عن الملتقى الثالث للحوار السوري- السوري
“من يؤمن بالديمقراطية يصنع مستقبلاً لسوريا”
شمال- شرق سوريا أنموذج
برعاية مجلس سوريا الديمقراطية عُقد قبل أيام الملتقى الحواري السوري – السوري الثالث في مدينة #كوباني# تحت شعار “من العقد الاجتماعي السوري نحو العهد الديمقراطي الجديد”، حضرهُ العديد من الشخصيات السياسية الفاعلة وممثلين عن التيارات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومندوبين عن مراكز الدراسات الاستراتيجية وحقوقيين وكتاب ونشطاء سياسيين، إلى جانب المظلة السياسية الراعية والتي تتوحد تحت سقفها غالبية الكيانات السياسية والمجتمعية السورية في شمال سوريا عموماً عدى الجزء المحتل من قبل الدولة التركية وفصائل النهب والارتزاق.
هذا الملتقى هو الثالث من نوعه يقام على أرضٍ سورية وبرعاية إرادة سورية، هنا لا حواجز ولا جوازات سفر ولا شروط ولا قيود على المجتمعين الذي جمعهم حرص الإرادة السياسية في شمال- شرق سوريا على وحدة سوريا أرضاً وشعباً واصرارها على أن حل الأزمة في سوريا هو حلٌ سياسي ديمقراطي وشأنٌ داخلي سوري، لن يُحل إلا في داخل سوريا وبأيادٍ سورية بعيداً عن التدخلات والقيود والشروط الخارجية الإقليمية والدولية.
كما إن للزمان الذي يعقد فيه الملتقى أهمية كبيرة، وللمكان الذي انعقد فيه الملتقى (كوباني) أهمية كبرى، هذه المدينة احتضنت الآلاف من الشهداء الذين ضحوا من أجل ألا تتحول سوريا إلى دولة للإرهاب وللإرهابيين، ومنها بدأت الحرب على تنظيم #داعش# وتحرير الأرض السورية من براثن إرهابه، لذا هذا شرفٌ للمجتمعين في أن يعقدوا هذا الملتقى في مدينة المقاومة.
طرح في هذا الملتقى قضايا هامة وهي تتمة للقضايا التي طرحت في الجلسات الحوارية السابقة في عين عيسى، مسائل الحل السياسي في سوريا وسبل الانتقال السلمي الديمقراطي نحو بناء دولة ديمقراطية ألا وهي مسألة العقد الاجتماعي (الدستور)، حيث ناقش المجتمعون مجموعة من المبادئ الأساسية لوضع دستور سوري عصراني جديد يتوافق مع التركيبة البنيوية للوطن السوري.
كذلك تم مناقشة خارطة طريق من أجل وضع القواعد الأساسية التي يمكن البناء عليها والانتقال نحو مسألة الحل السياسي الشامل.
هذه الجولة وأن لم تخرج بنتائج نهائية لكنها وضعت الحروف على بعض الكلمات والجمل والتي هي مفاتيح خارطة طريق حل الأزمة ورسم مستقبلٍ ديمقراطي لبلدٍ نهشته الحرب والإرهاب، فقضية العقد الاجتماعي المطروحة من قبل مجلس سوريا الديمقراطية الراعية لجلسات الحوار لم تستثني أي طرف أو مكون سوري منه، وهذا العقد يعطي للمكونات السورية وجودها الحقيقي من خلال صون حقوقها من خلال بنود دستورية وفوق دستورية والتي لا يمكن الجدال فيها كون القضايا التي تتعلق باللغة والهوية والثقافة والحقوق الإنسانية هي مبادئ طبيعية لا تمنح من قبل جهة أو طرف معين، إلى الجانب منها هناك قوانين ومبادئ دستورية تشترك فيها كل السوريين في الحقوق والواجبات والمسؤوليات.
من هنا فأن العقد الاجتماعي الجديد المأمول هو أساس لتكوين مجتمع سياسي منظم يبني فيه العلاقات على أساس المساواة والعدالة على كافة المستويات والأصعدة، ويبني جسور الثقة والوحدة بين المكونات السورية المتناثرة، وتساهم في تمكين المجتمع المدني ومؤسساته، كذلك تُصان فيه حرية المرأة ودورها ومشاركتها الفعالة في مجمل ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سوريا.
هذا العقد حتماً لا يناسبه إلا بناء نظام ديمقراطي لا مركزي، كون المركزية رسخت البنيان السلطوي وجلبت الويلات وكانت السبب الرئيسي في مجمل الأزمات التي تعايشها المجتمعات والدول في الشرق الأوسط عموماً.
بطبيعة الحال لهذا الملتقى أهمية كبيرة زماناً ومكاناً، وأعطى للملتقى بعداً استراتيجياً هاماً في تاريخ سوريا السياسي والاجتماعي، حيث كان للانتصار الذي تحقق على الإرهاب العالمي “#داعش# ” تأثيرٌ كبير على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي يجب ترجمته على الأرض سياسياً للدفع نحو لم شمل كل الأطراف السورية التي تنوي فعلاً في التخلص من الإرهاب والصراع والسير قُدماً من أجل حل الأزمة بالسبل الديمقراطية بعيداً عن لغة الاستعلاء والتهديد والاستقواء بالخارج وبجيوش القوى الظلامية الفاشية.
بالطبع لا العقد الاجتماعي الجديد ولا خارطة الحل التي طرحتها سوريا الديمقراطية ترضي النظام السوري والتيارات الشوفينية القومومية التي تتلاعب اليوم على وتر الطائفية والاثنية وبث الفتن بعد خسارة تنظيم داعش الذي كان يُعقد عليه الكثير من الآمال، الحالة السلطوية القائمة في سوريا والمتمثلة بالنظام لن تخطو خطوة واحدة تجاه ما طُرح في الملتقى على العكس تماماً لغة التهديد والوعيد والدفع ببعض الأطراف لبث الفتن هي التي تهم النظام وتخدم اجنداته السلطوية بالدرجة الأولى.
ما تم بنائه وما يُنجز في شمال شرق سوريا يشكل أرضية سياسية خصبة جديدة تستحق أن تكون مدخلاً أساسياً للبناء الديمقراطي المأمول في سوريا، كونها لا تهتم فقط بالبُعد القِيَمي للديمقراطية وإنما تستثمر كل القنوات السياسية والاجتماعية والثقافية في خدمة حل الأزمة السورية وبناء مستقبل ديمقراطي.[1]