حل المسألة الكوردية ..يعني إستقرار منطقة الشرق الأوسط!!
بير رستمبير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد:
4878
المحور: القضية الكردية
أعتقد إن قراءات بعض الإخوة بخصوص التدخل التركي في سوريا مبالغ به وهم يجعلون منها وكأنها نهاية الحلم والمشروع الكوردي؛ إن كان في الإقليم الغربي أو الشمالي من كوردستان _أي سوريا وتركيا_ وبقناعتي إن هذه القراءاة السياسية المتشائمة، وفي أوهن توصيفاتها، هي قراءة نابعة من إشكالية الإنتكاسات في تاريخ شعبنا وثوراتنا والتي كانت تنتهي بخيانة الأطراف الإقليمية في الدوائر الإستخباراتية، مما تجعلنا غير واثقين من قدرات شعبنا وبأنه بات يملك مشروعاً وإرادة .. ذاك من جهة ومن الجهة الأخرى؛ أن الظروف الإقليمية والدولية باتت على درجة من القناعة الراسخة بأن لا إستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودولها _وخاصةً تلك التي تقتسم الجغرافية الكوردستانية_ بدون حل المسألة الكوردية وبالتالي لا خوف على الكورد وقضيتهم الوطنية، بل أصبح الآخرين يخافون من تداعياتها وهي تتدحرج ككرة الثلج وتكبر مع حركة التاريخ والفعل السياسي اليومي ولذلك تجد كل الأطراف تبحث عن أنجع الحلول لها وبما فيها الدول الغاصبة لكوردستان.
وهكذا فإن أولئك الإخوة الذين يجدون في التحرك التركي الأخير وكأنه سوف يقضي على الحلم الكوردي ومشروعهم السياسي في كل من سوريا وتركيا نفسها فإنهم ينسوّن بأن:
أولاً_ القضية الكوردية قد شبت عن الطوق ولم تعد ورقة بيد الأجهزة الإستخباراتية وذلك على الرغم من بعض الإختراقات هنا وهناك ولكننا ندرك جميعاً، بل نعايش ذلك تماماً؛ بأن المسالة الكوردية باتت أهم قضية شرق أوسطية، إن لم نقل عالمية وذلك ضمن ما تعرف بقضايا الشعوب المضطهدة، حيث وبعد أن كنا نعاني التهميش ونحسد الإخوة الفلسطينيين على الإهتمام الدولي بقضيتهم، باتت قضية شعبنا تحظى بإهتمام عالمي أكثر من أي قضية أخرى بما فيها القضية الفلسطينية.
ثانياً_ الكورد في الإقليم الغربي من كوردستان (سوريا) _وعلى غرار إخوتهم في الجنوب_ باتوا يشكلون رقماً صعباً في المعادلة السورية ولا يمكن تجاوزهم بأي حال من الأحوال وذلك على الرغم من وجود كتلتين كورديتين، بل إن توزعهما داخل كتلتي المعارضة السورية تعطيهم _أي الكورد_ تحركاً سياسياً وقدرة على المناورة أكثر مما لو كانوا كتلة واحدة وضمن أحد كتلتي المعارضة وبالتالي فأي توافق ومشروع سوري لن يكون بدون المشاركة والمباركة الكوردية.
ثالثاً_ القوات الكوردية وحدات حماية الشعب قد أثبتت فعاليتها على الأرض _كما البيشمركة في الإقليم الجنوبي من كوردستان_ بحيث جعلت أمريكا والغرب الأوربي عموماً يجد في الكورد وقواتهم العسكرية حليفاً وشريكاً أساسياً في محاربة التطرف الديني والإرهاب العالمي وخاصةً أن البيئة الإجتماعية الكوردية والإعتدال الديني لدى الكورد يجعلهم حلفاء حقيقيين مع المشروع الأمريكي والغربي في الشرق الأوسط الجديد.
رابعاً_ الأحداث والتطورات الأخيرة في المنطقة ورغم أهمية تركيا للغرب وأمريكا، لكنها فقدت الكثير من مصداقيتها مع حكومة العدالة والتنمية وخاصةً في السنين الأخيرة وذلك نتيجة دعمها للقوى والمشاريع الراديكالية في المنطقة؛ إخوان مصر وجبهة النصرة في سوريا وبشكل معلن _والدواعش سراً_ وناهيكم عن محاولات تركيا لإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية ونفوذها في منطقة البلقان، مما يشكل تهديداً لمصالح الغرب وأمريكا وبالتالي يجب إضعافها وقصقصة أجنحة هذا الديك الرومي.
خامساً_ ما تتعلق بالكورد وأهميتهم في المنطقة وذلك كأحد أهم المكونات العرقية الوطنية وضمن جغرافيا سياسية تمتاز بالعديد من الثروات الطبيعية والخامات وكذلك بثقافة وقيم ومفاهيم حضارية تمتاز بالإعتدال مقارنةً مع البيئات المحيطة وبالتالي يمكنهم _أي الكورد_ ومع الجزيرة الإسرائيلية أن يلعبا دور الشرطيان الغربيان في الوسط العربي والإسلامي وخاصةً إنهما يعانيان من العداء المستفحل من البيئات المحيطة حيث إن الكورد هم إسرائيل ثانية في المنطقة وهي مقولة مشهورة في الوسطين الثقافي والسياسي العربي وللأسف ..وبالتالي فإن هذه الفوبيا القومية في المنطقة يجعل من هذين المكونين حليفاً اساسياص للغرب ويدفع بهما لأن يطلبا العون من خارج دائرة الطوق الرافض لهما سياسياً قومياً.
سادساً_ الدور الدبلوماسي للكورد وعلى الأخص قيادة إقليم كوردستان (العراق) والتي تحاول قدر الإمكان أن تلعب دوراً وسيطاً وشريكاً سياسياً لحل المسألة الكوردية وبالتوافق مع الأطراف الكوردية الأخرى في باقي أجزاء كوردستان وكذلك وبالتنسيق مع كل من أمريكا والغرب وأيضاً مع الحكومات الإقليمية والتي هي معنية بالمسألة الكوردية وذلك بحكم إلحاق جزء من كوردستان بخارطتها السياسية.
سابعاً وأخيراً_ دور الجالية الكوردية في أوربا وخاصةً في السنوات الأخيرة والتي باتت تشكل ضغطاً مجتمعياً وإقتصادياً، ناهيكم عن الضغط السياسي على تلك الحكومات الغربية لإيجاد حل للمسألة الكوردية في عموم منطقة الشرق الأوسط وتلك البلدان الغاصبة لكوردستان.
وبالتالي ولكل ما تقدم فإنه يمكننا القول: بأن القضية الكوردية لم تعد تلك القضية التي يُكلّف بها ضابط أمني صغير مع أرشيفه الأصفر لمتابعتها، بل باتت قضية عالمية وهي بفضل أبنائها وأصدقائها وشركائها وكذلك لتوفر الشروط والمناخ الدولي قد باتت تحقق المزيد من المكاسب على الأرض وفي أجزائها المختلفة؛ حيث وبعد إنجاز ما يمكن تسميتها بالدولة الكوردية _الغير معلنة_ في جنوب كوردستان والتي تتمتع بشبه سيادة كاملة على الأراضي الكوردستانية في ذاك الإقليم، فها هم إخوتهم في الإقليم الغربي أيضاً _ورغم إنهم أصغر الإخوة_ يسيرون على خطى أولئك الإخوة في الجنوب وليكونوا شركاء حقيقيين في أي مشروع سياسي قادم في سوريا ..وكذلك الأمر بالنسبة لأكبر خزان كوردي مجتمعي وأكبر جغرافيا كوردستانية في الشمال منها _أي تركيا_ فها هم يمارسون اللعبة السياسية والعسكرية بحنكة ويتخطون عتبة العشرة بالمائة وبذلك يرسلون رسالة قوية بأن مستقبل تركيا مرهون بعملية السلام وحل المسألة الكوردية هناك وها هو مجلس الأمن القومي الأمريكي يدعو تركيا وحزب العمال الكردستاني إلى مواصلة الحوار بدل العنف، كما طالب بذلك يوم أمس الرئيس بارزاني أيضاً وبالتالي فإن لا رجوع إلى المربع الأول للقضية الكوردية .. وأخيراً وبعد حل الملف النووي الإيراني فإنه سوف يفتح معها ملفات جديدة وعلى رأسها ملف حقوق الإنسان والقضية الكوردية؛ حيث لا إستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بدون حل المسألة الكوردية.
[1]