لدينا عقدة التقليد في غير محله
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4590 - #01-10-2014# - 15:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
شاهدته بصدفة محضة و لم اعلم انه عراقي او بالاحرى كوردي من مظهره، هذا ليس بعيب كما اعتقد، لان الانسان كيفما كان و اينما كان وان كان بخلفية و عقلية متنورة لا يهم شكله و مظهره، و لكن ان كشفت فيه تناقض الخارج مع الداخل فهذا خلل لابد ان يُعالج، تكلمت معه بعد التعارف و السلام، و كما يُقال، ان اردت ان تعرف فكر و ثقافة احد و مستواه دعه يتكلم لبرهة . اشتكى من الوضع و ما نحن فيه في كوردستان و رمى سيكارته على الارض و هو يكلمني، تكلم عن القادة بشدة و لم يدع احدا و انزله الى الحضيض، و بصق في مكان انظف من وجهه، حلل الظروف السياسية العامة و سب و شتم يمينا و يسارا، و تحدث عن الاصالة و ضرورة الالتزام بما هو الاصيل، و افتخر بانه يعيش في دولة اجنبية و ما فيها يساوي كل ما موجود على ارض كوردستان، لم يدع شيئا و لم يقله عن المساواة بين الرجل و المراة، ومن سياق كلامه كشف لنا بانه طلق اكثر من ثلاث مرات و تخلل كلامه عن الضرب المبرح عن احداهن، ادعى انه من محبي الزي الكوردي و لم يفارقه حتى في اوربا، و قال ان الجينز الذي يلبسه اغلى ما موجود في اوربا، تكلم عن العلم و المعرفة و الشهادة و لم يحصل على الاعدادية، انتقد العادات و التقاليد الاجتماعية الشرقية وانكر ما موجود و يجب عدم الالتزام به للخروج من الحال المزري الذي نحن فيه، و قال اشتريت عجلا و اذبحه اول يوم العيد الاضحى و اوزعه على الاهل و الاقرباء و لم يذكر الفقراء! نصحنا بالقراءة و لم يعلم ان رواية الام من نتاج مكسيم غوركي، و الادهى من كل ذلك انه لحد الان لم يتقن لغة البلد الذي يعيش فيه و هو لم يقبل اقامته بسببه، و ادعى ان تعرف كل لغة فهي علم زائد تفيدك، و فوق هذا و ذاك ادعى الوطنية و التضحية من اجل الوطن و لم يخدم في اية مؤسسة و لم ينتمي لاي ثورة في حياته . فقلت مع نفسي اللهم صبرك و رحمتك كما يدعي المؤمن التائب، و انا منه بريء، ترى نحن نعيش في تناقض مع انفسنا ام هو التقليد الاعمى الذي ابعدنا عن حقيقتنا .
اننا نعيش في مجتمع لم نجد فيه الصدق منذ ولادتنا من البيت الى الشارع الى المدرسة، و اقل شيء نبالغ فيه منذ الصباح الباكر الى اواخر الليل، ليس هناك وقت محدد لدينا للصدق و لا نعرف عن المصداقية شيء، الامانة و الاخلاص في خبر كان، ترى ما الذي غيرنا و هذا يحتاج لبحث و تمحيص في اخلاقياتنا و كيف وصلنا الى هذا الحال .فهل من المعقول كل منا يعتبر نفسه خبيرا في كل الاختصاصات و نحن لا نعلم من اي شيء الا اسمه، و نتكابر دون جوهر و بدون محتوى او و نعيش و نموت و نحن جوفاء من حتى الضروريات التي من الواجب معرفتها في حياتنا من اجلنا نحن وحتى ليس لاستفادة الاخر .
ان التقليد الجيد و المفيد في محله فان لم يفد لا يضر، و لكننا نقلد و نختار الاسوا في تقليدنا و هذا ما يدعنا دائما في الخلف . هل من المعقول ان تعتبر نفسك ارسطو زمانك و لا تعرف من الحياة الا قشرتها . فويل للذين عن تاريخهم و مجتمعهم ساهون و يدعون التقدم و هم في الجهل غارقون و يقلدون و لا يعلمون ان حتى البعيدين عنهم بزيفهم عالمون، و البلدان من سلوكهم يتضررون، وعليه يستوجب وضع حد لهؤلاء المرضى النفسيين و المغرورين، وكيف يمكن ذلك و هم يدعون العلم و الثقافة و لا شيء منها يملكون.[1]