ذات مرة كان هناك كرد
نورجان بايسال
خلال زيارته إلى آمد الأسبوع الماضي، أشار مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم لمنصب عمدة إسطنبول (بين علي يلدريم) إلى أنه عندما أُنشئ البرلمان التركي لأول مرة، كان النواب الكرد من بين المدعوين للمشاركة من قبل (مصطفى كمال أتاتورك). لكن لسنوات، كان الكثير من الناس بمن فيهم أنا، يخضعون للتحقيق لاستخدامهم مصطلح كردستان.
تضم كردستان جنوب شرق تركيا بالإضافة إلى أجزاء من العراق وسوريا وإيران، واعتماداً على الأولويات السياسية للحكومة التركية، فإنها تنكر وجود كردستان.
عندما أطلق أردوغان عملية سلام مع الحركة الكردية التي بدأت رسمياً في عام 2013، استُخدم مصطلح كردستان بحرية في البرلمان, ولكن مع انهيار عملية السلام في صيف عام 2015، تم حظر هذا المصطلح, ولم تعد كلمة كردستان مسجلة في الإجراءات البرلمانية، وكان الذين يستخدمونها يتعرضون لإجراءات تأديبية.
وعندما تحدث (عثمان بيدمير) النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي، أمام البرلمان قائلاً:
كممثل من كردستان، أريد أن يكون هذا السقف سقفاً مشتركاً للأتراك والكرد.
“تم تغريمه ب 12000 ليرة وحظره مؤقتاً من البرلمان.
أردوغان هو من بين السياسيين الأتراك الذين يستخدمون المصطلحات تماشياً مع السياسة والأوضاع, فبعد القبول (بوجود كردستان) خلال عملية السلام، بمجرد انتهاء العملية لم يتردد أردوغان في خطاب ألقاه في 17 آذار موجهاً حديثه بشكل غير مباشر إلى الرئيس المشترك ل HDP سيزاي تيميلي قائلاً:
لا توجد كردستان هنا, إذا كنت تريدها بشدة، فهناك واحدة في شمال العراق, فاذهب إلى هناك.
بينما كان (يلدريم) يوزع الورود على الشعب الكردي في آمد قبل أيام قليلة, كانت السلطات التي يقودها حزب العدالة والتنمية في بيتليس وتاتوان تسقط اللافتات المكتوبة ب#اللغة الكردية# على مبنى البلدية واستبدالها بأخرى تركية, ولم تقف عند هذا الحد، ففي اليوم التالي قامت سلطات بلدية تاتوان بإزالة اللافتات الكردية المعلقة على المقابر المحلية, وتم تغيير معظم أسماء الشوارع والمتنزهات الكردية إلى أسماء تركية, بواسطة المسؤولين المعينين من قبل الحكومة, والذين يديرون العديد من المدن الكردية منذ عام 2016.
وتم إغلاق عشرات المنظمات والمؤسسات التي تعمل على اللغة والثقافة الكردية، وتم مسح الرموز الكردية من المدن الكردية، و إزالة التماثيل الكردية, ويبدو أن رؤساء ومجالس البلديات التابعة لحزب العدالة والتنمية والمنتخبة حديثاً في المدن الكردية لن تكون أفضل من المسؤولين الذين كانوا يسيطرون عليها خلال السنوات القليلة الماضية.
والوضع في البرلمان لا يختلف, فبعد فترة وجيزة من انتهاء عملية السلام عندما تحدثت ليلى زانا النائبة المنتخبة باللغة الكردية أثناء مراسم أداء اليمين في البرلمان في تشرين الثاني 2015، تم إلغاء خطابها من السجل الرسمي, ومنذ ذلك الحين لم يظهر أي خطاب كردي في السجلات البرلمانية, اللغة الأم لما لا يقل عن 15 مليون مواطن هي الآن اللغة التي شطبها البرلمان الذي يزعم أنه يمثل هؤلاء المواطنين.
في خطاب ألقاه الشهر الماضي، أدلى أردوغان بالبيان التالي:
قبل وصولنا إلى السلطة، لم نتمكن من رؤية علامة كردية واحدة في الجنوب الشرقي من البلاد, وبعد أن وصلنا إلى السلطة ظهرت علامات كردية, والذين لم يكن يسمح لهم بالتحدث باللغة الكردية في السجون، أصبح بإمكانهم الآن التحدث باللغة الكردية في كل مكان.
أنت مخطئ سيدي الرئيس, فجميع المبادرات الديمقراطية التي أطلقها حزب العدالة والتنمية في البداية تم العمل بعكس مضمونها بالكامل, وأعلن المسؤولون الذين عينتهم في المنطقة الحرب على اللغة والثقافة الكردية، وبلديات حزب العدالة والتنمية اليوم لا تختلف, الدولة تعيث فساداً على الشعب الكردي.
لقد انتقلنا من زمن الكاتب (موسى عنتر) الذي تعرض للضرب بسبب صفير أغنية كردية في عام 1940، إلى الطلاب في جامعة ديكلير في ديكل، حيث تم توقيفهم بسبب الغناء باللغة الكردية، اليوم لقد انتقلنا من المغني الشهير (أحمد كايا) الذي توفي في المنفى بعد تعبيره عن نيته في الغناء باللغة الكردية، إلى مغنيي حفلات الزفاف الذين تم اعتقالهم بتهمة الغناء باللغة الكردية, لقد وصلنا إلى نقطة يتم فيها التحقيق مع الأشخاص واعتقالهم لاستخدام مصطلح كردستان.
بعد كل هذه السنوات وكل الوفيات والإنكار، ما هي النتيجة؟
هل نسي الشعب الكردي هويته؟
هل اختفت اللغة الكردية؟
هل انتهت كردستان؟
هل إنكار وجود الشعب الكردي واللغة الكردية وكردستان جلب لتركيا وشعبها السعادة والسلام؟
إذا نظرنا إلى الوراء على مدى المائة عام الماضية، يمكننا أن نرى ذلك بوضوح، فعلى الرغم من سياسة الدولة المتبعة ضد التمثيل الكردي, فقد أظهر الشعب الكردي المثابرة والمتانة, المبادرات الديمقراطية والمجازر والحملات الصارمة لم تحدث أي فرق, لمدة 100 عام واصل الشعب الكردي المقاومة، من أجل الاعتراف بهويته ورفض التخلي عن لغته وثقافته.
كانت المطالب هي نفسها منذ 100 عام, ما تعترف به الدولة في بعض الأحيان وتنكره في بعض الأحيان هو مسألة وجود للشعب الكردي.
بالطبع لن نضيع نحن الكرد كما يقول أردوغان، ولن نسامح حزب العدالة والتنمية بعد كل هذه القسوة, ببساطة لأن يلدريم استخدم كلمة كردستان, سنواصل الكفاح حتى يتم قبول وجودنا وهويتنا وثقافتنا.
ونوهت (نورجان بايسل) التي اعتقلت وتم إطلاق سراحها منذ فترة قصيرة:
قبل أن أنتهي، اسمحوا لي أن أتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان عدم رفع قضية أخرى ضدي:
في عام 1971 في مدينة سيرت، تعرض المثقف الكردي (فقي حسين ساينس) للمحاكمة بتهمة الترويج للكرد، جرى تبادل للحديث في قاعة المحكمة على النحو التالي:
وكيل النيابة: لماذا تروج للكرد؟
فقي: هل يمكنني طرح سؤال أولاً؟
المدعي العام: يمكنك.
فقي: هل تؤمن بوجود الكرد؟
وكيل النيابة: بالطبع لا، لا يوجد شيء كردي!
استدار فقي وبدأ المشي نحو الباب.
المدعي العام: إلى أين أنت ذاهب؟
فقي: سيدي، إذا لم يكن هناك كرد، كيف يمكن للمرء أن يروج للكرد؟
إما أن تقول إن الكرد موجودون، أو إذا قلت إنهم غير موجودين، فلا تتهمني بالترويج للكرد![1]