تعامل ايران مع اللاعبين المحليين في دول المنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4632 - #13-11-2014# - 09:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
لاشك ان ايران تنافس الدول العظمى بغرورها في التعامل مع دول المنطقة، ظانة انها لها امكانية السيطرة على المنطقة بنظرتها المتعالية النابعة من تاريخها القديم، كما هي حال تركيا تجانبها و ترادفها فيما تفكران معا ايضا بما تنويانه في المنطقة لما تتمنيان و تعملان من اجله سراعلى انفراد، و لهذا تتصادمان اكثر من غيرهما و ترتكزان في سياستهما على ادارة الاقليم الذي تقعان فيه . فلندع تركيا جانبا لانها تاخرت كثيرا في هذا الموضوع الذي نبحثه، و لا يمكن ان تنافس ايران و نجاحاتها المرحلية منذ عقدين تقريبا، و خلطت تركيا الامر على نفسها بتكرار اخطائها الدبلوماسية الاستراتيجية الجسيمة منذ اكثرعقد تقريبا و وفرت بها الطريق لتقدم ايران في المنافسة و السباق .
و ان كانت قاعدة ايران غير رصينة و سياساتها الداخلية غير متكاملة لانها ذات تركيبة و سمات و خصائص من كافة النواحي السياسية و الثقافية والاجتماعية و الاقتصادية ليست مختلفة مع دول المنطقة بشيء يُذكر، ولا يمكن ان نعتقد انها صاحبة خصوصيات يمكن ان تميزها عن الاخرين و تمكٌنها من قيادة المنطقة دون ثغرات تمنح فرصة للمنافسين استغلالها، بالعكس تماما انها تحوي في تركيبتها و كيانها بشكل عام ثغرات كبيرة بحيث تنعكس سلبا عليها و تنقلب سياساتها رجعيا عليها يوما ما، و ليس لها المقومات الضرورية كي تفكر في مشاركة ادارة دول الاقليم من قبل الدول ذاتها مركزيا او بالتنسيق و التفاعل مع اللاعبين المحليين، بالذي تريده من افكار و استراتيجيات تريد فرضها على المدى البعيد، لما هي ليست لديها من المقومات المطلوبة لذلك، و ما هي عليها حقا و واقعيا انها تتمسك بالنظام الطاريء غير الطبيعي في مراحل تطور الانظمة السياسية في العالم و ما تؤكده البحوث العلمية و التطور الطبيعي للبلدان و ما يدلنا عليه تاريخهم، و لم تقترب ايران الى مرحلة يمكن ان نقول انها اقتربت حد الوصول الى حكم الشعب بنفسه و رسخت اركانها، و نعتقد بانها قادرة على ان تلفت نظرها نهائيا الى خارج كيانها و تتمكن من المشاركة في السيطرة على مسار حكم المنطقة، فهي دولة متعددة القوميات و المذاهب و الاديان تحاول فرض مركزيتها بالقوة و على العكس ما تريدها و تنفذها في دول المنطقة، وهي دولة ليست ديموقراطية بالحجم الذي يمكن ان ترضي داخلها و تطمئن على نفسها و تلتفت بشكل قوي الى ادارة الاقليم ايضا .
ان ما تفكر فيه وتؤكد عليه ايران هو التعامل مع اللاعبين المحليين في دول المنطقة للسيطرة عليها من خلال الولاءات المزدوجة لها اولا و من ثم لمرجعياتهم المحلية، و انها تعتقد بان الدولة المركزية انتهت صلاحيتها لانها كانت من صنع اوربا الاستعمارية بعد الامبراطورية العثمانية، و تستند سياسيا في تطبيق فكرها على المذهبية كباب مشرع امامها في انجاح سياساتها الاقليمية، فنراها في سوريا و لبنان و يمن و ليبيا و البحرين و العراق و ما تريده في دول اخرى مستقبلا، ناسية بانها هي التي يمكن ان تدار فيها السياسات التي تفرضها و تتبعها بلاعبين داخليين فيها و اشراف خارجي ايضا، لانها هي ايضا لديها ارضية تنفيذ مشروع مجموعات و لاعبين محليين كثيرين يمكن تنشيطهم في الوقت المناسب لتطبيق ما تنفذه هي في دول الاقليم على اراضيها ايضا .
كل المؤشرات تدلنا الى ان، اذا استهلت اية حركة من هذا القبيل في ايران و مثيلة لما حصلت في دول الاقليم من حيث الاساس القومي او المذهبي فان شرارتها ستنتشر كالهشيم في النار و اسرع من جميع دول المنطقة . و به تتداخل و تخلط المعادلات على المنطقة والاقليم والعالم ايضا، و يمكن ان تضر بالمصالح الحيوية العالمية، لذا نرى ان الدول العظمى بما فيهم امريكا تتعامل مع الوضع الايراني بحساسية فائقة و لا تريد ان تضيع الخيط الذي مسكته في المنطقة . و لكن لم تبق الضرورات بنسبة ثابتة دائما ، و اي تغيير يؤدي الى النقلة النوعية في وضع ايران و المنطقة بشكل كامل و شامل، و عليه تتعامل امريكا مع ايران كشريك في السر، والا ان الوقود موجود و يمكن اشعال ماموجود من الشعلات المتعددة في اية لحظة . فان كثرة عدد ملاعب في المنطقة و ما يلعبه اللاعبون المحليون فيها افلت على ايران ان تكون هي ملعبا و ارضا خصبا للاعبين المحليين فيها لحد اليوم، و هي تصر على بقاء الحال كما هي لحد اليوم .
اليوم ربما تلتقي توجهات ايران مع اوربا و الدول الاستعمارية القديمة بالذات في نظرتهم الى المنطقة، من حيث نفاذ صلاحية الدولة المركزية التي حلت محل الامبراطورية العثمانية و فرضت فوقيا و بالقوة، نتيجة المصالح الاستعمارية ذاتها، و تلتقي ايران معهم ايضا في اعادة النظر فيها و رسم خارطة سياسية ربما يختلفون من حيث رسمها . فان ارادت تلك الدول الاوربية و من اجل مصلحتها المستقبلية ايضا و تشاركهم بل على راسهم امريكا فيها، ان تكون خارطة تختلف عما تريده ايران من اعتمادها على نهجها و استراتيجيتها الرئيسية المعتمدة على ازدواج مرجعية اللاعبين المحليين للدول التي تتدخل فيها و تريد ان تتشذى وفق ما تفيدها و تسهل لها الامر في بسط نفوذها فيها، اما الاخرون يريدونها تابعة لهم و ان كانت لامركزية متعددة الاسس و الاركان.[1]