استمرار المقاومة والنضال بأمل العودة إلى عفرين
مضى 8 أعوام على الواقع المأساوي للهجرة والاغتراب الذي واجهه أهالي منطقة عفرين المحتلة، ألا أنهم لا يزالون يواصلون مقاومتهم بأمل العودة إلى عفرين.
8 أعوام من الهجرة والنزوح والفقر والمعاناة لأهالي مدينة عفرين المحتلة بعدما أجبرهم الاحتلال التركي ومرتزقته على مغادرة أرضهم مرتين، إلا أن هذا الشعب لم يشكك أبداً بإيمانهم بالعودة إلى أرضهم ومدينتهم وحياتهم الآمنة والسالمة والكريمة. ولم يتوانوا يوماً عن نضالهم من أجل العودة إلى مدينة عفرين. لقد ناضلوا من أجل الحياة الحرة والكريمة دون كلل أو ملل ودون الاحتجاج على الظروف القاسية للهجرة والنزوح. وبدون استثناء كان هذا موقف أهالي عفرين المحتلة طوال ثمانية أعوام لدى بقائهم في منطقة الشهباء التي تعرف بقلة إمكانياتها بسبب موقعها الجغرافي. وهذا أيضاً لم يشكل عائقاً أمام شعب مدينة عفرين من أجل تنظيم أنفسهم وإفشال مخططات دولة الاحتلال التركي وهجماته اللا أخلاقية واللا إنسانية بكافة أنواع الأسلحة ولا سيما الحرب الخاصة والنفسية ومحاولة كسر إرادة وإيمان هذا الشعب المناضل. إلا أن صمودهم ومقاومتهم أدهشت الأعداء والأصدقاء. وبيّنت للعالم أجمع بأن هذه هي حقيقة الشعب الثوري والملتحم بقضيته وأرضه ووطنه.
وفي هذا الصدد تحدث مهجري مدينة عفرين عن معاناتهم أثناء الهجرة من عفرين إلى الشهباء والهجرة مجدداً من الشهباء إلى مدينة الرقة المتواجدون فيها حالياً.
وبهذه الكلمات أراد المواطن علي بيري أن يسرد جزءاً قليلاُ جداً من قصتهم الواقعية المأساوية: في عام 2018 شن الاحتلال التركي هجماته الوحشية بالطائرات الحربية والمسيّرات وكافة أنواع الاسلحة الثقيلة على مدينتنا الصغيرة عفرين. وذلك بهدف احتلال أراضينا وإعادة تشكيل الدولة العثمانية. ففي بداية الهجوم حلّقت 72 من الطائرات الحربية والمسيّرة في سماء منطقتنا ولم يتبقى منطقة إلا وقصفه الاحتلال التركي بهوسه المميت بإعادة إحياء الدولة العثمانية. لم يكن يتواجد في عفرين سوى أهاليها وأبنائها وبناتها الذين لا يرضون بالاحتلال والنهب والسلب والقتل. ومع ذلك فقد هاجم المدنيين والأطفال والعجزة ولم يسلم أحد من هذه الهجمات الوحشية واللا أخلاقية. وبالرغم من ذلك فقد أبدينا مقاومة عمرها 58 يوماً أمام وحشية هذا الاحتلال التركي، مما جعل من عفرين الصغيرة والفريدة مثالاً للمقاومة والتضحية للعالم أجمع.
وأضاف المواطن علي بيري قائلاً: بالرغم من تباهي الدولة التركية بأنها ثاني أكبر قوة في حلف الناتو، ولكننا بهذه المقاومة وجّهنا رسالتنا للاحتلال التركي ومرتزقته بأننا شعب لن نرضى بالهزيمة. وقاموا العشرات والمئات من أبنائنا وبناتنا من أمثال الشهيدة أفيستا خابور وبارين كوباني والشهيد إيلان والشهيد كاركر بإبداء تضحيات ومواقف لا مثيل له في تاريخ العالم أجمع. لذا فإن كراهية الاحتلال التركي وهدفه ليست عفرين فقط، بل إبادة الكرد في كل مكان. كما فعلوا في أجزاء كردستان الأخرى. ولهذا فإن أحد أسباب استهدافنا كأهالي مدينة عفرين هي من أجل كسر إرادتنا واستسلامنا. ولكن هذا لم يتحقق، بل زادت الهجرة والهجمات والتضحيات من إيماننا وعزيمتنا وإرادتنا. وهذا ما يجعل الاحتلال التركي يستشيط غضباً ومرضاً.
وبدورها أفادت المهاجرة فاطمة رشيد من ناحية بلبل في مدينة عفرين المحتلة عن معاناة الهجرة للمرة الثانية قائلة: لقد كنا في ديارنا في مدينتنا، كانت حياتنا جميلة ومليئة بالفرح والسعادة تغمر قلوبنا، فلم يكن ينقصنا شيء. كنا نعيش في أجواء يسودها الأمان والسلام والحرية. ولكن العدو لم يحتمل ذلك، فبعد أن شن الهجمات علينا بالطائرات والقذائف المدفعية أجبرونا على الخروج من بيوتنا وموطننا قسراً، كان الخروج من ديارنا صعباً جداً. والمعاناة التي عانيناها لا تنتسى ابداً. ونحن نخرج قسراً نظرنا خلفنا، كان ذلك أصعب ما مررت به في حياتي. عفرين المدينة التي عُرفت بجمالها، تغطت الآن بدخان القصف والدماء. ومنذ ذلك الحين أتينا إلى الشهباء وعملنا على توفير الظروف المعيشية الأساسية، وكل ذلك فقط من أجل العودة إلى عفرين.
كما تابعت المواطنة فاطمة رشيد الحديث عن معاناتهم أثناء النزوح من الشهباء إلى الرقة قائلة: أجبرونا المرتزقة على إخلاء الشهباء خلال ساعة واحدة فقط. لقد كان صعباً جداً، فمنذ خروجنا من الشهباء حتى وصولنا إلى مدينة الرقة لاقينا الكثير من المعاناة والمآسي. ليس من ضعفنا بل بسبب الجرائم التي ارتكبها المرتزقة أمام أعيننا. وذلك بهدف ترهيبنا. فلم يكتفوا بتهجيرنا قسراً، بل ارتكبوا جرائم القتل والإرهاب بحق المدنيين العزل بكل وحشية ودون أن يرف لهم جفن. إذ أنهم ارتكبوا المجازر وقتلوا المدنيين العزل دون تفرقة بين الشباب والمسنين والنساء والأطفال. كما يمارس الاحتلال التركي ومرتزقته كافة أنواع الانتهاكات من هجر وقتل ونهب بحق الشعب الكردي فقط لكونهم من المكون الكردي، ولكن رغم كل ما نعانيه من انتهاكات سنبقى متمسكين بهويتنا ونفتخر بها لأننا لم نؤذي أحداً وهم الذين هاجمونا.
هذا وحاولت المواطنة فريدة أحمد وهي التي شاركت المصير نفسه مع أهالي منطقتها أن تلقي الضوء على انتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته قائلة: بعد الهجوم الذي طال مدينتنا في عام 2018 من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، احترقت المنازل وقتل المئات من المدنيين والأطفال ومنهم من بقي تحت الأنقاض. معاناة ومأساة كبيرة مررنا بها. نزحنا إلى الشهباء إذ أننا اخترنا البقاء في المخيمات فقط لنشعر بأننا قريبين من ديارنا. لكننا لم نفقد الأمل. وبقينا في الشهباء لمدة سبع سنوات في المخيمات. إلا أن معاناتنا لم تنتهي هنا. لقد اضطررنا للنزوح مرة اخرى من الشهباء. وأسوأ ماتعرضنا له في الطريق هو أن فصائل الجيش الوطني المرتزق قتلوا وأعدموا الكثير من الناس أمام أعيننا. ولم يكن بإمكاننا حتى دفن المدنيين الذين فقدوا حياتهم أو الذين أعدموا على يد المرتزقة. كما كانت الشتائم تُلقى علينا مثل يا خنازير وسوف نذبحكم. كانوا يصرخون بأعلى صوتهم مرددين هذه الشتائم.
وفي النهاية توعّد مهجري مدينة عفرين المحتلة بالمقاومة والنضال من أجل تحقيق الحرية وتحرير مدينتهم قائلين: بالرغم من جميع أنواع الهجمات اللا إنسانية واللاأخلاقية والانتهاكات التي ترتكب بحقنا إلا أننا لم ولن نستسلم نتعهد لأمهات وأطفال الشهداء بأننا سنرفع وتيرة نضالنا ونزيد من حدة مقاومتنا لأن خيارنا الوحيد هو النصر ووسيلتنا الوحيدة للوصول إلى النصر هي المقاومة. ولن نتخلى عن أرضنا وهويتنا وكلنا أمل بالعودة الى ديارنا ومنازلنا في مدينتنا عفرين التي هي رمز المقاومة والصمود وتعايش الشعوب. [1]