موقع الكورد عند الصراع الروسي الامريكي في هذه المرحلة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3788 - #14-07-2012# - 17:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
قبل الدخول في صلب البحث و القراءة الصحيحة و الكلام حول الصراعات الاقليمية و العالمية الدائرة الان و المستجدة منها بشكل خاص والذي يتميز بمحتوى مغاير تماما لما كانت عليه من قبل، يجب ان تكون الوقائع و الحالات و الظواهر الاقليمية العديدة امام انظارنا، عند توضيح ما نريد الخوض فيه من موقع الكورد و تاثيراته و دوره في ادارة الصراعات و التقاطعات الملحوظة بين الجهات، كي نحلل و نبين بشكل جلي و سليم هذا الموقع و مدى ثقله لبيان كيفية دخوله في الصراعات و كيفية التعامل مع الموجود و المستجد، لاستنتاج ما يفيد و لتجنب السلبيات و ما لا يقدم او يؤخر شيئا للمسالة الكوردية المعقدة . و للخروج بنتائج مستوفية في نهاية المعادلات و ما تفكر به القوى العظمى وفق مصالحها الاستراتيجية و تكتيكاتها المتبعة في الشرق الاوسط .
اولا : ظهور سياسة مختلفة و اشكال جديدة للصراع بين روسيا و امريكا حول العديد من المسائل و نتسلم اشارات عديدة لوجود ملامح في الافق تشير الى نية القوتين في استظهار قوتهم و امكانياتهم للعالم وفق المعايير المختلفة التي يعتقدان بها، و تحاول روسيا بعد ان احست انها لها القدرة على ان تعزم الامر و هي تقوي من اعمدتها التي تبني عليها سياساتها الجديدة و استرخت في مواجهة مشاكلها بعض الشيء داخليا و اعادت ترتيب اوراقها خارجيا، فتحاول ان تنطح راسها بالقوى الاخرى الاقليمية و العالمية لاغراض مختلفة و في مقدمتها اثبات النفس و اعلان الوجود في الامور العالمية الهامة. لذا يمكن ان يحس اي منا بوجود بدايات صراع المعسكرين و بعد قراءة موقع الصين و مواقفها .
ثانيا : الاستراتيجية المتنوعة لامريكا و نظرته للاحداث و تعامله مع منطقة الشرق الاوسط من منظورها و نيتها في البناء الجديد للمنطقة و تطبيق الخارطة الجديدة في جميع المجالات الجغرافية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و حتى الاجتماعية، و احساسها ببروز سدود قوية امام تحقيق اهدافها، اضافة الى تاثيرات الازمة الاقتصادية العالمية و ما تعانية منها .
ثالثا : المشكلة السورية و اندلاع الثورة فيها و ما احدثته من تقاطع المصالح الكبرى بعد ان استهل الجانبان الدخول في عمق سوريا وعند ابوابها و انبعاث فكر تثبيت الذات كمحاولة بدائية لروسيا للحفاظ على المصالح الخاصة و منها المصيرية، و كذلك ما تنظر و تعمل وفقه الصين و ما يفيد مصالحها ايضا على اختلاف ما تقوم به روسيا في كثير من الجوانب . الا انهما تلاقيا في الصراع مع الغرب في قضية سوريا . و ظهر في الساحة لاعبون جدد ليس بالامكان الاستناد على جوهر مبادئهم و نظرتهم للسياسات الغربية و ما تريده امريكا من تامين سلامة موقعها و تواجدها و تاثيراتها في المنطقة .
رابعا : بروز الكورد كعامل هام و رقم جدي و موقع ظاهر في المعادلات التي تديرها القوى العالمية، ويستعمل الكورد في بعضها كعامل مساعد و داعم لتفاعل الاطراف و الاهداف و مانع في اخر . و يكون له دوره في تحديد الطريق الرئيسي و يحسب له الحساب الذي لم يشعر من قبل، و يمكن ان يستعمل و يستغل ما يجري لضمان مصالحه، و على الرغم من تقاطع بعضها مع القوى الكبرى في المنطقة .
خامسا : عدم وضع الاستراتيجية الامريكية حول المسالة الكوردية بشكل قاطع، عدا بعض التلميحات و الاشارات البسيطة من اجل استقراره، و لكن في تكتيكات امريكا اليومية يظهر الكورد كعامل هام و له مساحته كفاعل و طرف رئيسي، و الارشادات او التعليمات التي يتلقاها الكورد لم تخرج من حدود مرحلة معينة، لتكون تحركات الكورد مرافقا او مساعدا لتحقيق نجاح سياسات امريكا العلنية و السرية في هذه المرحلة بالذات .
بعد التمعن في القراءات السابقة يمكن العروج على قراءة ما تصر عليه روسيا و امريكا في صراعاتهما لايجاد المباديء الاساسية لكيفية استنتاج و تصوير ما يمكن يفعلانه و يتعاملان به و ما ينظران الى الكورد كجهة هامة في المعادلة، بعدئذ يمكن ان نوضح الخطوات و ما يجب ان يخطوها الكورد بموازات المصالح المهمة لتلك الاطراف او الابتعاد عن الدخول في المعمات و المتاهات او التريث في ابداء المواقف او اختيار الطرف الاصح و الملائم ان كان اجباريا لبيان المواقف اللازمة للحوادث الكبيرة، و التي لا يمكن ان يقبل التردد باي شكل كان .
لو استوضحنا موقف روسيا بالذات في القضية الكوردية و بيٌنا قراءاتها لما يفعله الكورد و سياساته، اننا متاكدون من انها تفكر بشكل خاص و يمكن ان تكون في حال تصل احيانا الى مستوى الصراع و العداء ان امكن القول، و تحتسبروسيا الكورد ورقة رابحة بيد امريكا في صراعاتها المتعددة في المنطقة و تظن انها تستخدمه في اية لحظة تحتاجها كما فعل المتحالفون معه تاريخيا، و يقول الاخرون بان الكورد ليسوا ضمن الاستراتيجية النهائية لتطبيق خطط امريكا على العكس مما تظنه روسيا، هذا ان لم تستمد امريكا سياساتها في المرحلة المقبلة من خططها من ما يملك الكورد من العوامل لتغير خارطة المنطقة و ان اجبرت بفعل الاسباب الاخرى لتراجع عنها و ان تريثت بشكل يمكن لتقادم الزمن ان يلغي تلك الاهداف . و ان لاقت الضغط المناسب فانها تترك هذه الورقة و بالاخص انها اي امريكا لديها تحالفات عريقة مع جهات اهم في المنطقة و التي يمكن ان تتقاطع مصالح حلفائها و يقطع حبل التواصل و التعاون معها .
ان كانت سياسة امريكا في هذه الاونة، تنطلق من قراءاتها للصراعات المذهبية المسيطرة على المنطقة، فيكون الكورد ضمن تلك الصراعات و ليس مستقلا فيها، و عليه يمكن ان يندمج في متطلبات تلك المعركة السياسية الدبلوماسية الخطيرة . ما يدفع الى التفاؤل قليلا، هو العامل الاقتصادي فقط، و هو اقوى عامل للاستناد عليه في الوصول الى المبتغى، اي ثراء كوردستان و ما تحوي من النفط و المعادن النفيسة وهو ما يدعمه على عدم تخلي القوى الكبرى المهتمة بها ، و كما هو المعلوم اليوم، يحكم الاقتصاد السياسة و يديرها في كافة انحاء العالم .
على الرغم من ان نظرة روسيا الى سياسات امركيا حول الكورد مبنية على النظرة القديمة الجديدة، على اعتبار انه تكمن في تلك السياسات النيات و ما تضمن امريكا من الخطط لما تمكنها من السيطرة على المنطقة بشكل حازم و ما تفرضه المصالح المختلفة لها، هذه نظرة فيها من الحقيقة لا يمكن انكارها، الا ان متغيرات العصر و ما تفرضه الخطط و خاصة السرية المستقبلية بالاخص و ما يفرضه الاقتصاد و ما ظهر من العوامل و ما برز من الاحداث و اخيرا ثورات الشرق الاوسط، كل هذا يدعنا ان نلمس شيئا مغايرا تماما لما تقدم عليه امريكا، و هذا ما يفرض علينا ان نتسائل هل امريكا بحاجة الى اسرائيل اخرى ايضا و لكن اكثر ثراءا و ما تملك من الثروات و الموقع الاستراتيجي و القدرة المتمكنة المطلوبة لضمان سياساتها لضمان وصول الواردات المصيرية لبناء مستقبل اجيالها، و التي تدعها تحت الانظار دائما .
اذن موقع الكورد شهد تغيرا ملحوظا و يمكنه لاول مرة ان يعتمد على ما يمكنه من تحقيق اهدافه المصيرية ان اعتمد العقلانية و التحليل الصحيح و التعامل الواقعي مع الاحداث و بنى سياساته على ارضية قوية و انشا الاعمدة المطلوبة لرفع صرح كيانه المنتظر في الوقت المناسب، و الخطا و ان كان صغيرا و ان ارتكب من قبل الكورد في اية لحظة لا يغتفر ابدا.[1]