التغيير الاجتماعي بين الدافع و المثبط في منطقة الشرق الاوسط
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3264 - #01-02-2011# - 18:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لابد ان اذكر بداية، ان التغيير الذي اعنيه و اتعمق قليلا في اسبابه و عوامله و طبيعته و كيفية حدوثه ليس كما يطرح في هذه الاونة في اكثرمكان و من قبل اكثر منطرف، و يريدوا ان يكون التغييرسياسيا فوقيا لاهداف و اماني و اغراض سياسية فقط، و انما انا اتغلغل فيه هو التغيير الكلي الشامل في الوضع الاجتماعي العام مع ما يتغير معه الجانب السياسي و ليس العكس، و الوصول الى المرحلة الاخرى مخلفة ورائها ما لم يكن من المقدور الثبوت فيها . و هي عملية مترامية الاطراف و تنضج بشكل كامل بعد توفر العوامل و المرتكزات و تجهيز الوسائل و في ارضية متكاملة المتطلبات و في ظل عقلية اجتماعية و تقدم علمي و المستوى المطلوب من الثقافة العامة و الوعي المساند لنجاح العملية بشكل طبيعي .
عندما نقيٌم الفترة التي نعيشها بشكل عام و ما توصلت اليه هذه المنطقة من المحفزات و الدوافع للحركة الديناميكية السريعة لمسيرة المجتمع، و التطور المشهود الحاصل في كافة المجالات، نعتقد ان هناك استحداث للخصائص التي تجبر المجتمع ان يدع الماضي و شانه في كثير من الجوانب، و هو يتحضر كي يتوائم مع المرحلة الجديدة في المستقبل القريب، و الاهم ما في هذه المرحلة هو الانتقال بشكل تدريجي ،ان لم تحدث قفزة غير متوقعة من جانب ما و هي التي يمكن ان تعيد الوضع و باتجاه التراجع بخطوات او بالاحرى ربما التقدم في المسار الصحيح بخطوات ملحوظة .
هنا و ايضا بعيدا عن السياسية و متطلباتها و تاثيراتها على العقلية الشرقية و ما تحوي من المؤثرات و العوامل قد تعيق عملية التغيير الطبيعي احيانا، نتكلم عن المجتمع بحد ذاته و دوره و كيفية اداء واجباته و تقدمه المنشود و من ثم تغييره. من المستحسن ان نبين عملية التغيير في المجتمع على الملا كما هي بعد حدوث تغييرات متتالية في تنظيم وصورة و شكل الروابط الاجتماعية بفعل المؤثرات المختلفة و منها علمية تطبيقية بحتة او تحولات في مستوى الوعي و الثقافة مما تفرض هذه شروطا من اجل التغيير الشامل في بنيان المجتمع من حيث الحجم و الشكل و التركيب و العلاقات و الظروف المعيشة. و يكون التغييرظاهرة عامة و واسعة النطاق فتشمل كافة المكونات بشكل عام في هذه الحال، و ربما يحدث في زمن محدد و بعد توفر المقدمات الضرورية و يبقى مستمرا حتى يتعمق و يؤثر جذريا و تحل سمات جديدة محل اخرى نافذة المفعول، و يحدث هذا بفعل مجموعة من العمليات التي تنتج تفاعلات مختلفة و باثارة قوى التغيير المختلفة. فقوة التغيير تاتي بعد تطور العقلية و زيادة في الوعي و على مراحل، و ربما تكون بمثابة عمليات متتالية مؤثرة على الذهنية البشرية سواء كانت نابعة من التغيير في الفكر كنتاج للعلاقة المادية المؤثرة و المتغيرة بين مكونات المجتمع و خاصة شكل و طبيعة علاقات الانتاج التي تؤثر على العقلية البشرية، او مستخلصا من فكر و واقع يدفع الانتقال الى مرحلة اخرى مغايرة تماما، و من اهم المؤثرات هو نفوذ التطور العلمي و التنمية كما كانت تاثيرات الفلسفة و نفوذها في المراحل السابقة و نفوذ ماوراء الطبيعة قبلها و في الحقبات الغابرة. اي نستنتج هنا بان اية حركة او اهتزاز لطبيعة المجتمع و من ثم التغيير في علاقات الانتاج و عوامل الانتاج سيحدث تغييرا في الوعي و بدوره يؤثر على العقلية و هنا سيتاثر البنيان العام للمجتمع بعد التحولات في العلاقات الاجتماعية. اي الروابط العلمية الصحيحة بين العلاقات المادية و ما تؤثرها على العقلية او الذهنية و بدورها ستؤثر على الواقع الاجتماعي الذي سيؤثر بدوره على العلاقات و الروابط الاجتماعية، و بهذه المؤثرات و المتاثرات الدائرية المتموجة ستنتج مرحلة جديدة من الواقع الاجتماعي مغاير لما سبقه .
ان ما نحن متاكدون منه، هو، ان التقدم و التطور و من ثم التغيير بشكل عام سيكون دائما نحو الاحسن استنادا على التقدم و التطور العلمي و ما سيحدثه من التنمية، و هذه بدورها تفرض مجتمعا نظاميا و منتظما كلما كانت نسبتها عالية، و التاريخ بحد ذاته هو المسيرة التي تسير وفق ما يحدثه التطور و مؤثراته و الهدف العام هو السعادة و الرفاه في جميع الخطوات المؤدية الى التغيير ، اي الانتقال الايجابي عند الاستناد على العلم و الاعتقاد الكامل بالقوانين الوضعية و الاهتمام بما يجري على الارض و ليس بما وراءه . الانسان بحد ذاته يسير في هذا الاتجاه لانه كائن مميز بالارادة و طبيعة خيرة و عقلية مؤثرة نحو التغيير باتجاه الخير و الاحسن في اكثر الاحيان، و كما كان دائما هو الذي حرر نفسه من وهم الايديولوجيات الخيالية المختلفة و ظلام الاستبداد و القمع وهو الحالم بالعدالة و حياة افضل، الا انه الانتقالات ليست بشرط ان تكون دائما مستقيمة بل تكون اغلبها متموجة لحين الوصول الى نقطة الفصل و الاستقرار في المرحلة المتغيرة الجديدة الاخرى و هكذا ستسمر، و تتثبت هذه المرحلة الجديدة بدورها لحين تراكم عوامل تغيير اخرى في فترات زمنية متفاوتة و لتعاد الكرة و العملية واحدة بعد اخرى على مدار التاريخ و هكذا. و ما نلمسه من التمعن في ثنايا التاريخ و لحد اليوم هو وجود الخلافات المتعددة و المحتكة مع بعضها و لكن ثمرة تفاعلاتها تكون دائما مرحلة انتقالية اخرى و تكون متطورة في العمق. و لكن يجب ان نذكر دائما انه لا يمكن ضمان نتيجة التقدم العلمي و مؤثراته بحيث يكون دائما بالاتجاه الصحيح لان بعض التقدم قد يؤدي الى الخراب احيانا، و ما يحدثه هو التراجع بدلا من التقدم و هو ما يثبت اللاعدالة و التناقضات و عدم التوازن محدثا التخلخل في الحياة العامة و هذا ما يدعنا ان نقول ان التقدم و اتلتغيير يسير وفق خط متموج و ليس مستقيما، و حينئذ يفرض التغيير نفسه ايضا على الواقع و ان لم يكن عمر المرحلة الجديدة طويلا و الموقف يدفع بالعودة عن التراجع الحاصل و يدفع ايضا نحو الامام بخطوات و مراحل اخرى مزيلا التراجع في زمن معين. و ما يجب ان نعلنه بعد القراءة الواقعية لحوادث التاريخ هو لاوجود لتغيير حقيقي و صحيح من دون ان يصاحبه وعي علمي مناسب بما يتغير و ليس هناك وعي علمي ملائم ان لم يكن هدفه و افقه هو التغيير نحو الامام و الاحسن و لمرحلة متقدمة، و يتم كل ذلك في ارضية و ساحة تتوفر فيها القدرة و الكفاءة و العقلية و الوعي العلمي المناسب، فبوجود هذه العوامل و الروابط ينمو الوعي الاجتماعي الذي يفرض بدوره الاطلاع و التعرف على الحقوق و الحريات كاهم مباديء اساسية للتغيير الاجتماعي، وبتوفر وسائل الاتصالات و انفتاح المجتمع امام الثقافات المختلفة و تاثيرات العولمة الايجابية في العصر الحديث اسرع من التغييرات بشكل ملحوظ، و في ظل و جوٌ يمكن ان يحد من تاثير الالتزام بالعادات و الاعراف المثبطة لحركة التطور و كذلك ما فرض نفسه على عقلية المجتمع الجماعية بالتثبيت على حالات و صفات و سمات عاف عليها الزمن ، و يحتاج الواقع في حالة عدم الاستقرار الى التغيير الشامل في العلم و المعرفة ليؤثر على العقلية، و تزيح هي بدورها السلبيات من طريق التطور الاجتماعي المنشود و التغيير المؤمل .
و بعد حدوث هذه التغييرات الجذرية سيفرض فكر و سياسة و عقلية جديدة نفسه على الواقع المتغيرو تنتج معادلات مغايرة ليست كما كانت من قبل، و تيدا المرحلة المتغيرة الجديدة و تعمل على اثبات نفسها و ازالة العوائق امامها و الاستقرار في زمن معين.[1]