على كل دولة ان تهتم باولوياتها كي تستقر المنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3454 - #12-08-2011#- 08:38
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
جميعنا على العلم بما تتصف به شعوب هذه المنطقة من السمات و الخصائص، و ما يمكن ان تعرٌف به هذه الانظمة الجاثمة على صدورهم و التي تحكم بلدان الشرق الاوسط منذ امد بعيد دون اي تشهد هذه المنطقة بالذات التغييرالمطلوب، اما ما يجب ان نذكره هنا و المتاكد منه، ان النقاط المشتركة بين هذه البلدان من حيث الشعب و السلطة عديدة و واضحة المعالم من كافة النواحي و متشابهة لحد التطابق تقريبا . الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية متقاربة الى حد لا يمكن التمييز بينهم بسهولة الا انه لا يمكننا ان ننكر الخصوصيات الواضحة التي يتمتع بها كل شعب و بلد على حدى .
الشرق الاوسط بشكل عام، و هذه المنطقة اوما يمكن ان نسميها البؤرة المعقدة انها تعاني من نقص تام في تطبيق المفاهيم الانسانية و ما يمكن ان يدفع بالمجتمعات الى الحداثة في التفكير و العمل و التطور في كافة المسارات . الشعوب منهمكة في مشاغلها وكيفية حصولها على لقمة العيش ، و هي تعيش متذمرة مما تعيش فيه من نقص في الاحتياجات الضرورية الاساسية اليومية، و كل ما تتمناه هذه الشعوب هو العيش بكرامة في ظل توفير القدر الممكن من الحرية و الديموقراطية الحقيقية ان امكن .
على الرغم من الصراعات الممتدة من الحقبات الماضية و التي لاتزال بين دول المنطقة وعلى اوجها، الا ان المصالح المشتركة بينهم تفرض عليهم التعامل مع البعض و تدفعهم دائما الى الالتقاء و التعاون دائما على نقاط تدعم بقائهم و استمراريتهم و على شاكلتهم التي تقولبوا عليها . حقوق المواطنين غير مضمونة ولو بنسبة بسيطة، و السلطات الفارضة نفسها بالقوة هي التي تفرض عليهم واجبات بما تتاح لديهم من القوة دون اي تردد في استخدامها ، و الشعب لم يؤمن يوما بما تفرضه الحكومات من الامورالتي ليست لصالحه، و لهذا كلما دخلوا نطاق تنفيذ تلك الواجبات اعتبروها سخرة عليهم و من خارج واجباتهم الحقيقية و ليس من شانهم، لعدم ايمانهم اصلا باحقية سلطاتهم في الحكم .
شعب كل بلد يحتوي في تركيبته على المكونات العديدة و المختلفة و مخاصة في هذه المنطقة ايضا، الا ان هناك تداخلات بين المكونات للشعوب المنقسمة بين البلدان، العرب و الكرد و الترك و الفرس و من ثم الاسلام و المسيح و اليهود و من ضمنهم الفروع السنة و الشيعة و الفصائل المختلفة الاخرى العديدة التي لا يسمح المجال هنا ذكرها جميعا، و علاوة على ذلك يُحكم كل بلد منذ مدة طويلة من قبل حلقة ضيقة لمجموعة معينة فرضتها الظروف و الايام، وربما هي من الاقلية التي فرضتها الصدفة و لم تات من خلال تطبيق سليم للديموقراطية الحقيقية، اذ فرضت بعضها الاستعمار في حينه وباقية لحد اليوم دون تغيير، و ما توصلت اليه الحال لم تدع الشعب ان يلعب دوره الصحيح في ادارة هذه البلدان، اما في البلدان الاخرى الموجودة ايضا، لعبت الانقلابات العسكرية الدور الرئيسي و فرضت ما يمكن ان يحكم بالاوامر العسكرية و باسماء مختلفة ملكية او جمهورية صورية، و استندت بعضها على القوانين التي يمكن ان تسمى بالمجحفة على عموم الشعب الذي لم يكن له الدور ولو بسيط في اختيار من يحكمه، و هكذا استنتجت الدكتاتوريات التي ارغمت الشعوب على الطاعة العمياء و حولته الى الرعية المغلوبة على امرها .
ما يهمنا هنا، هو الاولويات التي يمكن ان يهتم بها كل بلد اليوم من اجل تحقيق اهدافه و التي يجب ان يتوائم مع التغييرات الكونية المختلفة الى حد كبير، و الا التغيير يفرض نفسه كما هو الثورات المندلعة في هذه الفترة و وصلت شرارتها الى هذه المنطقة التي نقصدها بالذات، و ان لم تتجه هذه الحكومات الى التوجه نحو العمل العصري الملائم و الوصول الى ما يبتغيه الشعب و التنعم بالحياة الحرة و الرفاهية و السعادة المنشودة من قبله . الصراع السياسي المحتدم خلال هذه المرحلة يقطع الطريق دائما على التعاون و المشاركة الجماعية للسطات في تحديد اولويات كل منهم و الوصول الى الاتفاق و التعاون المشترك، و لكن ما يفرض الخلاف دائما هو الاختلاف في الرؤى و توجهات كل نظام حكم موجود و الاتفاق على الاستراتيجية المعتمدة و الاولويات التي من الواجب اختيارها لكل منهم. هناك من يهتم بالمثاليات و يعتقد انها الملائم لكل المنطقة و يصر و يعمل على نشرها بالقوة الممكنة لديه و يدفع بكل ما لديه من اجل تثبيت ما يؤمن به كاولوية كل البلدان في المنطقة بكاملها و ان كان على حساب ما يذهب اليه الاخر و يعتقد بانه الاصح لشعبه، و هناك من يهتم بما يتطلبه و يدعيه تاريخه و موروثاته و ظروفه الداخلية و طموحاته المستقبلية، و لكنه يجد العوائق الكبيرة في تنفيذ ما يرمي اليه من قبل الاخر، و هذا ما يجبره على اتخاذ الاجراءات للدفاع عن نفسه و يقع هذه الخطوات التي يولج في تخطيها على حساب ما يؤمن به الاخر، و ربما يهتم طرف منهم بتنفيذ مخططاته التي يعتبرها عالمية و من باب الصراعات الكبرى التي يروج لها. و هناك الاخر ما يتمتع بالتزمت و هو يطبق نظام شمولي متعجرف و هو سائر على هضم حقوق شعبه و الاخرين دون ان يولي اي اهتمام بالمفاهيم و المباديء الاساسية الانسانية و يعتقد ان هذه الشعوب تستحق هذا النوع من النظام، و كل ذلك في سبيل تحقيق اهداف سياسية فكرية عقيدية ليست لها اية صلة بمصالح الشعب بشيء، و كل ما يسير عليه مستند على الايديولوجية القحة فقط، و لم يوفر للشعب اية فسة للتنفس التي يمكن ان تُذكر . و يدخل الكاريزما و المواقع الاجتماعية المتسلطة دور بارز في اختيار من يحكم و في فرض ما يؤمن في هذا المضمار، و لا يعلم ان الايديولوجيات المعتمدة عفى عليها الزمن، والتي لازالت هذه الحكومات ترى استراتيجياتها المتخلفة في تطبيقها و تقع ضمن المصالح الشخصية الفئوية فقط، و لكنها هي في طريقها الى الزوال .
جوهر ما نقصده هنا هو تحديد الاولوية المفروض اختيارها من قبل كل دولة و تحديد الاسلوب و الالية التي يمكن عند تنفيذها تحقيق الاهداف ،دون ان تؤثر على ما يهدف الاخر المجاور و المصارع في اكثر الاحيان، و الهدف هو ايجاد الافاق الواضحة لما يمكن تُستهل بها العملية الطويلة لاستقرار هذه المنطقة، و نرى ما يقنع كافة المكونات و هي تعيش راضية غير متذمرة، و هذا يطلب منا الدقة لمنع التقاطع بين الاهداف العديدة الخاصة لكل بلد و الاهداف العامة للمنطقة شاملة، و الذي من الواجب احترامها من قبل الجميع على حد سواء، و ان تؤخذ بنظر الاعتبار ما يجب ان لا تمس اية خطوة م يؤمن بها الاخر و يعتبرها من اولولياته وهو الموجود علي الساحة العريضة لهذه المنطقة ايضا. بمعنى، ان كانت الاولوية الاولى للبلد تجسيد الديموقراطية و توفير الحرية الممكنة للمواطن مع ضمان الاحتياجات و الخدمات العامة و كعوامل مشتركة، وان كان الهدف العام هو التنمية و التطور، فان الاهداف الخاصة و المخططات التي تهم اختلاف المكونات من حق اي بلد او مجتمع ضمن اية دولة في المنطقة و اختيار النظام الملائم من حق شعوب البلدان و ليس غيرهم . اما في البلدالاخر ، ان كان نشر ما يعتقده الاكثرية الساحقة للشعب فيه من الاولويات الضرورية، فيجب ان لا تؤثر على الهدف العام المشترك، و اختيار الطريقة للوصول الى المبتغاة هو من صلب واجب الشعب ايضا و هو ما تفرضه الارادة و العزيمة لدى الشعب المعني.
اذن تحديد الاولويات ان كان غير ملائم او غير مقبول لدى الشعب ، او ان كان من اختيار الاقطاب و القوى العالمية الكبرى فمن المسموح رفضه من قبل الشعب و على الجميع دعم السلطات في هذا الرفض، فليس لاية دولة الحق في التدخل في المنطقة او اي بلد، و بالاخص في اختيار اولوياته . و كل بلد بحد ذاته هو المسؤول عن تدبير ما يضمن التطور و التنمية له، و عليه واجب ايصال الشعب الى الرضى الكامل في جو من الحرية و الرفاه المنشود .ما لا يمكن السكوت عنه مهما كانت الدوافع هو القمع و الكبت و الظلم المقصود الذي يمارس منذ سنين في هذه المنطقة من قبل حفنة حاكمة، و يعيش الشعب في ظل الخروقات المتكررة لحقوقه الاساسية و يعرقل تحقيق طموحاته المشروعة في الحياة. اي الاولوية المتعددة للبلدان المختلفة في المنطقة مع التشابه في الهدف العام للجميع هو الاستراتيجية الامثل .
عند الانتهاء في تحديد الاولويات بشكل علمي و بشرط عدم التعارض مع اولوية الاخر، يمكن كسب استرضاء الشعب بجميع مكوناته من خلال تلك العملية الطويلة ، و به يمكن توفير فرص التعاون و تخصيب ارضية تجسيد الامن و الاستقرار و التنمية و التطور في المنطقة بشكل كامل.[1]