ما يحصل لاقليم كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4498 - #30-06-2014# - 15:16
المحور: القضية الكردية
بعد التطورات الاخيرة على الساحة العراقية، و ما نفذته الدولة الاسلامية في العراق و الشام(داعش) من الخطوات التي كان الكورد ينتظرها منذ عقود، اصبحت الدولة الكوردية قاب قوسين او ادنى . كانت كركوك عقدة القضية الكوردية في العراق منذ اندلاع الثورات الكوردية طوال تاريخ العراق ، و هي التي عرقلت نجاح كافة المفاوضات العراقية الكوردية . و اصبحت لغزا لا تُحل، لاسباب سياسية اقتصادية معروفة . حتى صدام حسين اعترف بكوردية المدينة الا انه اعتبرها منفذا و اساسا متينا لبناء دولة كوردية مستقلة .
اليوم و بعد تغيير المعادلات السياسية في المنطقة و داخل العراق بشكل جذري، من كان يتوقع ان تقبل تركيا بدولة كوردستانية في جنوب كوردستان(كوردستان العراق) و هي التي منعت نظام صدام للوصول الى اتفاق نهائي حول الحكم الذاتي في مفاوضات الحكومة العراقية و اتحاد الوطني الكوردستاني عام 1984، و اليوم هي اول المنادين بتاسيس دولة لهم في هذه الرقعة و تشجع الكورد في السير سرا على هذه الخطوة الحساسة .
اليوم و بعد اصرار رئيس الوزراء العراقي المالكي على ممارساته بحق السنة و الكورد من التهميش و الاقصاء، و مجيء داعش، سُنحت فرصة ذهبية للكورد ان يتعاملوا مع الواقع الجديد بعقلانية و ان يتوصلوا الى حل نهائي لقضيتهم العتيدة.
لو قرانا ما يمهد الطريق و ما يعرقلها، فاننا نتوصل الى احتمالات ربما لم نخرج بنتيجة واضحة و لكن نتوقع ما يحصل بشكل نسبي، الا انه من المعلوم ان كوردستان العراق خرجت من القمقم الذي كانت محصورة فيه و مُنع وصول صوتها الى العالم ، اما بعد هذا وان لم تتقدم كوردستان في مسارها فلا يمكن ان تتراجع خطوة واحدة على ماهي عليه اليوم .
مواقف الدول الكبرى العلنية معلومة، امريكا حسب ما تصرح به، انها تريد عراقا ديمقراطيا فدراليا موحدا ارضا و شعبا، و بريطانيا وفق المؤشرات و المعلومات المنتشرة في اقليم كوردستان انها لا تمانع بناء دولة كوردستانية و ما تدعيه من تصحيح الخطا الذي ارتكبته في ضم الكورد ضمن حدود الدولة العراقية و محاولتها في عصبة الام في حينه لعدم تنفيذ بندي 62و 63 من معاهدة سيفر و احلال معاهدة لوزان بدلا منها في حينه .
اما مواقف دول الجوار، فكل حسب مصلحته الخاصة، مواقف تركيا تغيرت جذريا و هي التي تشجع على اعلان الدولة الكوردستانية بعدما تاكدت بانها المستفيدة الكبرى في ذلك اقتصاديا و وفق الاتفاقية المبرمة بينها و بين اقليم كوردستان لمدة خمسين عاما، ومن خلال التبادل التجاري و تصدير النفط عبر اراضيها. فموقف ايران متدحرج من عدم الممانعة الى الانتظار و التشدد احيانا حسب علاقات الاقليم مع المركز العراقي، و وفق منظورها فان اقليم كوردستان بما لديها من العلاقات التجارية معها قد تستفد هي كما تركيا ان اصبحت كوردستان دولة مستقلة، وهي تفكر في مصالحها في المنطقة اكثر من الداخل العراقي، وفق استراتيجيتها و الحفاظ على قوة قيادتها للمحور الشيعي، فان انبثاق دولة كوردية قد تساعدها على السيطرة على العراق الاصغر و لصالحها و لكي يكون تحت هيمنتها بشكل اكبراو مطلق . سوريا لا قدرة لها الان في الممانعة لانها مشغولة و ستبقى مشغولة لسنين اخرى بجروحها الداخلية و ما تجري فيها و ما يحصل لها، فالدول العربية الاخرى و من المحور الاخر لم تتضرر من انبثاق دولة كوردية مسالمة لها علاقات تجارية سياسية معتدلة على اساس تبادل المنفعة معها كما هو الحال طوال هذه المدة من الاستقلال غير الرسمي لاقليم كوردستان من نواحي عدة .
اذن، لم يبق امام اقليم كوردستان الا الحصول على الموافقة المبدئية من الدول العالمية المؤثرة و منها المتعاطفة مع ما حصل له من المآسي على ابنائه طوال حكم الانظمة السابقة .
ان التطورات الاخيرة و سيطرة داعش على مناطق شاسعة من العراق و حفاظ البيشمركة على المناطق المتنازعة عليها و التي كانت تحت سيطرة الجيش العراقي و تقهقر غضون ساعات قليلة و انسحب منها، شجع الساسة الكورد اكثر الى التقدم خطوات نحو اعلان دولتهم المستقلة و استغلال الفرصة الذهبية السانحة التي لا تعوض .
حسب كل التوقعات و الاحتمالات، فان الدولة الكوردية في مخاض و ربما عسير لحد اقل من السابق و في طريق ليست بسهلة الى الولادة الطبيعية، لو لم تتغير المعادلات المستجدة جذريا و باشكل اكبر في المنطقة، وستتم عملية الولادة بخطوات دقيقة للقيادة الكوردية و قراءة المعادلات و التفاعلات السياسية في المنطقة و العالم بشكل صحيح و تقيم المواضيع و المصالح المشتركة بين دول ذات الصلة و تاثيرها على بناء الدولة الكوردستانية.
السليمانية| اقليم كردستان
[1]