الإدمان, تحدٍ جديد للمجتمعات
رحلة إلى الوجع الكردي
بقوة وتماسك الأسرة يتحقق النمو والرقي والاستقرار وتتقدم وتزدهر المجتمعات في الميادين المختلفة، لكن اليوم هل باتت قوة وتماسك الأسرة بالأمر السهل كما هو الحال في الماضي؟.
ففي زمن قريب لم تكن الأسرة تشهد أحداث مروِّعة كما تشهدها اليوم؛ ما كان يهدد الأسرة وقتها هو إدمان بعض الشباب على التدخين وأحياناً قليلة تعاطي الكحول وكان يحدث ذلك بعيداً عن أعين المقربين والأهل كون ذلك كان يعتبر من الأمور المشينة, كان الشباب وقتها إلى جانب دراستهم يمارسون بعض الأعمال المجهدة فقط لتأمين مصروفهم الدراسي وأحياناً مساعدة أسرهم.
ما لفت انتباهي إلى هذا الموضوع هي الممارسات التي يلجأ إليها البعض لغاية تخريب عقول الشباب والشابات، شباب بعمر الورد يتم خطف عقولهم بلمح البصر وبأساليب لا تخطر على البال؛ يُقدَّم لهم جرعات مدروسة ومحددة من الحبوب والسموم بعضها على أشكال قطع الحلوى تجعلهم مدمنين عليها؛ ولكن أين ؟ في الجامعات والمعاهد مراكز العلم والمعرفة!!!
كل يوم ينتشر نوع جديد من الأدوات والوسائل التي تساعد على الإدمان.
إدمان على الحبوب المخدرة والأدوية المهدئة إلى جانب الادمان على ألعاب الكترونية عنيفة، والادمان على الانترنيت وغير ذلك الكثير من التي تؤثر بشكل لا يمكن تخيله على العقل والجسد.
وما حالات العنف الأسري والاعتداءات وعمليات القتل والخطف المتصاعد إلا نتيجة لهذه الآفات.
قوة هذا الهجوم المدمر الذي يحاول ضرب البنية الاجتماعية ويستهدف النسيج الاجتماعي يعطي الحق للمواطن بالتشكيك في قدرة مؤسساتنا على مجابهة التحديات الخطيرة؛ كون المشكلة تتفاقم و تتسع بصورة أسطورية.
الخيارات محدودة وليست سهلة وتحتاج إلى بذل مجهود كبير وعلى أكثر من اتجاه.
لا ننكر أن الأزمة السورية أحدثت خرقاً واضحاً لا يجب اهماله وتركه يتحول إلى عامل جديد يبني عليه الآخرون حروباً أخرى.
صحيح أننا تجاوزنا الصراع مع الفكر الاسود العابر للحدود، ولكن علينا اليوم البدء بالمواجهة من الداخل عبر إعادة النظر بعمل المؤسسات المعنية بصناعة الفكر والثقافة والمجتمع لتكون قادرة على الاستجابة الفعلية للمرحلة الجديدة والمحافظة على نموذج الحياة التشاركية بشكلها الحضاري.
لقد أصبح واضحاً إن هذه الظاهرة المأساوية المستفحلة في مجتمعنا تشكل قنبلة موقوتة، ويستوجب الأمر حثُّ المجتمع والمؤسسات باتجاه الالتفات الى ضرورة وضع استراتيجيات شاملة لمعالجة هذا الوضع المتأزم، استراتيجيات ترتقي إلى مستوى الضرورة الملحة التي لا يمكن تأجيلها لإرساء دعائم مجتمع مستقر وآمن خال من الآفات.
بالنتيجة الأسرة باتت في ساحة حرب حقيقية فيها أسلحة فتاكة قد تطيح بأبنائها وبناتها، والمواجهة لا مفر منها على أرض الواقع، فلا يمكننا طمر رؤوسنا في التراب مع وجود هذه الطفرات التي تصل إلينا من كل حدب وصوب.
فما أعجزنا ونحن نعجن مخاوفنا لنضعها في تنور الأمل علّنا ننضج رغيفاً نبقي به على حياتنا…[1]