الأزمة السورية وسُبل الحل من منظور المرأة
زينب قمبر
إن حالة الانقسام السياسي في سوريا تخضع للبُعد الجغرافي بالدرجة الأولى، فالمدن الداخلية الخاضعة لحكومة دمشق تُمثل حالة نفوذ سياسي متفاوت بين إيران وروسيا، وهي قوى تشكل بطريقة أو بأخرى حالة مناوئة لوجود قوات التحالف المتمثلة بأمريكا، بينما المناطق الخاضعة للاحتلال التركي وأذرعه من الفصائل السورية المسلحة تمثل منهجية وفكر دولة الاحتلال التركي، وفي كلتا المنطقتين تتجسد الرؤى الاستعمارية واللاوطنية تجاه المنطقة وشعوبها، بينما تبقى منطقة شمال وشرق سوريا (مناطق الادارة الذاتية الديمقراطية) تحمل الجزء الأكبر من العبء الوطني تجاه قضايا المنطقة وشعوبها،
فرغم وجود قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية، لكن هناك استقلال في القرار السياسي تجاه الأزمة السورية والقضايا الوطنية للشعب السوري، الأمر الذي وضعها في هامش حرية للمبادرات والحلول الوطنية الممكنة، وهو ما جعل المنطقة تتمتع بإرادة حرة وخارجة عن سيطرة القوى المهيمنة. إن الهجوم الشامل وتجاوز الخطوط الحمراء وتعاظم الانتهاكات يهدف لغاية واحدة، وهي إخضاع هذه المنطقة، بطريقة أو بأخرى، لإرادة القوى المهيمنة والتخلي عن استقلالية قرارها، وإن مسألة استهداف محطات الطاقة والسدود والمرافق الحيوية والبنى التحتية أتت لتفكيك دعائم الكيان المؤسساتي والإداري في الإدارة الذاتية الديمقراطية وفتح المنطقة وتشكيلها كبؤرة للميليشيات والعصابات المسلحة والمتطرفة التي بواسطتها تستطيع الدول المهيمنة فرض سياساتها وأيديولوجياتها ومصادرة قرارها السياسي.
إن الاستقلالية في القرار السياسي للإدارة الذاتية الديمقراطية من نُظم اقتصادية واجتماعية وثقافية؛ أفضى إلى خلق الأجواء والأوضاع الديمقراطية بالشكل الموضوعي، وإن استمرار هذا الوضع مع تقادم الزمن سيغير من طبيعة الفكر والثقافة المنغلقة إلى انفتاح ديمقراطي وتحرري، الأمر الذي سيهدد مصالح الدول المهيمنة بنشوء جيل يعي ويدرك مكانته وثقافته وتاريخه.
من هذا المنطلق كان استهداف المدارس والمدنيين والسدود ومحطات الطاقة والغاز والنفط، بهدف اجتثاث أي نمط حياة قد تُثمر في تلك المنطقة، والأداة باتت معروفة أَلَا وهو الاحتلال التركي في حالة تتوافق تماماً مع تطلعاته وطموحاته التوسعية وفق “الميثاق الملي” وما يتبع إجراء تنفيذه، وبسبب تناغم المصالح إثر الحرب الروسية الأوكرانية، كان لابد من كسب الموقف التركي لصالح الغرب، مما جعل حالة الصمت المطبق على أفواه، المنظمات الدولية الإنسانية ومجلس حقوق الانسان، تجاه التدمير والانتهاكات للمنطقة، وقد استغلت دولة الاحتلال التركي هذا الصمت والضوء الأخضر الغربي للتصعيد من جرائم الحرب والانتهاكات؛ ضاربة بعرض الحائط جميع الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تمنع وتدين هذا التعاطي مع شعوب المنطقة، وإن اجتماع معظم الرؤى والايديولوجيات على استهداف مناطق شمال شرق سوريا يصب ضمن حقيقة مفادها أننا على صواب الحقيقة والإنسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية في مبتغانا ومسعانا نحو الحرية والديمقراطية، الأمر الذي يستوجب الزود والدفاع عن حِمانا بكل الوسائل الممكنة، السياسية والعسكرية والفكرية تحت لواء نهجنا الوطني لسوريا حرة، سوريا تعددية ديمقراطية لا مركزية. [1]