القائد عبدالله أوجلان منبر الحياة الحرة… وصوت الشعوب
أمل محمد_
القائد عبدالله أوجلان شخصية قيادية كردية بارزة سطّر بحنكته ودهائه اسمه من بين أبرز القادة الكرد على مرِّ التاريخ الكردي.
على مرِّ العصور مرت القضية الكردية بعدة تقلبات وتخبطات زعزعت بذلك تحقيق الحلم الكردي، كانت هذه القضية والتي عانت الويلات تحتاج لقائد بارز يتولى زمام الأمور، في التاريخ الكردي برز عدة قادة كرد لا يزال هذا التاريخ يُخلّد أسمائهم، وفي العصر الحديث كان ظهور شخصية نيّرة وقائد فذ مثل عبدالله أوجلان الأمل الذي لمع في عيون الشعب الكردي، لما وجد في فلسفته ونهجه الذي يقوم على النضال وأن لا مستحيل مع الإرادة وجد في هذا المبدأ أن حامل هذه الرسالة شخصية وطنية عظيمة وليس بشخصٍ عادي.
ولِد القائد الأممي عبدالله أوجلان في قرية أمارا مركز خلفتي بباكور كردستان في الرابع من نيسان من عام 1948 بدأ دراسته الابتدائية في المدرسة بقرية “جبين” وهي قرية أرمنية تقع بالقرب من قريته، وكان على قدر عالٍ من الفطنة والنباهة يميزه عن أقرانه ويتمتع بحس وذكاء وسرعة بديهة، وبعد إنهاء دراسته الابتدائية وبالتحديد في عام 1963 بدأ بدراسته الثانوية في منطقة “نيزيب” التابعة لعنتاب، ثم بدأ بدراسته المهنية في أنقرة وتعرف هناك على الأفكار الاشتراكية وبات مهتماً بالماركسية بعد الاطلاع المُعمّق لها، التحق بكلية العلوم السياسية في أنقرة عام 1971.
أسس مع كوكبة من رفاقه حزب العمال الكردستاني عام 1978 بهدف بناء مجتمع ديمقراطي متحرر.
كان القائد عبدالله أوجلان على خلاف الكثير من القادة الكرد فقد كان يحارب التزييف واستطاع الوقوف بوجه نماذج القيادية المزيفة التي تعادي مصالح الكرد وشعوب الشرق الأوسط والشعوب المضطهدة، الإيمان الذي تسلّح به لم يكن فقط لنصرة القضية الكردية بل جاء لنصرة كافة الشعوب التي عانت إما من الإبادة أو الاضطهاد، جاء ليؤكد أن الشعوب تستحق العيش بسلام ولا حياة مع الاحتلال، وبأن لكل فرد الحق في تقرير مصيره ومصير أرضه، ومن هذه النقاط ذاع صيت القائد عبدالله أوجلان بين شعوب العالم، ولاقت رسالته السامية القبول والرضا من مختلف المكونات والأعراق والأديان، ففي تلك الحقبة التي لم يَجرؤ فيها أحد على قول الحقيقة جاء عبدالله أوجلان لإعلانها جهراً دون خوف أو تردد.
فلسفة القائد والقضية الكردية
كان تأثير القائد عبدالله أوجلان كبيراً على القضية الكردية، فقد عادت القضية إلى الواجهة بفضل نضال القائد عبد الله اوجلان والبطولات التي قدمها حزب العمال الكردستاني، كان القائد والحزب الأمل الذي عاد للحياة بالنسبة للشعب الكردي الذي عانى من الإبادة والتهجير والقتل والويلات، لم تكن دعوات القائد عبد الله أوجلان فقط من أجل قيام دولة مستقلة وحسب، بل ناضل من أجل الحرية والمساواة وأخوّة الشعوب، كانت القضية الكردية على المِحك ولكن بفلسفته وأفكاره استطاع إحياء الشعب الكردي ووضع أسس مختلفة لكيفية نصرة الشعب ووضع حلول وآليات للقضية الكردية، جُل هذا كان سبباً بأن يُحارب القائد من أطراف عدة ومن الدول الرأسمالية التي تتبنى فكرة الدمار وزعزعة أمن المنطقة لتحقيق مصالحها.
كان لشخصية القائد عبدالله أوجلان الدور البارز في النضال الثوري، لم يتخلَ الشعب الكردي عن نضاله ولكن لم يجد في شخص أحد الأمل للاستمرار، ووجد ذلك في أفكار ونهج عبدالله أوجلان ومع تبنّي القائد لهذه الأفكار والرسالة التي تسلح بها وجد الشعب الكردي الملاذ الذي يمكن أن يستند إليه ويعتمد عليه في تحقيق الحرية، لم يحارب أوجلان من أجل قيام دولة كردستان، بل ناضل ضد العنصرية وحارب الفكر المتطرف ونادى بحرية المرأة، كان لنموذج حر مثل القائد عبدالله أوجلان دور هام في إخفاق طموحات الدولة الفاشية التركية، أطروحاته الفكرية الثرية والعميقة والشاملة لكافة مناحي الحياة الاجتماعية والبيئية شكّلت خطراً على سلطة المحتل التركي، لأن هذه الأفكار تمكنت من كشف الأقنعة التي كانت تُخفي الوجه الحقيقي للمحتل التركي أمام شعبه وأمام العالم.
مؤامرة مُستمرة ومطالب بحرية القائد الجسدية
بعد المرحلة الهامة التي وصلت إليها القضية الكردية بفضل فلسفة القائد عبدالله أوجلان وجد أعداء السلام في نجاح رسالته خطراً حقيقياً يُهدد مصالحهم، وبدأت المؤامرة الدولية، المؤامرة التي شاركت فيها عدة دول فقط للنيل من شخص القائد عبد الله أوجلان، وقد اجتمعت عدة قوى في العالم لتنفيذ هذه المؤامرة القذرة ولخطفه من كينيا في 1999 بتنسيق بين كل من المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والتركية وعدة دول أخرى، وتم اقتياده إلى تركيا ليتم اعتقاله في جزيرة “إمرالي” النائية، وكان القائد المعتقل الوحيد وأول نزيل في سجنه، حُرم القائد من أبسط حقوقه كسجين سياسي ومُنع من مقابلة ذويه ومحاميه وعانى من سياسة التجريد، سجن إمرالي يقع خارج النظام القانوني وبالتالي فإن ظروف العزلة والحبس الانفرادي لا تنشأ عن لوائح قانونية ودستورية ولا تتضمن انتهاكاته للتشريعات المحلية أو حتى في التشريعات الوطنية.
أكثر من خمس وعشرين عام والقائد الأممي عبدالله أوجلان يقبع في زنزانته وهو مجرد من حقوقه، التجريد الممارس عليه نال سخطاً عالمياً ولكن دون أي جدوى، فلا تزال دولة الاحتلال التركي تمارس وتفرض قوانينها على القائد عبد الله أوجلان.
بالمقابل قامت حملات عالمية كثيرة منذ اليوم الأول لاعتقال عبد الله أوجلان، حملة التواقيع التي وقّع على مطالب بحريته من قبل الشعب، إلى جانب عمليات الإضراب عن الطعام في السجون التركية من قبل المعتقلين، وفعاليات أخرى والتي تمثلت بجمع التواقيع من قبل المحاميين السوريين وفي الخارج وحققت نتائج إيجابية حيث وصل عدد التواقيع إلى 1025 توقيعاً ، وفعاليات وحملات تواقيع من قبل المفكرين والسياسيين والأدباء في أكثر من 74 دولة، هذه الحملات والمفاوضات والنشاطات جاءت على أوقات متفاوتة للمطالبة بحرية القائد عبدالله أوجلان الجسدية والتي يؤكد المشاركون والعاملون عليها أنها ستبقى مستمرة إلى حين الإفراج عن أوجلان.
تأثرت ثورات عدة وقامت على أساس فكر القائد عبدالله أوجلان ومنها ثورة 19 تموز وما حققته الإدارة الذاتية من إنجازات ونشر للسلام والعيش المشترك بين مكونات الأرض الواحدة كان بفضل نهج القائد عبد الله أوجلان، الثورات قامت ضد العنصرية والعبودية ومن خلال ذلك كانت فلسفة القائد موجهة للطبقات الكادحة للمطالبة بحقوقهم والنضال ضد الفكر الاستبدادي، وجد القائد عبد الله أوجلان حلاً للتناقضات الاجتماعية وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وتمثيل جميع الشرائح والقطاعات المضطهدة، طالب القائد عبد الله أوجلان وعمل على هذه الأسس وعليها قامت الثورات.[1]