موقف تركيا من التحالف ضد داعش
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4576 - #16-09-2014# - 19:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
وفق المصادر الاعلامية العالمية، ان تركيا رفضت التوقيع على وثيقة التحالف الذي تقوده امريكا ضد داعش، و رفضت استخدام القاعدة العسكرية انجرليك في ضرب داعش ايضا، و بهذا كررت تركيا موقفها السابق عند عملية اسقاط الدكتاتور العراقي، وبهذا اثبتت انها لم تتراجع عما اتخذته من قبل من الموقف الحاسم و ان خطواتها السياسية السابقة كانت وفق استراتيجيتها الجديدة في المنطقة و تعاملها مع الغرب و كانت في بدايات تنفيذها كدولة اسلاموية معتدلة باسم العلمانية، وتبرهن اليوم انه لم يكن موقفها السابق خطئا تكتيكيا مرت به .
اي على الرغم من الموقع الاستراتيجي التركي للغرب و اهميته للسياسات الغربية و كونها عضو لحلف ناتو، ربما الدول الغربية و امريكا بالاخص تغض الطرف عنها و عن مواقفها مؤقتا لمستوجبات الصراعات و ما يتطلبه الواقع الجديد لمنطقة الشرق الاوسط و التحضيرات الموجبة لنجاحه، و لكن كما هو المعروف عن الديبلوماسية الامريكية و تاريخها، لا يمكن ان تمرر هذه المواقف التركية مرور الكرام و دون رد سياسي في الوقت المناسب، و تحتسب لها في المعادلات السياسية و العلاقات المتفرقة مع الجهات المختلفة التي تهم السياسة الخارجية التركية قبل غيرها مستقبلا . و السؤال المهم، هل تبحث امريكا عن البديل المناسب ليحل محل تركيا و يكون بذات الصفات و المكانة و الاهمية لصراعها و ضمان مصالحها في المنطقة، انه من الممكن ان تميل الى العراق في الاكثر الاحتمالات توقعا، الا ان العراق ايضا له خصوصياته و ظروفه الخاصة من الناحية السياسية و العسكرية و الاجتماعية ايضا، و هو يان من ثقل نفوذ ايران و ضغوطاته عليه و ما يعانيه من النزاع الداخلي، و هو في طور اعادة تنظيم جيشه و تدبير الامكانيات اللازمة له بعد الخسارة التي مني بها عند دخول داعش موصل و المدن الاخرى، فلا يمكن ان يخضع لجميع متطلبات امريكا دون حساب لما هو فيه، و امريكا تقدر ذلك ايضا، و يبقى البديل المناسب السهل لتحقيق مآرب امريكا و اهدافها البعيدة المدى و هي تبغي البقاء في المنطقة لسنوات عدة،هو كوردستان، و هذا ما يغيض تركيا قبل غيرها، و من المكن ان تفعلها امريكا و تاخذ من كوردستان الموقع البديل الاهم، لاحلاله كبديل لتركيا من جهة وفي نفس الوقت تنتقم به من تركيا و مواقفها المضرة بمصالح امريكا في الوقت المناسب من جهة اخرى .
و على المدى القريب، هذا الموقف لتركيا الرافض للتعاون و المساعدة للحلف المشكل باشراف امريكا يضع عراقيل مختلفة من الناحية اللوجستية و الاستطلاعية و حتى الحربية على الارض امام امريكا و حلفائها ضمن الحلف المعلن . و هذا ما تواجهه امريكا الانو يُراد منه الحل الاني، ناهيك عن العرقلات المنتظرة صنعها وبروزها من قبل ايران و روسيا و حلفائهما في المنطقة .
و لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تتخذ تركيا هذه المواقف، و هل تدخل في مصلحتها ام لديها استراتيجية عدم الانحياز عمليا و البقاء ضمن التحالفات شكليا لياسها من دخول الاتحاد الاوربي . لكن تركيا لا تقدر على اداء سياسة مستقلة لانها ضمن محور و لها خصوصياتها و صراعاتها المتعددة في المنطقة و في داخلها ايضا، او انها لم تخرج من عقدة الفشل الذي اصابها من مشاركتها الحلف الاطلسي في الخمسينات في حربها ضد كوريا الشمالية وخسارتها الكبيرة في الارواح وعدم عودة قواتها الا بعدد قليل من حسني الحظ . او انها تريد ان تناى بنفسها عن المعمعات التي تجاري العملية العسكرية و الاقرازات الجانبية التي يمكن ان تصدر من سير العملية العسكرية و السياسية معا في المنطقة، و تحفط لنفسها خط رجعة لتبقى على علاقاتها المبتسرة مع المحور الاخر القريب من حدودها او مع الجميع، او تريد ان تذكٌر الدول الاوربية التي تعارض انضمامها الى الاتحاد الاوربي بانهم ايضا يحتاجون اليها و لها اهميتها الخاصة و دورها المحوري في ضمان مصالحهم الاستراتيجية في العالم .
من المعلوم ان تركيا تحلم دائما لاعادة دورها العثماني و سلطنتها في المنطقة بشكل او اخر، الا ان اشتراكها في هذا التحالف لم يحقق لها ما تريد من هذا الجانب بل يضعها تابع للمموٌل و الدول الاخرى الراعية للتحالف ، و انها تفكر بان نهاية داعش لم تات بما تهم تركيا من مد يدها او ثقلها في امور المنطقة، وخوفها من ما تخبئه الايام المقبلة من المتغيرات الكبيرة على الارض، و يعتقد بانها يمكن ان تشترك في التحالف و تخرج من المولد بلا حمص .
ان سار التحالف على ما ينتظر منه و ان لم يشهد التحالف تراجعات كبيرة و ان لم يحس المشاركون بتفرد جهات منها لامور خاصة و ان تاكدوا من الضمانات لما يريدونه جميعا في المنطقة، و كانها تقسيم الكعكة ابان الاستعمار البريطاني و الفرنسي، فانهم ماضون في تحقيق هدفهم، و ان التغييرات ستشمل تركيا في النتيجة لما هي فيه من الاوضاع الداخلية الهشة التي تحاصرها و تقيد من ايديها، ان لم تبدا بالاصلاحات و دفعها الى نجاح عملية السلام المعلنة فيها، عاجلا كانت ام اجلا.[1]