رسالة مفتوحة الى سماحة السيد مقتدى الصدر
نعمت شريف
الحوار المتمدن-العدد: 6026
المحور: القضية الكردية
سماحة السيد مقتدى الصدر الموقر، وفقكم الله وسدد خطاكم لما فيه خير الامة والوطن.
قبل ايام قرات رسالتكم القيمة الى سنة العراق. لم اشك قط في نواياك الصادقة ووطنيتك، بالاضافة الى مشاعرك القومية واعتقد انك محق في كل ذلك ولا لوم اوعتب. فكرت حينئذ فيما اذا كنت ستوجه رسالة مشابهة الى الكرد، وتمنيت ان لا تفعل ذلك! والان هل ستوجه رسائل مشابهة الى المكونات اللاخرى؟ وجميعها اقليات بالمقارنة الى المكونات الاخرى، ولكن العدالة والمساواة والشراكة في الوطن تتطلب ذلك! اليس كذلك؟ اعتقد انه كان من الممكن ان توجه رسالة واحدة للجميع او على الاقل رسالة مشتركة الى السنة والكرد، لكان وافىيا بالغرض تماما. ولكن دعنى اعود الى الموضوع الاساس وهو رسالتك الى الكرد، وكيف اشعر بعد ان قرأت رسالتك الكريمة، واعتقد ان هذا يعبر عن شعور الغالبية العظمى من أبناء وبنات كردستان، وليس الكرد فحسب.
بأختصار شديد، الحركات والاحزاب الكردية جميعها قومية في محتواها مع اخذها بنظر الاعتبار المكونات الاخرى في كردستان. لا يزال الكرد في مرحلة تحقيق الذات، وواضح ان الكيان السياسي المستقل جزء من تكامل الشخصية القومية للكرد. للعرب اكثر من عشرين دولة، ولا يحتاج العرب لتحقيق ذلك. ونعتقد ان الاتحاد الكونفيدرالي يمثل تجربة افضل لتحقيق هذا التكامل، اي ان يكون ذلك خيار شعب كردستان بين الاتحاد الطوعي او الاستقلال كاملا حسب ما يراه (الشعب) تحقيقا لذاته من دون اكراه او تقطيع لاطرافه هنا وهناك. ليست الحرية في ان يفكر ويفعل المرء ما يشاء، وانما الحرية في ان يمنح الاخر حرية التفكير والعمل كما يشاء (من دون وصاية)، واذا التقيا في منتصف الطريق فهذا هوالافضل والمنشود.
تجربة الكرد لعقود وخاصة العقدين الاخيرين منها يحتم على كل كردي ذي عقل سليم ان يتوخى الحذر المضمون فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وللاسف لدغاتنا على مدى قرن من الزمان لا تعد ولا تحصى وشاهدنا في ذلك التاريخ الدموي لعصر سايكس- بيكو في كردستان المجزأة، فما الضمان لان لا يكررالتاريخ 16 اكتوبر 2017 او آذار 1975؟ سماحة السيد، اسمح لي ان اقول اننى كنت اعاني عندما كان الشيعة مضطهدين في الموصل وانا اتردد على جامع الشيخ حسين كما كنا نسميه في سبعينات القرن الماضي، وكنت أعاني مرة ثانية عندما كان البعثيون يتربصون بي لترددي على مقر اتحاد طلبة كردستان. هذه المعاناة المزدوجة لعبت دورها كسيف ذي حدين لانبذ الطائفية من جهة والعنصرية من جهة ثانية، ولكن كلازمة لها (المعاناة) فقدت الثقة، واريد ضمانا لاستعيد ثقتي واعتقد ان هذا في عراق اليوم بعيد المنال.
تختلف تجربة السنة العرب في العراق تماما عن تجربة (السنة) الكرد، ومعاناة الكرد لم تكن يوما ما بسبب المذهب، رغم انهم سنة واغلبهم على المذهب الشافعي (اقرب مذاهب السنة الى الشيعة). تأتي معاناة السنة في العراق لخروجهم من السلطة، واما الكرد فمعاناتهم كانت دائما ضد السلطة لايجاد موضع قدم لهم. أي يأتيان من طرفي نقيض، فالسنة من اعلى سلم السلطة، والكرد من اسفل السلم! ولذلك تختلف مشاركة الكرد في العملية السياسية وفي الحكومة المقبلة عن مشاركة السنة. تبقى المشاكل بين اربيل وبغداد معلقة وقد تضاعفت في الاعوام الاخيرة. نأمل ان يكون رسالة الحب التي اعلنتموها بادرة لتروي شجرة تصمد امام الرياح العاتية التي تهب على العراق من جميع الجهات.
سماحة السيد، وهل في التوافق والشراكة والتوازن من ظلم! فالكرد ان لم يُظلموا، فهم لا يَظلِمون. اعتقد ان معظم الكرد واثقون من وطنيتك ومحبتك وما تقدمونه للعراق وشعبه وهذا ليس بجديد على ال الصدر فقد وقفوا دائما مع فقراء الشعب والمظلومين منهم، وعهدنا بكم ان تبقوا على العهد سائرون.[1]