الكورد يستشهدون بتراثهم
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4677 - #30-12-2014# - 13:07
المحور: القضية الكردية
لم يقرا الكثيرون عن التراث الكوردي و ما اتسم به من السلم و الكرم و المحبة و الانعزال و الدفاع عن النفس في اي اعتداء بكل الوسائل ان كانوا مقتنعين باحقيتهم، و ان تاريخهم شاهد على انهم نجحوا في مقاومتهم للاعتداءات التي تعرضوا لها طوال تاريخهم البائس .
من التمعن بتاريخ الكورد لم نجد فيه تعديا صارخا لاهداف ذاتية مصلحية، الا اننا نرى استغلالهم من قبل المسيطرين و استخدامهم وسيلة لتحقيق نوايا الاخرين، بل اجبروا على ارتكاب الفضائح لخدمة الاخر الظالم المحتل، و هذا ما يحسب ربما على سذاجتهم في مراحل ما .
لو اعدنا القراءة لما عاشه الكورد في منطقتهم المنعزلة نتيجة خصئص جغرافية طبيعية علمنا، لما اتسموا بهذه الصفات و ربما الفريدة من نوعها و لم تشاركهم فيها حتى الشعوب القريبة منهم جغرافيامن الاخري، الا انهم تاثروا بسمات واردة من الاخرين نتيجة الغزوات المتعددة التي تعرضوا لها، و هي سطحية ظاهرية و ليست باصيلة فيهم لانها ليست بمشتركة في جميع مكوناتهم و في تركيبتهم بشكل عام .
ليس تعصبا عرقيا او تحيزا و انما قولا للحقيقة، لو زرنا القرى المنعزلة في المناطق الوعرة سنكشف ما بقيت لديهم من الصفات و يمكن تقيم تاريخ الكورد و صفاتهم و تراثهم بشكل عام فيها .
التحفظ ليس سمة الكورد بل هم متلهفون الى التجديد كما نعلم الا انهم لا يرمون السمات السامية فيهم بسهولة مهما تاثروا بعوامل خارجية، و رغم التغييرات الكثيرة في سلوكهم و طبيعتهم المعيشية الا ان هناك نقاط مشتركة خاصة بهم يختلفون بها عن الاخرين من حيث تعاملهم و تعاونهم و التفاعل مع البعض و من ثم كيفية تنظيم علاقاتهم سواء كانت مع البعض او مع الاخر الغريب، و من اروع الصفات هو نياتهم الصافية و نظافة داخلهم بشكل ملحوظ الذي ينفردون بنسبتها العالية فيهم .
كل شعب له مميزاته، و كل شعب له تاريخه، توارث منه الصفات و الخصائص، فالكورد ايضا توارث العديد منها و لكنه تمازج بها مع ما يتصف بها الاخرون نتيجة اعجابهم بالاخر مهما كان . فهذا يحسب عليهم احيانا و يعتبر انه الاحساس بالنقص نتيجة تصديق و الاهتمام بالاخر و اتخاذه قدوة دون معرفة كينونته و بمجرد التعامل معه .
ذهبت صدفة قبل سنين الى منطقة بعيدة عن المدنية و في جبال وعرة و هي قرية لم تسمع بالكثير مما موجود من التمدن و وسائل التواصل و الحداثة الموجودة في المدن، اعتبرته فرصة لاتعايش معهم واقيٌم ماهم فيه في تلك المدة القصيرة جدا، و اقارن وضعهم و عقليتهم و نظرتهم الى الحياة و المعيشة مع الاخرين البعيدين عنهم او مع الاقوام الاخرى و ما مررت بهم في حياتي، و اتخذتهم نموذجا للاصالة الكوردية .
رغم وصول الدين الاسلامي اليهم، الا انهم اتخذوه عادة من جميع النواحي و من الناحية النفسية بالخصوص و بعيدا عن الفلسفة بشكل كامل . التعامل مع المراة و كانها الجزء الاهم و الاصح بالتساوي الكامل مع الرجل من الحقوق و الواجبات رغم الاعتماد الكلي تقريبا في اعمال البيت عليهم مع مشاركة الرجال في امور خاصة و لم الاحظ مثل هذا في المدن، و تعجبت منه . التعاون العام بين عوائل القرية و كانه نظام اشتراكي و التقارب في المعيشة دون ان يعرفوا كلمة من الاشتراكية و المساواة . المستغرب انني حاولت ان اعرف من هو الراس للقرية فوجدت الاكبر سنا احتراما و تقديرا و ليس المتسلط سياسيا. و عندما سالتهم عن حدوث المشاكل و الخلافات بين العوائل و كيفية الحل، فكان الجواب انه نادرا جدا ما تحدث و ربما من قبل الصغار، و تُحل بجلسات عائلية بهيجة دون اي افرازات منها . و حول الامور العامة للقرية فانهم يجتمعون ليلا فيما بينهم و في بيت اكبرهم في اكثر الاحيان و يخططون و ينفذون ما يتفقون عليه دون اي تعقديات و حتى لم يدققوا و يحصل كل ذلك عفويا .
سالت الكثيرين منهم عن كيفية التفاهم و التلائم و سمعت من الجميع جوابا مشابها، و ما مضمونه انهم يحبون البعض و نياتهم صافية و هذا الاهم، و كل القضايا و المشاكل لن تكون صعبة و نجد لها الحلول بما هم عليه من العلاقات الطيبة .
و عليه، يمكننا ان ندعي نحن الكورد يمكننا ان نستشهد بتاريخنا و سماتنا الاصيلة و نقتدي بما لدينا و نصل الى الحلول لاية قضية داخلية، رغم التغييرات التي حصلت على الحياة العامة لكوردستان و في مدنها على الاكثر.[1]