الكرد إعلامياً من التهميش إلى التهويل
رحلة إلى الوجع الكردي
كان الكرد فيما مضى دوماً هدفاً لوسائل الإعلام المسموعة منها والمقروءة بشكلها الواسع وخاصة من قبل تلك التي كانت تسيطر عليها الإمبراطوريات الإعلامية للدول الكبرى، وكأنها أعدت خصيصا للإساءة للكرد، فلم يكن لوسائل الإعلام هماً سوى إظهارهم بأنهم من المجتمعات الهمجية الجاهلة خُلقوا للجبال ولا يمكن التعامل معهم, وتشويه صورتهم أمام العالم ووصفهم بأوصاف شتى (المتمردين – الانفصاليين- الساعين إلى إلحاق جزء من الدول التي يعيشون فيها بدولة أجنبية – سكان الجبال- أبناء الجن ) وغيرها من الأوصاف الكثيرة والمسيئة.
وللأسف وجدنا بعض الكرد بدلاً من محاولة تصحيح تلك الصورة والدفاع عن هويتهم التي لا تقل شاناً عن هوية أية قومية أخرى و ربما تتفوق عليها, أصبحوا صيداً سهلا لكل تلك الهجمات الإعلامية الخسيسة حتى صاروا يرددون ما تردده عنهم تلك الوسائل المغرضة.
وصل الأمر ببعضهم إلى الخجل وأحياناً الخوف من انتمائهم لكرديتهم وبدأت رحلة البعض منهم في البحث عن أصول أخرى لهم والاندماج في مجتمعات أخرى, والأمثلة كثيرة ويتذكرها الجميع.
قبل أيام, أرسل لي أحد الأصدقاء الكرد ممن يقيمون حالياً في القاهرة ويعمل من أجل القضية الكردية قائمة بأسماء بعض المشاهير الكرد غير المعروفين لدى العديد منا رغم أنهم تقلدوا مناصب كبيرة, ورغم تركهم بصمات واضحة في التاريخ (طبعاً ليس في تاريخنا الكردي), وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال. وعلى سبيل الذكر لا الحصر سوف أذكر عينتين من العينات الكثيرة والوافرة:
سعيد بن عبدالله المللي رجل دولة وقائد عسكري سعودي قاد الجيش السعودي في حرب فلسطين عام 1948. وقد تدرج في عدة وظائف حكومية عسكرية إذ شغل منصب رئيس أركان الحرب وتولى منصب رئاسة الاستخبارات العامة في عهد الملك سعود وهو من مواليد دمشق من عائلة تنتمي إلى قبيلة (المللية) الكردية.
محي الدين صبري (الكاني مشكاني) باحث ومحقق مصري كبير وهو ينحدر من عائلة كردية ثرية وعريقة تسكن مدينة سننداج شرق كردستان له فضل جليل في نشر وإحياء التراث الإسلامي.
ولو سألنا أنفسنا ماذا قدم هؤلاء وأمثالهم للكرد وللتاريخ الكردي؟ ثم لماذا كانت نظرة الإعلام تجاه الكرد عدائية دوماً ؟
لقد ظل المجتمع الكردي زمناً طويلاً دون المستوى المطلوب لأسباب داخلية وأخرى خارجية وكان يسوده العُقَد والمتناقضات. كان يعوزه الانفتاح على الآخرين في الميادين المختلفة.
اليوم, ودون الابتعاد عن الحقيقة ودون مغالاة يمكننا القول بأن الإعلام بكل اتجاهاته الإقليمية والعالمية قد توجه نحو هذا المجتمع (المتمرد) لكن هذه المرة بشكل مختلف نوعاً ما وهذا يدل وبشكل قاطع بأن الكرد أصبحوا رقماً مهماً في المعادلات العالمية وأنهم يتحلون بالقوة والإرادة أكثر من أي وقت آخر وأنهم يملكون مفاهيم عميقة وآفاق واسعة.[1]