على الشعب و حكومة كوردستان دعم الثورة السورية
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3459 - #17-08-2011# - 09:45
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
صحيح اننا شعب لم ولن ننسى اي فضل علينا من اي كان، خلال تاريخنا الطويل من مجريات الحركة التحررية الكوردستانية، و المعلوم ايضا انه ليس من شيمتنا ان لا نرد الاحسان بالمثل او احسن منه، و ما يشهد له الجميع ان شهامتنا لا تقبل ان نغدر باحد مهما كان ضعيفا، و لن تدعنا حلمنا و كرامتنا و سخائنا المعروف عنه ان لا نمد يد العون لمن يعوزه سواء طلبه منا ام لا، ومهما كانت المساعدة في غير مصلحتنا، و لكن السياسة و المصالح العيا و الاستراتيجية التي تفرض نفسها على المخططين و ما تفرضه المؤسساتية في الحكم ليس كالعلاقات الفردية الشخصية، و السياسة العصرية هي التي تفرض نفسها و التي من الواجب اتباعها في تعاملنا مع الاحداث المختلفة و في مقدمتها ماتخص الحرية العامة و الديموقراطية و حقوق الانسان، و هي التي من الواجب العمل بها بعيدا عن العاطفة، و هي التي تدعونا الى قراءة ما يجري في المنطقة بتمعن و اتخاذ المواقف وفق ما تتطلبه القيم الانسانية العليا قبل غيرها. فليس من اخلاقياتنا ان نغدر باحد او نحجزه في زاوية و نحصره عندما يكون ضعيفا، و في المقابل السياسة العامة و ما تطلبه المصالح العليا و ما يقدره مستقبل اجيالنا و ما تريده عملية تنفيذ المهامات التي من الواجب التاكيد على نجاحها و الاولويات المفضلة لدينا، و ما يقع على عاتقنا من العمل الضروري لضمان عدم اللاخفاق، و يفضل ان نتعامل مع الاحداث كما نحمل من النظرات الى ما تحويه الحياة الحرة الكريمة للشعوب و من ضمنها شعبنا الابي المسالم، و ما يفترض بنا ايجاد الوسائل الضرورية و تامينها لضمان تحقيق الاهداف و الامنيات العامة للشعب الكوردستاني اينما كان.
نحن الان في بداية الانتقال الى مرحلة جديدة بكل ما تحمل من المتغيرات ، و عندما نعود و نتامل ما كنا فيه من قبل، يجب قراءة و تقييم المرحلة السابقة بشكل محايد و موضوعي و من ثم اقرار ما يمكننا اليوم الاعتماد عليه للسير نحو الافضل و من اجل ايجاد الطريق الصحيح المستقيم لمعرفة المستقبل المنظورلنا اولا، و هذا بحد ذاته من الصعوبة التي تحتاج من الدقة المتناهية تماما كي نحدد ما هو الصح من بيان المواقف و الاراء و التوجهات و ما هو الخطأ، و لكن ما نسمعه و نقراه و نراه من الجهات المختلفة المعنية بالسياسات العامة من التحليلا ت و التفسيرات لما يعتقدونه من ان اتباع السياسة او الطريقة الملائمة في تعاملنا مع الاحداث الانية يوضح لدينا على انهم يمارسون سياساتهم اعتمادا على العلاقات الشخصية ورد الفضل التي قدمته المصالح والتي اتبعها القيادات و حكومات المنطقة، و ما يطرح نابع من الاعتقادات الشخصية الخاصة المنبثقة من تجارب مسيرة القيادات و نظراتهم الى تلك الحكومات و ايمانهم برد الجميل و اعادة الفضل و الحسنات و المساعدات لاصحابها فقط، و كاننا نتعامل مع احداث اجتماعية يومية و ليس تغيير شامل كامل، و ما تنبثق من تلك التغييرات مرحلة جديدة حبلى بالمستنتجات الثقافية الاجتماعية السياسية الاقتصادية الجديدة و مغايرة لما نحن فيه، و المرحلة تكون متغيرة اصلا و بشكل جذري ، و لم يتضرر فيها الا من يتاخر عن قراءتها و استبصارها، و لم يتاخر عن الموجة الا من يعتمد على التعاملات التقليدية في السياسة و الفكر و العقيدة .
كل ما يشغل ذهن القيادة الكوردية حيال الثورة السورية في هذه الاونة هو احساسهم و تفكيرهم الدائم فيما قدم لهم هذا النظام اثناء الثورة التحررية الكوردية من المعونات و التسهيلات و ان كانت لغرض في نفس يعقوب، و هم يعتقدون بان اتخاذ اي موقف يجب ان يكون من اجل مسايرة النظام هناك كرد للفضل و الجميل الذي يحسون بثقله عليهم غير ابهين بما يفرضه العصر من المتطلبات الجديدة من جانب، اما من جانب اخر انهم لم يقرؤا ماكان وراء تلك المواقف الحسنة التي يشكرون عليه تلك القيادات من المعادلات و الصراعات الاقليمية و العالمية، و التجاذبات بين قطبي حزب البعث في البلدين ، و الذي كان السبب الرئيسي لاتخاذ تلك المواقف و ليس من اجل سواد عيون الكورد، لا بل اتخاذهم لموقف حاسم من اسناد و انبثاق التيارات و الاحزاب السياسية الكوردية معلوم و واضح، بل المصالح الشخصية ايضا هي التي فرضت دعم التنظيمات المناوئة لنظام البعث العراقي، و لهدف وحيد هو اتخاذ تلك التركيبات كورقة رابحة في صراع النظام السوري و عدائه مع الدكتاتورية العراقية ، و اصل الخلاف لم يكن مبدئيا كما اثبتت الايام ذلك، و ما توصل الجانبين السوري و العراقي اليه من سيطرة الشخص الاوحد على الحزب و الحكومة في البلدين دليل واضح لصحة ما نذهب اليه من تحديد الدوافع لتلك الاعانات .
اي، يمكننا ان ننطلق في تعاملنا مع الثورة السورية في هذه المرحلة، من جوهر الدوافع الاساسية الحقيقية التي كانت وراء تلك الافضال و ليس المظاهر و الشكل، كي لا نتعلق بالواجب المثالي البعيد عن واقع ما تتطلبه السياسة اليوم . سياسة هذا النظام ازاء القضية الكوردية في سوريا تثبت ما نحلله اليوم ، و بالاخص الجميع على العلم بان هذا المكون الرئيسي محروم من ابسط حقوقه وهو الحصول على اوراقه الثبوتية لانتمائه لهذا البلد، و كانه يمن عليهم اليوم بما يستحقونه منذ عشرات السنين، و لا نتكلم عن الحقوق الاعتيادية الاخرى ايضا . و لو كان النظام السوري عادل حقا لجميع مكونات شعبه لكان من الاجدر به ان يستهل ما كان يدعيه من احقاق الحق للشعوب في بلده(الدار قبل الجار) و ليس بناء وسائل سياسية يريد بها الضغوط على غريمه و منافسه التقليدي و من اجل الصراع وحده فقط .
هذا ما يفرض علينا جميعا الشعب و الحكومة في اقليم كوردستان ان نتذكر ما كنا نرزح تحت ثقله، و شعوب المنطقة تعاني ما عانيناه، و يجب ان نتخذ الخطوات بناءا على ما هو الاصح و هو في خدمة و مصلحة الشعوب المقهورة و ليس كردود افعال، و ما نتلمسها اليوم من المواقف المختلفة من الجهات المتعددة ذات الصلة سواء كانت الاقلمية منها او العالمية لم تكن مبنية على ما تفرضه مسيرة علاقاتهم مع النظام السوري و انما حسب ما تتطلبه مصالحهم و مستقبل بلدانهم و ما يقع لصالح القيم الانسانية العصرية الذي يدعيها الجميع. و على الكورد ايضا التدقيق في توجهاتهم، و عليهم ان يبنوا سياساتهم الستراتيجية الصحيحة فيما تخص الشؤون الخارجية على قراءة مستقبل المنطقة و ليس بناءا على العلاقات الشخصية و الافضال و الاعانات المصلحية.[1]