رأيان متناقضان عن حدث واحد
نعمت شريف
الحوار المتمدن-العدد: 7475
المحور: القضية الكردية
بقلم: نعمت شريف
انه لمن الصعوبة بمكان ان يستطيع القارئ ان يقرر من تلقاء ذاته اي الرأيين هو الصحيح او الاصح على وجه التقريب الا بالعودة الى سياستي كل من الحزبين الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني انذاك. وبعد مضي اكثر من اربعة عقود على الاحداث يصبح استبيان الاراء والسياسات للوصول الى الحقيقة ضربا من الخيال الا للذين عاصروا تلك الفترة او ان يبذلوا الكثير من الجهد والعناء للوصول الى الحقيقة. ولهذا السبب بالذات تتمتع اراء الكتاب والمعاصرين بالمصداقية ويمكن التعويل عليها الى حد كبير. وما يهمنا الان بخصوص هذين الرأيين المتناقضين هو العودة الى سياسات الحزبين الآنفي الذكر في تلك الحقبة الزمنية.
بعد انتهاء سنوات السلام الاربع مع حكومة العراق (1970-1974) واندلاع الحرب في كردستان ثانية، ومن ثم توقفها فجأة بسبب اتفاقية الجزائر الخيانية، كان الشعب الكردي يعاني ازمة فكرية قبل معاناته من النواحي العسكرية والاجتماعية والسياسية. وفي هذه الظروف اشتدت الصراعات والاجتهادات بين الاحزاب الكردستانية فكريا قبل غيرها للنهوض بالامة مرة اخرى وعدم الرضوخ للواقع المر آنذاك للاسباب المذكورة اعلاه.
من جملة ما اتذكر من صراعات تلك الحقبة بين تنظيمات الاحزاب الكردية خارج الوطن انه اتصل بي، وكنت آنذاك عضوا في اللجنة المحلية للحزب الديموقراطي الكردستاني، احد اعضاء الاتحاد الوطني الكردستاني (اتحفظ على ذكر الاسماء تفاديا لايذاء مشاعرهم فقد ابتعدوا عن العمل السياسي) طالبا النقاش حول جهودنا في العمل السياسي. وفي المساء حضر اثنان على ما اذكر، فدخلنا في غرفة لتبادل الافكار وكان في ردهة الاستقبال عدد من اعضاء ومناصري الحزب الديموقراطي الكردستاني، ويبدو انهم كان يسمعون مقتطفات من مناقشاتنا، وبعد حوالي الساعة من المناقشات الحادة، قال زميلنا عضو الاتحاد الوطني ما معناه: في هذه المرحلة، تتمحور سياستنا وتؤكد تعليماتنا بان واجبنا الاول هو تطهير كردستان من عملاء الحزب الديموقراطي قبل مقاتلة حزب البعث العربي الاشتراكي. كان اللقاء محبطا وعزمت على انهائه، حتى طرق الباب احد الاخوان ليعلمني ان اعضاء الحزب وبالاجماع كان يستمعون وقد عزموا على تأديبه فالرجاء انهاء الاجتماع فهناك من ينتظرونه خارج الدار. فكان الرد مني حازما بان اي اعتداء عليه هو اعتداء على انا، وانني سارافقه الى سيارته والى ان يترك المنطقة، ولا مجال لنا للعنف لا الان ولا في المستقبل فهم يعدون على اصابع اليد و بالتأكيد لا يرغبون في الاصطدام معنا علنا. وبالفعل اصطحبته الى سيارته حتى غادر المكان بسلام تفاديا لاية مضاعفات.
ولكن مع الاسف حدثت اصدامات في اماكن اخرى، كما حدث في احدى ضواحي واشنطن العاصمة حيث اعترض اربعة من الاتحاد الوطني احد اخواننا بعد منتصف الليل قريبا من محل عمله، وخاب ظنهم هناك ايضا.
كانت تلك الاحداث والاضطربات في الداخل والخارج عام 1977 واستمرت الصراعات فيما بعد لفترة غير قصيرة. يحاول الكاتبان وضع الحدث من وجهة نظره واحدهم من الحزب الديموقراطي والاخر من الاتحاد الوطني ووضعه في اطار مقبول للقارئ اليوم، وهذا مناف للامانة التاريخية لمن يروي احداثا تاريخية. ولذلك يتحتم على القارئ وضع الحدث في اطاره الزمني والحالة السائدة انذاك. ومن وجهة نظرنا نعتقد ان ما يرويه الكاتب مصطفى مزوري من موقف بيشمركة الاتحاد الوطني ينسجم مع الاطار العام وفكر الاتحاد الوطني في تلك الحقبة الزمنية. خدمة للامانة التاريخية وللقراء ونأمل ان نكون قد نجحنا في ايصال الحقيقة اليهم.[1]