تركيا “الرجل المريض”؛ لا ترموا بحبل النجاة لها مجدداً!
بير رستمبير رستم
الحوار المتمدن-العدد:
8215
المحور: القضية الكردية
تعتبر تركيا “الحديثة” بعهديها؛ الكمالي وحالياً مرحلة الزواج العرفي بين الفاشيتين الدينية والقومية “أردوغان وبخجلي” من أسوأ المراحل، وكذلك أسوأ الحكومات والسياسات التي واجهتها القضية الكردية وقد عبر عنها عدد من قادة الأتراك، بمن فيهم أردوغان نفسه وذلك حينما أفشى لمستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق؛ جون بولتون، وذلك حينما قال (أي أردوغان): بأنه “يحب الكرد الميتين”!! وهذه رمزية بأن صلب الإستراتيجية التركية بخصوص الملف الكردي هو “وأد القضية” وسبقه إلى ذلك مؤسس الدولة التركية؛ أتاتورك، وذلك حينما رسموا على صفحات جرائدهم صورة قبر وكتبوا عليها اسم كردستان وذلك في دلالة رمزية لقتل وموت القضية الكردية وجغرافيا اسمها كردستان، بل وصلت العنصرية بقادة الأتراك، لأن يتبنوا مفهوماً وإستراتيجية جد عنصرية ضد شعبنا وقضيتنا بحيث يصل بهم الأمر، لأن يصرح أحد رؤسائهم (ديمريل)؛ بأنهم “سيحاربون خيمة كردية ولو في أفريقيا!”.
كتبت المقدمة الموجزة فقط لنؤكد على حقيقة سياسات تركيا العنصرية تجاه القضية الكردية وباقي مكونات وشعوب المنطقة، وبأن العنصرية الطورانية التركية لا تختلف بشيء عن الفكر الفاشي أو النازية الألمانية مع هتلر، بل يمكننا القول بأن الطورانية التركية هي وريثة النازية الألمانية وقد تحالفا أكثر من مرة وبالأخص في الحرب العالمية الأولى والتي كانت نهاية سلطة الرجل المريض؛ الدولة العثمانية وتحرر عدد من شعوب المنطقة وفي المقدمة منها الشعوب العربية وشعوب البلقان، لكن وللأسف فإن عدد من الشعوب ونتيجة لمصالح دولية مع تركيا من جهة؛ فرنسا وبريطانيا حينذاك ومن جهة أخرى ضعف الوعي القومي لدى شعبنا الكردي والإصرار على البقاء مع تركيا العثمانية وإعادة الخلافة، وكذلك نجاح “الثورة البلشفية” في روسيا القيصرية من جهة ثالثة، كلها أدت إلى حرمان الكرد وإفشال بعض حركاتهم السياسية من تحقيق الاستقلال لكردستان، مما أبقى القضية الكردية عالقة إلى يومنا هذا بين التشتت والاستعباد بين أربع كيانات سياسية، تشكل تركيا أخطرها علينا وعلى قضايانا الوطنية الكردستانية.
لكن وبعد التطورات الأخيرة مع بداية الألفية الجديدة وانهيار النظام العراقي البائد؛ نظام صدام حسين، وولادة إقليم كردستان (العراق) وذلك من بعد مخاض طويل من الانتفاضات والثورات الكردية وآلاف القرابين والضحايا وكذلك نضالات المنظومة العمالية الكردستانية في الجزء الشمالي من كردستان (تركيا) ولاحقاً تشكل إدارة ذاتية في روژآڤاي كردستان (سوريا) وذلك إثر اندلاع “الثورة السورية” كجزء من الحراك الشعبي ل”ثورات الربيع العربي” ضد طغيان هذه الحكومات الديكتاتورية، أصبحت القضية الكردية، ومحدداً، واحدة من أهم الملفات والقضايا الإقليمية الساخنة، بل تم تدويلها في يومنا هذا، كما كانت الحال مع الإخوة العرب في بداية وأواسط القرن الماضي وذلك حينما تبنت حينها إنكلترا الملف للقضاء على الدولة العثمانية وتصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ مصالحها مع فرنسا وباقي دول الحلفاء، كما تفعلها اليوم أمريكا مع الملف الكردي مع باقي دول التحالف ومعهم إسرائيل طبعاً وذلك لتصبح جغرافية كردستان منطقة نفوذهم ومعابرهم ومشاريعهم الجيواقتصادية، وهذه هي “مربط الفرس”، كما يقال، أو الشعرة التي سوف تقصف ظهر تركيا؛ الرجل المريض “الجديد” والذي ورث المرض من أجداده العثمانيين.
ولذلك دعونا لا نفوت الفرصة على أنفسنا نحن الكرد بحيث أن لا نعيد أخطاء أجدادنا وذلك حينما وقفوا مع الخلافة العثمانية ضد المشاريع الغربية، بل أن نتبع خطوات الدول والشعوب العربية والتي تحالفت حينها مع الإنكليز ضد الدولة العثمانية وبالأخير هم تحرروا وشكلوا دولهم وكياناتهم السياسية، بينما نحن بقينا تحت الذل والاستعباد وذلك بالرغم من أن أتاتورك والقيادة الكمالية حينذاك كانت قد وعدت الكرد المهابيل؛ بأن “(تركيا) ستكون للأتراك والأكراد”، لكن لم يفكر أحداً منا؛ كيف ستكون للشعبين واسم الدولة (تركيا) تؤكد بوجود شعب واحد سمي باسمهم، وهم الأتراك وبالتالي إلغاء لكل مكون وشعب آخر وقد جاءت بعدها سياسات الكماليين لتؤكد تلك الحقيقة حيث أكدوا في دستور البلاد على أن تركيا فيها؛ “شعب وعلم ولغة وقومية واحدة؛ وهي التركية”، وحينما أرادت بعض القيادات والثورات الكردية الاحتجاج على هذه السياسة العنصرية تجاههم والتي تلغي وجودهم وليس فقط حقوقهم، جوبهوا بالنار والرصاص وكانت المجازر والجبنوسايدات بحق شعبنا وجغرافية كردستان، وذلك على غرار ما فعله أجداده العثمانيين بحق الأرمن واليونانيين، وكانت آخر ما ارتكبتها تركيا من مجازر هو ما قام به أردوغان ومرتزقته في عفرين وسري كانية بروژآفاي كردستان.
وأخيراً وكخاتمة نقول: بأن ها هي الدائرة تدور مرة أخرى وتصبح تركيا في موقع الدولة العثمانية؛ أي “الرجل المريض” الجديد في عصرنا وهي (تركيا) تحاول إنقاذ نفسها بحيث لا تعيد تجربة الأجداد العثمانيين ويأتي من يفتتها مرة أخرى وبالأخص من مدخل القضية الكردية حيث الخاصرة الرخوة التي يمكن أن تكون الدخول منها لاعادة تشكيل جيوبوليتيك المنطقة وبالتالي ولادة دولة كردستان ونهاية عصر الاستعباد الطوراني التركي لشعبنا! وبقناعتي وبعد معلومات استخباراتية مؤكدة؛ بأن مشروع إعادة رسم خرائط جيوسياسية جديدة للمنطقة مع مشروع ما يسمى بالشرق الاوسط الجديد أو الكبير تحركت القيادات التركية مرة أخرى للبحث عن حلول جزئية بخصوص الملف الكردي وذلك لقطع الطريق على الأمريكان والأوروبيين والإسرائليين بهذا الخصوص وهذا ما جعل أحد أكثر العنصريين الأتراك؛ بخجلي، وبنوع من توزيع الأدوار بينه وبين أردوغان وباقي القيادات السياسية والأمنية التركية في التحرك وبذل المساعي لايجاد حلول سريعة لإرضاء الكرد ببعض الإبر المخدرة مثل؛ إطلاق سراح الزعيم الكردي أوجلان وإعادة طرح شعارات مخادعة مثل “الأخوة الكردية التركية” أو “إعطاء بعض الحقوق الثقافية للأكراد”!! وكأن القضية ليست قضية شعب يناضل لأجل حريته واستقلال بلاده، وإنما مواطنين و”رعايا” يحتاجون لمنحهم بعض الحقوق الثقافية اللغوية، كحال أي جالية في دولة أجنبية.
كلمة أخيرة نتوجه بها للقيادات الكردية عموماً وبالأخص المنظومة العمالية الكردستانية وتحديداً القيادات التي في روژآڤاي كردستان والتي نشأت على فكر وفلسفة أوجلان؛ نأمل أن لا تنخدعوا مجدداً بالوعود الكاذبة لقيادة تركيا حيث الحكومة الحالية والتي تتشكل من تزاوج الفاشيتين الدينة والقومية هي أكثر تشدداً وعنصرية وفاشيةً من القيادات الكمالية، بل من أتاتورك نفسه، ولذلك عليكم بقناعتي القيام بالمزيد من التنسيق والشراكة مع دول التحالف بقيادة أمريكا، كما فعل العرب قبل قرن مع إنكلترا، بل علينا التنسيق والتحالف مع أي قوة إقليمية ودولية، بمن فيهم إسرائيل، وذلك عندما تتطلب مصلحة شعبنا وقضيتنا الوطنية الكردستانية حيث وللأسف تم نقل بعض الأخبار وعلى لسان قيادات بارزة في العمال الكردستاني تقول؛ بأن “العروض الإسرائيلية للكرد تهدف إلى تعطيل عملية السلام بين تركيا والكرد”!! وها نحن نقول لها ولهم جميعأ؛ بأن هذه ليست عملية سلام، بل هي محاولة تركية لإنقاذ نفسها من حبل المشنقة.. نعم نحن مع عملية السلام، لكن بوجود دعم وقوة إقليمية ودولية تدعمنا حيث دون ذاك ستعيد تركيا مرة أخرى سياسات التنكيل والجينوسايد معنا وذلك بعد أن تنقذ نفسها، كما فعلها أتاتورك سابقاً، ولذلك المزيد من التحالف مع القوى الدولية ومع إسرائيل نفسها لوأد “الرجل المريض؛ تركيا” وولادة كردستان حرة مستقلة.
[1]