الفوضى في التسميات
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4602 - #13-10-2014# - 22:39
المحور: الصحافة والاعلام
كتبت الزميلة الكاتبة الصحفية القديرة فابيولا بدوي مقالة مؤثرة في صحيفة الرؤية الاماراتية، عن الخلط في المفاهيم مابعد الربيع العربي او حتى قبل الثورات التي سميت عفويا بهذه المسمى، و بكلمات واضحة و معبرة بسلاسة عن موضوع يشغلني منذ مدة ليست بقصيرة، و هو الخلط في العمل و اندثار او انعدام التخصص في الشرق الاوسط بشكل عام وهو عدم تسمية الشيء بمسمياته الصحيحة المعبرة عن صلبه و حقيقته بشكل صريح و ملائم، و اعتقد ان الامر فيه من الخلط فيما وراء التسميات و ليس المفاهيم ذاتها، اي بعبارة اخرى وجود تلك المفاهيم و لكن دون وضعها او الصاقها بما يعبر عنها و يعرٌف و يعبٌر عن محتوياتها بشكل حقيقي، و تدخل في ذلك امور سياسية و اجتماعية ايضا وحسب مقتضيات المرحلة و المكان، انني ارى يوميا من يخوض معركة ثقافية اذا جاز التعبير و يُعرٌف بالمحلل السياسي و من هو نشط في مجال حقوق الانسان و المنظمات المدنية و يُسمى بالمراقب السياسي و من هو اكاديمي و اختصاصه بعيد جدا عن تسميته و لغرض ما يُبرز في مجال مضاد لخبرته و توجهاته، و يمكن ان تكلمت بدقة اكثر انني اعبر عما اراه في العراق بشكل عام و كوردستان بشكل خاص، و هذا يمكن ان ينطبق في بلدان الشرق الاوسط بشكل او اخر . في احدى لقائاتي التلفزيونية و بعدما شاهدت البرنامج كتب تحت يافطة تعريفي مصطله و مفهوم كان جديدا في نظري وهو كادر سياسي مستقل لو حللنا الكلمات الثلاث و تضادهم مع البعض، و في لقاء اخر؛مراقب سياسي، و في اخر؛ كاتب سياسي او خبير سياسي و لصقت بي من المصطلحات المبتدعة و الى اخره من التسميات العديدة و كل حسب راي المعد و المخرج و الخلفية التي تحكم وسيلة الاعلام تلك دون اي اعتبار لحقيقة تخصصي او عملي و توجهاتي، ولو سؤلت قبل اي لقاء لقلت عما اعتقد انني ماذا اعمل و ما اختصاصي و بماذا افكر و ما يلائمني و حقيقتي من المفهوم الملائم الذي استحقه، ولكنت قلت على نفسي بانني باختصار شديد كاتب صحفي فقط و يمكن ان تُعبرهذه التسمية عن كل ما سبق، لانه تحمل في طياتها ما يخص العمل الصحفي المتشعب و هو بيان الحقائق كيفما كان و باي اختصاص سواء كان سياسيا او اجتماعيا او فلسفيا و بالوسيلة المتاحة االمقروءة او المرئية او المسموعة و ان تدخلت فيها التحليلات و التنظيرات حسب الامكانية والقدرة الذاتية و المعلومات المتوفرة لدينا .
اعيد، انني اتكلم عن العراق و كوردستان بالذات، ان اسباب الفوضى في هذا المجال عديدة منها موضوعية و ذاتية، تدخل فيها المصالح السياسية و الحزبية و الشخصية، فنرى من الاحزاب من مصلحتها ابراز شخص ما في مجال وهو فقير و لم يملك من منتميه من ذلك الاختصاص فيريد ان يظهر حزبه او تنظيمه على انه قوي و لديه ما لدى غيره و هذا تضليل، او اصرار الاشخاص بذاتهم على تسمية ذاتهم بمسميات بعيدة عن مجالهم و امكانياتهم و قدراتهم، او تهدف الوسيلة الاعلامية على بيان الشخصية المدعوة على انها المعنية في البرنامج المعين او اخطاء شخصية سواء من المعدين او المعني بكل وصفة او تسمية يُطلق على المثقفين او السياسيين بالبذات .
بعد التحرر من ربق الدكتاتورية التي لم تكن هناك فرصة لحرية الراي في حينه، طفت الى السطح هذه الحالات و التي صاحبت الفوضى في المجالات الاخرى ايضا، و كانه حدثت انفلاقا في العملية الثقافية السياسية و لم تهدا الحال لحد اليوم و نرى التشويش و التضليل في امور عديدة و منها عدم التدقيق في المفاهيم و خلطها بدءا بالتعريفات الصحيحة الحقيقية التي يجب ان تاخذ مجراها الحقيقي الى الحالة السياسية الفوضوية التي نسير عليها في كافة النواحي و منها وضع المفاهيم في مكانها الصحيح ايضا . و كما هو الواقع استحدثت تسميات ومفاهيم وفق المرحلة و ما تتطلبه من التواصل كلغة و بعضها لم تترجم لحد الان الى الغة العربية او الكوردية و تعبر عنها بلغتها الاصلية و تلصق بمضامين و محتويات لا تعبر عن المفهوم او على التضاد معه احينا . لذا نحتاج الى اعادة النظر في التعبير لغويا عن المفاهيم بعيدا عن التعصب و الانانية التي يريد البعض من خلال المفاهيم التعبير عنها و تدخل في باب الشوفينية ايضا.[1]