مرة اخرى حول الثراء الفاحش و الفقر المدقع المنتشر في منطقتنا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 3194 - #23-12-2010# - 20:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
استيقضت من النوم و بعد ان انهيت من الواجبات استهليت الصباح بالتجوال في المدينة لتلبية الضرورات اليومية، منذ اول وهلة وبعد ان وصلت الى مركز السوق واجهت مستجديا مترجيا مني مساعدته بالمال! و لم يعلم بانه لم يجعلني ان اساعده و انجيه فقط بل وددت ان لا اراه و امثاله في هذه الحياة و ليس بمساعدته فقط و انما استئصال عوامل وجوده، و فرض علي هذه الواقعة التعمق في اسباب وجوده على هذا الوضع و الملايين معه على هذه الحال و هو يستحق ان يعيش كريما و متوفرا لديه ما يسترلزمه من الاحتياجات الضرورية، و استغرق ذلك التفكير مني مدة طويلة، و لم اعلم بنفسي عندما عدت الى رشدي و يقظتي و انا اتمشى للحظة و اتفاجا في من يرقد تحت الصفيح و هو ايضا على حال يرثى لها و هو ادنى معيشة من المستجدي ،و من ثم غرقت في التامل و البحث مع الذات في عوامل ماوراء هذه النتاجات على ارض الواقع و التي لم اشهد مثله من قبل بهذا الشكل طوال العهود السابقة، و دخلت في خيال و ربما كنت في غيبوبة و لم استيقض الا و ارى امامي احدا من ذوي الاحتياجات الخاصة طالبا المساعدة ، فتجهم وجهي و احسسته دون قصد ما انا فيه و لم يفهمني كما اردت و ربما تخيلني عكس ما كنت فيه، و ادار بوجهه نحو مارة اخرى ليطلب ما يريد، و هكذا طال بي الوقت و انا احلل و افسر و اجد الاسباب و العوامل و افقد اخرى و اجهل بعضها و اعول على ما لدي من الرؤية و الفكر و العقائد ، و لكني كدت ان افقد صوابي ، و ارتجلت و تفاجئت و انا هالك في التفكير و اشغلني هموم من التقيت بهم و اذا بسيارة فارهة بجنبي و فيها من البذخ و الابهة و من كان يشغلها بشياكة لا يمكن وصفها، و التفت جانبا كي ابعد نظري عنها و لم ارى الا عمارة عالية ذات المواصفات غالية الجمال و مشيدة بافخم انواع البناء و الاثاث ، و لكنني تمشيت و سيطرت على نفسي لابقى صاحيا و لم تدم مسيرتي طويلا الا و تلمست وجوها و اشكالا و طبائع مستريحة نفسيا و وجوها مبتهجة لم تدل منها ولو لحظة احتياج او عوز و اخرى يظهر على سلوكها الترف و التبذير، و بدات المقارنة مع ما سبق من مشاهداتي و لم اخرج بنتيجة خلال هذا الصباح.
هكذا، خلال سويعات دار بي الزمن عهود و عقود و لم انتهي الا بنظرة واقعية الى ما نحن فيه هو الفوضى بعينها من النظام و الوضع الاجتماعي الاقتصادي السياسي على الرغم من دخول المفاهيم الجديدة الى عالمنا من العولمة و الديموقراطية و حقوق الانسان. و كل ما تحيرت منه هو لماذا نجد هذا التناقض من المواصفات التي تتمتع بها دول الشمال و الجنوب في رقعتنا و في الوقت ذاته، هناك من في الحضيض و الاخر في العلى، و لنا نفس التاريخ و الجغرافية و ربما الثقافة . و كموقع لدينا من الثروات الطائلة التي تذهب ريعها هدرا و تدخل جيوب محددة فقط . نتيجة هذه الاحساسات على الارض تبين لي ان الوضع النفسي العام للمجتمع ناتج عن مثل هذه الحالات التي تعيشها الافراد، و هي تحت طائلة الضغوطات الموجودة و المؤثرة على من يفكر قليلا في ما موجود في الواقع فما بال من يحاول جاهدا ايجاد الحلول و يتعمق في تحليل الظواهر و الحوادث و الوقائع ويلم على تفسيرالامور و القضايا التي تهم الانسانية.
ان كانت المستلزمات المادية الضرورية موجودة و متوافرة في هذه الارض التي نعيش و تحتاج لتنظيم و ترتيب معين فلماذا هذا التراجع في مستوى المعيشة يوما بعد اخر وهو ما يغلق الابواب على المتاملين في الوصول الى نتيجة وتزداد الحياة تعقيدا.
ايجاد المنفذ ضروري لاية حالة كما هي حال الفيزياء و ما تتطلبه الضغوطات للتنفيث و ابتعاد احتمال الانفجارات و ردود الافعال المحتملة لما هو موجود من الاثقال التي تفرضها الحياة اليومية ، فتكون الحالة طبيعية لو اختلط الحابل بالنابل لحظة ما، لذا المنفذ المستعجل للحال هو اتباع التنظيم الطاريء لما يعيشه المجتمع و الا العواقب تكون وخيمة .
لو طرحنا الحل سطحيا و قلنا ان الخلل الحقيقي في العقلية و التفكير و النظام و ليس الفرد بذاته او ناجم عن تراكمات التاريخ و ما تعاقبت من الانظمة السياسية الاقتصادية العالمية و تاثيراتها على المنطقة ، و قلصنا الاسباب لرواسب الحروب و الويلات التي فرضت على هذه المنطقة بالذات فانما الجرعة العاجلة لتهدئة الامور وتطبيع الوضع الاقتصادي هي مساعدة من يعيش تحت درجة الفقر مؤقتا ، و لكن الاهم هو الاصرار على العمل في ايجاد النظام المناسب لكل منطقة للتقارب في المستويات المعيشية للشعوب لحيز معين ان لم نصل الى المساواة التي يطالب بها الجميع في فترة محددة على الاقل.
حسب كل المؤشرات الداخلية للعراق و ما نعيش فيه ( ان ابعدنا النظام الاقتصادي العالمي التي تفرض الشروط) فان النظام الاقتصادي و السياسة الاقتصادية العراقية فيهما من التخبط و الفوضى و الابتذال لا يحصى و لا يعد و ليس الفساد الا جزءا من اللانظام الموجود و الا سيتم علاج الفقر خلال فترة وجيزة و ليس بالمساعدات الاجتماعية التي فيها من الطرق التي تعقد الحال اكثر و تثري الاثرياء و تدني من درجة الفقر، و هذا ما تزيد من الطين بلة. المطلوب بشكل عاجل هو الاحصاء و بيان مواقع الضعف و نسبة الفقر و وضع خطط طارئة لمدة معينة و من ثم وضع الخطة الخمسية و ما يتطلبها النظام الاقتصادي الملائم لمجتمعنا بكل حرية.[1]