جماعية”جمايا” شرفدين طقوسها و مراسيمها
مقالات حيدر عربو اليوسفاني
يحتفل الايزيديون خلال شهر ايلول / سبتمبر من كل عام بالحساب الايزيدي الشرقي بالعديد من الطوافات (جمايي) للمزارات الاولياء و الصالحين و يستمر الى اواخر شهر العاشر (تشرين الاول) ،اولها جماعية الولي شرفدين واخرها جماعية شيبل قاسم ،اذ يتشابه هذه الطوافات من حيث الطقوس و المراسيم و العادات و التقاليد و يعدونها مناسبات روحية تتخللها ادعية بتحقيق الامنيات و انتشار السلام و الاستقرار و المحبة للجميع ، يطلق الزوار دعواتهم ومن ابرزها تحرير النساء المختطفات .
الاحتفال بجماعية شرفدين تتضمن طقوس و مراسيم دينية و دنيوية ، في بداية شهر ايلول /سبتمبر تستعد كل قرية لاستقبال الجماعية و يجمع مختار كل قرية من قرى عشيرة جوانا خيرات اهاليه من الذبائح والنقود لغرض شراء ما يحتاجون اليه يوم الجماعية , قبل يوم العيد ينادى مجيورالمزار باعلى صوته و ثلاث مرات متتالية قائلاً : (هي ي ي .. سبه عيد و جمايه شرفدينه ) . و كل قرية او عشيرة لها مكان مخصص يسمى (ديوان) او مطبخ قرب المزار لغرض استقبال الزوار و عمل مأدبة الغداء فيه خلال يومي العيد (الخميس و الجمعة ) ، اكلة التي تطبخ في يوم الخميس تسمى (شيلانا شرفدين ) اما التي تطبخ في يوم الجمعة تسمى (اكلة العيد) ، وجبة الغداء (زاد الخير) توزع ظهراً على الحضور.
كما ذكرنا ان في يوم الخميس تعمل زاد الخير يسمى (شيلانا شرفدين ) لا تجري مراسيم و طقوس الدينية ,فقد يزوره الناس للتبرك و معايدة بعضهم البعض , اما في يوم الجمعة ،هناك جمة من المراسيم تقام خلال هذا اليوم , في بزوق الفجر يعزف القوالون الدف و الشباب في باحة المزار بحضور مجيور المزار و رجال الدين و وكيل شرفدين و خلمتكارين ، ومن ثم يذهبون معاً الى بئر شرفدين القريب من المزار لغرض تعميد (بري شرفدين) ،(عدد من قطع قماش بالوان اصفر ,احمر,اخضر ,ابيض ) و بعد تعميدهن بماء البئر المذكور مع تلاوة نصوص الدينية (قول ماكي) اي قول الام ، من قبل رجال الدين ، و يسير خلفهم حشود جماهير كبير من جميع فئات العمرية ،مع تهلهل النساء ، تقودهم امراة تحمل يدها جرا تعلوها دخان مع نار هادئة من بخور مع عزف دف و الشباب من قبل القوالين ، فتتزايد الناس حول البريات للحصول عليه ، و تكون المزايدة بالنقود واخيراً تستقر المزايدة على احدهم ، ومن ثم ينصب البريات في داخل قبة المزار ,و بعد ذلك رجال الدين و وكيل شرفدين و مجيور المزار و بعض رجال من عشائر جوانا يجلسون في ديوان يسمى ب (ديوان شرفدين ) لغرض مناقشة امور الدينية و الدنيوية و بعض تقديم فواكهة (العنب و التين ) التي تسمى (طعامى شرفدين ) لهم , يقرر وكيل شرفدين تسعير المواد الاساسية من واردات المنطقة من الحنطة و الشعير من قبل احد شيوخ الشيخ امادين و بعد الجماعية يعطي اهالي المنطقة بجمع دهيك (دهيكا شرفدين ) وهكذا تنتهي المراسيم الدينية للطوافة ، ومن ثم يبدأ الناس بتناول الغذاء الذي يطلق عليه (زاد الخير)
و بعد الظهر يبدأ الشباب من جميع مناطق شنكال ، بالدبكات الشعبية الشنكالية (ديلانا ملاني) مع الطبل و زرنايا حتى اوقات متأخرة من ذلك اليوم .
و لشد قدسية هذا المزار وبل من هنالك من الايزيديين شنكال من يقول ان ( من يزور معبد لالش و لايزور مزار شرفدين فان حجه لا يكتمل ) . كما يقول (و كل من لا يستطيع اداء فريضة الحج في لالشا نوراني , يحق له ان يزور ثلاث مرات لهذا المزار و يعتبر بمثابة الحج في معبد لالش ).
و الجدير بالذكر ان مزار شرفدين الكائن في السفح الشمالي الشرقي من جبل شنكال يعتبر ثاني اقدس المزارات لدى الديانة الايزيدية بعد معبد لالش النوراني , موقعه بالقرب من قرية راشد على بعد نحو عشرة كيلومترات من مركز ناحية الشمال(سنوني) , و يعود تاريخ بناء هذا المزار الى عام 1274م , و عبارة عن قبة كبيرة و محاطة بسور قديم و في داخل السور ايضاً هناك بعض من المزارات و رموز لبعض من اولياء الصالحين منها ( مزار امادين و بيرافات و شيري شيشمس و نيشان سجادين و مطبخ قيجكا و شجرة توت و قبور لبعض شخصيات مشهورة من شنكال الذين ضحوا بانفسهم دفاعاً عن قوميتهم و دينهم) , وكان مركزاً للمقاومة الايزيدية أثناء هجوم تنظيم داعش على قضاء شنكال في اب/اغسطس 2014، ومنها انطلق المقاتلون الايزيديون نحو جبهات القتال جنباً الى جنب , للدفاع عن جبل شنكال و الايزيديين.[1]