عنوان الكتاب: الفرار و التعريب: تحليل مقارنة لعدد السكان في المناطق الكُردية الأصلية في سوريا بين 2011 و 2023
اسم الكاتب(ة): سيامند حاجو وإيفا سافيلسبرغ
مكان الإصدار: ألمانيا
تأريخ الإصدار: 2024 [1]
=KTML_SeeMore=يقول الكاتبان في المُقدمة:=SeeMore_Disc=يقول الكاتبان في المُقدمة: “تؤدي الحرب إلى الفرار والتغيير الديموغرافي” (حاجو & سافيلسبرغ 3 :2024).
يبدو أنَّهما قد قاما بترجمة الكلمة الألمانية (Flucht) بشكل حرفي، إذ أنَّها تعني “فرار” في اللغة العربية. هذه المفردة متداولة في النصوص الألمانية الخاصّة باللجوء والنزوح. أمّا كلمة “فرار” العربية فلا تُستخدم في السياق المعني بقضايا اللجوء والنزوح. إذ أنَّ كلمة “فرار” في اللغة العربية لها تاريخٌ لغويٌ مُختلف واستخدامات أخرى لا تتناسب مع السياق الذي تُستخدم فيه الكلمة الألمانية. وبالتالي، من الخطأ ترجمة (Flucht) في هذا السياق بالتحديد بكلمة “فرار”.
كان من الأفضل والأصح استخدام كلمة “اللجوء” في هذا السياق بدلاً من “الفرار”، إذ أنَّ كلمة لاجئ (Flüchtling) في اللغة الألمانية مُشتقة أصلاً من كلمة (Flucht).
وفي موضع آخر يوضح لنا الكاتبان منهجيّة البحث التي تم اعتمادها للوصول إلى النتيجة النهائيّة للبحث: “ولإدراك التغييرات في المناطق الكُردية الأصيلة في سوريا، قمنا بمقارنة الإحصاءات الحكومية الرسمية من عام 2010، وهو العام الأخير قبل الحرب، مع أرقام نهاية العام 2023، التي كانت قد ذودتنا بها منظمة سورية غير حكومية تقوم بهذه الإحصاءات السكانية منذ العام 2011” (حاجو & سافيلسبرغ 3 :2024).
بدايةً من غير العلمي التحفظ على ذكر المصادر الرسميّة في البحوث العلميّة. لذلك، كان لا بُدَّ من ذكر اسم المنظمة ومكان عملها، كما والإشارة إلى البيانات ونتائج الإحصاءات التي قامت بها حتّى اللحظة، حتّى يتسنى للقراء والباحثين والمُهتمين بصورة عامة مُراجعة هذه البيانات والاطلاع عليها بشكلٍ أعمق.
نتيجة البحث تتلخص فيما يلي:
“باختصار، عام 2010 كان هناك 1,287,161 شخصاً في المناطق التي قمنا بمسحها، ومن بين هؤلاء الذين شملهم المسح السكاني نزح ما مجموعه 695,473 شخصاً بحلول عام 2023، أي 54,03 بالمئة من مجموع السكان (حاجو & سافيلسبرغ 3 :2024).
أي أنَّ عدد سكان المناطق الكُرديّة الأصليّة في سوريا قد تقلص بحسب كل من حاجو وسافيلسبرغ إلى أقل من النصف، وقد تم تعريب مناطقهم من خلال عمليات الاستيطان التي حدثت خلال فترة الحرب الأهليّة.
بكل تأكيد لا يُمكن التأكد من جميع الأرقام التي تم الاعتماد عليها في بناء النتيجة النهائيّة للبحث المذكور أعلاه، وذلك لعدة أسباب، لعل أهمها: عدم القدرة في ظروف الحرب الحالية على القيام ببحثٍ ميداني شامل، وإجراء إحصاء دقيق يُمكن الاعتماد عليه بالفعل في عمل أكاديمي، وفي الأوساط العلميّة المُهتمة بالتغييرات الديموغرافية في أزمنة الحرب والأزمات والتبدلات الكبيرة.
ولكن، أردت التأكد من الأرقام الواردة في البحث المنشور من خلال القيام باختيار عينة صغيرة من القرى الواردة أسمائها في البحث، وهي قرى حاج ناصر وكوردو الواقعتان بريف عامودا، وسؤال سكانها الحاليين عن تطور التركيبة السكانيّة للقرية مُعتمداً بالدرجة الأساس على المعايير التي وضعها الكاتبان في ضبط الأرقام الخاصّة بعدد السكان وكيفية تبدل هذه الأعداد في فترات زمنية مُعينة.
أولاً: التطور السكاني في حاج ناصر وفقاً لنتائج الدراسة:
السكان 2010: 108
الأشخاص الذين فروا داخل البلاد 2011 – 2023: 0
الأشخاص الذين فروا إلى الخارج 2011 – 2023: 56
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 28
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 52 (قارن. حاجو & سافيلسبرغ 76 :2024).
ثانياً: التطور السكاني في كوردو وفقاً لنتائج الدراسة:
السكان 2010: 77
الأشخاص الذين فروا داخل البلاد 2011 – 2023: 0
الأشخاص الذين فروا إلى الخارج 2011 – 2023: 35
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 21
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 42 (قارن. حاجو & سافيلسبرغ 77 :2024).
سأعرض الآن الأرقام التي حصلتُ عليها، كما وسأستخدم بالنسبة لهذه القرى التي لم تشهد الحرب والنزوح والتهجير القسري مُفردات أخرى، غير تلك المُستخدمة في البحث. أمّا الأرقام التي حصلتُ عليها من مصادر أوليّة في قرية حاج ناصر فهي على الشكل الآتي:
أولاً: التطور السكاني في حاج ناصر وفقاً لنتائج البحث الخاص بي:
السكان 2010: 178
الأشخاص الذين نقلوا مكان إقامتهم داخل البلاد 2011 – 2023: 32
الأشخاص الذين هاجروا (لجؤوا) إلى الخارج 2011 – 2023: 58
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 0
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 124
ثانياً: التطور السكاني في كوردو وفقاً لنتائج البحث الخاص بي:
السكان 2010: 80
الأشخاص الذين نقلوا مكان إقامتهم داخل البلاد 2011 – 2023: 30
الأشخاص الذين هاجروا (لجؤوا) إلى الخارج 2011 – 2023: 8
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 0
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 67
من الواضح وجود فروق كبيرة بين الأرقام التي حصل عليها الكاتبان والأرقام التي حصلت عليها أنا من مصادر أوليّة من داخل القرية.
بطبيعة الحال تم مراعاة عدد الولادات الجديدة في كل قرية، كما وحالات الزواج وحالات الوفاة.
من المُلاحظ أنَّ الفروقات الكبيرة تكمن تحديداً في أعداد ما يُسمى “بالمستوطنين الجدد” وعدد السكان في العام 2023.
أولاً: التطور السكاني في حاج ناصر وفقاً لنتائج الدراسة (المستوطنون الجدد وعدد السكان في العام 2023):
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 28
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 52 (قارن. حاجو & سافيلسبرغ 76 :2024).
أولاً: التطور السكاني في حاج ناصر وفقاً لنتائج البحث الخاص بي (المستوطنون الجدد وعدد السكان في العام 2023):
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 0
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 124
ثانياً: التطور السكاني في كوردو وفقاً لنتائج الدراسة (المستوطنون الجدد وعدد السكان في العام 2023):
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 21
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 42 (قارن. حاجو & سافيلسبرغ 77 :2024).
ثانياً: التطور السكاني في كوردو وفقاً لنتائج البحث الخاص بي (المستوطنون الجدد وعدد السكان في العام 2023):
المستوطنون الجدد 2011 – 2023: 0
سكان 2023 (بدون مستوطنين جدد): 67
حيثُ نجد أرقاماً كبيرة خاصّة بأعداد المستوطنين، وأرقام صغيرة خاصّة بعدد السكان مؤخراً (2023: وهو عام إجراء آخر إحصاء). وهذا يدل على أنَّ الكاتبان قد ركَّزا في بحثهما على هذين الأمرين بالدرجة الأساس. التزوير في النتائج واضحٌ لا لبس فيه. حيثُ يريد الكاتبان أن يقولا لنا: أعداد الكُرد في مناطقهم الأصيلة في تراجع شديد وأعداد المستوطنين الجدد في تزايد كبير. أي، أنَّ كُردستان الغربيّة باتت مستوطنات عربيّة، وبات الكُرد يشكلون فيها أقليّة.
كما وأكد لي المصدر نفسه عدم وجود أي مستوطنين جدد في القرى الكُرديّة بشكلٍ عام، حيثُ قال لي بالحرف: “فليأتي كاتب البحث إلى حاج ناصر، كوردو، توبز، باب خيري، كري موزان وسائر هذه القرى المحيطة بعامودا وقامشلو، ويدلني على مستوطن واحد. لا وجود لأي مستوطنين جدد في المنطقة!”
كيف حصلتُ على هذه الإحصاءات؟
لم أعتمد على الإحصاءات الحكوميّة السوريّة، كما ولم أحصل على أيَّة معلومات من منظمة غير حكوميّة، كما فعل الكاتبان، وإنَّما سألتُ أحد سكان قرية حاج ناصر نفسها، والذي لا يزال يقيم في القرية، وهي بالأصل قرية أبي وأعمامي، كما وزودني بمعلوماتٍ دقيقة عن تطور التركيبة السكانيّة لقرية كوردو أيضاً.
ذكر لي هذا الشخص، وهو من سكان القرية القدماء (أتحفظ على نشر اسمه لأسباب خاصّة بحماية البيانات الشخصيّة) أسماء جميع الأشخاص (أتحفظ على نشر أسماء سكان قرية حاج ناصر وكوردو لأسباب تتعلق بحماية البيانات الشخصيّة، كما وأنَّها غير ضروريّة في علوم الإحصاء) الذين سكنوا قرية حاج ناصر وكوردو حتّى العام 2010، ومن خرجوا منها نحو الداخل السوري ما بين أعوام 2011 – 2023، ومن غادر القرية وسوريا مُجملاً في نفس الفترة الزمنية، أي بين أعوام 2011 – 2023. كما وأكد لي أنَّه لا وجود لأي مستوطنين جدد في القريتين؛ والعوائل العربية التي تأتي إلى القرية لفترة زمنية قصيرة بغرض العمل في مجال الرعي والزراعة، لا يسكنون غالباً في القرية، وإنَّما خارج القرية، حيثُ يبني لهم ربُّ العمل بيتاً صغيراً على أرضه الزراعيّة بالقرب من بئر الماء، حتّى يزاولوا عملهم في سقاية المحاصيل، وفي بعض الأحيان يبني ربُّ العمل للرعاة غرفة صغيرة على أطراف القرية للإقامة فيها طيلة فترة عملهم في رعي قطعان الأغنام. أي أنَّهم ليسوا مستوطنين، وإنَّما جاؤوا بقصد العمل، وسيغادرون القرية بمجرد أن يتخلى صاحب العمل عن خدماتهم، أي أنَّهم من فئة المُقيمين بغرض العمل وليس من فئة المستوطنين، والفرق بين الحالتين شاسعٌ للغاية، الأمر الذي يدل على أنَّ استخدام كلمة “استيطان” في هذا السياق على علاقة وثيقة بإثبات الكاتبان لفكرتهما الأصليّة وحسب، وهي أنَّ المناطق الكُرديّة مُجملاً تم استيطانها وبالتالي تحولت إلى مستوطنات عربيّة. كما وأفادني المصدر ذاته بعدد سكان قرية حاج ناصر الحاليين والبالغ عددهم الآن 124، ولم يتغيَّر هذا العدد منذ عام 2023. أمّا سكان قرية كوردو الحاليين فيبلغ عددهم 67 شخصاً.
لا يُمكن للأسف الشديد إجراء إحصاء شامل لكل المدن والبلدات والقرى الكُرديّة بسوريا، نظراً لواقع الحرب الراهنة، ونظراً للوضع الاستثنائي للمناطق الكُرديّة (عفرين وسري كانيه) التي تحتلها تركيا، حيثُ تعرض فيها السكان الكُرد الأصليون إلى تطهير عرقي وعمليات تهجير قسريَّة مُمنهجة أدت إلى حدوث تغيير ديموغرافي خلال فترة زمنية قصيرة جداً.
التغيير الديموغرافي الحاصل في كل من عفرين منذ 2018 وسري كانيه 2019 حقيقةٌ لا تحتاج إلى إثبات. ولكن، مع ذلك لا يُمكن التحقق من الأرقام الواردة في هذا البحث خصوصاً تلك المُتعلقة بتطور التركيبة السكانيّة للمناطق الكُرديّة غير المُحتلة.
كما ولم يتطرق الباحثان إلى قضية الأجانب ومكتومي القيد بسوريا. هل شملهم الإحصاء الحكومي السوري الأخير قبل اندلاع الحرب بسوريا أم لا؟
المصادر:
– مُقابلة عن طريق منصة زوم مع أحد سكان القرية، أجري اللقاء بتاريخ 23.06.2024.
– حاجو، سيامند & سافيلسبرغ، إيفا (2024): الفرار والتعريب. تحليل مقارنة لعدد السكان في المناطق الكُردية الأصلية في سوريا بين 2011 و 2023، برلين: المركز الأوروبي للدراسات الكُرديّة.=KTML_SeeMore_End=