آلية امريكا لتطبيق الشرق الاوسط الجديد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4609 - #20-10-2014# - 16:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
فشلت الولايات المتحدة الامريكية تنفيذ مشروعها التي تعتبرها مصيريا لها من قبل تقريبا و العراقيل فرضت عليها التريث في تنفيذه، و هو الشرق الاوسط الجديد و الخارطة التي تتوافق مع استراتيجيتها الجديدة بعد تهرؤ الخريطة الاستعمارية القديمة التي لم تكن لها اليد في رسمها بشكل او اخر في حينها .
بعدما اعلنت و تعاملت امريكا بمبدا الغرور على انها الراعي و القائد الاوحد للقطبية الواحدة، للسيطرة على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، فتخطط و تنفذ و تجرب سواء نجحت او فشلت في جزئياتها او مرحليا، الا انها مصرة على مسيرتها وفق فكرها المبني على صراع الحضارات و نهاية التاريخ و بآلية منها هشة غير مكتملة الاركان في الكثير من الاحيان، و لكنها تتسارع لتنقض على فرصة سانحة لتحقيق اهدافها الحيوية الاستراتيجية من خلق الفوضى اولا و تعتبرها خلاقة لاعادة ترتيب منطقة الشرق الاوسط و يلتحقها و يتبعها في هذا الاخرون الذين كانوا يوما هم الامرين الناهين عن حكم هذه المنطقة، لذا و بعد اضطرارهم و تقدم سلم ثقل امريكا لم تبق امامهم (فرنسا و انكلترا خاصة) بد من ان تتابعا امريكا في تحقيق هدفها سرا و علنا .
مجيء داعش ان كان من المحتمل ان يكون من صنع الايدي و الفكر و التخطيط و المخابرات الامريكية بشكل مباشر او غير مباشر او لا، فانه فسح المجال المثالي امام امركيا لتحقيق مرامها، و به يمكن تحقيق الخطوات التي وضعتها امركيا امامها للوصول الى الشكل المراد لهذه المنطقة و حققها لحد هذه الساعة بتباطوء و ان تخللت مسيرة عملها عراقيل اجبرتها على التريث و من ثم التقاف الفرصة السانحة كما اليوم .
كانت القوى و التنظيمات و منها الاسلامية الموجودة في هذه المنطقة منقسمة و متحاربة و متناقضة في اهدافها و شعاراتها، الا ان داعش اعلن عن نيته في بناء دولة عابرة للحدود زائلة لما رسمتها الدولتان الاستعماريتان في حينه ضاربة عرض الحائط اتفاقية سايكس بيكوو فرض على الاخرين الجنوح اليه و يذوبه تحت كنفه، و تحرك بجدية وسرعة فائقة لتذليل العراقيل امامه و نجح لحد المسموح له، لحين وفر الحجة و الارضية لتقفز امريكا من الفرح و المفاجئة التي صنعها لها داعش في تحقيق اهدافها الاستراتيجية المعلومة . داعش اذل منافسيه بوقت قياسي و لو تعمقنا في اسباب نجاحه تبين مدى الغموض في قدرته و من وراءه، الا انه يمكن استنتاج ما كان الاهم له و لغيره و طرح معادلات كانت نتيجة تضارب الافعال التي مارستها دول المنطقة و دعتها امريكا لحين الوصول الى مرحلة استوجبت حضورها الفعال و الحيوي لتحقيق مرامها و اهدافها لضمان مصالحها .
استغل داعش الوضع الاجتماعي المهتريء و المهدم نتيجة سياسات بلدان المنطقة، و اكتسح مساحة واسعة و اعلن دولة الخلافة التي فرضها على ارض الواقع و هي من مصلحة امريكا البعيدة المدى التي يمكن ان توازي الخارطة الجديدة للشرق و التي رسمتها امركيا و ما توافق عليها حلفائها الغربيين و بعض من دول و مكونات المنطقة ايضا و ربما تحدث عليها تغيرات بسيطة، تسبب داعش في تهديم البنى و العلاقايت الاجتماعية و ما اتسم به المجتمع و مكوناته في منطقة الشرق الاوسط، و هذا ما افاد امريكا اكثر من الناحية العسكرية و السياسية، اي الناحية الاجتماعية و ما فيها من الثوابت التي هدمها داعش افاد امركيا اكثر من توفير ارضية قدومها عسكريا و سياسيا .
و عليه تعمل امريكا بتاني على الارض مستغلة الارضية المتوفرة لها من اجل بناء منطقة و رسم خارطة، فانها تمنع انهيار المنطقة و تضعها في حال تمكنها من السيطرة وقتما شاءت و تتفاعل مع نقاط مهمة و هذا ما نشاهدها من منع داعش التقدم في مواقع استراتيجية حساسة لها الاهمية لدى امريكا كي يبقى اللجم بيدها وقتما اراد التغيير و العمل على الارض، فانها منعت احتلال بغداد و اربيل، و انها تمنع تقدم داعش لما تعتبره خط احمر من جهة، ومع ذلك لم تخسر شيئا على الارض معها، و تحضر لبناء اليات تنفذ بها ما تريد من المستجدات و التغييرات التي تحبذها على ساحة الشرق الاوسط، و كما تحضر من اجل ذلك قوة معتدلة تابعة او منفذة لما تريده هي مستقبلا، و هي منكبة على الرسومات النهائية سياسيا و عسكريا و براحة تامة لما لديها من الوقت الكافي لتحقيق مرامها لما وفر داعش الوقت اللازم لها طالما كان وجوده قويا و مستمرا في غزواته . و مواكبة مع العمليات العسكرية الجوية المحدودة المدفوعة الثمن تفعل على الارض من ترتيب المعادلات السياسية و تنظم ما يهمها في العراق و سوريا و فق وجهتها و اهدافها الاستراتيجية المستقبلية، و تفعل هذا بعد ان تيقنت بان المرحلة ملائمة و لا احد يعارضها بعد الافعال المشينة التي ارتكبها داعش و به اغلق افواه جميه المعارضين الذين يمكن ان يتفوهوا لمنع امركيا من تدخلاتها وفق هواها و مرادها و تخطيطها .
اذن امريكا بعد تحرك داعش الفجائي و ما غير مع مجيئه تلك المعادلات و كانه نزل من السماء الىها و لصالحها و استغلتها بكل قوتها و امكانياتها، فان المنطقة ستسير نحو الخارطة الجديدة بشكل او اخر و حسب ما تنجح فيها امريكا ذاتها و امكانيتها من الخروج من بعض الثغرات التي يمكن ان تخلقها دول معرقلة كايران و روسيا و المتحالفين معهم من التنظيمات، و هذا ما يفرض التاني و التباطيء الامريكي لتخرج من مهاماها بنجاح و دقة لانها اعتبرت من الاخطاء و الفشل التي منيت بها سابقا.[1]