حدود التلاقي والاختلاف
#القضية الكردية# وتوازنات الدول الإقليمية
نتجت عن هشاشة الروابط الحقيقية بين الدول القومية والشعوب والمكونات, وعن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تشهدها المنطقة؛ أزمات خانقة بلغت مراحل خطرة جداً ساهمت في وضع خرائط جديدة للمنطقة، وربما ستؤدي في النهاية إلى تقسيم بعض البلدان في المنطقة إذا سارت الأمور كما تسير عليه اليوم.
في مراجعة لما يجري الآن في المنطقة، والخلفية التاريخية لجذور هذه الأحداث، نلاحظ أن القوى العظمى تنطلق في استراتيجياتها وصياغاتها دوماً وفقاً لرؤيتها المستقبلية، واستناداً إلى مراكز بحوث ودراسات متخصصة بهذه الشؤون. و ما يجري الآن في المنطقة ما هي إلّا محصلة لتصورات سابقة لإعادة صياغة المنطقة وفق مصالح معينة؛ كون المنطقة ذات ثقل سياسي وديني، و ثقل اقتصادي، وهذا هو المهم بالنسبة للقوى المتنفذة.
إن الرؤى الاستراتيجية لهذه القوى تنطلق عادة وفق مسارين: مسار عسكري يستهدف الدول العسكرية القوية, ومسار معنوي يستهدف الوصول إلى الجذور الثقافية للشعوب والدول في المنطقة والعمل على تآكلها من الداخل.
تحرص هذه القوى عادة إلى عدم التدخل بشكل مباشر، فتلجأ إلى محاولة التغيير من داخل الدول نفسها وما شهدناه في بعض الدول العربية هو خير شاهد ودليل على تحقيق هذه الرؤية.
بالنسبة إلى تركيا مع كل محاولاتها باللعب على حبال متعددة ومع حرصها الشديد بأن تكون علاقاتها متوازنة مع إيران وروسيا بالرغم من العداء التاريخي وتجنب الخلافات السياسية مع حلف الناتو إلا أنها لن تستطيع الحفاظ على هذه العلاقات بشكل يرضيها؛ نظراً للحساسية العالية للعناصر الناظمة للعلاقة بينهما وأهمية المكانة التي تتبوأ كل منها في الخريطة الجيوبوليتيكة.
راهناً, أثار الدور التركي بأبعاده المتعددة كثيراً من الجدل حول طبيعته وحقيقة الدوافع المحركة له. وعليه يواجه الدور التركي اليوم العديد من الصعوبات من أهمها: حدود القدرات الذاتية(الأزمات الداخلية)، وصعوبة الحفاظ على الصياغات والمعادلات التوازنية على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والدولية رغم محاولاتها الاستفادة من الحراك الجماهيري في المنطقة (ربيع الشعوب) والذي رأته تركيا ظرفاً مناسباً لإعادة استحضار دورها وتحقيق آمالها في التوسع.
وإذا عدنا إلى الوضع السوري فمن الطبيعي أن يتأثر بدوره بالأوضاع الجديدة ولكن هذا التأثير يتوقف على مدى أن تكون طرفاً فيه أو أن تكون على الحياد، ناهيك عن الدور السلبي لبعض الدول الإقليمية والدولية إضافة إلى ذهنية النظام المتزمتة والإقصائية والتي تطالب بعودة الأوضاع إلى نقطة الصفر وكأن شيئاً لم يكن.
ما يهمنا كحزب الاتحاد الديمقراطي هو أن المشروع الديمقراطي الذي نتبناه ونعمل على تحقيقه هو اللبنة الأساسية والطريق الأسلم لوقف نزيف الدم وإحقاق الحقوق المشروعة لكل المكونات والشعوب السورية وتبقى أبوابنا مشرَّعة لجميع الأطراف؛ لأخذ مكانها في هذا المشروع الديمقراطي ولحماية المكتسبات التي تحققت بدماء أكثر من عشرة آلاف شهيد.[1]