الكلمة المُنتظرة من إِمرالي…ماذا تَحمِل؟
سيد أبو اليزيد

تحلُّ خلال أيام الذكرى السادسة والعشرين عاماً على اعتقال القائد عبد الله أوجلان في 15 شباط، ومعه ينتظر الشعب الكردي ويأمل في كلمة وخطاب من القائد الغائب الحاضر من وراء أسوار السجن، ولكنه لايزال راسخاً بقلوب وعقول الشعب.
من المنتظر أن تتناول الكلمة رؤيته الفذة والثاقبة للوصول إلى حلٍّ للقضية الكردية مع النظام التركي ولإنهاء مرحلة الصراع والاقتتال، والانخراط في عمليات التنمية والإعمار وتحسين مستوى المعيشة بصفة دورية.
ولا يمكن نسيان أو إغفال الدور المشبوه الذي لعبته كل من أمريكا وإسرائيل في عملية الاعتقال التي جرت على الأراضي الكينية للقائد الكردي عبد الله أوجلان بهدف تقديمه هدية للجانب التركي، من أجل تحقيق المصالح والاتفاقيات المشتركة بينهم من تحت الطاولة أو من وراء الستار!!
من المتصور إن عملية اعتقال القائد عبد الله أوجلان المولود بقرية أمارة بولاية شانلي أورفا عام (1949) تعتبر منعطفاً مهماً وحاسماً في الصراع الكردي مع الدولة التركية، حيث ألقت بظلالها أثراً عميقاً على القضية الكردية في تركيا بشكلٍ خاص وبالمنطقة بشكلٍ عام.
ومن المعروف إن القائد عبد الله أوجلان قاد منذ السبعينيات حركة نضال متعددة ضد الدولة التركية وبخاصةٍ منذ أن أعلن عن تأسيس حزب العمال الكردستاني، والذي يهدف في تحركاته تحقيق حقوق الكرد في الوصول إلى حرية الشعب الكردي وإرساء دعائم الإدارة الذاتية أو الاستقلال.
بالفعل قاد حزب العمال الكردستاني نضالاً مسلحاً منذ عام (1984) على مدى عقود من الزمن أمام ممارسات الدولة التركية، وإنكارها لوجود الشعب الكردي وحقوقه، أسفرت هذه الحرب عن عشرات الآلاف من الشهداء والمهجرين الكرد مما جعل الحزب هدفاً مستهدفاً أساسياً للسلطات التركية.
لاقى القائد عبد الله أوجلان خلال نشاطه وقيادته الاستراتيجية للنضال والكفاح ضغوطاً دولية كبيرة منحازة لتركيا ولوجودها في حلف الناتو، ولأسباب عديدة أخرى منها رؤيته الجديدة وإرادته الحرة وإخراجه للكرد من سُباتهم، ليكونوا قوى فاعلة، وتخندقه مع قضايا المنطقة، أدى إلى مغادرته لسوريا عام (1998) والتنقل بين العديد من الدول بحثاً عن ملجأً له، واستغلت الاستخبارات الدولية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هذه الفرصة السانحة لوجوده خارج أرضه وبعيداً عن شعبه، مما دفعهم وسهّل عليهم عملية اعتقاله بالعاصمة الكينية نيروبي، ونقله الى تركيا حيث تمت محاكمته صورياً والحكم عليه بالإعدام، ولكن العقوبة تم تخفيفها لاحقاً إلى السجن المؤبد، بعد أن ألغت تركيا عقوبة الإعدام أملاً في تحقيق مسعاها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تعززت استراتيجية حزب العمال الكردستاني التي بدأها منذ 1993 وذلك عقب اعتقال القائد عبد الله أوجلان الذي دعا إلى وقف إطلاق النار والعمل على التمهيد للنضال السياسي والقانوني مكملاً للكفاح المسلح وطرح الحل الديمقراطي للقضية.
وبالرغم من توجهات القائد أوجلان للدعوة إلى الالتزام بالسلام والحل الديمقراطي إلا أنه استمر النزاع بين الحزب والكرد من جهة والدولة التركية من جهة أخرى، حيث شن الجيش التركي عمليات عدوانية ضد المقاتلين الكرد داخل مناطقهم وفي شمال سوريا والعراق، إضافةً إلى داخل تركيا وعمليات الاعتقال والتضييق. من المؤكد أن تذكّرنا الدائم لتاريخ اعتقال رمز النضال الكردي عبد الله أوجلان القائد الروحي للحركة الكردية وللنضال الديمقراطي والتي تتبنى أفكاره حول الوصول وتحقيق مفهوم (الأمة الديمقراطية) وتحقيق التحول الديمقراطي وانتزاع حقوق الكرد وباقي الشعوب في تركيا والمنطقة يظل الهدف الدائم كملف شائك بمنطقة الشرق الأوسط، للتوصّل الى حلٍّ سياسي حتى ولو استمر احتجازه بسجون جزيرة إمرالى…ونحن بانتظار الكلمة الفاصلة والرؤية المستقبلية لحل القضية الكردية.[1]