الدين الاشتراكي .الفرعون ( الجزء الثالث )
اريان علي احمد
الحوار المتمدن-العدد: 7424
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
عند الرجوع إلى التاريخ العريق لعصر الفراعنة سوف نقع في البقعة الوحيدة المنظمة تاريخيا في إدارة شؤون الدولة بمفهومها العريق وسوف نشاهد أن روح الاشتراك الجمعي في جمع الرعايا بأكملها تحت وصاية واحدة والغرض منها هو أن تكون الاشتراكية أساس في توزيع كل ما يحصده الدولة من الرعايا وان يتم التوزيع بما يملى عليه الفرعون وهو بدرجة عالية جدا مردودها النجاح الفعلي في التوزيع ونرى ذلك الأثبات في طول مدة الحكم الفرعوني ليس في جبروتها أنما في نقاط الاشتراك ما بين السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع. اجتهد في كل وقت، افعل أكثر مما هو مطلوب منك، لا تضيع الوقت إذا كنت قادرا على العمل، مكروه كل من يسيء اغتنام وقته. لا تهدر فرصة تعزز ثروة بيتك، فالعمل يأتي بالثروة، والثروة لا تدوم إذا هجرت العمل، يمثل هذا المقتطف أحد التعاليم الأدبية التي أعلت من شأن العمل وقيمته في الفكر المصري القديم، وأبرزت إيمان المصريين القدماء بأنه سبيل كل إنتاج ومصدر كل بناء على المستويين الاجتماعي والحضاري. كان المجتمع المصري قديما على قدر كبير من التراتبية الطبقية، تتمثل نخبته في مجموعة من علية القوم والمتعلمين والمنتسبين إلى الملك الحاكم، ثم تأتي طبقة المهن والحرف، الطبقة الوسطى في المجتمع، التي تزاول عملها في بيئة حضرية في أغلب الأحوال وفي ظل نظام إداري. كانت الأعمال الحرفية الأكثر استقرارا في البلاد، وتخضع لنظام دقيق يحكمها، وتشير النصوص المصرية القديمة إلى أن حياة العمال والحرفيين كانت أكثر يسرا مقارنة بالفلاحين. كان العمال يتسلمون بصفة منتظمة أجورهم عينا، كما يتضح من نص للملك رعمسيس الثاني، الأسرة 19، بحسب تقسيم عصور تاريخ مصر القديم، أورده العالم الفرنسي، جان بيير ماري مونتيه، في دراسته بعنوان الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة، وهو نقش على لوحة تذكارية أقامها الملك في معبد أيونو، قال مخاطبا عمال المحاجر:
بما أن مصر القديمة تعنبر من أقدم الحضارات في تاريخ البشرية بدون نقاش. لذلك علينا أن نتحدث قليلا عن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد الممتلئ بالسكان الأصليين والعبيد وكيفية أدارتها، لان فترة الحكم الفرعوني مازال لها تأثير كبير في المراحل اللاحقة من تاريخ البشرية. من الواضح، في مصر، حكم الفراعنة البلاد. لم يكن فرعون ملكًا فحسب، بل كان يعتبر نفسه إله الأرض. لذلك اعتبر فرعون نفسه صاحب كل الأرض والشعب والأراضي الزراعية. في مصر القديمة، لم يكن المزارعون عبيدًا بل أحرارًا، ولكن بدون إذن الحكومة، لم يكن بإمكان المزارعين الانتقال من مكان إلى آخر، أي لم يكونوا أحرارًا في السفر والتنقل. من ناحية أخرى، اضطر المزارعون إلى بيع معظم منتجاتهم الزراعية للدولة، وهو ما يعتبر بحد ذاته بداية الضرائب الحكومية ومفهوم العلمي والاقتصادي لضريبة الحية في استفادة الشعب منه. لكن المهم هنا هو أنه في مصر القديمة ظهر الشكل الأول لاشتراكية الدولة. في مصر القديمة، كانت الدولة تمتلك جميع المناجم التي تصنع المعادن بأيدي عاملة قوية. كما تمتلك الدولة مصنعًا للنفط، وتبيعه لوكلائها. من ناحية أخرى، أجرت الدولة نفسها التجارة الخارجية والداخلية ومنعت المنافسة الأجنبية من خلال التعريفات المرتفعة. من ناحية أخرى، كانت شبكة الري تديرها الحكومة، مما أجبر الناس في كثير من الأحيان على العمل أثناء الفيضانات ولهول الفيضانات في عصر الفرعوني كان لابد من سبيل علمي واقتصادي في إدارة مخاطر الفيضان وذلك عن طريق الأيدي العاملة وإرضاء الأيدي بما يستحقون من أجورهم حسب نظام اشتراكي صرف ولولا النظام الاشتراكي لم يدم العصر الفرعوني كل هذه الأزمنة من الحكم بمعنى آخر، سيطرت الدولة المصرية القديمة على جميع الجوانب السياسية والاقتصادية للبلاد. أي أن قدماء المصريين فكروا في السيطرة على الحياة الاقتصادية والسياسية للبلاد منذ زمن بعيد. سمي هذا النوع من النظام فيما بعد برأسمالية الدولة، وهو نوع الحكم الذي يمارس في الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية. بعد الألاف السنين.[1]