دور التيارات اليسارية في المجتمع الدولي و مواقفها تجاه المستجدات
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 2389 - #30-08-2008# - 10:28
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بما ان الهدف الرئيسي الهام المنشود للتيارات اليسارية و الفكر اليساري هو خدمة الفقراء و المستضعفين و العمل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة، فلابد لها ان تقرا المستجدات بواقعية تامة و من منظور الطبقات و الشرائح التي تناضل من اجل تحقيق اهدافها و امانيها، و الوقوف حجر عثرة امام طموحات الراسمالية الجشعة و ابداء الاراء و المواقف الحازمة ضد تحقيق اهدافها التي تبني ما تنوي لطبقة معينة على حساب الاكثرية المعدمة.
من هنالابد ان نشير الى ان قراءة المستجدات على الساحة الدولية بدقة تُسهٍل تعامل اليسار بمسؤولية عالية معها من اجل حل الازمات التي تخلقها الراسمالية الانتهازية لمصلحتها دون اي اعتبار للمصالح الانسانية . و هذا ما يتطلب التحرك بشكل واضح و دقيق لحل النزاعات و اطفاء نيران الحروب و اتخاذ المواقف السليمة لاعادة ترتيب الاوضاع العامة في العالم عبر التفاوض و التحاور و اتخاذ المواقف المبدئية تجاه القضايا العالمية و الاصرارعلى ما يفيد المجتمع بشكل عام لتحقيق الاستقرار المنشود، و يكون للتيار اليساري دور اكبر في الاوقات الحاسمة و اهميته تبان في ما يميل الوضع لصالح الطبقة الكادحة . و من القراءة الصحيحة لمناورات من له مصالح في اشعال الازمات و الحروب، و بها نتمكن من تفنيد الذرائع و سحب البساط من تحت ارجل المراوغين و يتم ذلك بالتنسيق و توحيد المواقف بين جميع قوى اليسار في جميع انحاء العالم، و به تميل كفة الحل الى ما يعيد الاستقرار لصالح الاكثرية .
و كما نرى ان القوى الراسمالية في سعيها الدؤوب لكسب الوقت و السيطرة على كافة المجالات و المواقع العالمية ان امكن و لم تدخر جهدها في اي وقت و كأنها الحاكم الاوحد و لا وجود من يردعها مهما فعلت نتيجة غرورها و تكبرها و استفحال مشاكل من كان قادرا على منعها و مستغلا لنقاط ضعف منافسيها .
اليوم ان قيًمنا الوضع الذي فيه التيار اليساري سياسيا او اقتصاديا فهو على وضع يختلف عن ما كان عليه منذ مدة قصيرة ، و نتيجة لوضوح و تجلي الاهداف و الممارسات اللاانسانية للقوى الراسمالية في العالم، تمكن بعض التيارات من اعادة تنظيم نفسها و توحيد ارائها في اماكن عديدة من العالم و الجهود متواصلة للمزيد من التقارب و التوحيد و اعادة التوازن و المكانة العالية اللائقة لهذا التيار الذي يمكنه ان يفيد الانسانية و الحياة البشرية باعماله و اهدافه .
وفي كل يوم نلاحظ من المستجدات السياسية و المفاجئات على الساحة العالمية، و ربما ورائها مخططات و نوايا سرية كبرى على الاكثر من اجل تقوية ركائز القوى الراسمالية و تثبيت مخالبها على الفرائس في كل ثنايا العالم، و تراهن القوى الكبرى على النصر النهائي الشامل في كل الجبهات و المواقع الاستراتيجية، و حتى هذه القوى تؤكدعلى دقة اختيار الوقت ما تنويهللعمل على تفعيل الازمات لمقاصد كبرى و ما يحتاجه مشروعها الطويل المتعدد الجوانب .
و انطلاقا من الحفاظ على المصالح و هو مهمة القوى الراسمالية و ان كان بالضد من المصالح الانسانية و من دون مراعاة لاية مواثيق دولية و مباديء حقوق الانسان التي تدعيها في الموقع المعين المراد تفعيل الازمات و اشعال الحروب فيها دون وجه حق ، و اتخاذ المواقف السياسية اعتمادا واستنادا على اسس تجارية بحتة في الربح و الخسارة ، و ليس لها اية علاقة بالشعارات البراقة التي تحملها و منها خدمة العالم و التضامن الاممي .
و بعد حرب القوقاز و تداعياتها ومؤثراتها على العالم و على مواقف و مواقع التيارات المتعددة في العالم ، على التيار اليساري و القوى الخيرة مسؤوليات و واجبات كبرى و في مقدمتها محاولة التضامن العام مع الشعوب المظلومة نتيجة غدر السياسات الراسمالية النفعية، و عليها المشاركة الفعالة في المنابر العالمية و الاقليمية و تفعيل الحركات ، و على الحركات اليسارية بكافة اتجاهاتها العديدة التعاون على العامل و القاسم المشترك و الهدف البناء و هي حتما تنداح جميعها في الحركات الجماهيرية و تكون مصدر ثقة جميع المكونات الاساسية للشعوب و تعمل على وحدة قضاياها و ان تشارك بشكل فعال في المنظمات الطوعية العالمية لتقديم الخدمات الجليلة للمجتمعات و في مقدمتها المنكوبة قبل الوصول الى الاهداف العامة التي تفيد المجتمع و تقدم له العون ذاتيا من خلال تطبيق القوانين الوضعية اليسارية ، و في ذات الوقت يحتاج التيار اليساري الى العمل النزيه و الايدي النظيفة لحاربة الفساد الذي هو من صنع و عمل النظام الراسمالي ذو االتجاهات المزدوجة المعايير و هذا ما يحتاج الى جهد اليسار دون وسطاء و سماسرة و منتفعين لابعاد شبهات الفساد .
اما الشعارات و الاهداف البعيدة التتنوى تحقيقها من اتخاذ المواقف الصحيحة من اية مستجدات مفتعلة مؤقتة او مخططة و لمصلحة طرف ما هوالعمل على رجحان كفة و ميزان الصراع السياسي لمصلحة القوى اليسارية المناضلة من اجل التقدم و الديموقراطية و خدمة الشعب بشكل واقعي و هذا ما يحتاج الى تعدد النضالات ، و يكون في البداية عن طريق تبلور النظرية و من ثم التحول الى الواقع بتوفر الارضية و الشروط و العوامل الموضوعية و الذاتية.
و تتطلب الخطوة الاولى للمصالحة و التجمع اليساري من اجل تقوية ثقله الحقيقي و هي لم شمل و تضميد جراح التشتت و التمزق و حماية مصالح الكادحين ، و عند تحليل و قراءة اية مستجدات و العمل على معرفة ما ورائها و مسباتها ، و يجب الاصرار على فتح الطريق الملائم لحل المشاكل و قطع الطريق امام القوى المخابراتية الكبرى في سعيها لتحقيق اهدافها المصلحية، و تكون للقوى اليسار موقع معتبر و ثقل لابداء الاراء الموضوعية وبدء المبادرة و الاحساس بعمق الازمة للبحث عن المخرج لترجيح كفة المعادلة لخدمة الشعوب و ليس للقوى الظالمة الانتهازية. و بالتعاون و العمل المشترك و اخلاص قوى اليسار، يعود دورها المنشود لابداء و فرض مواقفها الصحيحة في حل الازمات و الحروب و المستجدات و قطع دابر حيَل القوى العالمية الغادرة.[1]