عنوان الكتاب: الحزام (العربي) في الجزيرة السورية
اسم الكاتب(ة): .ازاد احمد علي
مؤسسة النشر:مركز رووداو للدراسات
تأريخ الإصدار: 2015
بعد استقلال سوريا عام 1946م سعى التيار القومي العربي والقومي السوري لإزاحة العديد من العائلات الكوردية عن مفاصل الحكم، فتنامت سياسات الإقصاء السياسية أولا، فالثقافية والفكرية لاحقا، وذلك من قبل الأوساط الحاكمة التي تعاقبت على الحكم من بعد فيصل. وبلغت هذه السياسة الذروة في منتصف القرن العشرين عام (1949) مع عملية إعدام الجنرال حسني الزعيم، الشخصية العسكرية الكوردية ورئيس الجمهورية السورية، إلى جانب رئيس وزرائه الدكتور محسن البرازي، الشخصية الحقوقية والأستاذ الجامعي الكوردي الكبير.
في مرحلة لاحقة تابعت النخب العربية الحاكمة في دمشق نفس سياسة تعريب القطاع العسكري، وإقصاء العسكريين والاداريين الكورد، وقد أعطي لهذه التوجهات بعدا تطبيقيا في مرحلة حكم جمال عبد الناصر (الجمهورية العربية المتحدة )، حيث كانت سوريا الإقليم الشمالي فيها.
لاحقا قام ما يسمى الحكم الوطني بالتركيز على مسألة الأرض وإمكانية حرمان الكورد من حق التملك، فكانت عملية منع تملك الأراضي، من أولى خطوات التعريب الناعمة والقانونية. تصاعدت وانتعشت ليتم محاربة الكورد في لقمة العيش، فصدر المرسوم التشريعي رقم (193) لعام 1952، المتضمن عدم إنشاء أو تعديل أي حق من الحقوق العينية على الأراضي الكائنة في مناطق الحدود إلا برخصة مسبقة تصدر بقرار من وزير الداخلية. هذا المرسوم حرم الكورد حصريا من تسجيل الأراضي الزراعية بأسمائهم، في كامل الشريط الحدودي بدءا من محافظة ادلب على حدود لواء اسكندرون غربا، وحتى ريف محافظة الحسكة شرقا، على الحدود مع تركيا، ومن على ضفاف نهر دجلة وحتى تخوم جبل سنجار بمحاذاة الحدود العراقية. وكانت النتيجة الأولية لهذا المرسوم – القرار عدم قيام أي مشروع زراعي أو صناعي، أو حتى أي منشأة خدمية عائدة ملكيتها للمواطنين الكورد في هذه المناطق الغنية والواسعة، وتوقفت عملية التنمية العمرانية، وتضاعفت الهجرة من المناطق الكوردية، سواء البشرية منها أو هروب الرساميل.
هذا وقد عدل وتعمق تاثير هذا المرسوم بموجب القانون رقم (75) لعام
1964 ليتم إعتبار كامل محافظة الحسكة منطقة حدودية. جدير بالتوضيح أن هذه الاجراءات كانت خاصة بالكورد في التطبيق العملي، لأن باقي المواطنين كانوا يحصلون على الرخص وبالتالي الموافقات الأمنية المطلوبة التابعة لوزارة الداخلية، للقيام بأعمالهم واستثماراتهم بشكل طبيعي.
لم تكتف السلطات الحاكمة ومن خلفها من منظرين وسياسيين بهذه الإجراءات لمحاربة الكورد اقتصاديا بل كانت تتطلع إلى المزيد، إلى أن صدر قانون الاصلاح الزراعي العائد لعهد الوحدة، بأهدافه المزدوجة، الاجتماعية المتمثلة في توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء، والقومية العروبية التي اندرجت ضمن خطة ممنهجة لإلغاء ملكيات الأرض الكبيرة للملاكين الكورد في عموم سوريا، وبالتالي تم ضرب الثقل السكاني والسياسي لكورد سوريا بدءا بعهد الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961)، وصولا إلى عهد حافظ الأسد أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
[1]