مشتاق رمضان
يروي الأكاديمي في كلية اللغات بجامعة بغداد، حسين قلي خان الفيلي، لشبكة رووداو الاعلامية، تفاصيل مساهمة #الكورد الفيليين# في جلب إذاعة لثورة أيلول الكوردستانية، مشيراً الى أن مرسلة الإذاعة تم جلبها من المانيا الشرقية سابقاً.
ويقول حسين قلي خان الفيلي إن ثورة أيلول كانت بلا إذاعة، وبدأت الثورة تتطور بعد أن أخذ منحاها ينتقل من العشائرية الى ثورة جماهيرية، مردفاً أن الزعيم الخالد الملا مصطفى بارزاني كانت لديه حنكة غير طبيعية، فهو زعيم بكل مقاييس الزعامة، واحتاجوا الى أن يسمع العالم صوتنا.
ويضيف أن العالم لا يعرف أن هناك شعباً مغضوباً على أمره يعيش في فقر مدقع وبلا حقوق في هذه المنطقة، لذا كيف يصل صوتنا ويعلم الناس أن هناك شعباً مظلوماً هنا؟.
جمع الكورد الفيليين أموال الإذاعة
ويبين حسين قلي خان الفيلي أن أحد أعضاء اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني كان يد الله كريم الفيلي، والذي قام بتكليف تجار الكورد الفيليين في بغداد بايجاد طريقة للإتيان بمرسلة من خارج العراق لكي تصبح إذاعة للبيشمركة في ثورة أيلول، وتم جمع الأموال من الكورد الفيليين وغيرهم من الكورد سواء من التجار أو الصناعيين، بل وحتى الكورد الفقراء تبرعوا بما يستطيعون لجلب المرسلة من المانيا الشرقية، والتي كانت من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
وصلت الاذاعة عن طريق البحر الى موانئ الكويت، ومن هناك دخلت الى الأراضي العراقية عن طريق البصرة، ومن ثم الى العمارة والناصرية، ثم علي الغربي ثم الكوت، وهناك بقيت لمدة زمنية قبل أن يتم نقلها الى بغداد، وفق قوله.
ويوضح أن والده كان يملك ورشة كبيرة في شارع الشيخ عمر وسط بغداد تحت اسم كراج الاسطة علي، وكان والده مساهماً في شراء المرسلة من المانيا الشرقية، وفي نفس الوقت ارسالها الى العراق لأن أغلب عمله كان في المانيا.
إيصال الإذاعة الى جبل بمو
بخصوص طريقة إرسال المرسلة الى كوردستان، يلفت حسين قلي خان الفيلي الى أن المرسلة تم تخبئتها في كراج (الاسطة علي) في شارع الشيخ عمر، ومن العمال الكورد الفيليين الذين كانوا موجودين في ذلك الوقت لازالوا على قيد الحياة وهم من رووا لنا تفاصيل هذه القصة.
ويضيف: بعد ذلك تم تحميل الإذاعة في سيارة تابعة للنقليات من نوع مرسيدس لصاحبها حميد الكرادي، لكن من دون علمه، حيث كانت السيارة تحت قيادة سائق معروف لدى الكورد الفيليين، وهو أكرم كوكي الفيلي، ومعه مساعده مهدي سكن، الذي يتولى ابنه الآن مسؤولية تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في السويد.
أوصلوا السيارة التي كانت تحمل المرسلة الى جبل بمو في كوردستان وقاموا بتسليم المرسلة الى البيشمركة، ومن ثم تم نصب المرسلة من قبل البيشمركة والخبراء المتخصصين ممن لديهم معرفة بعمل الإذاعة.
بدأت الاذاعة بالعمل في عام 1962، حيث قال الشهيد ادريس بارزاني هاتوا لنا بمذيع كوردي فيلي لأن لهجة الكوردي الفيلي باللغة العربية جيدة على اعتبار أن تكون الأخبار باللغتين العربية والكوردية، وفقاً لحسين قلي خان الفيلي، الذي نوّه الى أن أول مذيع في الإذاعة كان البيشمركة الراحل طالب جبار داوود الملكشاهي الفيلي، وبدأ في وقتها عملية التجربة للاذاعة وردد ثلاث مرات (هنا صوت كوردستان) لكي يعرفوا الى أين تصل مديات الإذاعة.
جاءت برقية من الشهيد الخالد والحي في القلوب ادريس بارزاني الى مسؤولي الاذاعة ووجّههم بقول (هنا صوت كوردستان العراق) باللغتين الكوردية والعربية، فيما كان طالب جبار داوود الملكشاهي الفيلي مع فكرة أن يقال (هنا صوت كوردستان)، لأن أدبيات الحزب الديمقراطي الكوردستاني هي النضال من أجل (كوردستان الكبرى)، ومن ثم تم جلب شخص آخر من زاخو قال (هنا صوت كوردستان العراق)، حسب قوله.
ويشير الى أن الإذاعة استمرت وتطورت، وبدأ صوتنا يصل الى العالم الذي عرف أنه يوجد شعب مضطهد ومظلوم يسكن في هذه الجبال بلا وطن وبلا حقوق، مؤكداً أن الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني أمر بوجوب أن تكون هنالك إذاعة للثورة، والشهيد ادريس بارزاني تابع مسألة شراء الإذاعة ونصبها وعملها.
دور الكورد الفيليين بالحركة الكوردية
ويوضح حسين قلي خان الفيلي أن الاسطة علي، كان لديه اسم حركي في القيادة الكوردية، وهو ميرواس الفيلي، مشدداً على أن الكورد الفيليين كان لهم دور كبير مع الحركة التحررية الكوردية، وهو مبعث فخر لنا، حيث لا يوجد بيت كوردي فيلي لا توجد به صورة للملا مصطفى بارزاني.
ويضيف الأكاديمي الكوردي الفيلي: تقريباً في عام 1973 كان بيت جدي في منطقة عكد الأكراد في بغداد، وكانوا يضعون صورتين وكنت طفلاً في وقتها لا أعرف صورة أي الأشخاص تلك، فسألت جدتي عن الشخصين في الصورتين، فقالت هذا أمير المؤمنين (تقصد الإمام علي) وسألتها من هو الشخص الآخر، فقالت باللغة الكوردية (فديت الملا مصطفى بارزاني)، مؤكداً: تربينا في هذه الظروف وثقافتنا من أهلنا هي الكوردايتي.
كما ويقول: كنا نشاهد آباءنا كيف يجمعون الأموال لإيصالها الى يد الله كريم الفيلي، كي تصل الى الحركة الكوردية صاحبة روح الكوردايتي والتي مازالت عالية.
الكورد الفيليون بيشمركة مرتان
بشأن تعامل القيادة الكوردستانية مع الكورد الفيليين، يشير حسين قلي خان الفيلي الى أن هنالك ضغوطات على الكورد في بغداد، لكن القيادة لم تقصر معنا، حيث قال رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني (أنتم بيشمركة مرتان) فالبيشمركة في كوردستان بيشمركة، وأنتم الذين ناضلتم سابقاً والآن ومستقبلاً في بغداد أنتم بيشمركة مرتان، عاداً ذلك دليل على اعتزازنا بقياداتنا التي ترانا بيشمركة مرتين وهو وسام فخر وشرف لنا.
وعن كيفية تداول موضوع الإذاعة بين أوساط الكورد الفيليين في تلك الحقبة، أردف حسين قلي خان الفيلي أن الوضع والنظام في بغداد كان دموياً، لذلك لم يستطع كبار السن أن يتحدثوا بالبيشمركة والإذاعة، لكننا كنا نسترق السمع من خلال همسات ونشعر أن ارتباطاً لديهم مع القضية الكوردية وأن لديهم علاقة بها.
ويضيف أنه لا يوجد بيت كوردي فيلي إلا وبه بيشمركة أو شهيد، لذلك لجأ النظام الدموي السابق الى الانتقام من الكورد الفيليين، لأنه كان الداعم الحقيقي للقضية الكوردية ومايزال، مبيناً: نحن في بغداد ونرتدي الزي الكوردي ونتجول في الشوارع ونفتخر بقوميتنا وبالزي الكوردي وبأننا أعضاء في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهو الحزب الوحيد الذي يدافع عن القضية الكوردية ويدافع عن حقوق الكورد ولا يستميل أبداً.
أما بخصوص تمثيل الكورد الفيليين في مجلس النواب، يقول حسين قلي خان الفيلي إن كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني حاولت وبجهد كبير في مجلس النواب العراقي وخارجه النضال، وكأنهم في جبالهم من أجل حقوق الكورد الفيليين، لافتاً الى أن اسم الكورد الفيليين كتب في ديباجة الدستور العراقي في بيت الرئيس مسعود بارزاني.
عندما يتحدث الرئيس مسعود بارزاني عن تضحيات الشعب الكوردي يقول الكورد الفيليون ثم يقول البارزانيون، ويقول انه لا أحد يزايد علينا نحن البارزانيين بعدد الشهداء والتضحيات، باستثناء الكورد الفيليين، وهذا دليل على أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني هو الحزب الوحيد الذي يناضل من أجل حقوق الشعب الكوردي، وفقاً لكلامه.
كما يشير الى دور مكتب نيجيرفان بارزاني خلال محاكمة النظام السابق في قضية الكورد الفيليين بجلب كل الكورد المضطهدين من أوروبا وتحمل مصاريفهم ومصاريف المحامين واقامتهم في بغداد وعودتهم الى أوروبا، عاداً حقوق الكورد الفيليين واجبة على الحكومة الاتحادية وليست على حكومة اقليم كوردستان.[1]