ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2531 - #19-01-2009# - 06:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
لتفسير ما تبدر من المواقف للقادة الشرقيين في منطقتنا حول الاحداث الساخنة في المنطقة ، و عند مقارنتها مع تعاملهم الدائم مع قضاياهم و ما يجري في بلدانهم ، يصاب الانسان بالقشعريرة و التعجب عما يستنتجه من التخبط في مواقفهم و الفوضى في بيان ارائهم و كانهم يريدون ان يبينوا ما هم فيه من عدم الثقة بالنفس، و قدرتهم العجيبة في اهمال متطلبات مجتمعهمو تغطيتها بالمواقف و المزايدات حول القضايا الخارجية.
على الرغم من التعامل مع القضايا العامة للشعوب تغيرت شيئا ما لان المقاييس الجديدة للاعتماد على القيم الحديثة و المباديء الديموقراطية و حقوق الانسان غطت على العلاقات السياسية العامة، و يُفترض ان يؤخذ بنظر الاعتبار مظاهر و مكامن اي سلطة في العالم للتعامل معها استنادا على مدى تجاوبها مع القيم الجديدة التقدمية ، و هذا ما تفعله الدول التقدمية. و لكن قضايا الشرق الاوسط لازالت تحت رحمة مؤثرات المواقف السياسية و الايديولوجية و المصالح الحزبية و الفئوية و الشخصية و القبلية قبل الحكومية الضيقة و افرازاتها .
ما يجري في غزة كشف الكثير من الصراعات و استوضح العديد من الخلافات المستورة التي لم تطفوا الى السطح من قبل كما نراها اليوم ، و كما يشاهد العالم من الخلافات في المنطقة بشكل عام ، و كل طرف يعتمد على الكم الهائل من المزايدات لاهداف سياسية ظاهرة للعيان ، و يحس اي مراقب ان ما يجري وراء الستار من الصراعات ، و دوافعها هي ذات اهداف تفرز منها سلبيات تدفع ثمنه الشعوب المغلوبة على امرها دائما ، مواقف جبهة ما سميت اخيرا بالممانعة و المصالح التي تجمعهم قد تجاوز القومية و الدينية و المذهبية و غلبت عليها المصالح السياسية البحتة باسم الدفاع عن مظلومية الشعوب و هذا بامر جديد ، و انبثقت هذه الجبهة كحاصل نهائي لرد فعل الخلافات حول عدة مواضيع اقليمية و دولية لكل طرف مشارك في هذه الجبهة على انفراد ، و هذه الخلافات اما اقليمية او عالمية وهي من العوامل المشتركة لتجمع هذه المجموعة ، و للقوى العالمية يد فيما يحصل لترسيخ التقاسيم الاقليمية الدولية بعيدا عن القومية و الدينية التي كان معتادا عليه هذه الدول من قبل و هذا تحقيق لجزء من اهداف الدول الكبرى و هو كسر للاتحادات و التجمعات المستندة على القيم التي لا تستحبذها هذه القوى الكبرى عن طريق الخلط في المباديء التي تتجمع فيها المجموعات . و في المقابل توجد جبهة اخرى تسمى بالمعتدلة المختلطة من العلمانية الليبرالية و القومية المعتدلة و الدينية و ماتجمع اطرافها العلاقات الطيبة مع القوى الكبرى و محاربتها للارهاب و نظرتها الى مستقبل المنطقة بمنظور القوى الغربية من اجل ترسيخ السلام استنادا الى التحاور و ضمان حقوق جميع الاطراف كما هو الظاهر في ارائهم مع تحقيق اهدافهم الخاصة و هي بقائم مستمرين على دفة الحكم.
العجيب في الامر اننا لو اخذنا اي طرف و فسرنا ما يدلي به من التصريحات اعتمادا على بيان المواقف المعلومة لديه و نقارن ارائه مع افعاله و تعامله مع ابناء شعبه سيستوضح لنا مدى ازدواجية طروحاته و افكاره و تعامله مع القضايا استنادا على المصالح الذاتية المحضة ، لو قارننا ما تعبر عنه الحكومة التركية التي تحاول ان تبرز كقوة اقليمية و ما تساعدها امريكا على ذلك و التي هي من مصلحة اسرائيل البعيدة المدى ، و ان حاولنا ان نقرا مواقفها حول حرب غزة و ما تتشدق بها و ما تتعامل مع ابناء شعبها في المقابل و منذ سنين و ليس ايام ، و ما تصرخ به حكومة ايران التي تسمي نفسها الاسلامية و نظرتها الى القضية الكوردية و البلوجية و العربية في بلدها و ما تذرفها من دموع التماسيح على غزة و القضية الفلسطينية بشكل عام ، و ما نشاهد من مواقف سوريا و ممارساتها مع القضايا الداخلية و منها الكوردية و حقوق المواطنة و الانسان و الحريات و ما تقدمت عليه من التعريب و التضييق في الحريات و عدم توفر ابسط حقوق المواطنة لفئات و شرائح و قوميات ، ما الذي يمكن ان نسمي هذه التصرفات غير الازدواجية في القول و الفعل .
اي ان الازدواجية الواضحة في اراء و تصرفات و مواقف الدول التي تتعامل مع القضايا الخارجية بحجج مختلقة علنية و بمزايدات و هي اصلا نابعة من جوهر اهداف و مصالح اخرى لا يمكنهم كشفها امام الملا ، و كل ما يهمهم هو استمرارهم في الصراع من اجل المصالح الذاتية ، و طموح بعضهم واضحة للعيان من انه يسعى من اجل تسنم عرش منابر السلطة الاقليمية و بيان قوتها من خلال السياسية الخارجية و الازدواجية المفضوحة ،و اعتمادا على اموال النفط و شراء الذمم و ما تسيل به لعاب الدول المحتاجة التي تتخذ هذه المواقف استنادا و ضرورة الى ما تفرضه عليهم ظروفهم الاقتصادية وما تجبرهم ملا الجيوب عن طريق المواقف و استغلال الفرص انتهازا للحوادث الطارئة و يتمكنون من تمشية امورهم به لعدة اشهر وهذا ليس من اجل شعوبهم بل من اجل بقاء سلطتهم ، و ربما بعض منهم مضطرين من فقر شعبهم المدقع ،و هذا يمكن يكون الاهون في التعامل معهم ، و لا يبقون على نفس الموقف بعد تغييراو رفع مستوى المقدار المدفوع.[1]