مكانة الشوارب في الديانة الايزيدية
حيدر عربو اليوسفاني
تعتبر الشوارب من الرموز المقدسة لدى جميع الاقوام و الاديان الارية القديمة ، فلازال الرجل الكاكائي و الدرزي و الزازاكي و الزردشتي يحافظون على شواربهم كرمز من رموز المقدسة و لا يلحقون بتاتاً ؛ ان شعر الوجه و الرأس هو رمز لاشعة الشمس و الحفاظ على الشارب هو دليل محبة الانسان و احترامه للنور الشمس . ان الشارب في المجتمع العراقي و نحن منه يشكل رمزاً للشهامة و الرجولة و الرجال تفتخر به و كان و لايزال عندما يؤمن الرجل العراقي على شيء ،فيقولون (هذه امانة في شاربك ) و عند اعتزازه بالحفاظ على الامانة يقول انها شعره بشاربه دليل اعتزازه بالشارب الذي يعبر على الحفاظ على الامانة و الشهامة لذا تعتبر الشوارب علامة الشرف و رجولة و الشهامة ، كما انها الشوارب رمز الوقارة و رمز الانبياء و الاولياء و الصالحين كما تعتبر رمز قوة ايمان الرجل بديانته . عبر قرون من الزمن و عبر مختلف البلدان و الحضارات ، اطلق الرجال لشواربهم العنان و اخذوا يتفاخرون بها ، و اصبح يتفاخرون بها و اصبح صاحب الشارب الاكبر هو فارس الفرسان ، مثله مثل صاحب السيف و الخنجر او العضلات المفتولة عند بعض الشعوب ، كما كانت الشوارب تعد رمزاً و قداسة و مكانة ، و هناك من الشوارب ما يعطي انطباعاً بالقوة و التسلط و الجبروت ، فنرى احدهم في حالة من الغضب ينتفض قائلاً : (احلق شاربي اذا فلح )
للشوارب مكانة هامة و مقدسة في الديانة الايزيدية ، حرام على الرجل الايزيدي بصورة عامة حلق شاربه و رجل الدين المتقدم اي الذين يمارس مهنته الدينية بصورة خاصة حلق لحيته و شاربه او التلاعب بهما لانهما يمثلان رمز ادم (عليه السلام) , فقد جاء في النصوص الدينية الايزيدية فعندما خلق الله سبحانه و تعالى النبي ادم جعل له بارادته و من نوره (طاووس ملك) لحية و شوارب ليعطي منظر رجل قبل دخول الروح فيه ليميزه عن حواء ، لذلك فهي اول هدية الاهية مقدسة و بما ان ادم خلق و من اهم عناصره كان النور إلاهي الذي يرمز الى طاووس ملك لذلك اصبحت الشوارب مقدسة و رمز ديني لكل رجل ايزيدي حسب ما ورد في النص الديني المقدس من قول ( جارشه مبوو :
قەوەت يە ژ ئيمانە ئيمان يە ب نيشانە توك و مەفتول وسمبێل و گريڤانە ئەڤنە نيشانێن مة ئێزديانە
بمعنى ( القوة تكمن في الايمان ، و الايمان يكمن في الرموز ، و الرموز هي توك و شوارب و قميص ابيض دائري هذه هي رموز الايزيدية )
كما يقولون ان الشوارب هو رمز طاووس ملك ( سمبێل شكارتى تاووسى مه له كن ) لذا لايجوز للرجل الايزيدي التلاعب بشواربه بتاتاً ، كان العرف الاجتماعي الايزيدي قاسياً مع شخص ايزيدي يحلق شواربه ، و اليوم اصبح موديل لا يتعرض له العرف الاجتماعي حسب ما ذكرت في النص الديني المقدس من (قول شه قه سه رى ) :
من گەلەك ل ڤێ دنيايێ ديتن تێر رزقن ئەو ل دۆر مالێ خۆ بوونە شۆشە كەرەك و دزك وان ذ خرابيا و فێنيا ئێوراندن ريه و سمبێل و گولى و بسك بمعنى ( رأيت في هذه الدنيا اغنياء , اصبحوا حول اموالهم كالبواك ، لاعمالهم الفانية حلقوا لحية و شوارب و جذائل و زلف ) .
في التراث الايزيدي ، كان بعض الرجال يقومون بتدسيم و تزيين شواربهم بالزبيب (مێویژ) حتى اذا حضر احدهم في ديوان او اي مكان اخر يراه الحاضرون بشواربه لامعة براقة و طويلة تبين رجولته ، كما ذكرنا كان الشارب له مكانة خاصة في المجتمع الايزيدي ، ففي وقت السابق من كان يتلاعب بشواربه يحرم زاده من قبل القوالين . رجال في المجتمع الايزيدي دوماً يتفاخرون بشواربهم المفتولة ، او في حالة ما إذا انتفض احدهم و امسك بشاربه ليقطع وعداً ما على نفسه بقوله ( خذها من هذا الشارب ) ونجد انه يوفى بوعده مهما كلفه ذلك الوعد من عناء او مشقة و الا لحقه العار و الخزي طول حياته ، حيث ان وضع الرجل يده على طرف شاربه ، ماهو الا تأكيد على ما يقوله او ما يعد به ، و هناك مثل قائل ( قطع الرؤوس و لا حلاقة الشارب ) . حيث يذكر العلمدار خلف قاسم قائلاً : حسب العرف الديني اذا علق شعراً من شواربك بين اسنانك اقطع سنك و لا تقطع ذلك الشعر لكي لا يقلل من ايمانك تجاه ما تعبده ؛ لانه الشارب هو رمز طاووس ملك حسب النصوص الدينية الايزيدية . كما هناك بعض كلمات عن الشوارب تردها المجتمع غالباً اثناء الحديث ومنها سمبيل قيتاني , سمبيل زراف ، سمبيل سوهر ، سمبيل ستور ، سمبيل دريش ، سمبيل بادايي ، سمبيل شوشنكي ، سمبيل بوق ، …الخ) . كما ذكرت الشوارب في امثال وقصص التراثية و منها : (نە خوارى ، ب سمبێلا ڤە مايی ).[1]