اصرار تركيا على موقفها المتعجرف
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4603 - #14-10-2014# - 15:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
بيٌن النظام التركي مدى عنجهيته و شوفينيته من خلال تعامله مع المستجدات في المنطقة، و انه اليوم بالذات عبر بشكل علني و واضح عما يفكر به و كيف يفكر قادته و نظرتهم الى المنطقة و مدى ايمانهم بالمباديء و القيم التي يعلنونها جهارا و هم براء منها و يدعونها زورا و بهتانا، و المستعجب من الامر ان العالم يراقبهم دون موقف حاسم و حازم لوقفهم في طريقهم لتدمير كل فكر و عقلية انسانية عصرية تطورية، وفي القوت الذي كان العالم ينتظر منهم موقفا واضحا ضد داعش، انهم يجريمتهم اليوم اوضحوا على ارض الواقع بانهم حليف داعش بكل معنى الكلمة، وفي الوقت الذي كان العالم ينتظر ان لم يقف هذا النظام الهمجي ضد داعش ان يسمح بمن يحاربه و يسهل لمن يضحي بالدماء و يستبسل من اجل الانسانية ان يصلوا و يحصلوا على الامكانيات التي تنصرهم، بينما النظام التركي يساعد داعش علنا اليوم كما كان يعمل سرا من قبل .
ان النساء و رجال كؤباني يقفون بالمرصاد امام هجمات داعش الشرسة و صدورهم درع واقي لكل من يريد النيل من ما يمت بالانسانية من الفكر و العقلية، على العكس منهم تتصرف تركيا و هي تتشدق بخلفيتها الاسلامية تضليلا و تكشر انيابها في حدود كوباني و تقصف الكورد الذي هو في حالة حرب في كوردستان الشمالية . من هنا لابد ان يقف العالم اجمع و بالاخص الدول التي تدعي العصرية و الانسانية في التعامل مع الحياة موقفا مشرفا و يجدوا الوسيلة التي توقف تركيا من همجيتها السياسية و نواياها التي تسير عكس التيار و عميت عيونها من متطلبات و مبادي العصر الراسخة في العالم، و هي تنقشع و تختزل نفسها و تتكور في بودقة الفكر العثماني التوسعي و تسير على خطى السلاطين التي ولٌوا و الى الابد .
ما اقدمت عليه تركيا من العملية الجوية في المكان الخاطيء تفرض ادانتها و شجبها و الوقوف ضدها باسرع وقت و باقوى موقف، و بالخصوص ان المنطقة امام هجمات اجرامية همجية من قبل الارهاب و من يحتمي بهم كتركيا و تستخدمهم لتحقيق احلامها التوسعية في المنطقة .
بهذا السلوك المخزي فتحت تركيا الباب على مصراعيها لاعتى تنظيم و بينت بوضوح سياساتها و ما تقدمه للشيطان من اجل اهداف سياسية تناقض ما تدعيه من المباديء الاسلامية السمحة ان كانت كذلك، و انها وقفت اليوم علنا و بكل تبجح مع من يحاربه العالم، و لابد ان يحتسب على من تتحالف و تتعامل و تنسق معه من اجل اهداف سياسية فقط و تركيا تساوي مع داعش اليوم من كافة الجوانب .
انها ليست براغماتية في السياسية بل انها ارهاب بعينه، ما تتعامل به و تفعله تركيا انه الوقوف ضد العالم اجمع و ليس الكورد وحدهم، لان الكورد اليوم ينوبون عن العالم في محاربة الارهاب و يضحون و يستبسلون على اراضي كوردستان و يمنعونهم من التمدد، و تركيا تساعدهم بشكل مباشر و غير مباشر، الى ان كشفت عن ما تخفيه و تفعله في المنطقة و هي تسبح عكس التيار لمصالح همجية شرسة .
ان ما تسير عليه تركيا محاولة لاسترجاع التاريخ، و لكنها لم تع ان التطور سائر وعجلة التاريخ عندما تمر و تنتقل الى مرحلة مغايرة لا يمكن ان تعود كما كانت و لا يمكن ان تستنسخ وضعا ليس في وقته و اركانه غير مثبتة . اتخذت تركيا موقفا فريدا و مناقضا لذاتها بخروجها عن الجمع الدولي و ما تتكتك به و تريد ان تبرز نفسها كقوة خاصة في المنطقة على الرغم من امكانياتها المتواضعة التي لا يمكن ان تتصرف بما ليس بامكانك ان تكون فيه و انت لم تتسم بالخصائص المطلوبة لما تريده . انها تريد فرض شروط خاصة بها لوحدها دون اي اعتبار للاخرين الذين لا يتوالم ما تريده مع اهدافهم و مصالحهم، و انها تستغل موقها لفرض ما تفكر به، دون اي تعمق في مواصفات المرحلة و ما فيه المنطقة و المحاور و مصالح الاطراف، لذا من المتوقع جدا ان تتضرر من الجانبين من نيتها في دخول الاتحاد الاوربي من جهة و من بقاء مكانتها الحالية في المنطقة من جهة اخرى، انها مغامرة ومقامرة دخلت فيها و اكثر الظنون انها تخسر فيها لما فيه المنطقة و المرحلة من التغييرات التي اجريت في المنطقة و التي تخالف العهد العثماني بشكل مطلق، و الخير لها ان تعود الى رشدها و تسير في العملية السلمية التي اجبرت عليها و هي لا تؤمن بها كما اثبتت اليوم و تدخل فيها بشكل جدي بعد ان تقرا المستجدات بعقلية متفتحة عصرية ملائمة للقرن الواحد و العشرين و ليس لغرور السلاطين و الحنين الى العهود التي مرت دون ان تتمكن من العودة.[1]