دلبخوين دارا
وصف منذر ماخوس، أحد مؤسسي الائتلاف السوري المعارض، سقوط نظام بشار الأسد بأنه يمثل هدية غير متوقعة للشعب السوري، عاداً التحدي الأكبر الآن هو بناء دولة سورية جديدة تقوم على العدالة والمساواة.
وأشار منذر ماخوس، في مقابلة أجرتها معه شبكة رووداو الإعلامية إلى أن الائتلاف لم يعد له دور في المرحلة المقبلة بعد التغييرات الكبيرة، كما أكد على ضرورة حماية حقوق الكورد.
وأشاد منذر ماخوس بتجربة إقليم كوردستان كنموذج يمكن الاستفادة منه، ورأى أن أي مطالب كالحكم الذاتي للكورد يجب أن تخضع لاستفتاء يشمل جميع السوريين، مع الأخذ بالاعتبار مصلحة البلاد ككل.
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: إلى أين تتجه سوريا؟
منذر ماخوس: نعم، هذا سؤال كبير بالتأكيد، ولكن كما نعرف الآن، على ضوء الظروف الأخيرة التي حدثت والتي أشرتم إليها منذ لحظة، عندما قامت هيئة تحرير الشام بالعمل العسكري الكبير الذي بدأ كما نعرف من مدينة حلب وانتقالاً إلى حماة، فحمص، وحتى إلى دمشق. قامت العملية الحقيقة بسهولة كبيرة لم يكن أحد يتوقعها على الإطلاق، وتحقق حلم كبير من أحلام الشعب السوري عندما حصل في النهاية التخلص من نظام الطاغية بشار الأسد وهروبه على عجل كما نعرف أيضاً إلى روسيا. إذن، هذا الواقع الجديد هو واقع بامتياز، وهو كما يصفه الكثيرون من أبناء الشعب السوري هدية غير متوقعة هبطت من السماء، وبالتأكيد، الفضل الكبير يعود لهيئة تحرير الشام التي قامت بهذا العمل الذي غيّر المعادلة السورية بشكل كبير، ونستطيع القول إن نصف معاناة الشعب السوري، على الأقل فيما يتعلق بالتخلص من النظام الطاغية السابق، قد تحقق، ولكن هذه ليست كل القضية. الجانب الثاني لا يقل أهمية عن الجانب الأول، هو ما هو شكل الدولة السورية التي سوف يتم العمل من أجل بنائها؟ هل هي دولة المؤسسات، القوانين، العدالة، وتساوي الجميع أمام القانون وتكافؤ الفرص؟ هذا هو طموح الشعب السوري الذي كان محروماً منه على مدى ما يزيد عن نصف قرن. هذه هي القضية الأساسية والتي نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، سوف تضع نصب أعينها هذه المسألة، والتي تعرف جيداً أن الشعب السوري بكل مكوناته يطمح إلى سوريا الجديدة التي حُرم منها هذا الشعب على مدى عقود طويلة. إذن، هذا التحدي وهذا الرهان لا أحد، بالحقيقة، ربما هذا يتعلق بالسؤال الثاني حول آفاق الاستقرار. الحقيقة، العديد من النقاط التي نحن بصدد مناقشتها مرتبطة ببعضها ارتباطاً وثيقاً، لأن مستقبل سوريا يتعلق بآفاق الاستقرار ومدى قدرة، والأهم من ذلك رغبة وتصميم الإدارة الجديدة على بناء هذه الدولة السورية الجديدة. هذا، بالحقيقة، طموح كل الشعب السوري، وأنا متأكد كما ورد في حديثكم. أنا معني بالمعارضة السورية ليس فقط منذ الثورة التي بدأت في سنة 2011، ولكنني معني بها منذ أن كنت شاباً يافعاً في الإعدادية، لأنني كنت أعيش في منطقة تتميز بالفقر والعوز، وهناك قضايا اجتماعية كثيرة ليس مجالها الآن. هذا أيضاً يعني أنني نشأت في بيئة تخلق الناس يحملون هموم أن تتغير الأوضاع، أن يكون الشعب السوري في وضع أفضل. ولذلك، ثمرة هذه الحالة في عقلي، وفي مخيلتي، وفي كل تصرفاتي، على الرغم من أن حياتي هي حياة علمية بامتياز. منذ الحصول على البكالوريا، وقد قضيت تلك الفترة كلها في الخارج لسبب بسيط، وهو أنه بعد الحركة التصحيحية التي قام بها حافظ الأسد كنت مطلوباً حياً أو ميتاً حتى هذه اللحظة. هذا عمل أيضاً يُؤخذ بالاعتبار ولم يكن عرضاً، لأن نشاطي في الخارج، على الرغم من أنني كنت بعيداً، بالتأكيد كان يدور في هذا السياق، وكان يعتبرني النظام عدواً له، باعتبار أنني موجود في منطقة معينة تُسمى حاضنة النظام. بالنسبة لي، ليست هناك فئة محددة يمكن توصيفها بهذا الشكل أو ذاك، لأن الشعب السوري بمختلف مكوناته الاجتماعية والمذهبية والعرقية كلها تطمح إلى بناء دولة سورية جديدة وفق المعايير التي نعرفها الآن في الكثير، لا بل في كل بلدان العالم، على الأقل بلدان العالم المتقدمة. هذا هو التحدي الكبير، وهذا هو أيضاً ما يجرنا إلى الكلام، ولو باستعجال، عن قصة آفاق الاستقرار والأمن في سوريا، والتي ترتبط ارتباطاً كبيراً بالنقطة الأولى
رووداو: هل توصلت إلى قناعة بأنه لم تعد هناك حاجة إلى الائتلاف ومن الضروري أن يقوم بحل نفسه؟
منذر ماخوس: بالتأكيد، ليست القضية أن يوافق هذا الشخص أو ذاك، لأننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار التطورات التي حصلت. لم يعد هناك مكان للائتلاف في المرحلة المقبلة، لأن الائتلاف قام على أساس هيئة من هيئات المعارضة الرسمية، بين قوسين، والمعترف بها في مؤتمر مراكش، منذ بداية الثورة، كان العمل يدور طوال هذه السنوات، وكنت أيضاً جزءاً من الوفد المفاوض الذي كان يعمل في جنيف على أساس البحث عن حل سياسي بين المعارضة وممثلين عن النظام، والذي لم ينتهِ إلى شيء. لقد قضينا سنوات ونحن نقوم بعملية شبه عبثية. كان هناك ممثلون للأمم المتحدة، بدءاً من الأخضر الإبراهيمي، وانتقالاً إلى دي ميستورا، وحتى كوفي عنان في مرحلة من المراحل. بعد ذلك جاء دي ميستورا، والآن يوجد غير بيدرسن بإشراف الأمم المتحدة. وهذه صيغة مقبولة ومهمة جداً أن تكون هذه العملية السياسية بإشراف وتحت غطاء الأمم المتحدة. لم يتم إنجاز أي شيء، وقد أتذكر أننا قمنا بإنجاز عشرات الوثائق التي كان يطلبها المبعوث الأممي، والتي تتعلق بآفاق ومقومات العملية الانتقالية السورية، لأن النظام كان بالأساس مقرراً تماماً على أنه لن يتعاون للوصول إلى أي حل سياسي أو انتقال سياسي. القضية كانت قضية انتقال سياسي، وكان يهدف، بالحقيقة، إلى القيام بما يسمى عملية إفشال أو سبوتاج، كما يقال في اللغات الأجنبية، لأي محاولة سياسية. وقد عبّر عن ذلك، في أيام زمان، وليد المعلم، وزير الخارجية، بقوله: سوف نغرقهم بالتفاصيل حتى يدوخوا. هذا كان هدف النظام، المعلن وغير المعلن. لذلك، لم تصل العملية إلى نتيجة. بالتالي، اليوم نحن أمام وضع جديد؛ لم يعد هناك نظام. كان الشيء المطروح بين المعارضة والنظام مفاوضات، لكن الطرف المعني بهذه القضية بالدرجة الأولى، وهو النظام، والذي كنا نحمل هموم وآمال ومشروع تغيير هذا النظام أو أن يقبل بعملية سياسية حقيقية وفق طموحات الشعب السوري، هذا الطرف غير موجود. إذاً، كل شيء آخر مبني على هذه الفرضية لم يعد قائماً. هذا يتعلق بالائتلاف وهيئة التفاوض والحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف. لكن حتى الآن، كما نعرف، لا يزالون يقاومون، وهم يعملون على إيجاد موقع لهم منذ سنوات، وقد كان تأثيرهم – وأقول هنا بثقة وامتياز.
رووداو: هل هناك تخوف من أن تتحول سوريا مستقبلاً إلى دولة إسلامية؟
منذر ماخوس: هذا سؤال كبير، بالحقيقة، لأننا نتابع بالتأكيد توجهات القيادة الجديدة في سوريا. وحتى الآن، وعلى وجه الخصوص، عندما حدث التعبير عن ذلك بشكل واضح وصريح في المقابلة التي قام بها السيد أحمد الشرع مع قناة العربية، وقد قام بعرض جيد ومتوازن. والحقيقة أنني، والعديد من الوطنيين السوريين، تفاجأنا بهذه الرؤية التي أقول إنها متكاملة أو شبه متكاملة، والتي تحمل، وفق العرض الذي قدمه السيد أحمد الشرع، صورة حقيقية للبحث عن دولة العدالة والحرية، دولة القانون والفرص، وبناء دولة عصرية سورية مزدهرة. إذاً، هذا كان عاملاً إيجابياً، وأنا من السوريين الذين كانوا يشعرون بالرضا العميق، على الرغم من الخلفية التي نعرفها والصورة السابقة حول أن الجهات المعارضة، وخاصة الفصائل المسلحة التي تقوم على أساس إيديولوجية شمولية، كانت بالتأكيد هناك دائماً تحفظات على أن هناك من يبحث عن دولة إسلامية، دولة خلافة، أو دولة شريعة، أو غير ذلك. ليس أحد ضد تطبيق شرائع الإسلام. الإسلام هو الدين، من وجهة نظري، أكثر الأديان التي نعرفها في العالم تكاملاً فيما يتعلق بالسياسة والاجتماع، وخاصة على الصعيد الأخلاقي. الأخلاق التي هي في عمق الإسلام لا نظير لها في الديانات الأخرى. وأنا لا أريد أن أقلل من أهمية الديانات الأخرى، سواء المسيحية أو اليهودية، لأنها بالأصل من مصدر واحد، وهي في أساسياتها تقريباً متشابهة مع بعض التفاصيل، لأنها جاءت كلها في عصور مختلفة. إذا كانت الديانة اليهودية الأولية التي كانت موجودة منذ حوالي بضعة آلاف من السنوات، إذاً هذا عصر قديم وله مرتسماته وانعكاساته على حياة الناس والمجتمع. الديانة المسيحية، كما نعرف، جاءت بعد ميلاد السيد المسيح منذ أكثر من
2000 عام. تلك المرحلة تختلف، وبالتالي هناك بعض التفاصيل التي تميز الديانة المسيحية. الديانة الإسلامية حدثت منذ ما يزيد عن
1600 عام في وضع جديد تماماً، وكانت تعكس هذه المرحلة. إذاً، بالأساس هي صحيحة، ولا أحد يعترض على ذلك، ولكن يجب الأخذ بمعطيات العصر. نحن في عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي والاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة، والعالم أصبح مفتوحاً، عبارة عن قرية مفتوحة، وهناك اقتصاد العولمة. إذاً، نحن في حالة جديدة تماماً. يجب أن يكون أي نظام سياسي في سوريا أو غيرها يندمج في المحيط العالمي الذي تحكمه اليوم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم أجمع. هناك إشكالية.
رووداو: ما هو النظام الأفضل من أجل إدارة سوريا؟ في الوقت الحالي، هناك نقاشات حول ذلك. البعض يقول لا مركزي، حكم ذاتي، كونفدرالية، أو فيدرالية. حسب رأيك، ما هو النظام الأفضل لسوريا؟
منذر ماخوس: هذه أيضاً قضية تتعلق، بالحقيقة، بالتطورات السياسية في العالم. نحن نذكر منذ عقود، وأنا أتذكر جيداً منذ بداية حياتي عندما كنت لا أزال يافعاً، كان هناك نهج قومي، وربما يسميه الآخرون قومجياً، في سوريا وفي الوطن العربي برمته. هذا الشكل من أشكال الرؤية حول التعاطي مع مكونات الشعب السوري، أنا برأيي، تجاوزه الزمن، وبالتالي، خلال هذه العقود الأخيرة، أصبحت هناك طروحات جديدة ونظرات تختلف تتناسب مع التطور الذي حدث في سوريا وفي غيرها. وبالتالي، أصبح الكلام يدور حول الكونفدراليات أو الفيدراليات وغيرها. بالمناسبة، إقليم كوردستان العراقي يعطي تجربة، بالحقيقة، تستحق الاهتمام بها ودراستها، لأنها قد تكون، فلنقل مثلاً، نموذجاً يمكن أن يُحتذى به، ليس بحرفيته، ولكن لأن في كل بلد ظروفاً تختلف قليلاً. لكن الآن، هناك قبول متزايد لنوع من الاستقلالية الذاتية للمكونات الديمغرافية، وأقصد هنا العرقية، على ضوء التطورات الأخيرة الموجودة في العالم. هذا يعني أنه ليس فقط يجب أن يكون هناك نوع من الاستقلالية في إدارة المناطق التي تشكل تجانساً ديمغرافياً، وإنما يجب أن تكون هناك إمكانية لإعطاء الحرية الكاملة لهذه المكونات العرقية أو الديمغرافية لتُمارس حياتها الثقافية بالشكل الذي ترتأيه. هذه تجربة عالمية موجودة في كل بلدان العالم، ولكن تُقررها استفتاءات في هذه المناطق على ضوء الرؤى التي يقومون بها، مع التأكيد على أنه من الأفضل للجميع، سواء لجميع الشعب السوري أو لهذه المكونات. لدينا مكونات كثيرة كما نعرف، وهذه ليست سراً على أحد. هناك المكونات الأهم بعد المكون العربي، وهو المكون الكوردي، ثم هناك المكون التركماني، المكون الآشوري، وغيرهم. هذا على الصعيد الديمغرافي. على الصعيد المجتمعي والمذهبي أيضاً، هناك مكونات كثيرة نعرفها، وللأسف اليوم تشكل عائقاً بسبب الاحتقان الطائفي الذي ولّده النظام. هذا النظام قام بعملية تجييش لما يسمى طائفته أو الحاضنة الاجتماعية التي ينتمي إليها من أجل أن تلتف حوله وتدافع عن طائفته، وإنما من أجل أن يستعملها كدرع يحتمي به. وليست بالضرورة مصالحها مع هذا النظام. هذه لعبة كبيرة حدثت وخلقت نوعاً من الاحتقان الطائفي في عملية الفعل، واليوم نحصد نتائجها بشكل كارثي.
رووداو: تحدثت عن الكورد، وأردت أن أسأل حول ذلك. تعلم أن الكورد حُرموا من كل حقوقهم القومية والثقافية ولغتهم في سوريا. كيف يمكن حماية حقوق الكورد في سوريا؟ كيف سيستطيع الكورد، القومية الثانية، العيش بثقة فيها؟ كيف سيتمكن الكورد من حماية حقوقهم أو كيف ستُحمى حقوقهم؟ ماذا يجب أن يُعمل؟
منذر ماخوس: نعم، السؤال واضح. أنا تكلمت بالعموميات حول هذه القضية، قضية حل المشاكل التي تتعلق بالمكونات الديمغرافية أو القوميات المختلفة. لأن في سوريا أو في البلدان العربية الأخرى، هناك مكونات أخرى على الصعيد الديمغرافي. وقد قلنا إن المكون الكوردي هو أهم المكونات. المكون الكوردي موجود بحجم كبير، وهو المكون الثاني بعد المكون العربي، ليس فقط في سوريا، بل هو موجود أيضاً في تركيا وموجود في العراق، وحضرتكم من إقليم الحكم الذاتي العراقي. هذا مثال قلته وأكرره مرة أخرى. وهناك أيضاً كمية كبيرة من المكون الكوردي في إيران. إذاً، هناك أربع دول متجاورة هي إيران وتركيا وسوريا والعراق. هذه قومية معروفة وذات تاريخ أيضاً. لكن السؤال الآن هو: ما هو الحل للمستقبل؟ هناك إجماع، أنا أعتقد، ونعرف توجهات المعارضة. ليس هناك أحد يعترض على أن يحصل المكون الكوردي وغيره من المكونات على حقوقه. نعم، لقد تعرضوا لحيف تاريخي، هذا ليس سراً. والآن، سواء في سوريا أو في الدول الأخرى، نحن لن نتدخل في كيفية تعامل إيران أو تركيا أو العراق مع هذه القضية. ما نعرفه وقلته هو أن هناك تجربة تستحق الاهتمام ويمكن أن يتم الاستفادة منها في حل قضية الكورد في سوريا على وجه الخصوص. إذاً، يجب، ومن حق الكورد في سوريا، أن يمارسوا كل حقوقهم الاجتماعية والسياسية والثقافية بحرية كاملة. الأمر الذي، وأنا معك تماماً، كانوا محرومين منه على مدى عقود. الآن، هناك إجماع على هذه القضية. وهذا يجب أن يخضع، بالحقيقة، في النهاية إلى استفتاءات لتحديد إرادة الشعب السوري في التعامل مع قضايا ما يسمى المكونات العرقية المختلفة. لكن من وجهة نظري أصبح الإطار واضحاً، وهناك إجماع، باعتقادي، لدى الشعب السوري. بالتأكيد ليس الجميع بالمطلق، هذا لا يحدث في التاريخ، لا عندنا ولا عند غيرنا. ولكن الأغلبية من أبناء الشعب السوري، باعتقادي، لا أحد يعترض على أن يحصل الكورد وغيرهم من الأقليات الأخرى على حقوقهم المشروعة، سواء ما يتعلق بالثقافة أو حتى التعليم. أنا، من وجهة نظري، إذا كانت بعض هذه المكونات تريد أن تنشئ مدارس أو تعليماً، وحتى جامعات بلغاتهم الأصلية، فليس في ذلك ضير. لكن السؤال يجب التفكير فيه ببراغماتية. ما هي الجدوى الثقافية والعلمية لذلك؟ نحن في عالم، كما نعرف، حتى اللغة العربية، وهي مكون كبير في سوريا وغيرها، باعتقادها الآن أصبحت متخلفة فيما يتعلق بالعلم والتكنولوجيا والتعاطي في التجارة والاقتصاد الدولي. الآن، اللغات الأساسية معروفة، وهي الإنجليزية بالدرجة الأولى، والفرنسية إلى حد أقل. هذه البلدان نفسها، أنا أعيش بفرنسا منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وأعرف أن كل الباحثين بفرنسا، ونفس الشيء في ألمانيا، التي هي دولة معتبرة من حيث الاقتصاد ووزنها الجيوستراتيجي في أوروبا وخارج أوروبا، يستعملون اللغة الإنجليزية في كل البحوث ونشر البحوث العلمية في الحوليات التي تصدر باللغة الإنكليزية. إذاً، هناك وقائع دولية يجب أن نحاول التعاطي معها. لكن هذا لا يغير من أن، من حيث المبدأ، لكل هذه المكونات العرقية أو الديمغرافية الحق في أن تمارس حياتها وتعليمها وثقافتها وفلكلورها.
رووداو: هل يستطيع الكورد أن يحصلوا على حكم ذاتي في سوريا؟
منذر ماخوس: في حالات من هذا النوع، وكما هي التجربة العالمية، يجب أن تخضع هذه العملية لاستفتاء يشمل كل الشعب السوري، مع التأكيد على أهمية رأي المكوّن الكوردي بحد ذاته. إذا مرت هذه العملية باستفتاء، ولم يكن لدى أغلبية الشعب السوري مانع، كما يحدث في أي عملية ديمقراطية، فيحصل الكورد على الشيء الذي يطلبونه. لكن السؤال الكبير هو يجب دائماً الأخذ بالاعتبار ما هي مصلحة البلد برمته؟ هل مصلحته أن تقوم هناك كيانات أخرى، يكون المكون الكوردي في مقدمتها، باعتبار أن الناحية العددية تجعله المكون الثاني؟ وربما تأتي مكونات أخرى وتقول: نحن أيضاً نريد أن يكون لنا حكم ذاتي. هذا بالطبع، بالتأكيد، سوف يؤدي إلى نتائج لا أعتقد بالضرورة أنها إيجابية. ولكن، مرة أخرى، كما هو معتمد في كل العالم، أي عملية من هذا النوع تتعلق بمستقبل الوطن برمته والشعب أيضاً بمجموعه، يجب أن تخضع لعملية استفتاء. إذا كان الشيء له قبول بالأغلبية، أي فوق 50%، يجب أن يتم اعتماده كمنهجية للطموحات التي حُرم منها هذه المكونات.
[1]