دولة الاحتلال التركي.. احتجاجات تهدد الداخل واستمرار سياسات السيطرة في سوريا
سلطت الاحتجاجات الشعبية في الداخل التركي - رفضاً لقرار اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو- الضوء على سياسات أردوغان وتداعياتها على الصعيدين الداخلي والإقليمي.
رغم التداعيات الثقيلة التي ألقت بظلالها على المجتمع التركي، نتيجة سياسات أردوغان، يواصل الأخير تسلطه وتعامله مع الاحتجاجات التي اجتاحت أرجاء كبيرة من الأراضي التركية، على أنها من تدبير أطراف معادية تسعى للنيل من الدولة التي يبدو وأنه لخصها في شخصه فقط، دون أن يرى مشاهد احتشاد الآلاف ممن يهتفون ضده في الشوارع، وبغض النظر عن قضية إمام أغلو وهل هو متورط من عدمه، فإن لجوء الجماهير إلى الشوارع كان لسببين أولهما الغضب من سياسات رئيس الاحتلال التركي التي تسببت في مشاكل اقتصادية وإقليمية إلى جانب محاولته التفرد بالسلطة وخلق حكم استبدادي عثماني يشبه حكم الممالك والسلاطين.
توقيت حرج
لا يتوفر وصف.
الدكتور بشير عبدالفتاح الكاتب الصحفي، والباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «الاحتجاجات الحالية تأتي في توقيت بالغ الحساسية بسبب الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط وأبرزها الجوار السوري، فضلاً عن الأوضاع الحرجة في إيران وفي أكثر من دولة أخرى، وهناك مخاوف من تصاعد تلك الأمور لتتضخم كرة الثلج وتزيد وتتفاقم بسبب تعامل الشرطة مع الاحتجاجات بما سيؤدي إلى غضب شعبي وأوروبي في دولة تدعي أنها ديموقراطية، وهو ما يستوجب خلق حلول سلمية لاستيعاب ما يجري، وما يحدث لن يؤثر على المسألة الكردية، فحزب العمال أعلن وقف إطلاق النار بعد نداء القائد عبدالله اوجلان ومن ثم فإن تلك التظاهرات والاحتجاجات لن تؤثر على مسار حل القضية الكردية وإنما تؤثر على استقرار الأوضاع في الداخل التركي الذي ينتظر انتخابات وقرارات مصيرية بشأن المرشح المقبل لرئاسة الجمهورية».
لا يتوفر وصف.
الدكتور مصطفى صلاح الباحث في الشأن التركي أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «أردوغان لازال يستغل التيارات الإسلامية في الترويج لنفسه على أنه خليفة المؤمنين إضافة إلى الترويج لنفسه داخل المجتمعات العربية، وأن أحزاب المعارضة التركية كان لها دور كبير في تغيير السياسة الخارجية التركية من حالة عداوات مع كثير من الدول إلى سياسة العدائية، ومن أبرز هذه الأحزاب هو حزب الشعب الجمهوري ومن ثم فإن ما يجري حالياً هو صراع بين الأحزاب التركية القوية وبين شخص يحاول فرض رؤيته وهو ما سيؤثر بالطبع على الداخل التركي إذا لم يتوصل الطرفان إلى تسوية فضلاً عن تأثره بمجمل الأوضاع الإقليمية».
معادلة الحكم
ورغم ما أحدثته تلك الاحتجاجات من هزة عنيفة في بنية النظام السياسي التركي، إلا أن تداعياتها على الملفات الإقليمية ستكون محدودة أو منعدمة، فلن يؤثر ما يحدث الآن في الشارع التركي على مفاوضات وفد إمرالي وجهوده في حل القضية الكردية وفقا لنداء السلام الذي أطلقه القائد عبدالله أوجلان رغم تعطيل الوفد ومنعه من القيام بزيارة رابعة للقائد، لأن مسار القضية مرتبط باستراتيجيات أعقد من الداخل التركي المرشح للاستقرار بعد تعامل قوات الشرطة التركية مع التظاهرات والداعين إليها كما حدث في مرات كثيرة سابقة، فضلاً عن استمرار الخطط العسكرية التركية الساعية إلى التدخل في الشأن السوري واحتلال الأراضي وإقامة قواعد عسكرية وهو ما يتوافق مع فكر القوميين المتحالفين مع أردوغان والذين يمثلون رقماً مهماً في معادلة الحكم.
سيناريوهات متشائمة
قد تتطور الأمور في تركيا لتصل إلى حدود لا تستطيع قوات الشرطة أو الجيش السيطرة عليها إلا أن ذلك السيناريو رغم محدودية حدوثه، سيكون كارثياً ليس على تركيا وأوروبا فحسب وإنما على المنطقة بأسرها، ووفقا للمعطيات الراهنة لن يسمح حلف الناتو بسقوط أحد أذرعه المطلة على المتوسط والمتعاطية مع ملفات معقدة في الشرق الأوسط، وطالما دعم الغرب استبداد أردوغان بقرارات وسياسات وتوجهات غير مباشرة بعيداً عن ساحات الإعلام، فضلاً عن تراجع الحديث عن الديموقراطية في الوقت الراهن على الساحتين الإقليمية والدولية، وخاصةً عقب صعود ترامب إلى حكم الولايات المتحدة الأمريكية وممارسة الاستبداد في أبشع صوره وبالتالي أصبحت أمريكا تمارس السياسة على الصعيدين الخارجي والداخلي من منطلق استراتيجيات تشبه إلى حد كبير روسيا والصين فجميعها أنظمة لها طابع خاص ترفض الديمقراطية التي تم تفصيلها في الغرب ويتوقون إلى ما يسمونه ديمقراطيتهم الخاصة وهو ما قد ينتهي بعقد مجموعة من الاتفاقات مع تركيا لإنهاء الاحتجاجات في مقابل تحصل عليه القوى الدولية.
[1]