لم نحصل من التغيير الا حرية التطبير
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4603 - #14-10-2014# - 21:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
توسمنا خيرا من سقوط اعتى دكتاتورية في العراق، و تخيلنا ان الفرش الاحمر مشرعة على الجميع لحياة مختلفة مغايرة لما كنا فيه، و نحن محرومون من الحرية و هاربون من صلب الحياة و لم نذق طعم الحرية منذ نعومة اظافرنا، من التعليمو بعض منا الى العسكرية و نحن الى النضال السري و العلني من ثم انتفاضة ا ذار و الحصار البعثي و الخوف من المستقبل و القلق الدائم و هكذا .
بعد التغيير الفوقي وبقوة خارجية، توقعنا بان التغيير الكمي المتراكم سوف يؤدي الى التغيير النوعي بمرور الايام، و يختلط الناس بعصر جديد و يتعايشون مع مفاهيم جديدة لم يحسها العراقيون الا بعد سقوط الدكتاتورية، لمنعها كافة وسائل الاتصال و فرض عليهم ضيق التنفس و ما اشعله من خلافات حتى بين افراد الاسرة الواحدة .
قلنا ان الحرية و ممارستها بعقلانية بعد اخذ الدرس والعبر من الدكتاتورية سوف تقربنا من الديموقراطية الحقيقية و ما يمكن اتبعاها من خلالها لخير الانسانية و تطورها، مستبعدين اي تدخل سلبي او الفوضى في طياتها، و ربما توقعنا بان الفوضى التي حدثت منذ البداية اي بعد سقوط الدكتاتورية بانها خلاقة و ستزول سلبياتها بمرور الزمن و الخروج من عنق الزجاجة سيفرض الطريق السوي في حياة العراقيين بكل مكوناتهم نحو الافق المضيء .
و من منظور كل ممنوع مرغوب، توقعنا بان العادات وا لتفاليد المتبعة و التي منعت من قبل بممارستها لسنين سيتاكد الملتزمين بها و بعد ممارستها بحرية تامة بانه تعود بالضرر على حياتهم و افكارهم و عقليتهم و معيشتهم العصرية و التزامهم العقلاني، و سيتخفف الالتزام بها طوعيا بمرور السنين، مستندين على ان العراق بلد الحضارة و سيعتمد على الاساس القوي الرصين لتاريخه حتى قبل انبثاق هذه الدولة فوقيا دون ارادة اهله و لاهداف استعمارية، و التراكمات الحضارية المدنية الموروثة ستكون لها الاثر الاعظم على اخلاقيات و عادات و تقاليد البلد و ستفرض الايجابي و تبعد الشعب عن كل سلبي تدريجيا .
بعد مرور اكثر من عقد و نيف على سقوط الصنم، و لابد ان نذكر بانه خُيب ظننا و لم نعد نتقدم تدريجيا بل نتخلف بسرعة تدريجيا ايضا و كل يوم اكثر من قبله، لم تفرض الحرية علينا غربلة الايجابيات عن السلبيات بل اثبتت و جسدت كل ماهو السلبي على ابناء الشعب و من الجيل الجديد بالاخص و في عقلية الشباب و بشكل مؤثر و باتجاه معاكس للعقلية الانسانية . ما لم نراه من قبل رايناه خلال هذه السنين، من الخرافات و الخزعبلات و التخلف، اصبحت التوجهات الدينية و المذهبية ملتصقا بما يمت بالخرافة اكثر من العقلانية والانسانية و مصلحة الانسان، و لم تزدنا الحرية الا نوعا الا الدروشة و التصوف و التقاليد المتخلفة من التطبير و الضرب بالسلاسل باسم الدين و المذهب و الائمة، و ما زاد الدين بلة هو التدخل السياسي و الصراع بين المذاهب و المحاور و الاحزاب و الكتل في تجسيد التخرفات والعادات وا لتقاليد التخلفية التي لاتقبلها العقلية العلمية العصرية ، و ما اغمرنا في الوحل و المنغصات هو دخول هذه الخزعبلات في الصراعات السياسية و المزايدات و المصالح الشخصية على حساب حياة المواطن و فرص تقدمه و تمتعه بالحياة الحرة الكريمة البعيدة عن التخلف و الاعاقة .
فهل من المعقول ان يدخل ما يؤدي بك الى الحضيض كشرط لانتماءك الديني و المذهبي و الحزبي و الايديولوجي، و يسبب لك التضيق الحياتي من كافة النواحي و ينشر الفساد في كل ثنايا حياتك، و يُستغل مستواك الثقافي الواطيء و وعيك المحدود في مسار ديني مذهبي يعمق شق الشعب و يبتعد المكونات عن البعض . اذا لم نحصل من التغيير الا الحرية التي يمكن ان ننتقد و نصرخ دون ان يسمع احد بدلا من منع الصراخ و الانتقاد الذي كنا نعيشه من قبل،فما الخير من الحرية هذه، اي اصبح التغيير طريقا واسعا متوجهة نحو الشعوذات و الجدل، اي بمعنى انه التغيير من اجل التطبير بمعناه الضمني و الظاهر ايضا.[1]