرواتب الشهرية، وبعد سقوط النظام قامت بعض الأطراف الكوردية دون تعميم، ذات الشيء. يظهر لنا أن العمليتين الديمغرافيتين كانتا ضد القومية التركمانية، وأنا كشاب تركماني في أربيل، لدي أقارب في كركوك ومتابع لأحداث المحافظة، واليوم كركوك متعددة القوميات والتركمان جزء أصيل من المدينة، ويرغبون نيل منصب المحافظ، فهل تؤيدون مطلب الشعب التركماني في كركوك، نظراً لتواجدكم الكبير في كركوك عبر الشركات والخبراء؟ وسؤالي الثاني، هو ما رأيك بالقومية التركمانية في العراق؟ وأود أن أهديك العلم التركماني.
ستيفن هيتشن: كركوك كما أسلفت، لا أعلم إذا كان هناك شخص في العراق يفهم تعقيد الوضع في المحافظة ومشاكلها، ومن المؤكد أن صدام حاول تغيير ديمغرافية مناطق مختلفة، وبعد مرور جيل أو جيلين، كل الشعب عاد لنقطة البداية، كما هو الحال في مسألة إسرائيل، أن يعود النازحون والمهجرون بعد جيل أو آخر إلى مناطقهم وجذورهم. وسؤالك يشير إلى مسألة المحاصصة في العراق، وهو موضوع حساس وصعب، فكل مكون أو جهة لديه حصة من الحكم، لذا فإن الخروج من المحاصصة بعد سنوات طويلة ليس بالأمر السهل، فنحن دخلنا في شبه محاصصة بشمال إيرلندا منذ 25 سنة، من أجل تهدئة المشاكل بين الفئات المختلفة، وإلى الآن لا نعلم كيف نخرج من نظام المحاصصة لنظام أفضل. الجميع في العراق يبحث عن حقوق الأفراد وليس المكونات، هذا مشابه لوجهة نظرنا كليبراليين وغربيين أن الحقوق يجب أن تمنح للأفراد وليس للفئات الاجتماعية.
رووداو: لكنكم جئتم إلى العراق قبل 100 عام تتمنون نفس الأمنية. جئتم للعراق قبل 100 عام تحملون نفس الفكرة، وقلتم إنكم ستبنون مجتمعاً جديداً في العراق تكون فيه الفردية للأهالي كما في المجتمعات الأوروبية ولا يكونون مكونات مثلما هو النسيج الاجتماعي، لكنكم فشلتم في ذلك. أقصد هل تريدون بعد 100 عام أن تفكروا في الأمر بنفس الطريقة. هناك واقع بهذا البلد، يعيش فيه الكورد، ويعيش العرب ويعيش التركمان بنسب مختلفة وفيه أديان مختلفة ومذاهب مختلفة، وإن جرى التعامل على أساس الأغلبية والأكثرية فإن بعض هذه المكونات سيكون مهدداً في حياته ووجوده. أعتقد أن 100 عام مرت على التجربة التي جاءت بها بريطانيا إلى العراق، هل لازلتم تفكرون بنفس الطريقة ولم يطرأ أي تغيير بعد أن وجدتم أن هذا لا يعمل؟
ستيفن هيتشن: أعتقد أننا عندما وصلنا إلى العراق في 1917، كانت فكرة المجيء بملك في جزء منها مرتبطة بالسيطرة بكل صراحة. كذلك، كانت لدى الملك فكرة صنع شعب واحد بدلاً عن مكونات مختلفة، وقد فشل في ذلك إلى حد ما كما أقر هو بذلك. أظن أن تلك كانت فكرة البعث أيضاً الذي حاول أن يتجاوز هذه الهويات ويصنع شيئاً مختلفاً يكون فيه الجميع بلون واحد.
رووداو: لكن لا تخبرني أن الملك لم يتلق التدريب على يد غيرترود بيل. إنها قصة جيدة، ونحن فخورون من نواحي عدة بغيرترود بيل التي أحبت الشعب العراقي لدرجة كبيرة. إن قرأت ما كتبت. إنه مثير جداً للجدل بالنسبة لنا في كوردستان العراق.
ستيفن هيتشن: أعتقد أنك لو قرأت ما قالت، ومدى حبها للناس واضح جداً لدي. هذا لا يعني أن كل ما فعلته كان صواباً، أنا لا أعتقد ذلك. مسألة الهويات المختلفة في العراق لاتزال مشكلة كبيرة لكم على ما أعتقد، وأعتقد أن نظام المحاصصة الذي يقول هذا ما يجب أن يأخذه الكورد وهذا ما يجب أن يكون للكورد وهذا للسنة، وهذا للمسيحيين، أعتقد أن له منافعه وكذلك له مضاره، وأعتقد أننا جميعاً نود رؤية مسألة الأفراد وليس الجماعات، أما كيف تحقق ذلك فصعب للغاية. لقد وجدناه صعباً في بلدنا. النقطة الوحيدة التي أريد العودة إليها هي مسألة الاقتصاد فإذا كان للناس مجتمع محمي ومجتمع مزدهر فإنه سيكون أكثر ميلاً للتعاون فيما بينه بدلاً من التقاتل على بقعة صغيرة من الموارد، لذا فإن الاقتصاد هو، ليس هناك شيء اسمه الفانوس السحري، لكن الاقتصاد هو أقرب شيء إلى هذا الفانوس وكذلك التعليم هما أقرب شيئين في متناولنا.
مصطفى الركابي، وهو من مدينة الناصرية بذي قار، يسأل: ما هي خطوات الحكومة البريطانية لضمان أن استثماراتها في مشاريع إعادة الإعمار بالمحافظات العراقية، لا تستغل في تعزيز النفوذ السياسي لجماعات معينة على حساب الاستقرار الوطني؟ وسؤالي الثاني هو كيف تتعاون بريطانيا مع العراق في مواجهة التحديات البيئية مثل التغير المناخي؟.
ستيفن هيتشن: لأسباب مختلفة لدينا علاقات مع الأحزاب المختلفة في بغداد وهذا أمر واضح، وأمر لا يمكن إنكاره، فكلما ألتقيهم أنشر تغريدة بذلك. لدينا أيضاً علاقة قوية مع الدولة، على المستوى القنصلي مثلاً، هناك مصلحة مختلفة في البلد، ليس من ناحية التجارة أو الأمن فحسب، فإذا كان هناك بريطانياً مسجوناً مثلاً أو أراد بريطاني زيارة كربلاء ويفقد جواز سفره خلال زيارة الأربعين، إنه أمر اعتيادي لكننا بحاجة إلى علاقات مع الوزارات والوزراء، كما في الحقيقة للأحزاب المختلفة تأثير على الحكومة، ولذلك كسفير نحن بحاجة إلى علاقات ودية مع الأطراف المختلفة، بما فيها مصلحتنا التجارية. بخصوص تغير المناخ، وعلى المستوى العالمي، تبرعنا بملياري دولار لصندوق كبير في مكافحة التغير المناخي، أما على المستوى الوطني العراقي، فهذا مرتبط بدرجة الوعي، لذا نتعاون مع وزارات التربية والتعليم لدى الحكومتين الاتحادية وإقليم كوردستان، لإضافة دروس حول البيئة في المناهج الدراسية، وهذا تدخل ستراتيجي في كل مدرسة بما يخص البيئة، أما على المستوى المحلي فهناك مشاريع خاصة بالمنطقة الشمالية، أبرزها كركوك مع بعض المزارعين لتزويدهم بالبذور الحديثة التي يمكن زراعتها بظروف الجفاف، كما لدينا مشاريعاً مع الأمم المتحدة والكويت لمكافحة العواصف الترابية.
علي إبراهيم، وهو من محافظة المثنى، طالب صيدلة مرحلة رابعة، يسأل: أود الوقوف عند نقطتين ذكرها السفير، وهما الافتخار بالقوانين المطروحة من قبل بريطانيا إبان الحكم الملكي للعراق، ومصطلح حقوق الإنسان الذي يطرح على نطاق واسع. الحكومة البريطانية وخلال الفترة الملكية طرحت قوانين شوهت من شكل المجتمع العراقي، منها الدفع نحو قانون يشجع أو يسمح لليهود بالهجرة من العراق عام 1950 وإسقاط الجنسية عنهم، وكذلك قانون دعوى العشائر الذي يوكل مهام المحاكم إلى الشخصيات الاجتماعية، كشيوخ العشائر والحكام السياسيين لكي يتصرفوا ويحكموا بأمور الناس. أما مجال حقوق الإنسان، فهناك تقرير أممي بأن القوات البريطانية ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان في العراق خلال الفترة بين 2003 -2009 تدرجت من القتل والاغتصاب إلى ضرب الشعب العراقي، واشتكى التقرير من موقف الحكومة البريطانية بعد محاسبة هؤلاء الجنود على أساس كونهم مجرمي حرب. كشاب عربي من مواليد 2002 أحمل كل الود والحب والفخر تجاه الأخوة الكورد، وسؤالي هو نحن كشباب نريد بناء تاريخ جديد مختلفاً عن التاريخ الدموي الذي لا يفتخر به سعادة السفير مع العراق، هل لكم خططاً وطموحاً لمد يد العون تجاه الشباب العراقي، وهل ترى أن هذا التجمع سيكون البادرة نحو إنشاء علاقات شخصية بين الشباب العراقي مع الحكومة البريطانية أو السفارة البريطانية أو معكم شخصياً؟.
ستيفن هيتشن: من المؤكد أننا نريد بناء علاقة ودية معكم، وهذا كان جزءاً من نيتي وواجبي خلال وصولي إلى البلد، على عكس الصورة المأخوذة عن السفارة بأننا كفريق دبلوماسي خائفون من البلد، لذا هذا كان جزءاً من دوافعي بأن أمشي في الشارع، ولا يمكنني زيارة 45 مليون عراقي، لذا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أردت إيصال رسالة للناس بأننا مرتاحون ونود خوض حديث معكم. بخصوص هجرة اليهود ليس لدي إطلاع على تفاصيل القانون، لكنني أشعر أن العراقيين لديهم حنين للتواجد اليهودي في البلد، كالمطبخ اليهودي والموسيقى، أي هناك شيء مفقوداً من هويتكم، لكن دعني أقول قصة المسيحيين الذين يهاجرون الآن من العراق، وهذه كارثة للهوية العراقية، التي ستبدو متضائلة، وهذا يعود لكون المسيحيين لا يشعرون أن لديهم مكاناً في العراق، هناك مكونات مختلفة، كالمسحيين والإيزديين والمندائيين، تشعر بأن لا مكان لها، وفيما يتعلق بتصرفات الجنود البريطانيين سأجيب عليه وجهاً لوجه بعد نهاية الجلسة.
ربان كوركيس، من قضاء العمادية في دهوك، يسأل: هل الوجود المسيحي في العراق بشكل عام، والمناطق التي يدور فيها النزاع خاصة على الحدود العراقية التركية والتي شهدت نزوحاً من مناطقنا وقرانا إثر النزاع الحاصل بين الدولة التركية وحزب العمال الكوردستاني، برأيكم، هل هناك أمل لبقاء هذا المكون أم أن الأمور ستؤول لصراع الوجود ومن ثم الإندثار؟ وكذلك، هل احتياجات المكونات توازي بما تقدمه الدول الغربية ومنها بريطانيا من دعم؟ وهل سنشهد التغيير الإيجابي في العراق بالقريب العاجل أم مستقبلاً، وهل سيأتي من الداخل أو من الخارج، أو من الداخل بمساعدة الخارج؟
رووداو: الجزء الذي له علاقة بأخواتنا وإخواننا المسيحيين. المسيحيون، مجتمعنا المسيحي في العراق، كان تعدادهم في العراق أكثر من 2.5 مليون نسمة قبل 2003 كانوا نحو ثلاثة ملايين، لكن تجدهم اليوم إما مهجرين أو لاجئين في خارج البلد والمسيحيون يرحلون عن أوطانهم في نينوى وعند حدود إقليم كوردستان العراق مع تركيا، وكثير من أصدقائي المسيحيين يخبرونني بأن الدول الغربية والعالم المسيحي والديمقراطيات الغربية هيبوقراطيون في التعامل مع ملف المسيحيين ويستخدمون معاناتهم لكسب الأصوات في حملاتهم الانتخابية، بينما ربما بقي اليوم 500 ألف مسيحي يعيشون في العراق من أصل ثلاثة ملايين منهم.
ستيفن هيتشن: أولاً، إن شاء الله سأزوركم في العمادية. المسيحيون بحاجة إلى تطبيق القانون من قبل الدولة العراقية، وهجرة المسيحيين إلى الغرب، وهي ليست مسألة سياسية في بريطانيا. بخصوص التغيير في العراق، دائماً ما أقول إن مصير العراقيين بأيديهم، وهذا ليس معناه بأنه لا يوجد تأثير خارجي، هو موجود..
الطبيبة ليفيار سامي، وهي من محافظة كركوك، تقول: دعني أعود بك إلى عام 2017، ومن المؤكد أن تعرف ماذا حصل، احتلال 16 تشرين الأول، وأسميه احتلالاً لأن البيشمركة كانت متمركزة هناك وقدمت تضحيات لكل القوميات، فلماذا دفعت بالحشد ضد الكورد؟ وما دور شركة بريتش بتروليوم خلال هذا الحدث؟
ستيفن هيتشن: حضرتك تحاولين استدراجي إلى حقل ألغام، لكنني سأحاول الإجابة بشكل دبلوماسي وصريح. تغير شكل العراق بعد داعش، وتأثير الميليشيات في بعض المناطق العراقية لم يكن موجوداً قبل ظهور التنظيم، لذا من تداعيات داعش وجود الحشد الشعبي والميليشيات في سهل نينوى، لم تكن موجودة في السابق، والتحدث للحكومة العراقية في كيفية تعاملها مع وجود الميليشيات في سهل نينوى والموصل وكركوك وكذلك جرف الصخر، وأعتقد أن ستراتيجية الحكومة كانت في احتواء الميليشيات، تحت أوامر الجيش ورئيس الوزراء، الذي سيأخذ وقتاً، والشركة البريطانية بعيدة عن السياسة وتبحث عن استقرار أمني وإداري لتسهيل عمليات الاستخراج ولتدريب العراقيين الموظفين لديها.
محمد أبو الهيل من الديوانية، وهو عضو ائتلاف الشباب والسلم والأمن، يقول: الديوانية من المناطق الأثرية والتي تحتوي أول مكتبة في التاريخ، التي انطلقت منها القراءة والكتابة. كيف يمكن للمملكة المتحدة الترويج لآثار الديوانية على المستوى العالمي، لزيادة فرص قبولها في قائمة التراث العالمي؟ وفي حال قبولها، ما هو دوركم في تعزيز السياحة الثقافية في الديوانية؟
ستيفن هيتشن: الجواب سيكون مناسباً للمحافظات ككل، لدينا العديد من المشاريع للحفاظ على الثقافة والتراث العراقي الملموس وغير الملموس، وللأسف الشديد خلال الفترة الماضية، لم نملك الفرصة لزيارة الديوانية، ودولة رئيس الوزراء يصر على زيارتي لميسان أيضاً. لا نريد إنقاذ كل شيء في العراق لأنه واجب الدولة العراقية، وأعتقد أن الشيء المناسب في بعض الأحيان، هو إنارة عدة خيارات أمام الحكومة، وليس مشاريع مباشرة، والحلول عندكم فأهل مكة أدرى بشعابها. السياحة تعتمد بأمان البلد، والوضع الأمني في العراق أفضل من السابق ب 100 مرة، لكن هناك تهديدات على البريطانيين، وأنا شخصياً أتعرض لتهديدات، إذ أن هناك بعض الميليشيات لا تحبّنا، لذا من الصعب أن أشجع أقاربي على زيارة العراق في ظل التهديدات الإنفلات الأمني وعدم السيطرة على الأسلحة المنفلتة، وإن شاء الله أتطلع إلى عودة السياحة بشكل كبير للعراق يوماً ما.
شاب من واسط، يسأل: في تصريحين سابقين لك ذكرت أن قنبلة تزن 25 كغم من المتفجرات ليست رسالة، وفي مركز الرافدين بالنجف، أن ميليشيات الحشد الشعبي هي نقطة ضعف في العراق، ولكن من جانب آخر، أنتم تدعمون ميليشيات البيشمركة في الشمال، لماذا هذه الإزدواجية في المعايير. وبالحالتين الجهتان تأتمران بأمر القائد العام للقوات المسلحة. وسؤالي الثاني، هل دعمكم للسوداني صفقة إقليمية أم قناعة؟
رووداو: عفواً منك، لكن البيشمركة ليست ميليشيا. هناك نقطة أود توضيحها، أقول هذا كإبن لبيشمركة، كان المرحوم والدي بيشمركة في الثورة الكوردستانية في العام 1974، كإبن لبيشمركة أقول إن البيشمركة وفقاً للدستور العراقي الذي صوت له أغلب العراقيين بما في ذلك كوردستان سنة 2005، وبموجب النضال الذي يخوضه منذ 100 سنة في سبيل الحرية للبلد، قوة وطنية محترمة، ولما جاء بول بريمر سنة 2003 واستخدم الكلمة التي استخدمتها الآن لوصف البيشمركة ردت عليه القيادة السياسية الكوردستانية في حينه الرد اللازم ولهذا بقي البيشمركة إلى الآن وسيبقون كجزء من المنظومة الدفاعية للعراق ككل وفقاً للدستور وكقوة وطنية كوردستانية عملت باستمرار على حماية أرواح أبناء الشعب.. أردت أن أوضح لك هذا.
ستيفن هيتشن: حينما قلت إن قنبلة فيها 25 كغم من المتفجرات ليست رسالة، كان في فترة العلميات ضد قواعد التحالف، الذي يتواجد في العراق بدعوة من الحكومة، وكانت هناك أقاويل بأنها ليست عمليات بل رسالة تحذير من الميليشيات إلى التحالف، وأنا قلت في ذلك الوقت قنبلة فيها 25 كغم من المتفجرات ليست رسالة، بل محاولة جدية للقتل، وهذا ما حصل، والأميركان الثلاثة الذين جاؤوا إلى العراق لتقديم المساعدة، قتلوا على يد ميليشيا عراقية، أي أن الأشخاص الذين يصلون العراق بطلب من حكومته، يقتلون من قبل ميليشيات، وهذا لا يعد رسالة. الحشد الشعبي جزء من الدولة، لذا المقاتل بداخله يجب ألا يرفض أوامر القائد العام، والميليشيات الأخرى التي لديها أسلحة، كما هو الحال لجيش المهدي قبل 15 عاماً في البصرة، والذي مثّل تحدياً لهيبة الدولة، وشكل أزمة محلية أمنية، لكن الميليشيات الخارجة عن نطاق الدولة الآن مشكلة دولية، وقد تورطكم بدون رغبتكم، ولا برغبة رئيس الوزراء المنتخب، في مشاكل دولية أو حتى حرب، وهذا أهم سؤال أمام النخبة السياسية، الحرب أم السلام؟ وهذا ليس بأيديهم، بل بأيدي الميليشيات، وهذه نقطة ضعف، ويسبب هشاشة الدولة، أما الأخوة في البيشمركة ليسوا ميليشيا وفقاً للدستور العراقي.
شابة من البصرة، تسأل: لماذا لم تقدم وزارة الدفاع البريطانية خرائط المقذوفات والألغام الحربية التي تركتها القوات البريطانية للحكومة العراقية لتسهيل عملية رفعها ومعرفة نوعها، خاصة مع وجود حالات قطع أطراف ووفيات لحد الآن في العراق؟ وسؤالي الثاني، لماذا لم تقدم القوات البريطانية المساعدة للعراق في تطهير الأراضي رغم الخبرة العسكرية والهندسية التي تمتلكها؟ وسط خطورة هذه ما هي إسهامات المملكة المتحدة في تحسين الوقاع البيئي والصحي في البصرة؟ وهل لدى الحكومة البريطانية رغبة في فتح قنصلية في محافظة البصرة؟.
ستيفن هيتشن: بالنسبة لبقايا الألغام وغيرها، فهي جزء من الحروب التي شهدها العراق في السابق، وغالبية الألغام في العراق الآن من الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات ومن فترة داعش. منذ 2016 كان هناك قرض بريطاني للحكومة العراقية لاستخدام شركات بريطانية من أجل إزالة كافة الألغام، لكن في ظل المشاكل التي حصلت مثل فيروس كورونا وغيرها، وبحثنا مع وزير البيئة العمل على تطهير تلك الأماكن. بشأن القنصلية، كانت لدينا قنصلية في البصرة وقمنا بإغلاقها في 2011 أو 2012، لكننا الآن في مرحلة جديدة، فخلال فترة داعش كانت أولويتنا وأولويتكم هزيمة داعش، لكن الآن نريد تعزيز فرص التجارة، والبصرة تعتبر عاصمة التجارة في العراق، وهذه زيارتي الثانية للبصرة خلال أشهر قليلة، لأن هنالك فرصة استثمارية بالتعاون مع المحافظ، وسترون مشاريع مختلفة وملموسة في البصرة قريباً، ثم لاحقاً سنرى إمكانية فتح قنصلية جديدة، في حال كانت هناك شركة BP ومدارس بريطانية ومشاريع مختلفة، التي قد تكون سبباً في ذلك.
ديار دلشاد، يقول: من عاصمة الثقافة والإبداع حامل شهادة الدبلوم في التحليلات المرضية ولي اختراعات من بينها اختراعات كان لها صدى في بلدكم. أما عن أسئلتي فسؤالي الأول هو: في بلدكم هل كان هناك أحد عمل عملاً تطوعياً ثمانية أعوام بدون أن يحصل على أي مكافأة أو حق؟ سؤالي الثاني هو عن حياتك الخاصة، لو كنت بحاجة للذهاب إلى مستشفى في كوردستان، وأرجو أن لا يحدث هذا، هل ستقصد مستشفى حكومياً أم مستشفى أهلياً؟
رووداو: هل ستقصد مستشفى في العراق إن احتجت ذلك؟
ستيفن هيتشن: إن كنت حقاً بحاجة إلى ذلك فنعم سأفعل، وأعتقد أن الأمر يعتمد على الحالة وطريقة تنظيمنا له، فإن كان شيئاً عاماً سأعود إلى المملكة المتحدة، سيعيدونني إلى المملكة المتحدة، أما إن كانت حالة طارئة فبالتأكيد، عندما ولدت ابنتي الأولى في بريطانيا، وقد ولدت في إنكلترا وكان الطبيب عراقياً. ابنتي الثانية ولدت في الكويت، وكان الطبيب عراقياً. لهذا أنا بالتأكيد أثق بالأطباء العراقيين.
سمية رشيد، تقول: أنا إبنة واحد من البيشمركة وجئت من واحدة من قرى أربيل. سؤالي سهل وبسيط. كما تعلمون، اقترب موعد الانتخابات في إقليم كوردستان، ماذا كانت الحكمة وراء قيام سعادتكم بالكشف عن موقفكم السياسي من خلال زيارة رسمية إلى لاهور شيخ جنكي مؤخراً؟.
ستيفن هيتشن: السؤال السهل هو أي فرق كرة القدم الانكليزية تشجع؟ هكذا هي الأسئلة السهلة. أعتقد أني اجتمعت مع كل الأطراف الكوردية تقريباً ومع الأشخاص الذين لديهم قوائم في الانتخابات الكوردية، فقد التقيت الأخ لاهور والتقيت الأخ بافل بالتأكيد والأخ قوباد وكذلك التقيت الجيل الجديد والتقيت كل الأطراف تقريباً وهذا يعني أننا لا نفضل أي طرف على طرف آخر، لا نجري المفاضلة في الانتخابات العراقية أيضاً. بالتأكيد أنا أتعامل مع محمد شياع السوداني وحكومته وبالتأكيد أعمل مع مختلف الوزارات. عندما ألتقي شخصاً، هذا لا يعني أني متفق معه، وعندما يكون لنا بعد الاجتماع تغريدة، ربما، وأنا جالس على كرسي هكذا أرتدي بدلة رسمية وكتب على الصورة السفير البريطاني التقى فلان الفلاني وناقشوا كذا وكذا من الأمور. وراء تلك الصورة ربما يكون هناك عدم اتفاق، ربما يكون هناك حوار صريح جداً وربما حوار شديد يجري خلف الكواليس. لهذا فإننا لا نلزم جانب أحد وعندما ألتقي أحداً لا ينبغي أن تتوقعي أن ذلك تلقائياً يعني ترسيخ العلاقة أو مساندته، وكل السياسيين يحاولون إظهار هذا.
الطالب ألوند زنار، من جامعة دهوك، يسأل: أود أن أعرف رأيكم وكيف تقيمون خطوات رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني في إقرار السلام في العراق وحل الخلافات بين بغداد وأربيل، وكيف تجدون دوره؟
ستيفن هيتشن: الأخ نيجيرفان دبلوماسي بالفطرة، وهو جيد للغاية في خلق الاتفاقات السياسية، وأعتقد أن زيارة كاك مسرور إلى بغداد ثم كاك مسعود كانت مهمة للغاية، كل السياسيين الذين التقيتهم في بغداد كانوا فرحين بلقاء كاك مسعود وقالوا جميعاً إنهم خاضوا حواراً ودياً جداً وأعتقد أن ذلك مهم جداً. مشكلة الرواتب يبدو أنها تتحسن، لكن المشكلة العميقة بحق ولعقود عديدة هي ظن الناس في كوردستان لعقود أن ما يضعف بغداد يقويني. كان الأمر كذلك في أيام صدام. لأن إضعاف صدام يجعلني أقوى. لكن في نقطة ما حدثت قفزة عقلية تقول إن إزدهارنا مرتبط بعضه ببعض، وأعتقد أن هذا خطوة كبيرة على الجانبين اتخاذها لأن هناك الكثير من التاريخ والعديد من الصعاب والكثير من الناس عانوا ومن الصعب أن تثق بمن هو خارج دائرتك. لذا أعتقد أن زيارة كاك نيجيرفان كانت جيدة بحق وكذلك زيارة مسرور وبالتأكيد كانت زيارة مسعود مهمة، وقد حدث تحسن في الجو قد يؤدي على الأقل لطرح بعض المسائل، المسائل الصعبة بشأن كركوك وبشأن نينوى وسنجار، وكلها مرتبطة بعضها ببعض وصعبة الحل.
المهندس محسن حسن حجي من سنجار، يقول: بمناسبة الذكرى العاشرة للإبادة الجماعية للإيزيديين يوم 3 آب، كيف يمكنني أن أثق بأننا كإيزديين لن نتعرض لإبادة جديدة، خاصة أنكم دولة تدعم حقوق الإنسان في المجتمع الدولي؟
ستيفن هيتشن: شكراً على سؤالك وآسف لخسارتك. المجتمع الإيزدي وكل المجتمعات في العراق عانت مع ظهور داعش، وكل مجتمع قدم تضحيات لهزيمة داعش، كان لنا دور في مساندتكم للانتصار في الحرب ضد داعش، النصر كان للشعب العراقي وليس للتحالف أو غيره. الأمر المهم، على ما أعتقد، هو أنكم بحاجة إلى وجود مساءلة وأعتقد أن ما كان مؤثراً في عمليات الإبادة العرقية السابقة وما شابهها من عمليات القتل الجماعية، هو التأكد من استذكار كل شخص، لم تكن مجرد جملة تقول بأن الإبادة العرقية قد حصلت، بل كانت أمراً عاماً يضمن استذكار كل فرد وقد فعلوا أو حاولوا فعل ذلك مع الهولوكوست وفي رواندا وأعتقد أن هذه مهمة تعلم عليها الأمم المتحدة عن طريق يونيتاد الذي نرعاه ولكن هناك المزيد من العمل الذي يجب إنجازه، لا تزال هناك مقابر جماعية في نينوى يجب فتحها، إنه عمل صعب ومروع يجب فعله وهو محزن للغاية لكي يرى الأفراد في البد ما جرى. لكني أعتقد أنكم كمجتمع إذا واجهتم ما جرى ستمضون باتجاه المساءلة في نهاية القصة. الآن طلبت الحكومة العراقية من يونيتاد أن يرحل، وهذا يخص الحكومة العراقية، إنه قرار سيادي، أعتقد أننا لا نستطيع تقديم ضمانات، لأنه من المحزن أن هناك شيئاً داخل البشر يجعلهم قادرين على فعل هذه الأشياء، ليس فقط في نينوى وليس فقط في العراق، بل نرى ذلك في بقاع مختلفة من العالم. لذا فإن الضمان الذي يمكن أن نقدمه هو محاولة تقديم مرتكبي هذا العمل للعدالة وزجهم في السجون، وسنواصل نحن ذلك وسنستمر في التحقيق، الشرطة في المملكة المتحدة مستمرة في التحقيق في أي اتهامات بالتورط ليس فقط مع الإيزديين بل في سبايكر وعمليات القتل الجماعي الأخرى. لذا لسوء الحظ، وأنا آسف بشدة من أجل من فقدتهم، أعتقد أننا لسنا قادرين على منح هذا الضمان، أعتقد أنه شيء مرتبط بالشعب العراقي أن يضمن أن هناك مساءلة وخاصة بعد انتهاء مهام يونيتاد أصبح هذا مهمة عراقية.
رووداو: أيضاً من المؤسف أن هناك 70 عائلة داعشية قد يصبحون أعضاء جدد في الميليشيات وهناك منهم في مخيم الهول الذي يبعد ربما 50 كم عن سنجار، والمجتمع الدولي ليس هناك لتقديمهم للمساءلة.
ستيفن هيتشن: حسناً، مشكلة داعش لم تنته، مشكلة داعش أفضل مما كانت عليه لكنها لم تنته، ومسألة شمال سوريا والفضاء المتوفر في سوريا لداعش لإعادة تنظيم صفوفه. أنا لا أستطيع أن أتصور كيف أن الحكومة السورية تنظم وتحكم شرق سوريا، الحكومة السورية لا تستطيع حكم درعا التي تبعد عن دمشق 50 ميلاً، لا تستطيع السيطرة عليها، لا تستطيع تقديم الخدمات ولا تستطيع تقديم التعليم في درعا، فكيف يمكن أن تسيطر على شرق سوريا، لذا وهو أمر محزن، سيكون هناك فضاء لداعش لتنظيم نفسه لسنوات قادمة في الداخل السوري، أنا أعتقد أن الوضع الأمني داخل العراق أفضل بكثير لكن العراقيين يشكلون جزءاً من الصورة، وأعتقد التحالف. هذا مثير لم يكن هناك سؤال عن التحالف. التحالف سينتهي، ولكن التحالف العالمي لمحاربة داعش في الصومال وأجزاء أخرى من أفريقيا وفي سوريا يجب أن يستمر حتى إن كانت المشكلة أحسن حالاً في العراق.
عمر العادل من مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، يسأل: ما هو دورك في الاجتماع الذي حصل في مضيف النائب شعلان الكريم مع نواب وقيادات من المكون السني، هل كان الأمر بخصوص الإستعجال في اختيار رئيس مجلس النواب، ألا يفسر ذلك بأنه تدخل في الشان الداخلي للدولة وتشكيل حكومتها وإضعاف السيادة العراقية؟
ستيفن هيتشن: بحسب اتفاقية فيينا، هو الأساس للعمل الدبلوماسي، ووفقاً للإتفاقية، الدبلوماسي في أي دولة ما، يملك الحق في التحدث مع الناس، وذلك لعدة أسباب، إحداها تعميق الفهم للعراق. أنا ترددت إلى العراق خلال الفترة ما بين 2013-2014، وخلال هذه الفترة كانت لدينا فقط الفرصة للحديث مع المسؤولين في بغداد، وكانوا يقولون لي إن كل شيء تحت السيطرة، وتكرر حديثهم هذا حتى قبل أسبوع من انهيار الموصل، لذا لا يمكننا الاعتماد فقط على وجهة نظر السياسيين أو المسؤولين الكبار، رغم كون لديهم صورة كبيرة للوضع، لكننا يجب أن نأخذ منكم الصورة أيضاً عبر الحوار، ففي كل محافظة يرون الوضع في العراق من زاوية مختلفة، والشيخ شعلان، صديقي وزرت صلاح الدين وكجانب من زيارتي للمحافظة، قام كشيخ عشيرة، بجمع حوالي 100 شيخ ووجه اجتماعي من العشائر، وسمعت منهم وجهة نظرهم حول الوضع في العراق، من كافة النواحي، لذا هذا لا يعني أنهم يؤثرون في تفكيري، بل أستمع وجهة نظرهم عبر الاجتماع معهم، وهذا لا يعني أننا نؤيد الشيخ شعلان أو ضده، كما أننا الآن نستمع لآرائكم في جلسة بيستون توك هذه.
رووداو: من الذي تعتقد أنه يجب أن يجلس على هذا الكرسي بعدك في الحلقات القادمة من البرنامج؟
ستيفن هيتشن: هناك الكثير من الناس الذين قد يخطرون ببالي، من الذين أود أن يجلسوا هنا ويتلقوا الأسئلة، لقد قلت أموراً جيدة جداً عن كاك نيجيرفان بارزاني وأعتقد أنه سيكون شخصاً جيداً جداً ليجلس هنا، وسأشاهد ذلك البرنامج بالتأكيد. أرى أنه سيكون جيداً جداً. وأقترح شخصية كوردية أخرى هو كاك بافل طالباني وأعتقد أنه سيكون شخصاً جيداً للغاية.
رووداو: لكن في أربيل
ستيفن هيتشن: أعتقد أن الشخص الثالث وبما أني في البصرة وآمل أن أراه فيما بعد وأعتقد أنه شخصية مهمة جداً في العراق هو أسعد العيداني. [1]