لماذا اوصلوا كوردستان لما نحن فيه
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4589 - #30-09-2014# - 16:43
المحور: القضية الكردية
لا اريد التكلم عن الحركة التحررية الكوردستانية و ما تتضمن من التناقضات و كيف سيطرت المصالح الحزبية الشخصية على جانب منه و خاصة اثناء الحركة و الثورة الجديدة منذ عام 1975 و ما شابتها من الحروب الداخلية و الخروقات من كافة النواحي السياسية العسكرية و الانسانية .
بعد انتفاضة اذار و الهجرة المليونية و قرار رقم 688 من الامم المتحدة و تامين المنطقة الامنة و منع الطيران فوقها، و حصار الدكتاتورية الاقتصادي على الاقليم، تحمل الشعب الكوردستاني الضيم، لانه كان امام عدو جائر و يتعامل مع الشعب الكوردستاني باجحاف و بكل السبل الظالمة و منها دخلت في خانة الابادة البشرية من ضربه بالاسلحة الكيميائية و دفت 180-الف كوردي في و هم احياء في مقابر جماعية و تخريب اكثر من 5000 قرية، و الضيم الذي واجهه هذا الشعب المضحي . انني هنا اليوم اتكلم عن الوضع الراهن و التغييرات الجوهرية التي حصلت، و لم ار من تحقيق الاهداف و التقدم في وضع الشعب الكوردستاني ما يعادل حجم التضحيات التي قدمت، من حيث ضمان الحقوق و الخدمات التي من المفروض تامينها للشعب الكوردستاني بعد هذا الخراب و الدمار و الاعتداءات التي طالته .
منذ 1964 و ابتليت الثورة بالصراع الضيق داخليا و الاستناد على مصالح و اتخاذ خطوات غير صحيحة نتيجة عدم تقييم المرحلة التي اتخذت فيها الخطوات و المواقف السياسية على ارض الواقع، و برزت صراعات سميت بين الكتلة المحافظة و التقدمية، و ان كان من الواجب السير نحو هذا التوجه في الصراع من اجل التقدم و الوصول الى النتيجة المنتظرة التي كانت يهدفها الكورد المضحون بارواحهم دون ان يفكروا في التفاصيل، و كل ما اخطات به النخبة هو عدم تقديرهم و تقيمهم للواقع و ما كان عليه الشعب الكوردستاني من المستوى الثقافي و المعرفي و سار هذا العدد القليل نسبيا من النخبة وفق ما كانوا يحملون من المواصفات التي لم تتواجد في ولو نسبة نادرة جدا من ابناء الشعب الكوردستاني وفق تفكيرهم و توجهاتهم و ثقافتهم، و التي كانت المسافة كبيرة بينهم و بين الجماهير، و لم يحسبوا لاستغلالهم من قبل الاعداء و لم يحصلوا الا على النتيجة العكسية، اي لم ينجحوا في التاثير على الثورة من جهة، و افرغوا الحزب الوحيد في حينه الديموقراطي الكوردستاني من النخبة التي كان بامكانها ان تؤثر على القرارات وعلى المنتمين بشكل ايجابي من جهة اخرى . اي نُبتت بذرة الخلافات و الصراعات الداخلية القوية منذ تلك المرحلة و لحد يومنا و دفع الشعب الثمن الغالي لتلك الاخطاء قبل اي شخص او حزب كان .على الرغم من فترات التهدئة في الصراعات التي يمكن ان نسميها بالشرقية او العراقية و من ضمنها الخصوصية الكوردية في هذا الشان، اضافة على تراكمات التاريخ و افرازاته السلبية على الشخصية الكوردية و دورها و قدرتها و مكانتها بين شعوب المنطقة من القوميات السائدة و المسيطرة على زمام الامور في هذه البلدان التي الحقت بها كوردستان بقوة و ارادة الاستعمار فقط دون رغبة من الشعب الكوردستاني .
تخللت النضال حروب اهلية داخلية مما زادت الطين بلة، اضافة الى افعال الاعداء الوحشية و النظرة الشوفينية للقوميات التي توزع علي بلدانهم الكورد و انقسمت كوردستان عليهم . و هذا ما جعل الكورد صريع اخطائهم الاستراتيجية التاريخية و لم ينجوا من تلك السلبيات لحد اليوم .
بعد تحرير العراق من ربق الدكتاتورية و سقوطها الذي عبر به العراق الى مرحلة ليست كقبله، فتنفس الشعب الكوردي الصعداء شيئا ما، الا انه لم يحقق اهدافه و امنياته، الى ان دخل في صراع اخر و هو على الساحة العراقية اضافة الى الداخلية الكوردستانية، و تاثر اقليم كوردستان بشكل مباشر بما حصل في بغداد بشكل ما الى ان وصلت الخلافات بين السلطتين في عهد المالكي الى القمة نتيجة تفرد المالكي و تهميشه واقصائه للاخر و غروره و عدم اهتمامه باهداف و خصوصيات الاخر و تكراره لنسبة كبيرة من اخطاء الدكتاتورية دون ان يعتبر منها، فتورط هوو ورط العراق بحرب داخلية و احتجاجات و خلافات و الانشقاقات الشعبية و النعرات الطائفية الى حد لا يمكن السيطرة عليها في القريب العاجل .
اما على الصعيد الداخلي الكوردستاني، فان الصراع بين الحزبين المتنفذين خف بعد الاتفاق الاستراتيجي بينهما، و انبثقت معارضة و بدات الخطوة الاولى لتصحيح المسار و توسم الشعب الكوردي خيرا لانها سوف تكمل ركائز الديموقراطية و يمكن بروز الانتقادات بصوت عالي و توفر الجراة على حرية التعبير و على الاقل تحس السلطة بوجود رقيب و متابع و تحسب له و به يقل الفساد المستشري الذي شهدته كوردستان بشكل فضيع في المرحلة الاخيرة، ناهيك عن الخلافات الحزبية و الخوف من عودة الحرب الداخلية و اخيرا قطع المالكي ميزانية اقليم كوردستان و انقطاع رواتب الموظفين مما اثر على الوضع الاقتصادي العام وعلى السوق بشكل مباشر.
برايي المتواضع، ان السبب الرئيسي هو عدم تحديد الاستراتيجية السياسية من قبل السلطة و المتنفذين في الاقليم لعوامل موضوعية و ذاتية من جهة، وعدم وجود ارضية لازمة لتحديد العلاقات بين المركز و الاقليم و فراغ و ثغرات قانونية و سياسية في الموجود من عدة نواحي منها عدم امرار القوانين السيادية من قبل البرلمان العراقي و غرور الحاكم المطلق في المركز و تفرده من جهة اخرى، اضافة الى التدخلات المصلحية الاقليمية العالمية التي اثرت بشكل سلبي على المسيرة السياسية في كوردستان و على العلاقات بين المركز و الاقليم، و هذا ما دعى السلطتين الى ان تسيران وفق تكتيكات يومية غير مضمونة المستقبل، و يضمران شكوكا للاخر من نياته و اهدافه، و هذا ايضا له اسباب موضوعية تارخية و ذاتية لكل منهما . و به يستغل كل منهما الفرصة السانحة له في الضغوط على الاخر من اجل الحصول على ما يريد و يحسان معا بانهما في زواج عرفي غير محدد المدة، و ينفصلان في اي وقت استوجبت الحاجة و توفرت الظروف او حانت الفرصة و المرحلة .
ان العقلية الشرقية و ما يتمسك به الشرقي و منهم العراقي لم تصل الى حال يمكن ان نسميها الانسانية و الظروف او الحال بالديموقراطية بحيث يسمح لكل من يريد ان يقرر مصيره و ان يتخذ الطريق و بارادته في تحقيق اهدافه، فالمستوى الثقافي والتعصب و المراحل القومية الشوفينية التي مربها العراق لم تزل ترسباتها و افرازاتها باقية و في بعض الفئات ثابتة دون تغيير، فلم نجد انفسنا الا في صلب العداوات في فترة و من ثم تهدا الامور و تتقارب المكونات من بعضها دون الحلول الجذرية للقضايا المصيرية الحساسة التي لا يمكن ان يهدا بها بال اي من المكونات لو لم يصلوا الى قناعة تامة بانهم حققوا كل اهدافهم و وصلوا الى مبتغاهم . لسنا في اوربا كي تتاح فرصة تقرير المصير و تمر العملية بسلام و ان يقرر الشعب بارداته ما يريده . فاية نية او خطوة في هذا المسار يتهم من يهدف اليه بانه من الانفصاليين المقسمين للبلد و من العملاء و الخونة للاستعمار و الامبريالية و من الاعداء التاريخيين و من هذه الكلمات و النعوت و المفاهيم التي ملات اذان الجميع و خربت المشرق و من فيه . فهذا ما يدعنا ان نتشائم و نعتقد اننا ننتظر و نتمنى لاجيالنا ان تعمل على ان يرتفع المستوى الثقافي للشعب السائد كي يسمح بارادته ما يحققه و يريده الاخر بطريقة ديموقراطية سلمية و بحرية تامة، و هذا ما يعتقده المثقف الكوردي من النخبة التي تعتقد بانه حتى تثقيف الشعب العربي و ايصاله الى المستوى المؤمل منه من واجب الشعب الكوردي ايضا قبل الشعب العربي او الفارسي او التركي نفسه، و من الواجب و هو الصعب عليه ان يفعل ذلك، على الاقل من اجل مصالحه الخاصة و ما ينويه من تحقيق اهدافه المصيرية .
اما الجانب الداخلي من الصراعات الكوردستانية، فهم وصلوا الى حال توزعوا على المحاور الاقليمية و العالمية و اثروا على الوضع الداخلي لاقليم كوردستان بشكل كبير، فلا يُنتظر منهم الخير طالما وجدوا معتلين السلطة وهم يديرون الاقليم بهذا الشكل و الطريقة.[1]