عيد راس السنة الإيزيدية (تجدد دورة الحياة)
يعود علينا رأس السنة الإيزيدية بالخير والبركة في يوم الأربعاء المصادف #17-04-2019# عيد رأس السنة الإيزيدية، وبهذه المناسبة المقدسة في ميثولوجيا الديانة الإيزيدية اهنئ جميع الإيزيديين في عموم أجزاء كردستان وفي جميع أنحاء العالم، كما اتمنى أن يكون هذا العيد يوماً للسلام والمحبة لجميع الأقوام والشعوب في العالم وللإنسانية أجمع وبالأخص للدول التي يتواجد فيها أبناء الديانة الإيزيدية.
تظهر في الديانة الإيزيدية مدى قوة الربانية ووجودية الله وقدسيته في الكون من خلال العادات والأعياد والطقوس الدينية، وعلى هذا الأساس لا يوجد هناك دين في العالم بأكمله ذكر اسم الله مثل ما تم ذكره باللغة الكردية ومعناه ولفظه الصحيح (خودا) يعني من خلق نفسه، كما ورد في النص الديني من قول سلافى جبيرا:
Sultan êzîd bexwe Petşayê
Hezar û yek nav li xwe danaye
Navê mezin her xwedaye
إن للإيزيديين العديد من الأعياد والمناسبات منها عيد رأس السنة الإيزيدية (sersal)؛ إن هذا العيد أي رأس السنة الإيزيدية ليس لها تاريخ محدد كونه مرتبط بولادة الطبيعة وبداية تجدد دورة الحياة وانتهاء موسم الشتاء القارس. ويصادف في الأربعاء الأول من شهر نيسان بحسب التقويم الشرقي (الحساب الشرقي يسبق التقويم الميلادي ب 13 يوم).
يعتبر هذا العيد من أقدم الأعياد وأكثرها مدلولاً كونه عيد الخليقة والتكوين الذي يرمز إلى تجدد دورة الحياة والطبيعة مع بداية الربيع وتلون الأرض بالزهور. وهو عيد طاووسي ملك (رئيس الملائكة) الذي بُعِثَ من قِبل الخالق إلى الأرض التي كانت سراباً ليحولها إلى أرض حية من ماء وتراب وينبت فيها الربيع بألوانه الزاهية، إن هذا العيد يرتبط بالظواهر الطبيعية ويأتي بعد عدة أيام من الاعتدال الربيعي الذي يصادف 24 آذار وبداية العام الجديد للعام الشمسي.
يأتي في قول الأربعاء:
Li çarşembê xweşbû jiyane
Kesik bûn deşt û çiya û zevî û zozane
Hemû bi kerameta petşayê minî ezdane
للأربعاء قدسية لدى الأيزيدين حيث اكتمل فيها تكوين الكون واستقر الروح في قالب آدم ويظهر في قول تكوين الدنيا:
Xwdaye min înê kir esasa
Şemî birîbo kirasasa
Çarşembê kir xelasa
ويسمى بعيد التكوين حيث انفجرت الدرة البيضاء بأمر من الخالق بحسب ما جاء في النصوص الدينية:
Petşayê min havên avête behrê behir pê meyane
Dixanek ji durê xwane
Heft tebeqe erd û ezman pê nijinane
تكونت من الدُّرة العناصر الأربعة (التراب، الماء، الهواء والنار) وثم تجمد الكون وظهرت اليابسة، وهذا ما يدل على عملية غليان البيضة وثم تبريدها وثم تلوينها بألوان الطبيعة.
هذا العيد يسمى عيد الخليقة أيضاً وذلك عندما خلق الله أول كائن حي وهو ” آدم” الذي له دلالة على بَدءِ التكوين وبَدءِ الحياة.
Xwedanê min rehmane
Çar qismet li ruyê erdê dane
Yek Av yek bay yek axa û yek ji agir
qalibê adem jê nijane
يبدأ مراسيم العيد بالاحتفالات و الطقوس الدينية مساء يوم الثلاثاء في معبد لالش المقدس( لالشا نوراني ) بمشاركة المجلس الروحاني وعدد من رجال الدين حيث يقومون بأداء الرقصة الدينية ( سما ) على نغمات الشبابة تلاحقها نقرات الدفوف بسبعة ألحان وزغاريد النساء.
رقصة السما تكون بالدوران حول الشعلة المقدسة سبع مرات بخطوات بطيئة وعكس عقارب الساعة، يكرر هذه الرقصة في الأعياد والمناسبات الدينية.
وكذلك تُوقَد 365 قنديل (جِرار) في كافة أرجاء لالش دلالة على عدد أيام السنة الجديدة معلنة بدء العام الجديد ولادة الربيع وتجدد الحياة ونهاية الشتاء.
أما في القرى والبيوت تقوم النساء بسلق البيض وتلوينها وتحضير الحلويات وتوزيعها على الجيران مع الفواكه، كما يقوم الشبان والشابات بجمع الورود الحمراء (شقائق النعمان) من الطبيعة في صبيحة يوم العيد ووضعها مع قشور البيض الملونة وتعليقها فوق عتبة الأبواب مع عجينة من الطحين تبركاً بالخير القادم. كما تزور العوائل المقابر صبيحة الأربعاء وكذلك تزور العوائل بعضها البعض للتهنئة بمناسبة العيد.
إن لعبة تكسير البيض بين أبناء العائلة الواحدة أو أبناء القرية على شكل تجمعات بين الرجال والشباب مع بعضهم بعضاً، أو بين النساء مع بعضهن بعضاً، اللعبة الرئيسية لهذا العيد. كما أن الفلاح يزور مزرعته ويرش قشور البيض على الأرض لزيادة المحصول والتبرك.
كون الديانة الأيزيدية من أقدم الديانات الطبيعية ومعظم أعيادها ومناسباتها متعلقة بالطبيعة والمناخ وقدسية شهر نيسان تتعلق بيوم رأس السنة وأما بالنسبة لعدم الزواج في شهر نيسان كون الطبيعة تشبه العروسة بجمالها ولا يجوز الإشراك بهذه العروسة. كذلك لا يتم حراثة الأرض وقطع الأشجار والورود لأنها تشوه جمال الطبيعة.
بهذه المناسبة المباركة أهنئ كافة أهلنا في جميع أنحاء المعمورة، إذ يمر علينا العيد هذه السنة وقد تم القضاء على تنظيم داعش الارهابي على يد قوات سوريا الديمقراطية. التنظيم داعش الذي ارتكب أفظع الجرائم بحق شعبنا الأيزيدي. استطاعت قوات سوريا الديمقراطية تحرير البعض من المخطوفين الإيزيدين, وأتمنى أن يكتمل فرحتنا بتحرير باقي المختطفين.[1]