شهد البرلمان التركي اشتباكات وأحداثاً عاصفة خلال جلسة استثنائية عقدها، الجمعة، بناء على طلب أحزاب المعارضة لمناقشة أسباب عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية بالإفراج عن نائب حزب «العمال التركي» المعارض جان أتالاي وإعادته إلى البرلمان.واندلع الشجار عندما قام النائب ألباي أوزالان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم بتوجيه لكمة إلى النائب المعارض أحمد سيك، بينما كان الأخير ينتقد الحكومة بشأن النائب المعتقل جان أتالاي.
وتدخل نواب آخرون مما أدى إلى شجار عنيف بين عشرات النواب استمر قرابة نصف ساعة.
وأصيبت النائبة عن حزب المساواة الشعبية والديمقراطية (DEM) غولستان كوتشيك في وجهها أثناء محاولتها فض الشجار.
ووجه نواب آخرون من حزب العدالة والتنمية لكمات إلى النائب المعارض أحمد سيك عندما سقط أرضا، بينما تلطخت الأرضية ببقع دم.
وقال ازغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة أشعر بالخجل لأنني كنت شاهدا على هذه الحادثة. وأدعو رئيس البرلمان إلى أن يدعو فورا قادة جميع الأحزاب السياسية إلى اجتماع.
من جانبه أعلن الحزب الموالي للكرد أن نواب حزب العدالة والتنمية الذين لا يعترفون بالقانون ولا يطبقون قرارات المحكمة الدستورية يحولون البرلمان إلى حلبة عنف ولا يعرفون حدودا في أعمالهم التخريبية. ندين بشدة هذا الاعتداء.
وتم تعليق الجلسة البرلمانية التي كان من المقرر أن يدرس خلالها قرار المحكمة الدستورية بشأن استعادة ولاية جان أتالاي.
واشتعلت الجلسة، التي أدارها نائب حزب العدالة والتنمية عن ولاية يوزغات وزير العدل السابق بكير بوزداغ، أثناء إلقاء نائب حزب العمال التركي عن مدينة إسطنبول، أحمد شيك، كلمة حمل فيها الحكومة المسؤولية عن عدم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية، معترضاً على إدارة بوزداغ، الذي كان وزيراً للعدل عندما تم اتخاذ قرار رفع الحصانة وتجريد أتالاي من مقعده البرلماني في بداية عام 2023.
ووجّه شيك، وهو أيضاً صحافي تركي بارز، كلمات إلى نواب حزب العدالة والتنمية، قائلاً: «ألا تخجلون؟! أليست لديكم كرامة أو شرف؟!»، وصرخ رئيس مجموعة حزب العدالة والتنمية عبد الله غولر قائلاً: «اخرس»، ليرد عليه شيك: «اخرس أنت».
وعلى الفور اندفع نائب حزب العدالة والتنمية، لاعب كرة القدم السابق، ألباي أوزالان، وهو المدير المسؤول عن النظام خلال جلسات البرلمان، باتجاه شيك، خلال إلقاء كلمته، ووجّه إليه الصفعات واللكمات، ليقع اشتباك انضم إليه نواب حزب العدالة والتنمية، تسبب في إصابة عدد من النواب، بينهم نائبة حزب «الديمقراطية ومساواة الشعوب»، المؤيد للأكراد، جوليستان كليتش كوتش يغيت، ونائب حزب الشعب الجمهوري، أوكان كونور ألب.
وبعد توتر الوضع في قاعة البرلمان، قرر بوزداغ، رفع الجلسة لمدة 15 دقيقة، قام خلالها العاملون بالبرلمان بتنظيف أرضية القاعة من الدماء.
وبعد استئناف الجلسة، بدأ النائب أحمد شيك استكمال كلمته، لكن عاد التوتر ووقعت اشتباكات مرة أخرى، ما اضطر بوزداغ إلى رفع الجلسة لمدة 45 دقيقة.
ولم يحضر نواب حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في «تحالف الشعب»، الجلسة الاستثنائية حول قضية أتالاي.
وحُكم على أتالاي (48 عاماً)، وهو محامٍ وسياسي، بالسجن 18 سنة، عام 2022، بعد إدانته بمحاولة الإطاحة بالحكومة من خلال تنظيم احتجاجات على مستوى البلاد في حديقة جيزي في إسطنبول عام 2013، بالتنسيق مع رجل الأعمال الناشط المدني، عثمان كافالا، المسجون أيضاً إلى جانب 6 آخرين.
وفي يناير 2023، جرّد البرلمان أتالاي من مقعده بعد صدور حكم قضائي بحقه، لكنه انتُخب لعضويته في مايو (أيار) من العام ذاته عن مدينة هطاي جنوب تركيا للمرة الثانية على التوالي، رغم وجوده بالسجن.
وقال دنيز أوزن، محامي أتالاي: «إن الوضع الحالي له هو (احتجاز) وليس له أساس قانوني، ويجب على المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول أن تقرّر على الفور إطلاق سراحه، وعدم الانتظار حتى انتهاء العطلة القضائية».
وانتقدت العديد من المنظمات المدنية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، استمرار سجن أتالاي وإقالته من منصبه باعتبارها غير قانونية. كما انتقدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمنظمات المدنية، والعواصم الغربية، الاتهامات ووصفتها بأنها زائفة.
لطالما انتقد منتقدو الحكومة والهيئات الدولية تآكل استقلال القضاء وسيادة القانون في تركيا، وخاصة منذ انتقال البلاد إلى نظام الرئاسة التنفيذية في عهد أردوغان في عام 2018.
وأمرت المحكمة الدستورية مرتين بالإفراج عن النائب البالغ 47 عاما بحجة حقه في الحرية والأمن الشخصي وكذلك حقه في أن ينتخب ويقوم بأنشطة سياسية قد انتهك. وطعنت محكمة النقض في آراء المحكمة الدستورية التي صدرت في أكتوبر الماضي. ثم دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محكمة النقض متهما المحكمة الدستورية ب مراكمة الأخطاء.
ونُشر هذا القرار الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 22 فبراير في الجريدة الرسمية يوم الخميس 01-08 2024.[1]