الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2593 - #22-03-2009# - 09:29
المحور: المجتمع المدني
ان تحققت الشروط و المستلزمات الضرورية لتحقيق الدولة المدنية بمعنى الكلمة و بشكلها الواسع ، لابد من وجود الارضية اللازمة لضمان الحقوق المتعددة و الثقافات المترامية الاطراف بنسبة كبيرة جدا للمجتمع بجميع فئاته .
تستوضح هوية المجتمع في اية دولة عند تحقيق ما يؤمن به من الافكار و العقائد و بنسب مختلفة من مرحلة لاخرى ، سوى اعتمدنا على المفهوم الميتافيزيقي او السوسيولوجي لهذه الهوية ، و الوضع السياسي الثقافي الاقتصادي الاجتماعي التاريخي فيه يحدد مستوى و درجة التطور و يعين شخصية الامة و بجواهر العقلانية الثابتة او بمرور المجتمع عبر المراحل الطبيعية له، و لابد ان نذكر ان الهويات تكون متغيرة و متحولة عبر المراحل التاريخية ، بعد استقرار بعض التصورات و المشاعر في فترة معينة و تغييرها في اخرى نتيجة التطور الطبيعي في كينونة و بنيان المجتمع ، و هو ما يؤثر على اعتقاداته وافكاره و خصائصه الفكرية و به ينتقل الى المرحلة التاريخية الاخرى بكل ما فيها من المتغيرات الجديدة .
ان اعتمدنا على الدولة المدنية كمرحلة متقدمة في ضمان حقوق جميع مكونات الشعب و تحقيق النسبة المرضية من المساوة و العدالة الاجتماعية و الحرية و هي الشروط الضرورية اللازمة لضمان الحقوق العامة و التي تعتبر من موجبات المراحل التاريخية الانتقالية و منها القوميات وبعض الثقافات و الاديان و المذاهب و الاتجاهات الفكرية و السياسية و العقيدية ، و في مثل هذه الدولة التقدمية العلمانية يمكن ضمان حقوق المواطنة المتساوية و التكافؤ ، و توضع الموانع السياسية القانونية امام التمييز بجميع اشكاله . بمعنى اخر ان ما يمكن ان تكون ملائمة من الصفات و المفاهيم في مجتمع ما، ليس بالضرورة ان تكون مفيدة في مجتمع اخر و في مرحلة تاريخة اخرى ، و يمكن ان نقيٌم مراحل تقدم المجتمعات بما يؤمنونمن العقائد و الافكار و مستواهم و خصائصهم العامة الواضحة الموجودة على ارض الواقع ، الهدف الضروري العام الواجب العمل من اجل تحقيقه هو ايصال كافة الشعوب و المجتمعات الى مراحل متقدمة من اجل التقارب و وصول الجميع الى المساواة و الحرية و السلم و الامان و مرحلة تحقيق الاهداف و الاماني العامة .
و هنا لابد ان نشير الى مستلزامت و الشروط الضرورية لبناء الاركان و الاعمدة الرئيسية لمجتمع صحي ، و في مقدمتها المعرفة العلمية و تقدمها التي تتطلب البحث عن الانماط و القوانين التي تسود السوك و البحث في الجواهر الحقيقية التي يمكن الوصول اليها . و هنا الفكر العلماني التقدمي يفرض نفسه من اجل الابتعاد عن المثالية و الخيال ، مع الاخذ بنظر الاعتبار واقع المجتمعات و مستواهم الثقافي و مؤثرات التاريخ على مسارهم المعيشي .
ان التحقيقات و البحوث في الدولة المدنية التقدمية هي التي يمكنها ان تحدد درجة وجود و امتداد العوامل و العناصر المشتركة التي تتشكل منها الهوية العامة للشعوب ، و يمكن بها ايجاد السبل و الوسائل الضرورية لتقدم و عبور المراحل التاريخية بسلم و امن في مجتمع يحوي في كيانه على مجموعة من القيم و القواعد و العقائد و الطقوس و السلوك المشترك مع الالتفاتة الى الخصوصيات التي تتميز بها الشعوب المختلفة في العالم .
بتوفر الشروط و الامكانيات للدولة المدنية العلمانية الحديثة ، ستؤثر بشكل فعال على فكر و عقلية المجتمع و ابتعاده عن الالتزامت الفكرية التي مر عليها الزمن ، و تؤثر على شخصية الفرد و تغيٌر من خصاله السلوكية و يؤمٌن الاستقرار بكافة جوانبه و يربطه بالخصائص الكبرى للمراحل التاريخية التي تكون مناسبة لتقدم الانسانية و مستقبلها . و في نفس الوقت تعمل بذاتها على تكييف الفرد و المجتمع مع الواقع الجديد و الخروج من التقوقع و الالتصاق باخلاقيات و عادات و تقاليد المراحل التارخية الغابرة ، و تبعد المجتمع عن الغوغاء و الفوضوية و تفرض عليه التفاعل مع المستجدات ، و تُخضع سلوك الفرد للعقل اكثرمن الزامه بالايحائات و الانفعالات ، في حال توصله الى القناعة الكافية بان المرحلة حققت له ما يؤمن به ، و هو يتجانس مع المتغيرات بما فيه من مصلحته و مصلحة المجتمع بشكل عام ، و يكون العامل الحاسم في تنظيم و تعقل المجتمع ، و الدولة التقدمية هي التي تجس الفرد على خلع الانتمائات التاريخية المعقدة و التي تعيق السلوك نحو المساواة ، و تزيد من فرص االانتمائات و الاعتقادات الانسانية البحتة بشكل عام و لحد كبير جدا . اي هي التي تفي بالشروط الضرورية لكافة الانتمائات و تجمعها في بودقة واحدة تقدمية انسانية عقلانية تطورية و هي مرحلية ايضا ، و من ثم تبدا مرحلة تجانس و تمازج الامم و كا فة المجتمعات في العالم ، و فيه تنتفي الحاجة الى المذاهب و القوميات و الاديان و الثقافات المتعددة و الاتجاهات الفكرية ، و تبدا مرحلة الحقوق العامة للانسان بالتساوي و رفض اي تمييز ، و لن نجد اية اسباب للتفريق و التمييز ، اي الدولة المدنية العلمانية الحديثة مرحلة متقدمة للوصول الى الاهداف الانسانية العامة.[1]