#شنكال# المنارة التي عكست الحقيقة المجردة
المقاومة في مجابهة الاحتلال والثورة المضادة
صادفت هذه الأيام الذكرى السنوية الرابعة المريرة لمجزرة شنكال التي لا تزال تعاني من نتائجها الكارثية العالقة في الذاكرة الجمعية كأقذر فرمان وقتل عام وخيانة تعرض لها أبناء الشعب الكردي الإيزيدي المحافظ على أصالته الغائرة في أعماق التاريخ.
خيم سوادٌ دامٍ على شنكال حين قررت وحوش الجاهلية غزوها ومحوها من الوجود والانتقام من شعب عريق يُعد آخر امتداد للفطرة الإنسانية السمحاء، هذه المدينة التي كانت مُغيَّبة عن المشهد السياسي والاجتماعي في العراق بشكل عام وإقليم كردستان بشكل خاص فهي كانت قضاءً مهمشاً لا يذكرها أحد إلا حين تكون هنالك محاصصة انتخابية يُراد الاستفادة من أصوات الشعب الكردي الإيزيدي في المصالح والمنافع الحزبية الضيقة، وهذا ما كان واضحاً للعيان عندما تُرك هذا الشعب لِوَحدِه يواجه مصيراً مجهولاً في الثالث من شهر آب 2014 ليتعرض قرابة مليوني إنسان لأبشع صور الإبادة الممنهجة أمام أنظار العالم أجمع ولتصبح أعظم مأساة في تاريخ البشرية ووصمة عار على جبين الإنسانية وخاصة أدعياء الديمقراطية والتحضر والمدنية وتحديداً أدعياء الكردايتية في إقليم جنوب كردستان الذين تخلوا عن كردايتيهم في أول امتحان.
أمام مجموعة من الهمج الذين لم يتجاوز عددهم آنذاك 300 إلى 500 إرهابي لتقرر القيادة العشائرية (الكردايتية) الانسحاب والهرب دون أدنى إحساس بالمسؤولية تجاه شعب أعزل ومجتمع مسالم في أعظم مشهد تراجيدي مأساوي في التاريخ الكردي المعاصر، لنكون أمام مشهد مُبكٍ لقوَّات كان يفترض بها الذود عن شرفها وكرامتها لكنها على العكس تماماً انسحبت بشكل فاضح ومُخزٍ ليشكل هدير مركباتهم ذات الدفع الرباعي وأسلحتهم المتوسطة والثقيلة غيمة وضباباً يُثير عاصفة من الغبار أخفت أي أثر لهم.
نحن ندخل السنة الرابعة من مأساة شنكال ولا يزال البعض من أدعياء الكردايتية يحاولون إيهام أنفسهم و#الشعب الكردي# ببطولات وانجازات عظيمة قاموا بها في شنكال.! التي لاتزال تأنُّ وتعاني من انعدام النخوة والضمير نتيجة للخيانة التي لم يشهد لها مثيلاً في التاريخ.
أربع سنوات والشعب الكردي الايزيدي مُشتَّتٌ في أصقاع الأرض ومخيمات اللجوء وأدعياء الكردايتية يرفضون حتى الاعتراف بذنبهم تجاه هذا الشعب.
خمسة عشر ألفاً من بنات ونساء شنكال بحسب الاحصائيات تعرضن للسبي والخطف ولا يزال مصير الآلاف منهن مجهولاً حتى اللحظة، وأدعياء نهج الكردايتي لا يزالون يروّجون بأنهم مخلصو ومحررو شنكال.
لطالما حارب أدعياء الكردايتية قوات الدفاع الشعبي (الكريلا) التي دافعت عن شنكال وفتحت ممرات آمنة لإنقاذ ما تبقى من الشعب الإيزيدي من الإبادة المحتومة.
أربع سنوات وأدعياء النهج الكردايتي وأدوتهم؛ يكنون العداء لأبناء روج آفا وقواتها التي خلصت مئات الآلاف من أبناء الشعب الكردي الايزيدي في لحظة لم يوجد فيها قشَّة تنقذهم من موت محتوم بعد قرارهم (التكتيكي) لبشمركتهم العائلية المدججة بالسلاح بالانسحاب، ولم يكتفوا بذلك لكنهم أصبحوا أدوات في يد المحتلين الممولين للإرهابيين؛ فقط لأن الكريلا ووحدات حماية الشعب قرروا الانتقام لشنكال ودحر الإرهاب في معاقله الأساسية في الرقة ودير الزور ليتسبب أدعياء النهج الكردايتي المتعالون على شعبنا الكردي بمأساة أخرى لا تزال نتائجها الكارثية ماثلة للعيان في مدينة الزيتون عفرين وليكرر هؤلاء الانبطاحين عمالتهم وتواطؤهم مع المحتلين والغزاة؛ فقط لأن مصالحهم الحزبية ومنافعهم الشخصية لا تتوافق مع نهضة المجتمع ومقاومته وثورته في وجه القوى المحتلة ومجاميعها الإرهابية في ائتلاف قوى الإرهاب المشكلة في دوائر الاستخبارات التركية.
هنا يمكن التأكيد أن شنكال أصبحت مرآة للحقيقة تعكس وتفضح كل القوى والمواقف التي ادعت أنها حماة القومية الكردية وكردستان لتتضح بشكل جلي كذب ادعاءاتها وخاصة في انسحابها للمرة الثانية وبشكل مُخزٍ من شنكال وتسلميها للحشد الشعبي وتنسيقها ودعمها للفاشية التركية لضرب قوى الشعب الكردي الايزيدي وحزب العمال الكردستاني الذي ساندهم وقدم عشرات الشهداء لإنقاذ وتحرير شنكال ووصفهم لهذه القوى التي حَمَت شنكال بالاحتلال.
ما حصل في شنكال وسيحصل مستقبلاً من مقاومة ضد المؤامرات التي تحاك في الأقبية الاستخباراتية هي نتيجة حتمية سيخوضها الشعب الكردي في شنكال، وأن انتصار هذه الإرادة الصاعدة ضد هذه المؤامرات هو نتاج وعي المجتمع الشنكالي لما يحاك ضدَّه من مخططات قذرة تستهدف إرادته، وفهمه لواقع المتغيرات والمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية ورغبته في استكمال ما بناه بدماء أبنائه.
التجربة المريرة لمأساة الشعب في شنكال وتبنيهم لإرادتهم الحرة التي تكللت في الإدارة الذاتية لشنكال وقواها المقاومة لن تسلّم قدرها لأحد بعد الآن، فالانتصار الحقيقي في شنكال لم يعد انتصاراً أو تحريراً عسكرياً فَحَسبْ؛ بل أصبح انتصاراً لإرادة الوعي المجتمعي ورغبة صلبة في استرجاع أصالة شنكال وكرامتها التي فُقِدت نتيجة الهيمنات السلطوية والعقليات العشائرية الفئوية المنفعية.[1]