#عفرين# كانت الجنة وستبقى
سليمان عرب
في أساطير وميثولوجيا ميزوبوتاميا وثقافات الشعوب بمنطقة الشرق الأوسط, وقبل بناء الدول كسومر وآكاد التي جعلت الإنسان إلهاً، وقبل ظهور الأديان السماوية والتوحيدية, هناك مرحلة لحياة الإنسان تسمى (عصر النيولوتيك) أو مرحلة المجتمع الطبيعي, والتي تعتبر عصور ما قبل التاريخ بحسب المؤرخين, في هذا العصر كانوا يقتربون من كل شيء بقدسية وكل مقدس إله وكل إله يُعبد, لذلك سميت مرحلة عديد الآلهة, طبعاً كانت مناطق كردستان الحالية ومن ضمنها روج آفا وإذا حددنا جغرافيا عفرين الحالية, كانت تعرف بالجنة يقصدها البشر من كافة أصقاع الأرض من أجل الوصول إلى الجنة, وإلى العلم والمعرفة, وحيث طبيعتها وأنهارها وأشجارها وحورياتها ودرجة معرفة ووعي أهلها كلها صفات وميزات توحي بالفعل إلى الجنة كما تتصورها وتعتقد بها أغلب الأديان, وحقيقة مفهوم الجنة والحياة الخالدة الأبدية, حيث المساواة والعدالة والتقرب الصحيح للطبيعة وإدارة حقيقية للمرأة فكان الفرد أي الإنسان من أجل الجميع والجميع من أجل الفرد.
فعلى طريق الجنة تلك كان العديد من الناس يفقدون حياتهم ويخاطرون بأرواحهم ويتحملون مخاطر الطريق وبُعده, من أجل الوصول إلى الجنة الحقيقية, والآن أيضاً ما تزال تلك الجنة تلعب الدور نفسه, من حيث معايير الديمقراطية والحرية والعدالة وتقرب أهلها لأشجار الزيتون والرمان والطبيعة وإدارة المرأة وقيادتها للمرحلة, ويقصدها الآن أيضاً الآلاف من أصقاع الأرض لأجل زيارتها والدفاع عنها, والحظي بالنعيم والعيش الرغيد والأخوة والإنسانية, وكذلك هناك من يتربص بها ويحيك لها المؤامرات والخدع من أجل القضاء عليها وإنهائها, عفرين ماتزال بنفس المفهوم القديم الجديد ترسلهم إلى الجنة التي تعود بجذورها إلى نفس المنطق والذهنية ونفس البقعة الجغرافية, فأهل وسكان هذه الأرض المقدسة (روج آفا) هم من صنعوا الجنة بذهنيتهم وحياتهم المجتمعية وطبيعة وطنهم ويشهد عليها تاريخهم وآثارهم, لذلك لهم الحق والقدرة على امتلاك مفاتيح الجنة وإرسال البشر إليها, كما أنه لابد من التأكيد أنهم لا يعرفون جهنم ولكنهم يعلمون أن الحياة خارج جنتهم هي جهنم نفسها.
بعد الهجمات المتتالية في السنوات الأخيرة على روج آفا, والهجوم الحالي على إقليم عفرين في الحقيقة هجوم على الجنة, وبنفس الوقت بحسب معتقدهم, وأوهامهم وخيالهم يذهبون ويقاتلون من أجل الجنة والنعيم، فلا يصلون الجنة الحقيقية مطلقاً وعلى النقيض يموتون ويقتلون بأيدي أهل الجنة وبالتحديد على يد الحوريات صاحبات الإرادة والعزيمة والمتشربات من فلسفة الحياة الحرة في مجلدات الحضارة الديمقراطية.
كذلك للذهاب إلى الجنة لابد من المرور على الصراط المستقيم حسب معتقدات أغلب الأديان, وهذا الصراط المستقيم يكشف عن المؤمن والكافر وكذلك عن العاقل والجاهل ويفضح الخائن ويزيل الأقنعة عن الوجوه السوداء وتزيد الوطني والثائر العزيمة والقوة وتقربه للنجاح, فعفرين بمقاومتها ستفضح المرتزقة من المقاومين والخونة من الوطنيين والمناضلين, عفرين ستصنع ميزان العدل وتضع معيار الحسنات والمعاصي وتبني على أساسه الحياة الحرة والمجتمع الديمقراطي والأخوة وستكتب الدستور, عفرين بمقاومتها وانتصارها سترسم الحدود وتحدد الحقوق وتبني الإرادة السياسية.
مقاومة عفرين الآن هي مقاومة روج آفا وجميع الكرد من أجل إيجاد موقف عادل وفدرالية ديمقراطية, هي مقاومة سوريا من أجل الحرية والكرامة وبناء سوريا ديمقراطية, وهي مقاومة الشرق الأوسط لإنهاء الصراع والأزمة والفوضى وبناء الكونفدرالية الديمقراطية, فعفرين هي [1]