المتظاهرين الخوافين !!
#خليل كارده#
الحوار المتمدن-العدد: 3363
المحور: القضية الكردية
المتظاهرين الخوافين !!
بعد مرور اكثر من شهرين على التظاهرات الاحتجاجية في ساحة الحرية بوسط السليمانية , تم تفريق المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة من قبل ميليشيات طالباني الذي جلبهم من المناطق المتأخمة لمدينة السليمانية والمناطق التي تسمي متنازع عليها وهي اصلا مناطق كردستانية , بداية تم حرق المنصة التي كانت اللجنة المؤقتة لادارة التظاهرات تلقي خطاباتها وتوجهاتها على المحتشدين , وبعده قاموا باطلاق النيران على كل من يقف في ساحة الحرية ومستخدمة الغازات المسيلة للدموع , وتمت للسلطة ما يبغونها من الاستخدام المفرط للقوة , وهي انهيار اللجنة المؤقتة لادارة المتظاهرين وهروبها من الصدام مع السلطة والميليشيات المسلحة خوفا من بطشها , وتم اعتقال بعض قادة ساحة الحرية وافرج عنهم بكفالات مالية , والبعض مازال متواريا عن الانظار مختفيا خوفا من الاعتقال ولكي لا يتعرض للضرب المبرح شأن رفاقه , وايضا تم اختظاف بعض طلبة الجامعة وتم اقتيادهم الى جهات غير معروفة وتعرضوا هناك للاهانة والشتم والضرب المبرح وبعدها تم تسريحهم مشيا للذهاب الى بيوتهم بعد ما نالت السلطة من مأربها منهم وهو عدم العودة مجددا الى التظاهر .
لا اخفيكم سرا , انني تفاجأت في سرعة انهيار التظاهرات الاحتجاجية في السليمانية , وانهيار قادتها اللجنة المؤقتة , وبعد ان رأيت في الفضائيات هذه الحوادث اصبت بالذهول وراودني تفكير وتأمل عميقين في الذي جرى في مدينة التضحية والفداء , راودني شعور بالمرارة مصحوب بالاحباط لقد كنت معلقا أمالا كبيرة على نجاح التظاهرات في كردستان , وتطبيق النقاط التي كانت من مطالب الجماهير الشعبية المحتشدة , واذا تم تطبيق تلك النقاط لكانت هناك حياة معيشية رغدة بانتظار الجماهير الشعبية الكردستانية مما يعطينا دافع قوي للرجوع الى وطننا كردستان للمساهمة في البناء والتطور بدل ان نبقى في الشتات الى مالا نهاية .
وانا في تأملي العميق والتفكير المضني , قلت لنفسي لماذا لم تنتفض هولير ودهوك , لمساندة اخوتهم في السليمانية ؟! علامة استفهام مع تعجب , ادركت بعد عناء , اننا نعيش في بلد مناطقي , اي ليس بالضرورة للذي يحدث في السليمانية يحصل في هولير ودهوك , لان باختصار كل من هولير ودهوك تحت سيطرة حاكم أخر , غير الذي في السليمانية , وان الوعي في المناطق والمدن الكردستانية متفاوتة ومتباينة , لجملة من الاسباب والمسببات , لسنا هنا بطرحها , لا بأس نعلق عليها سريعا , ما اود طرحه هو ان التطور الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الكردستاني يعتبر مناطقي ومتفاوت ومتباين التطور , مما ينعكس ذلك على الوعي بشكل ايجابي في بعض المناطق والمدن وبشكل سلبي في بعض المناطق والمدن الاخرى , وهذا التطور الاقتصادي والاجتماعي مشوه نتيجة تشابك الظروف عبر التاريخ مع الحالة السياسية الشاذة التي ما يزال يعاني منها المجتمع الكردستاني وهي التي سببت التقدم البطئ للقوى المنتجة ووسائل الانتاج داخل المجتمع الكردستاني .
وانا في تأملي العميق وشرود ذهني , التقيت صديقي على قارعة الطريق , رأني مما انا فيه , فطلب مني ان اصطحبه الى بيته فوافقت بلا تردد , لانني كنت بحاجة الى من اتكلم معه , وخاصة هو كاتب ويكتب في المواقع الكردية المختلفة , قلت يمكن ان يعرف صديقي ببواطن الضعف والوهن والقوة في المجتمع الكردستاني , وبعد برهة طرحت عليه سؤالي , لماذا انهارت التظاهرات الاحتجاجية في السليمانية هكذا بسهولة من وجهة نظرك ؟! تأملني قليلا وقال لي انك حتما لم تسكن وتعيش في كردستان , قلت له : لا لم اعيش في كردستان , بل في الخليج وخاصة الكويت كنت حاملا هم شعبي الكردستاني في الشتات حالما يوما ما بالعودة الى ارض الوطن , بادرني بفطنة لذا ليس لديك ادنى فكرة حول كيفية معاملة وتربية الوالدين للابناء في كردستان , لقد زرعوا فينا منذ نعومة اظافرنا الخوف , لكي يحافظوا علينا من بطش الانظمة الاستبدادية التي تعاقبت على بغداد , لذا ولد وترعرع معنا عقدة الخوف , والخوف والقلق من الأتي والمستقبل المجهول .
قلت له ولكن تمعن صفحات الجرائد وانظر , كيف ان الشعب السوري البطل يسجل اروع تاريخ وباسطر من نور , وهو يتظاهر سلميا واعزلا مقارعا اعتى نظام ديكتاتوري دموي عرفته المنطقة , وقدم حتى هذه اللحظة اكثر من 826 شهيد , ومئات الجرحى , وألاف المعتقلين والمفقودين , كل هذا والشعب السوري البطل مصر على رفع شعار اسقاط النظام , ورأيت معي ايضا كيف يمارس جلاوزة البعث التعذيب بحق الشباب المكبلين , كل هذا وذاك لم يجبن الشعب السوري المقدام بل ما زال رافعا الراية حتى تحقيق مطالبه المشروعة والشرعية , وقد قال حينها الان جوبيه ان حكومة تطلق النار على شعبها , تفقد شرعيتها نعم هذا هو الشعب السوري البطل الذي لم يتراجع قيد انملة , مع ان التدخل الدولي لصالح الثوار يعتبر حتى اللحظة تدخلا خجولا , ووسط صمت دولي واقليمي وعربي مما يجري من مذابح بحق هذا الشعب الجرئ والمقدام والشجاع , ولا ننسى ثوار الشعب الليبي البطل الذين يقارعون الديكتاتور القابع في طرابلس وبما يملكه من ترسانة حربية فائقة , كل هذا لم يمنع الشعب الليبي المناضل من الصمود والمقاومة حتى اسقاط النظام الديكتاتوري .
قلت لصديقي , اين الشعب الكردستاني , من هذه الشعوب الحية والثائرة , لم تنل من عزيمتهم سيل الدماء المتساقط , بل زادهم اصرارا ووهجا في ديمومة الثورة لكي تهب رياح التغيير والديمقراطية على المنطقة باسرها , سكت صديقي الكاتب , متفقا معي ان شعبنا الكردستاني لم يقم بما هو مطلوب منه , اننا لسنا اقل من الشعبين السوري والليبي المناضلين , لماذا اذعنا لمجموعة من المليشيا المارقين ؟لماذا لم نستمر ؟ لماذا لم تدوم التظاهرات الاحتجاجية ؟
جملة من التساؤلات , نريد من المنظرين الاجتماعيين , الجواب على تساؤلاتنا حتى نتجنب التأمل العميق والشرود الذهني اللذان اصبحا ملازما ن لي بعد انهيار التظاهرات الاحتجاجية في ساحة الحرية بسهولة.[1]