عن افاق التسوية في سوريا
اكرم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 6693
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
تَعْكُس حالة الثباتْ التي تشهدها الساحة #السياسية السورية# ، انسدادْ أُفقْ أي حل أو تسوية للأزمة السورية المتفاقمة منذُ أكثر من تسعِ سنوات، نتيجةَ عدم نضج أية حلول، تتوافق مع مصالح القوى الفاعلة والمتحكمة بالساحة السورية، فالحل لم يعد بيد السوريين ، وباستثناءْ ما يجري من اجتماعات للجنة الدستورية، وهي باعتقادي ليست أكثر من طبخة بحص، فان هناك الكثير من الاحداث السياسية التي تتفاعل في المتوسط وليبيا وبحر الصين تسترعي الانتباه من القوى الكبرى وتتطلب بعض الانفراج لأن سياسة عدم التصعيد وادارة الازمة هي ما يسم السياسة الامريكية الى ما بعد الانتخابات الامريكية فأي تصعيد او حرب في المنطقة والعالم قد يحرج الرئيس الامريكي ويؤدي الى خسارته في الانتخابات الرئاسية القادمة ، وباختصار شديد يمكن التأكيد على ان المنطقة تمر بمرحلة تحولات كبرى على الصعيد الجيو استراتيجي وتغير موازيين القوى فيها ، حيث شهدت تنامياً في النفوذ الايراني والتركي وتزايداً في نفوذ حزب الله وبروز تيارات متطرفة مع تراجع للدور الذي كانت تلعبه بعض الدول كالسعودية ومصر وسوريا والعراق ، اضافة الى تراجع تركيا مؤخراً عن استخدام لغة التصعيد والتهديد في المتوسط وليبيا من خلال سحب السفن والدعوة الى الحوار، كل ذلك ترافق مع استخدام الولايات المتحدة الامريكية سياسات القوة الصلبة والعقوبات لتحقيق اهدافها في المنطقة والعالم .
من الواضح ان مسار اللجنة الدستورية في جنيف لم ينضج بعد ولن ينضج بالتصريحات ولا بمحاولات غير بيدرسن تلطيف الأجواء ، بل بالتوافق الامريكي – الروسي و الضغط الحقيقي على السلطة للقبول بفكرة الانتقال السياسي وتطبيق القرارات الاممية .
تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية على أنها تسعى لحل سياسي للأزمة السورية عبر تطبيق القرارات الدولية ذات الشأن، عبر مسار جنيف بين النظام السوري والمعارضة ، وفي ها الاتجاه تأتي العقوبات الاقتصادية وحل الخلافات القائمة في هيئة التفاوض السورية وتوحيد صفوف المعارضة ، ولأنَّ القوى السياسية الكردية هي جزء اساسي من هذه المعارضة فهي تدفع للوصول الى اتفاق كردي بين المجلس الوطني الكردي واحزاب الوحدة الوطنية كي تعزز من دور المعارضة وتصون وحدتها وتحافظ على الاستقرار في مناطق تواجدها في شرق الفرات وتمنع التمدد الإيراني .
لا اعتقد ان في جعبة جميس جيفري شيء جديد اراد تمريره بل جاءت الزيارة في إطار التأكيد على السياسة الأمريكية، ودعم الولايات المتحدة للمفاوضات الكردية في إطار مساعي الحلّ السياسي العام في سوريا ، مع استمرار الشراكة الاستراتيجية مع قسد ، وقد تكون الاتفاقية التي وقعت بين مسد وحزب الارادة الشعبية جزءاً من اهداف هذه الزيارة
فعملية المفاوضات الكردية – الكردية تشهد بطأً وصعوبةً كبيرة في ظل التعقيدات والترحيل المستمر لعدد من القضايا الخلافية بين الطرفين بعد كل هذه المدة ، لجولات تفاوضية قادمة، كالمطالبة بوقف عمليات التجنيد الإجباري للشباب وتجنيد الأطفال ، والكشف عن مصير معتقلي المجلس والمغيبين وتحييد العملية التربوية ، وكذلك تغيير هيكلية وبنية الإدارة الذاتية عبر المرور بمرحلة انتقالية تضمن مشاركة جميع المكونات في الادارة وعودة (بيشمركة روج ) وكيفية انتشارها بالمنطقة، وفك الارتباط بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني ، رغم ان وحدة الموقف الكردي مهمة جداً في هذه المرحلة للتعامل مع كل المستجدات وعلى كافة الأصعدة.
لن يكون هناك تصعيد غير متوقع على الارض الى حين قدوم الرئيس الامريكي الجديد وخاصة ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد اعلن عن انتهاء العمليات العسكرية القتالية في سوريا باستثناء منطقتين ساخنتين في اشارة الى ادلب وشرق الفرات فالحل في سوريا لا بد أن ينال موافقة الأطراف الضامنة في سوريا، روسيا وواشنطن- إسرائيل وتركيا وإيران
وفي ظل الاوضاع الراهنة فإما ان تقر وتقبل جميع الاطراف المتحكمة بالوضع السوري بمناطق النفوذ والسيطرة الحالية وبالتالي بقاء الوضع على ما عليه لسنوات طويلة او ان روسيا ستقوم بالضغط على النظام للقبول بانتقال سياسي بموجب قرار مجلس الامن 2254 وهو ما يعني عودة الامن والاستقرار واعادة الاعمار والحفاظ على وحدة سوريا وخروج القوات الاجنبية من اراضيها .
والى ان يحصل هذا التوافق ستستمر مناطق النفوذ والسيطرة الحالية وسيعاني الشعب السوري المزيد من المعاناة والضغوط الاقتصادية والمعيشية وستزداد رقعة الفقر والجوع لتشمل كل السوريين اما عن الحوار الكردي فان واشنطن ستحاول ان تسرع من وتيرته وتحقق مصالحة كردية-كردية، للضغط على روسيا والنظام واستخدامه في تسهيل عملية الحل السياسي في سوريا.[1]