هل تصريحات اسرائيل لصالح كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - #14-07-2014# - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يبدو من الوهلة الاولى، ان اسرائيل داعمة للقضايا الحقة و ان عينها على المنطقة جميعها و تريد تنفيذ اجندتها الخاصة و تتدخل في ادق الامور الداخلية للبلدان، و هي تنصر الحق، او تضغط على الكبار لتحقيق ما تهدف، الا اننا لو دققنا اكثر نكتشف بانها تتحرك بقدر مساحة تكتيكاتها اليومية و لم تضحي بصديق كبير استراتيجيا من اجل صديق صغير . ان الصراع العربي الاسرائيلي يصل ذروته احيانا و من ثم يخفت بريقه عندما يجلس الطرفان الفلسطيني و الاسرائيلي على طاولة الحوار، و ينشغل كل منهما في امور ثانوية اخرى عند التهدئة، و لكن اسرائيل لم تخف ما تقصده من المفاوضات وهو بناء دولة فلسطين بدون القدس و تعمل ما بوسعها من اجل ذلك، و ان انبثقت دولتين في غزة و رام الله ستفرح بهما . و تحاول اسرائيل كسب ود الدول العربية بكافة السبل كي تبقى هادئة مدعومة بعيدا عن الشر قدر ما تتمكن من ذلك، و تفعل ذلك باساليب متعددة على الصعيد الداخلي، و بمناورات و توجهات سياسية على الصعيد الخارجي، دون ان تدخل مباشرة في المعمعة الحاصلة في المنطقة على الاقل في العلن، و تحاول اظهار نفسها على انها محايدة في القضايا الساخنة . لاسرائيل اصدقاء قريبين تختلف معهم احيانا وتخالفهم و لكنهم استراتيجيا متحالفون و ربما يختلفون تكتيكيا، كما هي حالها مع تركيا و اردن و مصر، و من سياساتها تبين لنا انما يهمها الدول اكثر او قبل الفئات و المكونات التي هي تؤسس تلك الدول .
لا يمكن الشك بان المخابرات الاسرائيلية قوية و لها صولات و جولات في المنطقة و تفعل ما بوسعها و تخطط و تنفذ برامج، كي تبقي الشرور بعيدة عنها و اسهل الطرق لنجاحها هو نشر النزاعات و الخلافات الداخلية في الدول الاكثر عدائا لها و حتى الاقرب المقربين منها ايضا، لم تجلس و تنتظر ما تحدث ثم تتحرك كما الدول العربية في تاريخهم الطويل من تعاملهم الواقع السياسي .
لنعد الى العراق، و ما نعرفه عن العلاقات السرية و العلنية و ما حصلت في تاريخيهما منذ العهد الملكي لحد الان . فمر البلدان بتوترات احيانا و تقارب و تعاون بين في احيان اخرى و لكن التقارب و التودد حدثت بينهما ايضا بين فينة و اخرى، و حتى في العهود التي كانت تحكم العراق القومجية المتطرفة، اكتشفت فيما بعد علاقات و مغازلات سرية بين البلدين . اما بالنسبة الى تدخل اسرائيل في شؤن هذه الدول و منها العراق، فانها تتوقف على مدى القرب و الموقف الذي تتبناه السلطة القائمة من القضية الفلسطينية . فلم نسمع يوما ان تنتقد اسرائيل المملكة العربية السعودية بشكل كبير، لان البلدان يضمان في طيات حكمهما التوجهات الدينية المتبناة على المصالح العليا مع الفارق في نوع الحكم من الملكي الى الجمهوري الديموقراطي، و هكذا الحال كانت في العهد الملكي العراقي .
لو تابعنا ما بين اسرائيل و الثورات الكوردية بشكل دقيق نكتشف بانها لم تكن استراتيجية و انما رد فعل اسرائيلي لسياسة الدولة و من يحكمها، رغم خط الرجعة التي اعتمدته اسرائيل و تدعها مفتوحة على مصراعيها لحد اليوم . الثورة الكوردية في كوردستان العراق حاولت و بنت علاقات فاترة بينهما، الا ان اسرائيل دارت وجهها في الوقت الذي علمت ان الثورة تقترب من الانهيار او انهارت كما حصل في ثورة ايلول، و لم تصر اسرائيل على مد تلك العلاقات في المحن بل اقتربت من مركز الدولة، ان التفاوت الموجود في مدى اقتراب و ابتعاد اسرائيل من الثورة الكوردستانية كان متوقفا على خطوات نجاح الثورة و تقدمها و ليس مساعدة الثورة من قبل اسرائيل من اجل نجاحها و تحقيق اهدافها، وكان بامكانها ان تفعل اكثر لانها لها من القوة العالمية لو ارادت لدعمتها و جعلتها في موقع ان تنجح في تحقيق اهدافها طوال هذه السنين.
اليوم و بعد سقوط الدكتاتورية و الوضع الكوردي على حال يمكن ان نقول انه بنى كيانه تقريبا على ارض الواقع و يحتاج لدفعة و عقلية مناسبة للوصول الغاية الكبرى، و دور اسرائيل ليس باهم من الوحدة الداخلية و كيفية التعامل مع مركز العراق و ما يمكن تحقيقة في الظرف الراهن . و في هذا الظرف و تخرج اسرائيل و تصرح بما ليس من مصلحة الكورد، و تبين و كانها هي من اوصلت الكورد الى هذه الحال، و هي لم تفعل ولو جزءا بسيطا من الممكن ان تفعله طوال هذا العقد، انها تفضل مصلحتها على كل شيء و من حقها و لم تبدل العلاقات التي تفيدها بالدول مع مكون واحد فيها، اننا لم ننسى مساعدتها تركيا مخابراتيا و لوجستيا في القاء القبض على القائد الكوردي عبدالله اوجلان و تسليمه اليها . في حين كان بالامكان استضافته و اخفاءه ، اي اسرائيل لم تضح بعلاقتها بتركيا من اجل قضية عادلة و هي تدعي دعمها لاية قضية عادلة في العالم لانها صاحب قضية .
اليوم، هذه التصريحات التي ابدتها تجاه الدولة الكوردية جاءت في وقت حساس و كان بالامكان ان تنتظر ان كانت صادقا لحين توضيح الامور، و كان بامكانها ان تعمل سرا من اجل ما تدعيه من تحقيق استقلال كوردستان دون هذه الفوضى التي تقع على العكس من مصلحة الكورد و تضعهم في وضع حرج . لذا لا يمكن ان يصدق او يثق الشعب الكوردي بتصريحات دون فعل او دعم على ارض الواقع . رغم تهمة الاخرين لاقليم كوردستان بايواء المخابرات الاسرائيلية او مساعدتهم للكورد في ادارة شؤنهم و التعامل مع قضايا الساعة، كل هذا ليس من صالح الكورد و قضيته.[1]